بسم الله الرحمن الرحيم
السفر عبر الأحـزان !!
سفرهم على المدى الأبدي في رحلة الأحزان .. يجوبون قفار الآهات والأنات .. حافين فوق حمم البراكين .. في دروب يتواجد فيها جلادون فوق مشانق السعادة .. في صحبة الأشرار والملاعين .. وقد منعت الساحات من ضحكات أو بسمات للثغور .. وأبيح البكاء حتى تكون التحية هي الرثاء .. واللوحة لا يكتمل جمالها إلا إذا توشحت بالسواد .. والعطر لا يكون كماله إلا إذا كان في عبق القطران .. والقبض مطلوب دائماً وأبداً على الكروان .. حتى تكون الساحات للبوم والغربان .. وسرادق الأحزان منصوبة في ساحات الجنان .. وجمال الفراشة شؤم لأهل تلك الديار .. ونعيق البوم في الخرابات من علامات النهار .. في صحبة من يبكون إذا أهل البدر ويضحكون برائحة الدماء والدمار .. أوصلتهم أقدامهم تلك الشقية لساحات الحزن .. عندما تاهت لديهم بوصلة الحظ .. وتعطلت مؤشرات المسار .. ويوم سعدهم مات يوم مولدهم .. فعاشوا دوماً خلف الدهاليز في مقابر الذكريات .. فصارت الأضرحة مزارهم .. وثوب الأكفان رداءهم .. وأصوات النحيب أذكارهم .. وحتى في تلك الأمصار هم محسودون على قدر شأنهم .. وقلة حيلتهم .. فالذي يحسدهم على كثرة تنعمهم قد يحق .. ولكن كيف من يحسدهم على كثرة اكتوائهم بالنار ومرارة بؤسهم .. وتلك قمة الحيرة والتعجب .. ومع ذلك فإن كثرة الطعن في موضع الطعن كفيلة للإذعان .. والأمر في كل الأحوال لمثلهم سيان .. وهم يوم ولادتهم مفطومون على رحلة الأحزان .. ويجهلون أي شأن غير ذاك الشأن .. يسافرون وحيدين داخل أحزانهم .. ومنذ مولدهم هم دائماً في جملة النسيان .. وأي شأن لهم وقد ولت الأعمار خلف غيوم الشقاء والعناء .. والذي بقي من الماضي قليل والذي قد مضى كثير .. وتلك محنة البؤساء .. في كل عصر وزمان .
ــــــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش