<!--
دور المرأة الريفية في الإنتاج وأهمية الاقتصاد المنزلي
دور المرأة الريفية في الإنتاج:
حينما نبدأ في التفكير في وضع أي برنامج يهدف للنهوض بالمجتمع فإننا ينبغي أن نضع في الاعتبار كل الطرق التي تعمل على التنسيق بين الجهود الذاتية للأهالي وبين ما تقدمه الحكومة من برامج وإسهامات فنية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية والروحية سواء بالنسبة للمجتمعات المحلية أو بالنسبة للمجتمع الكبير، ثم يقوم بعد هذا في تجميع هذه الجهود وصهرها في بوتقة واحدة.
يتكون أي مجتمع من المجتمعات من صفين متماثلين تقريباً: الرجل والمرأة، ومن الطبيعي يجب استغلال كافة الطاقات الممكنة وتطويعها في خدمة المجتمع وتطويره. بمعنى إن إغفال المرأة - وهي تمثل نصف طاقة المجتمع لا يؤدي إلى حرمان الأمة من جهود نصف أفرادها فقط، بل يجعل هذا الجزء عبئاً ثقيلاً ينوء بحمله كاهل النصف الآخر، ويصبح المجتمع بذلك مثله مثل إنسان يتنفس برئة واحدة.
المرأة الريفية بوضعها الراهن:
تعاني المرأة الريفية في العالم، وخاصة في مجتمعنا الشرقي، من أوضاع جائرة تجعلها مكبلة بقيود تمنعها من الانطلاق والإيداع للنهوض بأسرتها وبالتالي بمجتمعها الذي ينعكس بلا شك على النهوض بأمتها..
ذلك لأن المرأة الريفية، تعامل منذ طفولتها على أنها عبء على كاهل أسرتها، فهي موضع رعاية في طفولتها، وهي محل شك في شبابها حتى تتزوج وهي عبء على زوجها في بيته، وأخيراً إذا قدرها الفشل في زواجها فهي عائدة بلا شك إلى أسرتها الأولى لتكون عبئاً جديداً على أبويها.
كل هذا يمنعها من الحركة، ويقيد جهودها للنهوض بالأسرة، وهذا ما يجب أن نخلصها منه لا من أجل سعادتها فحسب بل من أجل صالح المجتمع الذي تنتمي إليه حتى تشارك دون قيود في التنمية والإنتاج.
ويمكن توضيح المعوقات التي تحول دون انطلاق المرأة فيما يلي:
1- العادات السائدة والتقاليد التي تقيد حرية المرأة في المجتمع، والتي منها : أن المرأة أقل قدرة من الرجل، عاجزة عن مشاركة الرجل في تنظيم المجتمع، الاعتقاد السائد بأنه إذا حدث أن اشتركت المرأة في أمور المجتمع فإن ذلك يحط من قدرة الرجل كما من شأنه أن يؤدي إلى إهمالها شؤون البيت ورعاية الأطفال وما قد يؤدي إلى تفكك الأسرة وتصدعها...الخ.
2- المعايير الأخلاقية التي وضعها الرجل في عصور كان فيها هو الذي يتحكم في كل شيء في المجتمع، تلك المعايير التعسفية التي وضعت المرأة تحت ضغوط وإجراءات تحد من حرية حركتها وتضيق عليها الخناق فيجعلها أسيرة لما هو مطلوب منها عمله وما لا يجب أن تعمله وكأنها بذلك قد خلقت لتطيع دون مناقشة أو اقتناع.
3- النظرة إلى الرجل على أنه وحده هو المسيطر على كافة النشاطات في المجتمع، ومنحه حقوقاً كثيرة منها حق وضع القوانين حتى التي تخص المرأة منها والتي تطلق له العنان في ممارسة كافة النشاطات في المجتمع دون المرأة في معظم أو بعض تلك النشاطات.
فعلى سبيل المثال لا الحصر حين تبحث بعض الشؤون العامة أو الميدانية الخاصة بالقرية لا تشترك المرأة في ذلك المجال بل يحاول الرجل منعها بحجة أن تلك الأمور لا تخص المرأة ولا تعنيها. وقد أدت عملية إقصاء المرأة وحرمانها من الاشتراك في تنظيم المجتمع إلى حرمانها أيضاً من اكتساب مختلف المهارات والتدريب على مختلف المعاملات الاجتماعية وحرمانها من تنمية جوانب شخصيتها.
4- لا زالت القوانين المتصلة بالمرأة مقيدة لحريتها ونشاطها، ومن هذه القوانين تلك التي لها علاقة بحقوق المرأة المدنية.
5- لم تتحرر المرأة من الجهل بعد، بل حرمت من التعليم بحيث فاقت نسبة أمية المرأة مثيلاتها بين الرجال، وحتى إذا سمح لها بالتعليم فغالباً ما يكون التعليم من نوع معين يخدم الفكرة السائدة عن المرأة ووظيفتها من وجهة نظر المجتمع. وهذا بالطبع حرمانها المشاركة الفعلي واستخدام ذكاءها الذي يمثل نصف ذكاء المجتمع في حل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والصحية.
6- نظرة المرأة إلى نفسها المنبعثة من عقدة النقص نتيجة الأسلوب الذي اتبع في تربيتها تلك النظرة التي تنطوي على الاتكالية والاستسلام وعدم الشعور بالأمن والاستقرار، كل هذا جعل إدراك المرأة لدورها غير واضح المعالم وصارت لا تعرف بالضبط مسؤولياتها تجاه تطوير الحياة وخدمة أفراد أمتها كما يجب أن تكون.
ولاشك أن بعض العوامل السابق الإشارة إليها قابل للتعديل والتغيير، فيمكن تغيير اتجاهات الرجال نحو المرأة وإن احتاج ذلك إلى تربية عدة أجيال، إلا أن أهم تلك العوامل وأخطرها تلك المتعلقة بموقف المرأة الريفية ذاتها ونظرتها إلى نفسها وتحررها من عقد النقص وانطلاقها من نسيج العنكبوت (عنكبوت التقاليد) التي تقيد انطلاقها للمشاركة في تنمية المجتمع.
وقبل التعرض إلى الطرق والوسائل التي بها يمكن للمرأة أن تأخذ دورها في تنمية المجتمع وتطويره وتطوير الإنتاج، يجدر الإشارة إلى تحديد الأدوار التي تقوم بها المرأة في الأسرة والمجتمع.
"للمقال بقية"
<!--<!--