الاضطرابات النفسية
حقائق رئيسية
- توجد العديد من الاضطرابات النفسية المختلفة ذات الأعراض المختلفة. وتتسم هذه الاضطرابات عموماً بوجود مزيج من الأفكار والتصورات والعواطف والسلوكيات الشاذة والعلاقات غير الطبيعية مع الآخرين.
- تتضمن الاضطرابات النفسية: الاكتئاب، والاضطراب الوجداني الثنائي القُطب، والفصام والاختلالات العقلية الأخرى، والخرف، والعجز الذهني، واضطرابات النمو بما في ذلك التوحد.
- ثمة استراتيجيات فعالة للوقاية من الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب.
- هنالك وسائل علاج فعالة للاضطرابات النفسية وطرق للتخفيف من المعاناة التي تسببها تلك الاضطرابات.
- من الأمور الرئيسية إتاحة الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية القادرة على توفير وسائل العلاج والدعم الاجتماعي.
ومازال عبء الاضطرابات النفسية آخذ في التزايد مع إحداث تأثير كبير على الصحة وعواقب كبرى اجتماعية واقتصادية وفي مجال حقوق الإنسان في بلدان العالم كافةً.
الاكتئاب
يعتبر الاكتئاب من الاضطرابات النفسية الشائعة وأحد الأسباب الرئيسية للعجز في جميع أنحاء العالم. فعلى الصعيد العالمي، يعاني ما يقدر بنحو 400 مليون شخص من جميع الأعمار من الاكتئاب. ويتأثر عدد أكبر من النساء بالاكتئاب مقارنة بالرجال.
ومن سمات الاكتئاب الشعور بالحزن، وعدم الاهتمام أو التمتع بالأشياء، والشعور بالذنب أو قلة تقدير الذات، واضطراب النوم أو الشهية، والإحساس بالتعب، وضعف التركيز. وقد يعاني المصابون بالاكتئاب كذلك من شكاوى بدنية متعددة دون سبب جسماني واضح. وقد يكون الاكتئاب طويل الأمد أو في شكل نوبات متكررة، مع إضعافه بصفة أساسية لقدرة المصابين به على الأداء في العمل أو في المدرسة وعلى التعامل مع الحياة اليومية. وقد يؤدي الاكتئاب إلى الانتحار، في أشد حالاته.
وقد تبين أن برامج الوقاية تحد من الاكتئاب، سواء للأطفال (مثال: عن طريق الحماية والدعم النفسي في أعقاب الاستغلال البدني والجنسي)، أو للبالغين (مثال: عن طريق المساعدة النفسية الاجتماعية بعد الكوارث والصراعات).
وهناك أيضاً وسائل علاج فعالة؛ إذ يمكن علاج حالات الاكتئاب الطفيفة إلى المعتدلة بفعالية عن طريق العلاج بالتحدث، مثل علاج السلوك الإدراكي أو العلاج النفسي. ويمكن أن تكون مضادات الاكتئاب شكلاً فعالاً لعلاج الاكتئاب المعتدل إلى الحاد، ولكنها لا تمثل الخط الأول من العلاج لحالات الاكتئاب الطفيف. وينبغي ألا تستخدم لعلاج الاكتئاب لدى الأطفال، كما أنها لا تعتبر خط العلاج الأول لدى المراهقين، حيث ينبغي توخي الحذر في استخدامها معهم.
ويتعين أن يشمل التدبير العلاجي للاكتئاب الجوانب النفسية الاجتماعية، بما في ذلك عوامل التوتر مثل المشاكل المالية والصعوبات في العمل والاستغلال البدني أو النفسي، ومصادر الدعم مثل أفراد الأسرة والأصدقاء. ومن الأمور المهمة صون الشبكات الاجتماعية والأنشطة الاجتماعية أو تفعيلها.
الاضطراب الوجداني الثنائي القُطب
يؤثر هذا النوع من الاضطرابات على نحو 60 مليون شخص على مستوى العالم. وعادةً ما يتألف هذا النوع من الاضطرابات من نوبات هوس واكتئاب تفصلها فترات من المزاج الطبيعي. وتنطوي نوبات الهوس على الروح المعنوية العالية أو المزاج العصبي، والنشاط الزائد، والتحدث بسرعة، وتضخم تقدير الذات، وقلة الحاجة الى النوم. كما تُصنف حالة من يُعانون من نوبات الهوس دون معاناة نوبات اكتئاب باعتبارها اضطراباً وجدانياً ثنائي القُطب.
وتتوافر وسائل علاج فعالة للطور الحاد من الاضطراب الوجداني الثنائي القُطب وللوقاية من الانتكاس. وتتمثل هذه الوسائل في الأدوية التي تحافظ على استقرار الحالة المزاجية. ويعتبر الدعم النفسي الاجتماعي من العناصر المهمة في العلاج.
الفصام والاختلالات العقلية الأخرى
الفصام اضطراب نفسي حاد يؤثر على نحو 21 مليون شخص على مستوى العالم. ومن سمات الاختلالات العقلية، التي من بينها الفصام، حدوث خلل في التفكير، والتصورات، والعواطف، وملكة اللغة، والإحساس بالذات، والسلوك. وتتضمن الاضطرابات الذُهانية سماع أصوات غير موجودة وضلالات بصرية. وقد يحول هذا النوع من الاضطرابات دون تمكن المصابين به من العمل أو الدراسة بشكل طبيعي.
وقد تسفر الوصمة والتمييز عن عدم إتاحة الخدمات الصحية والاجتماعية. وإضافةً إلى ذلك، يتعرض المصابون بالاضطرابات الذُهانية لمخاطر مرتفعة لانتهاكات حقوق الإنسان، من قبيل الاحتجاز لمدة طويلة في المصحات.
ويبدأ الفصام عادةً في أواخر مرحلة المراهقة أو بدايات مرحلة البلوغ. ومن الأمور الفعالة العلاج بالأدوية وبالدعم النفسي الاجتماعي. ويمكن للمصابين بالفصام، مع العلاج المناسب والدعم الاجتماعي الملائم، أن يحيوا حياة منتجة، وأن يندمجوا في المجتمع.
تسهيل المساعدة المعيشة، ودعم الإسكان والتوظيف المدعوم يمكن أن تكون بمثابة القاعدة التي ينطلق منها الاشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية شديدة، بما في ذلك مرض الفصام، ويمكن من خلالها تحقيق العديد من اهداف استرداد العافية لأنهم غالبا ما يواجهون صعوبة في الحصول على عمل أو الاحتفاظ به أو الحصول على السكن.
الخرف
يؤثر الخرف على ما يزيد عن 35 مليون شخص على مستوى العالم. وللخرف في المعتاد طبيعة مزمنة أو متدرجة يحدث خلالها تدهور في الوظائف الإدراكية (أي القدرة على التعامل مع الأفكار) على نحو يتجاوز المتوقع جراء الشيخوخة الطبيعية. ويؤثر الخرف على الذاكرة، والتفكير، وإدراك البيئة، والفهم، والقدرات الحسابية، والقدرة على التعلم، وملكة اللغة، والحكم على الأشياء. ومن الشائع أن يصاحب الخرف ضعفٌ في الوظائف الإدراكية، ويسبقه أحياناً تدهورٌ في التحكم في العواطف أو في السلوك الاجتماعي أو في التحفيز.
ويحدث الخرف بسبب مجموعة متعددة من الأمراض والإصابات التي تؤثر على الدماغ، مثل داء ألزهايمر أو الجلطات الدماغية.
ورغم عدم توافر علاج في الوقت الحالي للشفاء من الخرف أو تغيير مساره المتدرج، توجد الكثير من العلاجات في مختلف مراحل التجارب السريرية. ولكن يمكن إنجاز المزيد لدعم وتحسين حياة المصابين بالخرف ومقدمي الرعاية لهم وأسرهم.
اضطرابات النمو، بما في ذلك التوحد
اضطرابات النمو مصطلح شامل يضم العجز الذهني واضطرابات النمو المتفشية بما في ذلك التوحد. وتبدأ اضطرابات النمو عادةً في مرحلة الطفولة، ولكنها تميل إلى الاستمرار حتى مرحلة البلوغ، مما يسبب ضعف أو تأخر الوظائف المرتبطة بنضج الجهاز العصبي المركزي. ويأخذ هذا النوع من الاضطرابات بوجه عام شكل المسار الثابت، لا شكل فترات من الهدوء والانتكاسات التي تتسم بها الكثير من الاضطرابات النفسية الأخرى.
ويتسم العجز الذهني بضعف المهارات على مستوى مجالات النمو المتعددة مثل الوظائف الإدراكية والسلوك التكيفي. ويحد انخفاض مستوى الذكاء من القدرة على التكيف مع متطلبات الحياة اليومية.
وتتضمن أعراض اضطرابات النمو المتفشية، مثل التوحد، ضعف السلوك الاجتماعي والقدرة على التواصل وملكة اللغة، ووجود مجموعة محدودة من الاهتمامات والأنشطة الفريدة للشخص المصاب يمارسها بصورة متكررة. وغالباً ما تنشأ اضطرابات النمو في سن الرضاعة أو الطفولة المبكرة. ويعاني المصابون بهذه الاضطرابات في بعض الأحيان من درجة من درجات العجز الذهني.
