بسم الله الرحمن الرحيم
إرث المكابـــرة ؟..؟؟؟؟؟؟؟؟
ذاك وطن .. للبعض منهم جنة وسكن .. وللبعض الآخر أشواك وذبح وطعن .. الأبواب فيه لا تفتح إلا لمن كان من أهل سيرة مشى المشاوير بصحبة غاصب فطن ِ.. تعرفهم من سيماهم على الوجوه وتعرف الانتقاء لأهل سرب بغير عدل وفي أقوالهم لحـن .. إذا كنت في ساحتهم يوماَ تيقنت أنه لم يبق للآخرين وطن .
وطن وصلت به الأحوال بأن يماثل بقرة حلوبة سلبوها غصبا .. وجعلوها سائبة فالتفوا حولها وجعلوها مصروعة .. وتمكن البعض من إحكام القبضة على قرونها .. ثم اجتهد الباقون في حلبها .. حلبوها حتى آخر قطرة من لبنها .. ولم يكتفوا بل أخذوها لحماَ وعظاماً .. وجعلوا الإرث لخاصة هي قلة من فئة مرضية عنها لها الحق بالتمتع كيف شاءت .. ثم جعلوه حراماً على جملة من بشر هم أحق إرثاً ونيلاً .. فلم ينالوا شيئاً من بقلها وغثائها وفومها وعدسها وبصلها .. وحين أحكموا القبضة على المقاليد في غفلة من أهلها رأوها خالصة لهم دون سواهم .. كانت دموعهم في بدايات الأمر تراعي دموع المعاناة لخلق لا حوله ولا قوة له .. ومع الزمن أصبحت لهم دموع تماثل دموع تماسيح خادعة مراوغة .. يخطفون البسمة من ثغور الفقراء والمساكين .. قساة يتحكمون في كتم الِأنفاس كما يتحكمون في قرون البقرة .. وهناك فيهم فوارغ متسلقة وما أكثرها قد وجدت بيئة متاحة مرتاحة .. صغار بقياس المؤهلات والإمكانيات والأفكار وحتى بمعيار الاستحقاق والحيازة .. ولكنهم كبار بمقام الإرث والأرضية المتاحة لهم بغير حد .. أصبحوا كباراً وهم اقل وزناً وحجماً في الحقيقة الذهنية والمقدرات الفكرية .. لأنهم أصبحوا كباراً بمقدار ومقدرات المنهوبات المتاحة من غنيمة الغفلة والإثراء على حساب شعب يمثل الِأكثرية .
إذا جلست في مجالسهم لنالك الحيرة والذهول والعجب .. وسوف تجد نفسك في حضرة الأعمار الصغيرة .. هي أعمار تفقد العشرة فوق العشرة .. ولكنها تجيد الكلام عن إرثها من الريع بالمليارات والمليارات !! .. والحديث حول حمى المليون وما دون المليار عيب في قواميس هؤلاء الفتية .. وهؤلاء أعمارهم لو حسبناها بالدقائق لا تتعدى مئات الألوف ناهيك عن المليون أو المليارات .. ولكن تلك كانت المشيئة .. وهكذا أصبحت تلك الصورة المقلوبة حقيقة .. وأصبحت الأحداث تجري بنمط أوجد عالماً من المتناقضات .. غالبية تشتكي وتعاني .. وأقلية مرتاحة تنال الثمرات .. والبقرة الحلوبة في غفلة من أهلها نالها الهزال بكثرة السلب والنهب والفساد .. والحديث عن بواقي الكتف أيسر كثيراً من الحديث عن المفقود الكبير من باقي الجسد .. فلا ساحة من أرض هناك ولا باحة ولا ركن ولا أصل من الأصول ولا بقعة مهمشة أو غير مهمشة إلا وطالتها يد النهب والسلب .. وما كان عاماً ريعه على الشيوع يوما أصبح الآن خاصاً يتمتع به أفراد لا يملكون الحجة بالتمتع بذلك الإسراف إلا حجة القوة والسلطة .. فتتمتع به حفنة مقدارها أنها كانت ذات يوم في خندق الجماعة المتطفلة .. أما باقي أفراد الأمة لم تبقى لها إلا حجة أخيرة محيرة .. وتلك الحجة هي هل للنهايات استحقاقات تسترد .. أم أن ساحات الدفن والمقابر والمدافن التي كانت شائعة للجميع ذات يوم سوف تدخل المزايدات .. وتدخل في حسابات الجمع والطرح وأصفار المليارات ؟؟ !! .. فتكون المفاجأة يوماً عندما يعاد جثمان الميت بحجة أن الملكية العامة فيها أصبحت غير متاحة !! وعلى الميت أن يتحمل مشقة الإيجار في أحد الفنادق الفاخرة التي يملكها أهل الجاه والشأن !!.
ــــــــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش