يربان الحسين

الجمعة 27 كانون الثاني (يناير) 2012

يمتد شاطئنا الوطنى حوالى 700 كلم على المحيط الأطلسى على إمتداد جرف قاري بمساحة 34 ألف كلم مربع وعرض يصل إلى 80 ميلا في بعض الأحيان مشكلا بذلك بيئة لتلاقي التيارات البحرية الشمالية الكنارية الباردة و التيارات الجنوبية الغينية الدافئة من ما هيء لمياهنا أن تكون فريدة من نوعها ومأوىلحياة وتكاثر الكثير من الأسماك والأحياء المائية المهاجرة,هذا با لاضافة إلى وجود بيئة بحرية عميقة ملائمة لغذاء وتكاثر الأسماك كما يؤدي هبوب الرياح الشمالية والشمالية الشرقية الباردة على مدار السنة بمعدل سرعة (5-8م\ث) إلى وجود تيارات تتدفق على الجرف القاري محملة با الكثير من العوالق و الأحياء البحرية كل هذه الظروف الطبيعية جعلت من مياهنا إحدى أغنى شواطئ العالم با لموارد السمكية ذات الجودة العالية طوال فصول السنة.

وبحسب الأكاديمية الصينية لعلوم مصايد الأسماك والتى قامت بآ خرتقييم دقيق ومنظم سنة 2007إلى2009 م قدر مخزوننا السمكي القابل للإصطياد دون التأثير على الثروة السمكية من (الأخطبوط,الجمبري,أسماك السطح الصغيرة , التونيات الكبيرة... ) بحوالى 1.51 مليون طن سنويا من الأسماك ذات القيمة الإقتصادية موزعة إلى5 فئات و أكثر من 50 نوعا وحوالى 170 جنسا وذلك على النحو التالى :

 أسماك العمق:رأسيات الأرجل 65ألف طن, القشريات 7ألف طن , أسماك قاعية أخرى132 ألف طن.

 أسماك السطح:أسماك السطح الساحلية980 ألف طن,التونيات 26 ألف طن. و على الرغم من كل هذا فلا يزال قطاع الصيد في بلادنا يعانى من مشاكل كثيرة تعيق مساهمته وإندماجه في الإقتصاد الوطنى بشكل أفضل ولم يسلم هو الاخر من موجة التسييس خلال فترات الأنظمة المختلفة المتعاقبة على الحكم في بلادنا .

فمنذ الإستقلال وحتى سنة 1978 م كان نظام الرخص الحرة هو الوحيد المعمول به با لنسبة لسفن الإسبانية و البرتغالية والفرنسية واليابانية رغم أن هذا النوع من نظم الصيد يتعذر معه تحديد كميات وأنواع الأسماك المصطادة ويتم تسويقها وتصديرها بحرية تامة دون المرور بالجمارك الوطنية وعليه لا يمكننا تحديد ما نهب في تلك الفترة الزمنية الخاصة من تاريخ بلادنا حديثة النشأة آنذاك .

وفي سنة 1979م دفع النظام الحاكم بنظامي التأجير و الشركات المختلطة كوسيلة جديدة للنفاذ إلى الموارد السمكية حيث وصل عدد تلك الشركات سنة 1986 م إلى 15 شركة وفي هذه الفترة تحققت بعض الإنجازات كمجمعات التبريد وبداية تشكل الأسطول الوطنى مع نقل ولو بشكل محتشم للتكنولوجيا والخبرة في مجال الصيد إلى بلادنا .

وفي سنة 1988 م أعلنت الحكومة الموريتانية آنذاك مرحلة جديدة تتمثل في إعلان المنطقة الإقتصادية الخاصة بمساحة 195 ألف كلم مربع وبعمق 200 ميل بحري ونظام إتفاقيات الصيد والذي هو في الحقيقة إمتداد لصيد الرخص الحرة بل وأسوأ منه حيث تم تقنين و إلى حد ما سرقة ثرواتنا الوطنية من خلال تمكين الأساطيل الأجنبية من الدخول والإصطياد في مياهنا الإقليمية بإسم سفينة أجنبية مستأجرة من طرف موريتاني وعليه كانت بداية المسلسل الديمقراطي في التسعينات القرن الماضي من تلك الفترة أكثر السنوات عجافا على قطاع الصيد لبلادنا,هذا من جهة ومن جهة أخرى وفي إطار النظام الجديد وقعت موريتانيا أكثرمن 20 أتفاقية مع دول مختلفة وعشرات التفاهمات مع هيئات وشركات لتجهيز السفن وفي مقدمتها إتفاقية الصيد مع الإتحاد الأوروبي والتى بدأت كواليس قضيتها سنة 1988م مع بداية العمل بنظام الإتفاقيات وتوجت سنة 1996م باتفاقية لمدة خمس سنوات يدفع بموجبها الإتحاد الأوروبي لبلادنا حوالي 270 مليون يورو كتعويضات وحوالي 5ملايين يورو للمساعدة التقنية وفي المقابل يسمح ل40 مركبا للصيد الشيباك الكيسية و17 مركبا للصيد با لخيوط الطويلة لثلاثة عشر دولة من ضمن دول الإتحاد الأوروبي با لصيد في مياهنا الإقليمية وقد وصل عدد المراكب في شكل الإتفاقية الأخير(2006 -2012 ) إلى مايناهز 200 مركبا مقابل حوالى 516 مليون يورو .

