بستـان دوحة الحروف والكلمات ! للكاتب السوداني/ عمر عيسى محمد أحمد

موقع يتعامل مع الفكر والأدب والثقافة والخواطر الجميلة :

 

بسم الله الرحمن الرحيم

ظــل الشجــرة  !!

قال ظل الشجرة للرجل : أراك جلست فوقي تريد الراحة والاستقرار .. وأنا دائم الحركة والترحال .. لا أعرف الثبات بالليل أو النهار .. ففي مواسم النهار أتهرب من شمس تطاردني .. متخفياَ من الشمس خلف جسم من الأجسام .. إذا جاءت الشمس باليمين ملت نحو الشمال .. وإذا جاءت الشمس بالشمال ملت نحو اليمين ..  وبالليل أختفي في كهوف المجهول خوفاَ من الظلام والقتام .. فقال الرجل للظل : لا تتهرب فتلك شيمة الجبناء .. والهروب لا ينجيك من المصير والتحديات .. وتلك المراوغة من الشمس تعني الخوف والضعف والعجز .. ويعني التخاذل عن مواجهة الصعوبات والمشقات والنهايات .. ومطلوب منك الجرأة والشجاعة .. وذلك بالعودة إلى عرين ذلك الخوف وقتله بالتحدي والإقدام .. وحينها سوف تستقر بك الأحوال وتملك قيادة نفسك دون طارد يطاردك طوال العمر والحياة .. فقال الظل للرجل : ذلك هو الإنسان ، الجدل العجيب ينصب نفسه ناصحاَ وحكيماَ وهو في نفس الوقت أضعف الناصحين .. يناقض الذات ويناقض الحكمة من لسانه حين تتجلى الحقائق .. فهو يمثل العجب والمفارقة حين يتهرب من الشمس ليحتمي بظلي .. ثم يطلب مني أن أواجه الشمس بالتحدي والموت !! .. فأين الشجاعة والإقدام في إنسان هو دائماَ في مقدمة الفارين الهاربين .. يدعي الفطنة والنباغة والمعرفة بالأسرار .. ينصح الآخرين وهو أحوج المخلوقات في الأرض إلى ذلك النصح الأمين .. أما أنا فذلك الظل قد اقتفيت آثار الحيطة والحذر طوال حياتي مع شمس تملك السطوة والجبروت .. فكانت المحصلة أنني عشت ذلك العمر المديد .. والإنسان هو ذلك الجدل الفريد المتفلسف .. الذي يدعي الكمال ويدعي العقل والفطنة ثم تورده الحكمة دائماَ موارد التهلكة .. وتلك القبور تشهد فداحة الإخفاقات في الإنسان .. تلك الإخفاقات تلو الإخفاقات .. فقال الإنسان للظل : ولكني بحكمتي أوجدت في النهار ظلاَ دائماَ لا يرحل ولا يضمحل .. وفي الليل أوجدت شمساَ لا تحرق ولا تحترق .. وبعقلي تفوقت على الكثير من المخلوقات .. وأراك تعيب على الإنسان بكثرة الواردين للقبور !! .. وتلك حكمة من حكم الأقدار .. ليست للإنسان فيها المشيئة .. وكل موجود في الوجود مصيره الفناء .. ولا يبقى إلا وجه ربك ذو الجلال والإكرام .. ثم هم الرجل بالتطويل والإسهاب .. ويحاجج بالأدلة والبراهين ظلاَ يقيه من حرقة الشمس .. وهو ذلك الضعيف المستعين بظل الشجرة الظليل .. ولكنه حين أكمل الخطبة العصماء وجد الشمس تحدق فيه بشدة .. وقد هرب ظل الشجرة واختفى .

ــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد

 

OmerForWISDOMandWISE

هنا ينابيع الكلمات والحروف تجري كالزلال .. وفيه أرقى أنواع الأشجار التي ثمارها الدرر من المعاني والكلمات الجميلة !!! .. أيها القارئ الكريم مرورك يشرف وينير البستان كثيراَ .. فأبق معنا ولا تبخل علينا بالزيارة القادمة .. فنحن دوماَ في استقبالك بالترحاب والفرحة .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 347 مشاهدة
نشرت فى 15 نوفمبر 2014 بواسطة OmerForWISDOMandWISE

ساحة النقاش

OmerForWISDOMandWISE
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

765,701