بسم الله الرحمن الرحيم
الســاجديـــــن لغيــــــــــــــر الله !!
رحلت عهود العز وهي تنادي .. وتستغيث لعل الضمائر تستجيب .. تمد يدها من تحت الماء .. فلا تجد من ينتشلها من بحر الضياع .. رحلت حين أدركت أن الشهامة في الأرض قد فقدت مشاعلها .. وأن الضمائر قد أصبحت تلك الصماء كالجلمود .. وصفات النبل قد طويت صفحاتها .. ولا نجد آثارها إلا في المعاجم .. تلك الآثار التي تقول : كان في الأرض يوما ذلك الإنسان .. وقد أصبحت تلك الصفات منسوبة لأهل الماضي .. حيث كانوا الكرام أبناء الكرام .. وحيث كان الإيمان حاجزا يمنع السقوط في الأوحال .. واليوم يلتقي العالم حول مائدة الشيطان .. في زمن فيه العفة ممقوتة والسفاهة مرغوبة .. وإذا تحدثت نفوس الأتقياء الشرفاء أهل الإيمان يقول الكل : اعزلونا يا أبناء الأطهار .. فيدخل العفيف في زاوية المغضوب عليهم .. والمطرودين من رحمة الشيطان .. ولا يملك إلا خيارين من المسارات .. فإما أن يكون في رفقة الأشرار وإما أن يكون في رفقة المطلوبين للإقبار.. والذي يجتهد ليعبد الله مخلصا له الدين يلاقي الكيل والصفعة ونعوت الاحتقار .. وإذا عبد الله حقا وحقيقة فهو ذلك المطلوب للعدالة في مشارق الأرض ومغاربها .. ويقال عنه متطرف مرهب للأمم .. وينعت بأنه قاتل دون رحمة ودون قتل وقتيل .. كما ينعت بأنه مجرم دون جريمة .. وجريرته الوحيدة أنه يقول : ( لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ) .. تلك الشهادة التي أصبحت في قائمة المحذورات لدى العالم .. والذي يريد الإفصاح بها لا بد أن يقولها في داخل قمقمه .. وهي تلك الصورة التي كانت سائدة عند ظهور الإسلام .. حيث عدم الإجهار بالنداء خوفا من المشركين .. واليوم تتكرر الصورة من جديد .. والأعجب في الأمر أن الذين يحرصون في كتم الشهادتين هم قادة المسلمين قبل قادة المشركين !! .. وهم الذين يفرون ويهربون من طراوة الشهادتين كما يفر الشيطان عند رفع الأذان .. ولسان حال القادة يقول : ( أرضاء أهل القوة والجبروت فوق وجه الأرض أفضل مليون مرة من إرضاء رب العالمين !! ) .. وبذلك التدني في المقام والقيمة قد أهانوا الذات كما أهانوا المسلمين .. وعندما رضوا بالمذلة أذلهم الله رب العالمين .. وما زال العقاب ينتظرهم يوم العقاب .. وتلك شائبة سوف تلاحق سيرتهم عندما يتناول التاريخ ذات يوم .. حيث سواد السيرة التي تعادل أهلك ألوان المذلة في سيرة قادة المسلمين .. وقد ينامون اليوم في هناء تحت رحمة المشركين .. ولكن كيف سوف ينامون في ذلك اليوم العصيب ؟؟ .. وهم الذين يحملون أمانة الرسالة السماوية .. فكان أحرى بهم أن يحملوها بجدارة .. وأن يخشوا الله تعالى قبل أن يخشوا من البشر .. وتلك مقدراتهم الانتقامية موجهة للمسلمين قبل المشركين .. يبطشون باليمين وبالشمال ثم يرجون علامات الرضا من الأعداء .. وقد يفرحون بثناء الكفار على أفعالهم .. وكأنهم قد حققوا أفضل الغايات !! .. وقد يميلون حيث تميل أصابع الأعداء .. أقتلوا هذا وأعدموا هذا وأبيدوا هذا .. وعندها تنفرج سرائر القادة وكأنهم نالوا غاية الرضا .. وتلك مذلة ما بعدها مذلة .. وسجدة مهينة تسقط المقامات .. ولن تنفعهم تلك السجدة التي يبذلونها لغير الله تعالى لينالوا الرضا من الأعداء .. بل هو ذلك السخط والغضب من رب العالمين .
ساحة النقاش