الإكتئاب السياسى مابين الاحلام والاوهام ضمن سلسلة ساعة سياسة

 

ستتعجب عزيزى عندما تتعرف على نوع جديد من الإكتئاب يسمى بالإكتئاب السياسى ربما يصيب فئات كبيرة فى شتى المجتمعات فمن المالوف والطبيعى ان  يشعر فرداً ما بحالة من الإكتئاب ربما قد تطول او قد تقصر تبعاً لشدة ونوع الإكتئاب ولكن عندما يشعر مجموعة كبيرة جداً من الافراد فى وقت واحد بنوع من الإكتئاب الشديد الذى يطلق علية الإكتئاب السياسى  كنتيجة لنتائج غير متوقعة وغير مالوفة ، فربما هذا النوع من الإكتئاب يتحول الى اكتئاب جماعى نتيجة الإحباط المفاجىء لمجموعات كبيرة من الافراد

فلا شك اضطرابات الاكتئاب قديم قدم العصور وأن الأقدميين قد عرفوه ووصفوه بطرق مختلفة ، وكما ذكر عكاشة 1998 في كتابه الطب النفسي المعاصر ما كتب على بردية فرعونية عمرها آلاف السنين تصف ما يعرف الآن بالاكتئاب ، وكما تحدث عن هذا الاضطراب علماء العرب مثل ابن سيناء وأبو بكر الرازي في كتاباتهم العلمية في الطب ، كما ذكر أيضاً في التراث الأدبي القديم ما يتفق وما يؤيد معرفة أسلافنا لهذا الاضطراب وطبيعته الوجدانية الناتجة عن خبرات سلبية في الحياة ، على سـبيل المثال ما جاء في قصة مجنون ليلى وما كان يعانيه مما يمكن أن يطلق عليه (المانخوليا) أو ذهان الهوس الاكتئابي .

وإذا كان هذا الاضطراب عرف ووصف في العصور القديمة ووجدت حالات تعاني منه ، فإن عصرنا الحديث قد رصد فيه أعداد كثيرة من الحالات ، هذا ما جعل بعضنا يطلق على هذا العصر عصر الاكتئاب ، وتؤكد هذه النظرية للدراسات المسحية التي ظهر فيها أن (9 : 20 % ) من الناس يعانون في وقت من أوقات حياتهم من مشاعر وأعراض اكتئابية تتطلب تدخلاً علاجياً أحياناً . ولقد ميز ابقراط في قديم الزمان مالايقل عن ستة أنواع من مرض الماليخوليا (الاكتئاب) غير أن الصورة الإكلينيكية التي أعطاها لبعض هذه الأنواع يمكن أن تنطبق في ضوء الطب العقلي الحديث على ذهان الاضطهاد وذهان الفصام والعصاب ، وفي القرن الأول الميلادي وصف أرتيايوس " Aretaeus " هذا المرض غير أن بعض أوصافه إذا محصت لا تنطبق على مرض الاكتئاب كما هو معروف حالياً ، واستمر الخلط حول طبيعة هذا المرض وأسبابه وعلاجه على مر العصور ، ثم تبلورت الجهود في تصنيف كرابيلن الذي ميز ستة أنواع من الاكتئاب هي الاكتئاب البسيط ، والاكتئاب الذهولي ، والماليخوليا الخطيرة ، والماليخوليا الاضطهادية ، والماليخوليا الوهمية ، والماليخوليا التهريفية ، غير أنه غير من رأيه بعد ذلك وأعتبر كل أعراض الاكتئاب التحولي (2) ، مظاهر لمرض واحد هو ذهان التواب أو الذهان الدوري ، وهذا هو الاتجاه المتبع حالياً .

 

وكما يرى كندل " Kendel , 1976 " أن الاكتئاب وفقا لمصادر الطب النفسي مصطلح أو مفهوم غامض ومختلط وقـد تتداخل معانيه ، ولقـــد لاحظ جتلمان كليــن " Gittelman Klein 1977 " أن استخدام الرجل العادي لكلمة الاكتئاب يشير به إلى حالة المزاج الذاتي بمعنى أنه يشير على نوع من التعاسة (1) أو الكآبة (2) وهذا الاستخدام يقف في مواجهته اعتراضان إكلينيكيان من ناحية يشير على حالة (3) أو سمة (4) أو عرض (5) على أساس أنه يحدث بدرجات متباينة من الشدة أو القوة قد تؤدي إلى اضطرابات جسمية أو عقلية ، ومن ناحية أخرى قد ينظر على الاكتئاب على أنه من وجهة النظر المرضية الإكلينيكية مرضاً يأخذ صفة الدوام والاستمرار والانتظام ، وأهم ما يتسم به هو العجز الشديد في مستوى الهمة ، فقدان الاهتمام ، فقدان الإحساس بالكفاءة ، يحيط بكل هذه الأعراض نوع من المعاناة النفسية المؤلمة ، هذه الحالة المرضية تكون مصحوبة بعدد من الأعراض الأخرى وبذلك يعد الاكتئاب مشكلة من المشكلات التي تعوق الفرد عن توافقه وتطوره ، ويتجسد الاضطراب الانفعالي في عدم القدرة على الحب وكراهية الذات إلى الدرجة التي تصل إلى التفكير في الموت والانتحار ، ثم الإقدام الفعلي على الانتحار ، كما يتمثل الاضطراب المعرفي في انخفاض تقدير الذات وتشويه المدركات ، واضطراب الذاكرة وتوقع الفشل في كل محاولة للنجاح ، واستشعار خيبة الأمل في الحياة ، وعدم القدرة على التركيز الذهني ، ويظهر الاضطراب البدني في اضطراب الشهية للطعام واضطراب النوم ، وكثرة البكاء وتناقص الطاقة والشعور بالإجهاد .

فعالم عالم اليوم عالم تتعقد فيه أساليب الحياة وتشتد فيه حدة الصراعات ، وتتزايد أساليب العناد والخلافات وتتعدد الآراء والاتجاهات ، وتنعكس فيه القيم والعادات ، وتتذبذب الأخلاق والسلوكيات ، وتمثل فيه الأنانية محور التزامات الحياة ، وتتناقص فيه بعض القدرات والطموحات ، كل هذا يعمل على خلق روح من الملل والفشل وعدم مواجهة المشكلات ، مما ينعكس ذلك على بعض الأفراد فيعجزون عن مواجهة الحياة ، ومن ثم يقع الأفراد فريسة لبعض الاضطرابات ، ومن أخطرها الاكتئاب الذي يعد اليوم واحداً من أهم الاضطرابات الذي يعاني منه أغلبية الأفراد ولكن بدرجات متفاوتة ، ولو اشتدت درجاته لأصبح مشكلة خطيرة تهدد أمن الحياة ، فأصبح اليوم يتداول هذا المصطلح بين الطلبة والطالبات ، ومحور اهتمام العديد من الأشخاص ويعاني منه الأزواج والأبناء ، ويتحاكى به بين العامل والأصدقاء ويتحدث عنه الرجل والمرأة ، الصغير والكبير ، الغني والفقير ، كل ذلك يرجع إلى افتقاد روح المحبة والتعاون ، وسيطرة الأنانية على الأفراد ، وعدم الاهتمام بصلة الرحم ، وزيادة الخلافات بين الأزواج ، ونقص القيمة الغذائية في مختلف الواجبات ، والإفراط الشديد في العمل والانخراط في الميول المثيرة للذة الوقتية مثل الإدمان والتدخين والانحرافات الجنسية ، كل ذلك يعمل على أن يكون بعض الأفراد فريسة لهذا الاضطراب .

  

فالبحث البحث  عن الثروة وتحقيق الذات لا يسيران  دائماً جنباً إلى جنب مع الأخلاق الفاضلة والقيم والمثل العليا ... ، بل أحياناً ما يجبر الطمع والجشع الكثير من الأفراد على نهج طرق شاذة وغير قانونية لكي يسرعوا في النجاح المزيف والحصول على الثروة وتحقيق التفوق بطرق غير مشروعة وغير مشرفة .

 

        ويؤدي بحث الإنسان عن هذا النجاح بطرق غير مشروعة إلى توتر ضار له وللآخرين وهذا ما جعل عالم الاجتماع البروفيسور ( كريستوفر جنكز Christopher Jencks) يقول : أنه طالما  يتزاحم الناس نحو النجاح فإن الصعود للقمة ليس طريقاً موعوداً ، فالمنافسة تخلق الغيرة والمرارة وسوء الأخلاق مما يجعل الفرد عرضة للاكتئاب فى مجالات عدة ريما تتمحور فى نوع جديد من الإكتئاب كما تعرفنا علية هو الإكتئاب السياسى المصحوب بقلق المستفبل  .

 

 

المصدر: مفال للباحث دكتور ناجى داود اسحاق
Nagydaoud

مع اطيب امنياتى بحياة سعيدة بناءة من اجل نهضة مصر

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 736 مشاهدة
نشرت فى 27 مايو 2012 بواسطة Nagydaoud

ساحة النقاش

دكتورناجى داود إسحاق السيد

Nagydaoud
هدف الموقع نشر ثقافة الارشاد النفسى والتربوى لدى الجميع من خلال تنمية مهارات سيكولوجيا التعامل مع الاخرين ، للوصول إلى جودة نوعية فى الحياة مما ينعكس على جودة العملية التعليمية مما يساهم فى تحقيق الجودة الشاملة فى شتى المجالات للارتقاء بوطننا الحبيب ، للتواصل والاستفسارات موبايل 01276238769 // 01281600291 /nnng75@hotmailcom »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

859,180