يقال أن الحبر الذي يكتب به التاريخ هو سائل متحيز .. وتلك مقولة تؤكد أن ( الحقيقة ) في كتب التاريخ تشوبها الندرة بدرجة المبالغة .. وهي الحقيقة التي تجعل من نبهاء الناس في العالم أن يفقدوا الثقة في معظم الأحداث التي ترويها كتب التاريخ .. وتلك حقيقة تجلب العجب .. وتؤكد أن كتب التاريخ في مكتبات العالم تعج بزخم من المؤلفات التي تفتقد المصداقية .. ومعظم الأحداث التي ترويها أقلام المؤرخين يدخل في خانة الاجتهادات من منطلق الاحتمالات .. تلك الاحتمالات التي تقبل الصواب أو الخطأ .. وخاصة تلك الكتب التي تتناول أحداث الماضي السحيق .. حيث الأحداث الغارقة في القرون والحقب .. والأدلة فيها هي : قال الحجر وقال الأثر وقالت المعالم .. مجرد نظريات وفروض من خيال العالم أو الباحث أو الكاتب المؤرخ .. فرضيات ونظريات قد تكون خاطئة مائة في المائة .. ومغايرة للواقع بدرجة الزوايا المنفرجة .. ولو عاد للحياة شخصيات التاريخ ثم وقفوا على تلك المؤلفات التاريخية لماتوا ضحكاً من ضحالة الاجتهادات والافتراءات .. فإذا كان المتتبع الحريص يلاحظ الافتراءات والتأليف والأكاذيب في الأحداث اليومية الجارية المشاهدة بأم العين فكيف بتلك الأحدث التي جرت في ماضي التاريخ !! .. والمعروف أن أحداث التاريخ البعيدة في المدى والأزمان تدخل في متاهات الغيوب .. تلك المتاهات التي تتطلب الاجتهادات العقلية والمعملية عند التنقيب والتمحيص والدراسة .. وهنا نجد أن العالم أو الكاتب أو الباحث يأخذ أكثر الاحتمالات التي توافق ميله الشخصي .. وهي احتمالات قد تكون بعيدة جدا عن واقع الأحداث الفعلية .. ومعظم الروايات التاريخية والأحداث يكتنفه غابة من الأكاذيب المضللة مع القليل من الحقائق الموثقة الثابتة .. ورغم ذلك فإن البشرية قد تعودت أن تأخذ تلك الروايات التاريخية بمعيار الأحداث المسلمة الثابتة المؤكدة .. ولكن تلك الأحداث لا يعلم حقائقها إلا رب العرش العظيم .. ولو عادت شعوب الأرض إلى الحياة وكتبت سيرتها كما جرت في أرض الواقع لتم إحراق كتب التاريخ في أرجاء العالم .. وذلك لما تحتوي من الأكاذيب والافتراءات والمؤلفات والاجتهادات من بنات الأفكار .. ولتبدلت كثيراً سير الأشخاص والملوك والأبطال .. ولتبدلت كثيراً معالم الحروب والغزوات والأحداث .. ورب بطل تذكره كتب التاريخ بالأمجاد فهو ذلك الجبان الرعديد .. ورب جبان تذكره كتب التاريخ بالجبن والخوف وهو ذلك البطل المغوار .. ورب مخلص أمين تذكره كتب التاريخ بالأمانة والإخلاص وهو ذلك الخائن العميل .. ورب سلطان عادل تصفه كتب التاريخ بالعدل وهو ذلك الظالم المجحف القاتل السفاح .. ورب سلطان جائر ظالم تصفه كتب التاريخ بالظلم وهو ذلك العادل المنصف .. فقد تتناقض الصفات التي توردها كتب التاريخ عن الحقائق عند أرض الواقع جملة وتفصيلاً .. والحكيم اللبق هو من يتحفظ كثيرا حين يرتاد مقولات وروايات كتب التاريخ .. ثم الحذر دائما وأبداَ من دسائس ومفتريات البشر المتعمدة في تزييف التاريخ .. مفتريات تفوق كثيراً في وفرتها زبد البحار .. وتلك المفتريات منها الكبيرة التي تتعدى حدود العقل والمعقول .. وقد بلغ بالإنسان أن يفتري على الله كذباً وأن يبدل آياته المنزلة .. وهنالك نسخ من الكتب السماوية قد تم تخريف آياتها بالقدر الذي يوافق أمزجة الفاعلين .. كما أن هنالك أحاديث وضعية كثيرة أجتهد المجتهدون فيها لينسبوها للرسول الكريم ( صلى الله عليه وسلم ) .. وبالتالي فإن الحذر مطلوب عند تناول أحداث التاريخ .. فكتب التاريخ التي تعج بها مكتبات العالم ليست بتلك النزيهة الأمينة التي لا تقبل الطعن أو الجدل .. بل هي موبوءة بالأكاذيب والمؤلفات الوضعية من بنات أفكار البشر .
هنا ينابيع الكلمات والحروف تجري كالزلال .. وفيه أرقى أنواع الأشجار التي ثمارها الدرر من المعاني والكلمات الجميلة !!! .. أيها القارئ الكريم مرورك يشرف وينير البستان كثيراَ .. فأبق معنا ولا تبخل علينا بالزيارة القادمة .. فنحن دوماَ في استقبالك بالترحاب والفرحة .
نشرت فى 27 أغسطس 2017
بواسطة OmerForWISDOMandWISE
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
801,464
ساحة النقاش