بسم الله الرحمن الرحيم
لمـا تريـد الوردة أن تسـقط فـي الأرض ؟!
حين أرادت أن تزرع الشك في متانة الوفاء والإخلاص كان التحدي منا بقوة المقال .. وليس من المقدور للمرء أن ينزع القلب وهو ينزف حتى تشاهده الأعيان .. كما ليس بالمقدور لميت أن يفصح مجاهراً بأنه ميت .. فالاستحالة تكمن في عمق المستحيل .. ذلك العمق البخيل .. وقلة الحيلة تجبر المذبوح حين يشاك بالخناجر .. والشك وارد في دموع قد تكون نفاقاَ .. ولكن كيف يكون الشك وارداً في جروح تنزف مجاهراً .. عجباً لحكم يلزم الميت حتى يفيد بالأحوال قولاً وفعلاَ .. فرضية ظالمة حيث المستحيل في جدل لا يكون .. ألا يكفي أن يتداعى ذلك البدن النحيل نحولاً ويشتكي ؟ .. يلاقي الويلات والدواخل فيه كالمرجل .. ألا يكفي أن الناس قد قالت حين قالت وما قالت إلا بالدلائل .. أيلزم الأمر أن ينادي المجنون عالياً بأنه مجنون ؟؟ .. ألا يكفي أنه يتخطى حواجز العقل ويأتي بما لا يقبل العقل ؟.. ولو علق في رقبته يافطة الوفاء والإخلاص لأصبح الأمر في خانة المهازل .. والناس تلوم حين يعقل العاقل كما تلوم حين يرتكب الفالت .. تريدين الإشهار بقدسية أسرار مكنونة في أفئدة هي الحريصة الصادقة .. أسرار خالصة في خزينة أهلها .. هي لأهلها دون الناس .. فلما نتقاسم الأمانة المقدسة مع تلك العيون التي تريد القيل والقال ؟؟ .. تريدين المباهج أن تكون عياناَ وأن تشير إليها البنان .. ولو تمعنت بحكمة بالغة لعلمت أن إزالة الغطاء تبخر الحقائق وتفسد النفائس .. وأن كثرة الأيدي تلطخ المحاسن بكثرة التداول .. والتيلة المبرومة بإحكام تفقد المتانة حين تنقض بالغزل .. والعيون إذا ما توفرت حول المحاسن والجمال ففيها ما يقتل بالحسد .. وفيها تلك التي تسعى في حمى الفتن .. وفيها تلك التي تفرق بين الشن والطبق .. فلما نجاري ونجتهد لنورد الأنفس في مجاري التهلكة ؟ .. محراب يختص بأهله الملائكة خير من رياض تجمع الصالحين والمفسدين .. واللؤلؤة المحبوسة في صدفها ما زالت يلازمها نقاء السيرة .. ويظل الممنوع مرغوباَ ينازع الألباب سحراَ وخيالاً .. حتى إذا فاح عبقاَ وعطراَ تناله أنوف لا تستحق .. وسرى ذلك السر العظيم .. حرصت شديداَ أن لا يكون مباحاً ومتاحاَ لشوارد العيون .. حفظته في عمق قلبي وأقمت حوله سياج العفاف ومن حولها تلك الضلوع .. ومهما ينادي المنادي وتلبي تلك العفيفة فإني أقسمت بالله أن لا أضع الوردة لحظة في الأوحال .. إنما مكانتها القلب وسيرتها الستر وهي الغالية في عمق الأحداق .. ولكنها بإلحاح شديد تنازعني حتى أشاهر بسري لأنها بريئة لا تعرف مكيدة الأشرار .. وما زالت تجهل الدنيا وأخطارها .. وتظن الدنيا بريئة مثل تلك الأنهار .. ولا تدري أن الذئاب تترصد هنالك في الأوكار .. وقد كنت قبلها في ساحة الويلات .. وأعلم الكثير في عالم الأشرار .. فكتمت تلك الأسرار تعمداَ رغم أن الكتمان يهلك الجدار .. ورغم أنه يهلك تلك القلوب التي تحتمي بالأستار .. ولكن دموعها بدأت تفطر قلبي بالانشطار .. ومهما جاريتها بقوة المقال لا تبالي ولا ترجو الانتظار .. ثم تنادي بإصرار أن نبادر بالإشهار .. وإلا فإني في ظنونها ذلك المراوغ الذي يفقد الوفاء بالوعد والمقدار .. ولكني برئ أتخذ الحكمة في الخطوات حتى يقع الحلال ذات يوم بكتاب وسنة تمنع الأخطار .. وتكون المحصلة ذلك النعيم في الجنان دون المرور بساحات النار . فتريثي يا ابنة الأفاضل .. فأنت الغالية التي ترجح كفوف الألماس .. وأنت النعمة التي تمثل غاية الأحلام .. وأنت القمة ودونك كل الناس .
ـــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش