بسم الله الرحمن الرحيم
شفــــرات تســقط مـــن حافـــة الخناجــــر !!
لقد أجبرنا أن نداهن في الحق فما الذي كان منه ؟.. ونحن أمسكنا بأنياب الأفعى إكراما لخاطره .. فهل مات خوفا حتى لا يداهمنا الخطر ؟.. يدعي الحق بجدل لا يدانيه الصواب .. ويعدنا بالمجد والمجد نادر كندرة الغول والعنقاء .. فلما يرسم لوحة الآمال ومن حولها معالم القفار ؟.. وتلك الأحلام مجرد قبضة يقبضها الكف من الهواء .. خادعة تغري بما ليس في الحسبان .. ونفوسنا قد تعودت استحالة ما ليس في الإمكان .. والوفاء قد أصبح مجرد أوراد يرددها اللسان .. كأوراد الدراويش في متاهات الأنفاق والكهوف بالليل والنهار .. شعارات تفتقد عذوبة القيمة وقد تقادمت حتى آلت للركام .. وهم يريدون من يصغي بغير جدال أو كلام .. ويريدون من يصوم بغير ماء أو طعام .. ويريدون من يبكي بغير دموع تزيلها الأكمام !.. فهل نكتفي بالصمت وندعي صدق الوئام ؟.. يرددون دائماً أن جولة الصدق أمانة .. وأن عبادة الصمت طهارة .. وأن مواجهة الموت شطارة .. وتلك أبوابنا لا تطرقها إلا الندامة .. وطموح النفوس دائماً يرتجي هلالاً يهل علواً وازدهاراً .. فإذا بالهلال يهل دوماً بسواد يلطخ البشارة !.. وتلك أشجار التجارب قد أينعت في معامل السنين والأيام .. وقد أكدت بأن فوق الماء يستحيل ثبات الأقدام !. ومهما يدعي المنادي فلا يستطيع الموتى أن يسمعوا صوت الإمام !.. استحالة تماثل استحالة الضروع في الطيور والنعام !.. والمعضلة في قائل يردد الشعارات وهو أدرى بالاستحالة !.. كما أن المعضلة في مستمع يستمع وهو يتجاهل مغبة الرسالة !.. ويقول حائــر لما لا نتخلف عن الركب قناعةً ثم نلجأ إلى جبل يعصمنا من الماء ؟.. فيقال له ذاك نوح قد قال من قبل لا عاصم اليوم من أمر الله !.. وقد أصبح الكل يلتقي مجبراً فوق سروج الدموع والرمضاء !. والأحوال لا تستثني أحداً عندما تعبر اللفحة في الأرجاء .. وحينها لا يسلم اللائم كما لا يسلم الملوم .. والمسرح يعج بالممثلين وكذلك يعج بالرواد .. فذاك هو القبطان وذاك هم الربان وذاك هم البحار وذاك هم الركبان .. والكل تائهون في متاهات الجدل والسفينة تتخذ طريقها بالاجتهاد .. والدفة مخلوعة تنازع الرمق ولا يديرها دائر يجيد الامتحان !.. ويكتفي الجميع بالشهادتين كما يرتجي الكل حسن الختام .. وقد يجادل الآخرون في أضغاث أحلام ذلك الشيخ الوقور !.. الذي قال يوما : ( يا أيها الملأ أفتوني في رُؤْيَايَ ) .. وهو يعلم جيداً أنه لا يوجد يوسف بالجوار ! .. ولكن يوجد الآلاف من الكهنة وعباد الأصنام !.. فئات تطلي الأحوال بسواد الطلاء .. وقد يقول الأذكياء من الناس كما قال المحامي أكرم عبيد ذات يوم في أيام صدقي باشا : ( لان قلت كذبا صدقوني ، ولان قلت صدقاً كذبوني ، فليعش كذبي ، وليسقط صدقي ! ) .. تورية بذكاء الأذكياء أنجت الصاحب من الجزاء !.. ووقفة لضمير لبق لا يواكب الأئمة بالطاعة والولاءً .. بل الحجة بالحجة عندما تقع جسامة الأخطاء .. لقد ترادفت نوازل المحن والكل يتقي مجارف الدموع بالميل نحو الجدار .. فإذا بالجدار لا يقبل الاتكاء ويتمايل نحن الانحدار !.. وعندها تقول الأنفس أين المفر يا ترى من دائرة لا تريد أن تنهار عند نقطة تسمى نقطة الخلاص ؟.. والعجيب أن الفراسة تؤكد جيدا بأن ذلك الخلاص لن يكون يوماً بمعنى الخلاص !.. لأن السحب في الآفاق دوما تحمل عواصف الأنواء .. فالحاضر يمثل دائماً في الكف ذلك الجمر .. والمستقبل يمثل دائما في الأذهان ذلك الشر والشرر!.
ساحة النقاش