بسم الله الرحمن الرحيم
الفوضى والعشوائية مجـرد فرية في خيال الإنسان !!
الكون نظام يجري بدقة متناهية فائقة .. ولا تجري فيه المجريات عشوائياَ أو فوضوياَ دون ضوابط أو مؤثرات كما يظن البعض .. والعقل الإنساني هو الذي يبدأ في إظهار علامات العجز والضعف بمجرد الابتعاد عن سواحل الثوابت والقواعد البسيطة التي أعتاد عليها .. ذلك العقل المصمم من رب العرش العظيم ليتعامل مع الفرضيات المتيسرة المتاحة التي تقبل القياس والمكيال .. ولكنه يتوه ويضطرب جداَ بمجرد التعامل مع مستجدات التفاضل والمجريات العشوائية .. أو التعامل مع الظواهر المتكررة بالنسخ الفوضوي ( كما يترائي للإنسان ) .. والظن منه أن الفوضى والعشوائية حدث من عيوب الطبيعة .. وهي ليست كذلك .. إنما هي مجريات تأخذ نمطاَ من الدقة والقواعد المحكومة التي تخرج عن تقديرات العقل البشري .. لتظهر للإنسان وكأنها تجري بفوضوية غير مستحكمة متحكمة في مسارها .. وعدم التمكن من ملاحقة تلك المجريات هو الذي يسبب الاضطراب الذهني العاجز في الإنسان .. ذلك الاضطراب الذي يربك العقل البشري كثيراَ .. والعقل البشري مكبل بالسقف الأعلى من المقدرات .. ذلك السقف الذي يعتاد فقط الثوابت المقدور عليها بحسابات وقياسات الدقة الخامدة .. ويرفض المجريات الغير عادية المتواترة التي تخلق الإرباك .. ومشوار الإنسان في هذا الكون كان طويلاَ في مجاراة الحقائق الفيزيائية الثابتة التي تقبل القياسات المعملية .. تلك القياسات والحسابات التي تدوم بوتيرة ثابتة قد تكون أبدية .. ولكن الإنسان هو ذلك الجاهل في أحكامه عندما يعجز عن استيعاب حقائق فوق تلك الثوابت .. والعجز مرده تلك المحدودية في طاقة العقل البشري من حيث الاستيعاب والتعامل .. وعندما يعجز عقل الإنسان عن ملاحقة تلك الظواهر والمجريات التي يطلق عليها مصطلح ( العشوائية والفوضوية ) فإنه يصف الموصوف بالنقص والاضطراب دون أن يصف ذات العقل البشري بالضعف وقلة الحيلة .. ومن الخطأ الجسيم اعتبار ظواهر ( الفوضى والعشوائية ) نعتاَ من عيوب الطبيعة .. ولكن بقلة المعرفة والحيلة يحسب الإنسان أن هناك خللاَ ويظن بعدم توفر الثوابت في تلك الظواهر .. ثم يجد ذلك عيباَ من عيوب الطبيعة .. ولكن الحقيقة أن تلك الظواهر والمجريات هي مرحلة متقدمة عالية جداَ في مسالك الطبيعة العجيبة .. فالكون العظيم كل مجرياته تجري بدقة متناهية .. والظواهر فيها تبدأ بخطوات الثبات ( تلك المعتادة لعقل الإنسان ) ثم تتدرج قليلاَ قليلاَ نحو الأعمق في المحصلات .. لتدخل في محيط من الثوابت المتعددة الكثيرة المعقدة .. تلك الثوابت المتكررة المسرعة التي تفوق كثيراَ طاقة العقل البشري .. حيث الظواهر والمجريات المتلاحقة التي تقع في نفس الزمان وفي نفس المكان .. فيعجز العقل البشري عن الملاحقة والمتابعة .. ثم يصف الحال بنعوت ( الفوضى والعشوائية ) .. وكأنه يرى ذلك عيباَ في المجريات .. ولكن العيب الحقيقي في جهاز العقل البشري المحدود الطاقة والاستيعاب .. ذلك العقل الذي لا يفي بجدارة ليحتوي فكرة تلك الحقائق المتوالية المسرعة .. ولو أجتهد الإنسان قليلاَ في التفكير يرى تلك الحركة الدائبة المسرعة في كل مدارات الكون .. والتي تكون في كل صغيرة وكبيرة .. فهي تسري في أعماق الخلايا والذرات المتناهية الدقة ثم تتوالى لتكون في حركات المجرات العملاقة بمحتوياتها من الشموس والكواكب والأقمار والشهب وخلافها .. وكلها تتحرك بسرعات هائلة .. عالية للغاية في مدارات ثابتة مستحكمة .. ومع ذلك التحرك السريع المربك العجيب وعدم الثبات فإن علمها عند الله سبحانه وتعالى نافذ ثابت لا يغيب لحظة .. وهو ثبات لا يضطرب باضطراب المنظور .. وسبحان رب العرش العظيم .
ــــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش