المنهج الخفي Hidden Curriculum
بقلم . أ : حمد بن عبدالله القميزي
أشار الأدب التربوي في مجال المناهج الدراسية إلى أن هناك عدة تقسيمات للمناهج ، ومن ذلك تقسيمها إلى الأنواع الآتية :
1 ) المنهج المخطط :
وهو ما يقوم به الخبراء من وضع الملامح الأساسية والأهداف والخطوط العريضة للمنهج .
2 ) المنهج الرسمي :
وهوالمنهج المعلن الذي تتبناه الدولة وتقره في مدارسها ، ويعد بتكليف منها ، وتقره وتعترف به أداة للتربية والتعليم .
3 ) المنهج المنفذ :
وهو المنهج الرسمي الذي يقوم بتنفيذه المعلم داخل المدرسة .
4 ) المنهج المنجز :
وهو الجزء الذي يتحقق من المنهج لدى الطلاب .
5 ) المنهج الخفي ( المستتر ) :
وهو تلك الخبرات غير المخططة وغير المقصودة التي يتعرض لها الطلاب ويمرون بها دون استعداد فيتعلمون أشياء لا تتضمنها أهداف المنهج .
ولهذا كان من أبرزالصعوبات التي تواجه القائمين على إعداد المناهج وتطويرها صعوبة ضبط المنهج الخفي والتحكم فيه ، إذ كيف يتم لهم ضبط شيء لا يرى ولا يتوقع ولا تعرف طبيعته ، ولايمكن السيطرة عليه بالأنظمة والقوانين أوالكتب والتعليمات .
ويمكن أن نجد المنهج الخفي فيما يتعلمه الطلاب من طبيعة العلاقة بين المدير والمعلمين ، وأسلوب تعامل المعلمين مع الطلاب ، وعلاقة المعلمين مع بعضهم البعض ، وترتيب الفصول ونوع الأثاث ووضعه في المدرسة ، وأحاديث المعلمين العلمية والثقافية والاجتماعية ، وتوزيع الوقت الدراسي ، واللوائح والأنظمة والتعليمات التي تطبق عليهم .
وللمنهج الخفي إيجابيات وسلبيات بناءً على نوعية المعارف والسلوكيات غير المخططة التي يكتسبها الطالب من المدرسة ، ومن أبرز السلبيات :
تزييف وعي الطالب ، وإبراز الصراع بين ما يتضمنه المنهج الرسمي وما يتعلمه الطالب في الحياة اليومية ، وقتل الإبداع ، والنزعة الاستهلاكية وتعليم الطلاب الاتكالية ، والنزعة المظهرية وذلك عندما يهتم بالشكل دون المضمون ... الخ .
إن الطالب الذي يتعلم من خلال المنهج الرسمي المخطط أن التدخين محرم وضار بالصحة ، ويرى معلماً يشرب الدخان ، ويجاهر به أحياناً عند خروجه من المدرسة ، فيتكون لديه في أقل الأحوال الصراع بين المنهج الرسمي المخطط وبين واقع الحياة ، إن لم يمارس تلك العادة التي اكتسبها من خلال المنهج الخفي .
وفي المقابل فإن الطلاب يتعلمون كثيراً من السلوكيات الإيجابية التي قد لا تكون ضمن المنهج الرسمي المخطط ، مثل :
احترام الأنظمة والقوانين والتعليمات ، والمحافظة على الأملاك العامة ، وكيفية بناء العلاقات مع الآخرين ، والترتيب والنظام ... الخ .
ومع صعوبة ضبط هذا المنهج والتحكم فيه إلا أنه يمكن من آثاره السلبية بتكوين الوعي بأهمية التعامل الإنساني مع الطلاب وممارسته داخل البيئة المدرسية ، وتوجيه الطلاب دائماً بشكل مباشر وغير مباشر إلى الأفضل فكرياً واجتماعياً وسلوكياً ، والاستجابة لمصالحهم ورغباتهم وحاجاتهم الإيجابية ، وتخطيط وبناء مناهج ذات صلة وثيقة بالواقع الذي يعيشونه ، مع تأهيل وتدريب المعلمين والإداريين ليكونوا قادرين على أداء واجبهم إنسانياً ووظيفياً ، وبهذا وبغيره يمكن أن نقلل من الآثار السلبية للمنهج الخفي والحد من نتائجه غير المرغوبة ، ولكن حتماً لا نستطيع أن نلغي المنهج الخفي من الوجود داخل البيئة المدرسية .
أخيراً :
إن المنهج الخفي حقيقة تربوية لا يستطيع أحد إنكارها أو إلغاء تأثيرها الإيجابي والسلبي في سلوكيات الطلاب ، وهذا يحتم علينا بوصفنا مربين أن نوجه هذا المنهج توجيهاً سليماً لتكون آثاره وثماره نتائج إيجابية تظهر في سلوكيات طلابنا ومستوياتهم الدراسية .
المصدر :
مجلة مشوار ــ العدد (21 ) ، شعبان 1428 هـ
ساحة النقاش