بستـان دوحة الحروف والكلمات ! للكاتب السوداني/ عمر عيسى محمد أحمد

موقع يتعامل مع الفكر والأدب والثقافة والخواطر الجميلة :

 

بسم الله الرحمن الرحيم

ثمـار الأعمار تــلك لأهلهـا     ؟؟

التقديرات الخاطئة في مدى الأعمار تخدع بعض الناس بالانتظار طويلاَ في شواطئ الآمال والأحلام  .. والبعض بإفراط شديد يمتطي متون الأماني الواهية لسنوات وسنوات .. وكأنه يملك شروط الأعمار في قبضة الكـف  .. ذلك المخدوع الذي يصارع الأهوال لتحقيق أهداف ذاتية .. أو لإكمال مشاريع دنيوية .. أو لتطبيق غايات فكرية أو عقدية أو سياسية ..  أو لإنجاز أهداف أخرى كثيرة ..  وكلها تدخل في الطموحات طويلة المدى  .. ومن أجلها يكابد الويلات ويصارع الأمواج والعواصف .. ويزيل العوائق تلو العوائق .. ويهزم الظروف القاسية مرات ومرات وبشراهة مبالغة .. والخطأ الجسيم في ذلك أن الإنسان ينسى الغاية الأساسية التي خلق من اجلها في هذا الكون .. وهي غاية عبادة الله .. ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) ..  وبدلاً من ذلك يجعل الغاية القصوى لحياته تلك الاهتمامات الدنيوية التي تأخذ كل عمره دون سواها ..  والأيام في ذلك تجاريه بخطواتها الخادعة المغرية  .. تلك الأيام التي تأخذ مقدارها من الأعمار لحظة بلحظة وساعة بساعة  .. وتمتد آفاق الأحلام أمام ذلك المتوهم بصورة الديمومة والأبدية ..  فيظن ذلك المخدوع أن زمام العمر تحت تصرفه .. وانه رهن إشارته بالقدر الكافي الذي يمكنه من تعويض الفوائت من الحظوظ والفرص الضائعة حال الأسباب والوسائل  .. ويخال إليه كذلك أنه يملك السانحة الكافية ليهنأ بالسعادة الطويلة ..  حيث يطمع أن يعيش الفرحة بعد إكمال المخطط ثم يسكن الجنة الأبدية .. ولكنه ينسى أن العمر يفقد المخزون من الرصيد يوماَ بعد يوم .. وفجأة يجد نفسه عند حافة العمر .. وعندما يستقر ليعيش كما كان يخطط فإنه يتفاجأ حين يجد أن الأسواق قد انفضت من روادها .. وأنها فقدت مواسمها وخيراتها وعروضها .. وأن الأحداث قد أخذت كفايتها ثم فقدت مفعولها .. وأن المجريات قد انتهت أزمانها بعد أن واكبت سنة مسارها في الكون  .. نال فيها النائلون .. وخسر فيها الخاسرون .. وصدق فيها الصادقون ..  وعبث فيها العابثون .. ونهب فيها الناهبون ..  وذهب عنها الذاهبون  .. ولم تتبقى إلا الموجعات من الذكريات .. كما لم تتبقى إلا لحظات الانتظار والرحيل .. في الوقت الذي يطمع فيه ذلك المخدوع الذي جاء متأخراَ ليتمتع بالدنيا ..  وهو الذي جاء يحط الرحال بعد طول العناء والشقاء والناس يرحلون .. ليبدأ مشوار الحياة من جديد كما خطط له من قبل ..  وعمل من أجل تلك الأحلام  ..  فإذا به ذلك الخاسر الذي أضاع العمر سداَ في زرع ثمار الآخرين .. تلك الثمار التي لم يكن له فيها نصيب .. وقد شارف رصيد عمره أن ينفذ ..  وهناك الكثير من الدلائل والإشارات التي تظهرها العلامات والأوصال والأحوال  .. فهو ذلك الغافل الذي استهلك معظم العمر في التخطيط الدءوب للمدى البعيد  .. دون أن يتخذ الحكمة في المشوار والمسار ..  والظن منه أن سنوات عمره كافية بالقدر الذي يغطي سنوات المعاناة والشقاء .. كما يغطي سنوات النعيم المؤمل .. ولكن هيهات هيهات فالحياة لحظات بلحظات ..  وليست مرهونة بالآمال والأمنيات .. فمثل ذلك الإنسان هو الذي يضيع العمر في المسار الخاطئ تحت غطاء الأحلام  ..  كما أنه في الغالب يخسر الدنيا ويخسر الآخرة والعياذ بالله .. والعاقل اللبيب هو من يدرك جيداَ أن التآكل والتناقص في حجم الأعمار يبدأ منذ اللحظة الأولى للولادة ..  والواهم من الناس هو من يبني قصور الأحلام فوق مساحات العمر الزائل .. تلك المساحات المتناقصة المتآكلة يوما بعد يوم حتى تنهار كلياَ بالانتهاء .. وعندها تنهار كذلك تلك القصور من الأحلام والآمال التي أقيمت فوق متونها  . 

ـــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد

 

OmerForWISDOMandWISE

هنا ينابيع الكلمات والحروف تجري كالزلال .. وفيه أرقى أنواع الأشجار التي ثمارها الدرر من المعاني والكلمات الجميلة !!! .. أيها القارئ الكريم مرورك يشرف وينير البستان كثيراَ .. فأبق معنا ولا تبخل علينا بالزيارة القادمة .. فنحن دوماَ في استقبالك بالترحاب والفرحة .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 90 مشاهدة
نشرت فى 18 مارس 2014 بواسطة OmerForWISDOMandWISE

ساحة النقاش

OmerForWISDOMandWISE
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

801,441