بسم الله الرحمن الرحيم
اليافـــع المتمـــرد الظريــف !!
كثرة العناد ووفرة المشاكسة تجعل الأيدي تصل العنق لتكتم الأنفاس .. والبنان تحاط بجيـد غض تريد الفتك وتريد الانحباس .. فإذا بالقلب يصرخ مانعاَ وينادي رفقاَ بذاك البرعم النضر فلا تؤذي شتلة الأناناس .. فتتراخى قبضة اليد وتلين متخاذلاَ بالعفو ليجتاز سواحل الغضب والاضطراب .. ويكون العقاب بديلاَ يجازي الهـم بالرقة والحنان وبقبلة فوق الجبين .. ثم عناق لشقي قاتل هو ذاك المرهف الظريف .. اليافع الباسم الجاذب ذاك العبق اللطيف .. يهلك الأنفس بروح الشقاوة والبراءة وبكثرة المناوشة والعناد والتنكيد .. ويجيد الهرج والمرج والإزعاج بمنوال يجلب المس والجن لأهل الوزن والوقار .. متمرد يفقد مقابض الاتزان ليجرح راحـة الناس كيف يشاء .. ويتمادى في عنـاده حتى يكل منه العناد .. ورغم كل ذلك فإن الجرح والآلام منـه حلاوة وطراوة .. والجرح في القواميس هو جدل يفقد صفة المحاسن إلا في قاموس ذاك اليافع .. يؤذي من يحبه أذية براءة دون مقصد متعمد في العمق مثل مقاصد الكبار .. بعدها يركض هارباَ ليركض خلفه من تأذى حتى إذا تمكن منه نسي العقاب ليكون البديل هو القبلات والعناق .. فيضمه في الصدر ضمة شوق ومحبة حتى يمل من العناق ويصرخ قائلاَ دعني يا هذا فإنك توجع الأضلاع .. فيتراجع عنه المحب مشفقاَ ووجلاَ فذاك برعم غض ناعم لا يحتمل حرارة العناق .. فماذا يفعل مع شقي هو ذاك المهر المعربد الذي يمثل قرة العين وعزة القلب وبهجة الفؤاد .. ثم هو ذاك المستحيل القاتل الفالت المتفلت .. هو مثل جمرة تعشقها كفة اليد لتحضنها رغم القسوة والحرقة ثم تشتكي الكفة من الجمرة لترميها مجبرة في الثرى .. ثم تعود الكفة مسرعة لتأخذها برقة وحنان وتضعها في موضع الإحراق .. كر وفر بين نفس تجاهر بالأذية والمكايدة دون كلل أو ملل وبين نفس تجازي بالغفران وتجازي بالمزيد من القبلات .. وكثرة العفو والمسامحة من قلب محب تغري ذلك الصغير ليتمادى في مسافات العناد والنكران .. فهو محبوب يدري جيدا أنه يملك قلوباً تحاط به بالرقة والحنان .. يرتع في بحور المحبة تلك البحور التي لا تعرف الأحقاد .. إذا غاب يوماَ عن العيون تشتاق العيون له كثيراَ رغم فقدان المعية للحظات الراحة والهدوء .. وتشتكي الساحة بظلمة الصمت في الدار ليكون ذاك اليوم هو يوم حزن وبكاء .. فالأنفس تعودت وأدمنت في رفقة اليافع شرعة السادية حيث تفقد لحظات العذاب والإزعاج والإرباك .. فهي تفقد الهرج والمرج برفقة ذاك الصغير المملوء بحيوية العناد والإزعاج .. وحينها يمثل البيت قبراَ يفتقر علامات الحياة .. لا صراخ هناك ولا فوضى ولا تحطم أغراض ولا تمزيق مستندات .. فيمثل الحال فقداناَ للحظات الإدمان للأذهان التي تعودت الشغب والاربكاك وقلة النوم والسكينة .. كما يمثل فقداناَ للحظات حساب وعقاب كانت تجري بين حين وآخر .. ومن يتعود المنام في مرافق الصخب والضجيج يعجزه النوم في ساحات الهدوء والمعابد وعنابر المشفى للعناية .. وذاك اليافع النضر جاء يوم مولده ليفرض واقعاَ بسمات تناقض الأحوال .. فهو يؤلم ليوجد الحب في قلوب تشتكي المرارة ثم ترى الحلاوة في المرارة .. مرارة تماثل الليمون في النكهة والرائحة العطرة ثم حلاوة تماثل البرتقال في المذاق .
ـــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش