بسم الله الرحمن الرحيم
الراية الحزينة التي ترفرف في ساحة المشانق !!
تلك راية الأمة ممزقة .. تترنح في تخاذل فوق سارية الأقزام .. خرقة تفقد المعالم وتشتكي من أسقام المخازي والتخاذل .. فوق سارية عليلة البدن تفقد الاستقامة والوقار والمقام .. وتلك هامتها مائلة علامة عار تلطخ جبين الأمة النائمة .. لا ترفرف شامخةَ لأنها تفقد الدعامات وتفقد سند الرجال .. ولكن تتراخي في تخاذل منكسة الرأس في خيبة قاتلة .. مهملة مهمشة راكعة عند مكبات النفايات .. عودها يفقد تلك الأيدي القابضة الباسلة .. وهيئتها بهيئة ثياب الفقراء التي تشتكي الرقع والشقوق والفواصل .. تتحسر الأنفس لحالها حين تبكي الراية وتتمنى أن تحرق بالنار حتى لا تبقى طويلاَ في سواحل المهازل .. أي عهد هذا الذي يفقد الغيرة والنخوة والرجولة ؟!!.. أي عهد هذا الذي تحاصر فيه الأوطان وتسجن فيه الأمم .. وتذبح فيه الأطفال والنساء في عقر ديار الأمة دون وجيع يحس بالعار ؟!! .. كيف أصبحت دماء المسلمين تلك الرخيصة رخص زبد البحار ؟!!.. قيادات وشعوب لا تبالي والمذابح تجري بالليل والنهار !!.. لتبكي عيون الأبطال والفوارس عند أضرحة التاريخ وهي تسمع وتشاهد عصور الأقزام من الرجال .. أمم تحاصر وتظلم وتقتل وتدمر وتهان في كرامتها أمام أعين العالم .. وقيادات بأوزان العهن المنفوش تتفرج ولا تبالي .. مهينة ضعيفة هزيلة تعيب حال الأتباع .. ضعف ليس بعده ضعف .. وهزال ليس بعده هزال .. وذاك الأيوبي يتململ في قبره فلو جازت له الأقدار لعاد إلى الساحات ليصول ويجول من جديد .. ليقول للعالم نحن هنا أبطال التاريخ .. صناع المجد والانتصارات .. لم نركع لحظة لخسيس يطمع في الديار .. ولكن أصلابنا خانت حين أوجدت تلك الحثالة في الأجيال .. وتلك ظاهرة من عجائب الأقدار أن تتحول أشبال الأسود إلى زمرة من كتل الفئران .. علة مجهولة أصابت أرحام الأمة حين أوجدت الأٌقزام .. كثرة بكثرة زبد البحار ليس فيها واحد يشار إليه بالبنان .. ذلك الواحد الذي يلبي صيحة ( وا معتصماه ) !! .. كما ليس فيها ذلك الجريء المقدام الذي يرفع راية ( وا إسلاماه ) .. وبالرغم من تلك السعة الوفيرة في تعداد الأمة التي تعادل الملايين والملايين إلا أن تلك الملايين في وزنها تعادل وزن الناقة الجرباء .. لا تؤثر بهيبة في موازين الأمم .. ولا تشكل ذلك المقدار الذي يخيف الآخرين .. وعندما هانت تلك الملايين نفسها فقد هانت في أعين الأعداء .. وهي تلك الملايين التي تشكل الفئة المغلوبة على أمرها بين سكان العالم .. وتمثل تلك الأعداد الهائلة التي لا تقدم ولا تؤخر .. ولا تملك وزناَ يوجب التقدير والاحترام .. وبالمحصلة فإن الأمنيات لو كانت في الأيدي لتمنى التاريخ أن يمزق صفحات هذه الأيام في مسار الأمة .. لأن أحوال الأمة في هذه الصفحات تمثل القمة السوداء في مسار الأحداث عبر التاريخ الطويل .. كالحة مخزية يندي لها الجبين .. وتلك راية الأمة اليوم مهزوزة ممزقة لا ترفرف شامخة توازي رايات العز حول العالم .. ولا ترفرف مفتخرة بمكانتها في حرية وإباء .. ولا تملك ذلك المقدار والشأن .. حيث الحقيقة المرة القاسية التي آلت إليها أحوال الأمة .. وما جرت تلك المهازل على الأمة كافة إلا حين تولى مواقع الزمام زمر من غير أهلها في أكثر البلاد والأوطان . وذلك من مجريات الأقدار التي أوجدتنا في زوايا خالية من الأبطال والرجال .. ندرة في القيادات القوية الجريئة التي تقارع الساحات .. ولا اعتراض لنا فيما تحكم به الأقدار .. ولكن ندعو الله أن يوجد في الساحات ذلك المصلح الشجاع الذي يرفع راية الأمة وراية الإسلام عالية خفاقة .
ــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش