بسم الله الرحمن الرحيم
الطلاســم !!
هل هناك من الإملاءات ما كانت سبباً في الفورات والثورات .. أم تلك شرارات نابعة من الأعماق بفعل الكبت والقمع واليأس والملل .. وخبراء التحليل والتمحيص اليوم يقفون عاجزين عن تحديد الأسباب .. إلا ما كان اجتهاداً من نظريات هنا وهناك .. وأصابع الاتهام تشير لأكثر من عشرات الجهات في إشعال الفتيل .. ولكن في النهاية هي كانت انتفاضة كبيرة جداً وزلزال بأعلى مقياس لريختر .. انتفاضة بالتأكيد أعادت خريطة واتجاهات المنطقة العربية لمسارات سوف تتضح معالمها في القريب العاجل .. والمعارك مع النظم التي نالت حظها من الفورات والثورات على وشك النهائيات .. ولكن هناك معارك قوية وقوية جداً قادمة .. وتلك فوارسها أكثر من جهة وأكثر من مجموعات .. ويلاحظ أن دولاً ذات وزن كبير في المجتمع الدولي بدأت تغازل ( الاتجاهات الجديدة ) وتحاول أن تكسب ودها وتميل دفة الخيار لناحيتها .. ولكن الجميع في قرارة النفس يدرك جيداً أن شهور العسل قصيرة جداً .. وخاصة ونحن نرى أن فرسان الثورات في معظم الدول التي ثارت شعارها ( التكبير والتهليل ) .. وتلك نغمة لا تروق كثيراً لتلك الدول الكبيرة .. ولكن بالرغم من عدم رضاء تلك الدول عن ذلك الاتجاه .. إلا أن ذاك الاتجاه هو السائد بشدة في معظم الدول العربية .. وحيث أن غالبية الشعوب العربية تميل لمقتضيات العقيدة .. ولا تعرف الهدنة أو التسويف في أمر هو عقيدة وعبادة .. مما يزيد الحيرة في مستقبل مجهول العواقب مع عالم يريد بإصرار أن نتنازل قليلاً .. والتنازل في العقيدة أمر مستحيل .. فإذن هم يتوهمون بجديد .. ويظنون بأن الجديد يختلف .. ويخاطرون بمرحلة جديدة على المسارات القادمة .. ونحن هنا نتحدث فقط عن الاتجاهات العادية لشعوب المنطقة .. ولكن إذا تعمقنا قليلاً وتحدثنا عن الاتجاهات المتطرفة مثل ( عناصر القاعدة ) وخلافها .. وهي بالتأكيد ليست متفرجة في الأحداث الجارية ولكنها في صلب الأوضاع .. فعند ذلك ندرك جيداً مقدار الأحداث القادمة المتوقعة لشعوب المنطقة .. وهي مرحلة تنفيذ مخططات دولية غربية وشرقية .. ثم مرحلة محاربة تلك المخططات .. ثم مرحلة مسارات الخلافات العقدية التقليدية القائمة منذ مئات السنوات .. ثم مرحلة تدخل الجماعات المتطرفة بكل قوتها في جميع المسارات .. وفي النهاية فإننا نجد أنفسنا أمام طلاسم لا يستطيع أحد أن يتوقع لها الحلول .. البعض كالعادة يرى أن نعلق المصير في ذمة الأيام .. فهي كانت كفيلة بحله في الماضي وكفيلة بحله في الآتي .. والبعض يرى أن نتحرك قليلاً في مهنية وعقلانية .. ثم نجاري الآخرين في التخطيط والتدبير .. وأن تجتمع العقول العربية الكبيرة في مؤتمرات هناك وهناك .. حتى تضع خريطة طريق وعمل لمسار قومي .. تتفق مع مصالحنا وعقائدنا ومسايرنا .. مع خيار الوسطية المعهودة في عقيدتنا .. دون تصلب أو تعصب .. وكذلك دون تفريط أو تنازل .. ثم تتفق جميعاً على التمسك بالمبادئ التي تعتمدها تلك الخريطة .. دون خيانات أو طعنات من الخلف .. ولكن الوصول لنقطة اتفاق على خريطة جامعة شاملة ملزمة لجميع الدول العربية هو محك في حد ذاته .. وهو بدوره معضلة كبرى عاصية بعلاتها وأسبابها .. وقد يدخل في نطاق المستحيلات في كثير من الأحيان .. وفي النهاية سوف تدور الدوائر وتنتهي كما تشتهي الظروف والمخططات والمؤامرات الدولية والإقليمية والجماعات المتطرفة . والنجاحات سوف تكون محكومة بمهارات تلك الأصابع اللاعبة .. وكم وكم هي تلك الأصابع .. مما يعنى أن المخاطر تبعدنا كثيراً من ساحات التفاؤل بالخير .. وتوقع المزيد من الحذر والترقب . ونسأل الله العلي القدير أن يكفينا شرور المؤامرات والمخططات التي تريد النيل من بلاد المسلمين .
ـــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسي محمد أحمد
ساحة النقاش