بينما كان يصلي , سمع عيسى البطران المعلم في مدارس الأونروا بمخيم البريج في غزة سمع ابنيه بلال " 7" أعوام وعز الدين "4" أعوام يتهامسان ويوجهان أصابعهم نحو الطائرات التي تطلق بالوناتها الحرارية في السماء.
ظن أن الأمر عاديا إلا أن الطائرة نفسها أطلقت صاروخا نحو الشرفة التي يقف عليها الولدان، فأخطأها وسقط في المنزل المجاور. عندها هرب الجيران بأطفالهم إلى الشارع .
ولم ينتظر الصاروخ الثاني كثيرا حتى جاء بحممه ليشعل الشرفة والأطفال ويرمي بهم إلى شجرة في الشارع العام حيث وجدهم الناس.
الوالد لم ينه صلاته بل حمل طفله عبد الهادي ونزل به مسرعا إلى الأسفل وعاد ليقسم أنه من سيلملم أشلاء الزوجة وبناته الثلاث إسلام 15 عاما وتوأميه إيمان وإحسان عشرة أعوام.
حمل إسلام وكانت مشطورة إلى نصفين، والروح لا تزال نابضة في شرايينها وأودعها في سيارة الإسعاف، وقبل أن تتحرك السيارة لفظت إسلام آخر شهقة لها في الحياة.
العثور على الزوجة أم بلال والفتيات كان صعبا فالأشلاء والدماء اختلطت، أما بقايا الأبناء فعرف منها انها لبلال وعز الدين في الشارع وعلى الشجرة القريبة.
منال "أم بلال" فاضت روحها مع أطفالها الخمسة في قصف طالهم جميعا بغرفة مجاورة لغرفة كان يؤدي فيها الزوج الصلاة، حينها كان عبد الهادي (عام واحد) يحبو من أمام عيني أمه إلى سجادة الصلاة بالغرفة المجاورة ليقف على ساقيه الصغيرتين بالقرب من والده.
صاروخ واحد سقط في المنزل المجاورفهرع قاطنوه إلى خارج البيت، ولأن عيسى كان يصلي مغرب ذاك اليوم السادس عشر من يناير قبل يوم واحد من وقف إطلاق النار لم يمهله الصاروخ الآخر مزيدا من الوقت لإتمام الصلاة أو النزول إلى سلم البيت هربا بالأطفال والزوجة فكان القصف اللاحق الذي فتت الزوجة والأبناء.
والدة الأب المكلوم تتذكر "الكنة الرؤوم زوجة الابن البار" منال شعراوي بكل حب، كما تتذكر الطفلة إسلام التي قالت قبل استشهادها بساعات قليلة :
أشعر يا جدتي أن هذا اليوم هو أسعد أيام حياتنا أنا وإخوتي ووالدتي.
وحين نظرت الجدة إلى وجه إسلام المبتسم والملتف بالكفن الأبيض قالت :
اليوم رأيت حفيدتي عروسا.
كانت الأم الضحية تنهي تعليمها الجامعي في تخصص أصول الدين وأنهت لتوها درسا في تحفيظ القرآن بالمسجد القريب، كما أنها حاولت استذكار آخر ما حفظتها ابنتها إسلام من القرآن الكريم.
لم يصدق عيسى البطران انه قد فقد دفعة واحدة أطفاله الخمسة وزوجتة الحبيبةحتى هذه اللحظة لم يعد عيسى البطران إلى بيته .
كما لم يعد إلى مدرسته .
وتشتاق إليه أمه المسنة كثيرا.
ويقول ذووه إنه لم ير طفله عبد الهادي منذ وقعت المجزرة في البيت .
المصدر: مقالات الهدف - http://www.al-hadaf.org
نشرت فى 22 ديسمبر 2010
بواسطة Naseem
عدد زيارات الموقع
330,481
ساحة النقاش