ومن الأمور المهمة جداً مشاركة الأسرة في رعاية المصابين باضطرابات النمو. فمن العناصر المهمة للرعاية معرفة الأسباب التي تؤدي إلى معاناة المصابين بهذا النوع من الاضطرابات من الكرب والأسباب التي تؤثر على رفاهتهم، وكذلك الوقوف على البيئات المفضية إلى تحسن التعلم على أفضل نحو. ويساعد تخطيط الممارسات الروتينية اليومية على الوقاية من حدوث توتر دون داعٍ، مع ضرورة تخصيص أوقات لتناول الطعام، واللعب، والتعلم، والوجود مع الآخرين، والنوم. وينبغي توافر متابعة منتظمة عن طريق الخدمات الصحية لكل من الأطفال والبالغين المصابين باضطرابات النمو.
ويتحتم على المجتمع بأسره أن يضطلع بدور كبير في احترام حقوق المصابين بالعجز واحتياجاتهم.
من هم المعرضون للخطر بسبب الاضطرابات النفسية؟
لا تنحصر محددات الصحة النفسية والاضطرابات النفسية في صفات الإنسان الفردية مثل قدرته على إدارة أفكاره وعواطفه وسلوكياته وتفاعلاته مع الآخرين، وإنما تشمل أيضاً عوامل اجتماعية وثقافية واقتصادية وسياسية وبيئية مثل السياسات الوطنية والضمان الاجتماعي ومستويات المعيشة وظروف العمل والدعم المجتمعي.
كما تتضمن العوامل المؤدية إلى الإصابة بهذه الاضطرابات الهندسة الوراثية، والتغذية، وحالات العدوى في الفترة المحيطة بالولادة، والتعرض للأخطار البيئية.
الصحة والدعم
لم تستجب النظم الصحية بشكلٍ كافٍ حتى الآن لعبء الاضطرابات النفسية؛ لذا فهناك فجوة كبيرة بين الحاجة إلى العلاج وتوفيره في جميع أنحاء العالم. وهناك ما بين 76% إلى 85% من المصابين باضطرابات نفسية لا يتلقون أي علاج لحالتهم في البلدان المنخفضة الدخل وتلك المتوسطة الدخل. ويعاني ما بين 35% إلى 50% من المصابين باضطرابات نفسية من الأمر ذاته في البلدان المرتفعة الدخل.
ومن المشاكل التي تزيد الوضع سوءاً تدني جودة الرعاية المقدمة لكثير من المصابين الذين يتلقون العلاج.
وإلى جانب الدعم المتاح من خدمات الرعاية الصحية، يحتاج المصابون باعتلالات نفسية إلى الدعم الاجتماعي والرعاية الاجتماعية. وهم يحتاجون في الغالب إلى المساعدة في الوصول إلى البرامج التعليمية التي تلائم احتياجاتهم، وفي العثور على توظيف وسكن يمكنهم من العيش والتفاعل في مجتمعاتهم المحلية.
استجابة المنظمة
تسلم خطة عمل المنظمة الخاصة بالصحة النفسية في الفترة 2013-2020، والتي اعتمدتها جمعية الصحة العالمية في عام 2013، بالدور الأساسي للصحة النفسية في تحقيق الصحة للناس كافةً. وتتضمن هذه الخطة أربعة أهداف رئيسية:
- تعزيز فعالية القيادة وتصريف الشؤون في مجال الصحة النفسية؛
- وتقديم خدمات الصحة النفسية وخدمات الرعاية الاجتماعية الشاملة والمتكاملة في البيئات المجتمعية؛
- وتنفيذ استراتيجيات تعزيز الصحة النفسية والوقاية من الاضطرابات النفسية؛
- وتدعيم نظم المعلومات وجمع البيِّنات وإجراء البحوث.
يستعين برنامج عمل منظمة الصحة العالمية لرأب الفجوة في الصحة النفسية، والذي تم إطلاقه في عام 2008، بإرشادات تقنية مسندة بالبيِّنات وأدوات ومواد تدريبية لتوسيع نطاق تقديم الخدمات في البلدان، ولاسيما في البيئات التي تقل فيها الموارد. ويركز البرنامج على مجموعة من الحالات ذات الأولوية، مع توجيه برامجه الخاصة ببناء القدرات إلى مقدمي الرعاية الصحية غير المتخصصين في إطار نهج متكامل لتعزيز الصحة النفسية في جميع مستويات الرعاية.
ساحة النقاش