وكذلك الإتفاقية مع اليابان والتي بدأ العمل بها سنة 1991م وحسب نسختها المعمول بها سنة 1997م والتي تنص على أن تسمح الحكومة الموريتانية ل30 مركبا للصيد التونة با لخيوط الطويلة بممارسة الصيد في مياهنا مقابل 3900 دولار عن كل مركب لمدة ثلاثة أشهر(تجدر الإشارة إلى أن السفن اليابانية معفاة من تشغيل العمالة الوطنية على متنها) با لإضافة إلى 7ملايين ين ياباني كمساعدة في تنمية مرافق الصيد التقليدي والذي شهد تطورا ملحوظا في نهاية التسعينات من القرن الماضي , وفي سنة 1995م عززت الحكومة بقانون جديد من محاسنه الراحة البيولوجية (توقف الصيد لمدة شهرين).

ومنذ 2009م بدأت الحكومة المو ريتانية با لتركيز أكثر على الجانب الإيجابي من نظام الإتفاقيات والذي لا يزال معمولا به حتى يومنا هذا حيث وقعت سنة 2010 م إتفاقية مع شركة هوندوك الصينية بموجبها ستستثمر 100 مليون دولارلبناء مجمع صيناعي لمعالجة الأسماك خاصة السطحية الغنية بها شواطئنا و بذلك يكون أول مشروع لبناء بنية تحتية حقيقية لصناعة ومعالجة المنتوجات السمكية في بلادنا.

وخلال سنة 2011 م ومع الجولة الأخيرة المتعثرة مع الإتحاد الأوروبي لتجديد الإتفاقية تم التوقيع على لإتفاق الجزئي التقنى الخاص وبموجبه يسمح لنسبة 60 با لمائة من الطواقم البحرية الوطنية من العمل بدل 35 با لمائة في الإتفاقية السابقة ,هذا با لإضافة إلى تفريغ جميع الأسماك في ميدان نواذيبو , وكذلك تجديد الإتفاقية مع اليابان حيث تدفع اليابان مقابل كل مركب 5000 دولار شهريا مقابل السماح ل30 مركبا يابانيا بصيد التونة ذات العيون الكبيرة مابين شهر إبريل حتى ديسمبر.

كل هذه دلائل حية وصادقة على سير الحكومة الجديدة في الطريق الصحيح لكن لايزال هناك الكثير يجب تصحيحه وتنقيحه حتى تستفيد بلادنا أكثر ما يمكن من ثروتنا السمكية .

والوقفة الأخيرة لمنسقية المعارضة أمام مقر الشركة الصينية والذي لايزال في طور البناء كان يجب مؤازرتها بوقفات أخرى كوقفة أمام السفارة الإسبانية والتي تشكل مراكبها لصيد الرخويات اسوأ مثال للصيد الجائر وتلويث المياه ولم يكتفو بهذا وحسب بل يريدون منا أن نكون حرسا لهم من موجات المهاجرين الأفارقة و عصابات المخدرات والجريمة المنظمة.

ووقفة أخرى أمام السفارة اليابانية والتي تعثو سفنها فسادا في مياهنا منذ وقت طويل ومع ذلك لم يرفرف علمها في عاصمتنا المجيدة إلا منذ سنتين بينما يرفرف العلم الصيني في بلادنا منذ 1964م.

وكذلك وقفة أمام فيلهات لوبي السمك المعروفين لجميع الموريتانين وربما وقفات في أمكنة أخرى.

وهكذا نكون فعلا أمام معارضة وطنية حقيقية ولسنا أمام أصحاب ظاهرة المعارضة با لفطرة الذين عودونا با لظهور عند كل حدث مهم أو غير مهم ولا أصحاب ظاهرة الترحال والذي لم يعد سلوكا مميزا للإنسان الموريتانى البدوى البسيط وحسب بل أصبح سلوكا سياسيا لغالبية أصحاب المصالح الضيقة من أرباب السياسة في بلادنا الحبيبة .

اعداد : عبير ابراهيم

المصدر: أقلام

ساحة النقاش

Publishing
المهندسة/ عبير إبراهيم »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

573,784