فضل ذكر الله ومنزلته
فضل ذكر الله ربما لا يحتاج إلى بيان فهو من أفضل الأعمال والقربات التي يتقرب بها العبد إلى مولاه، فالذكر أنيس القلوب ورفيق الدروب فيه سلوى للإنسان وقرب من الرحمن سبحانه وتعالى، ذكر الله تعالى هو الحصن الحصين والركن الشديد الذي يأوي إليه الإنسان إذا ما اشتدت عليه نوائب الدهر وتقلبات الزمان.
فضل ذكر الله
لقد ورد في فضل ذكر الله آيات وأحاديث كثيرة تؤكد كلها أنه عظيم المنزلة جليل القدر رتب الله عليه كثيرًا من الأجر، ويكفي في فضله قوله تعالى:
{الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (الرعد:28).
وقد وضحت هذه الآية أن ذكر الله سبحانه وتعالى أفضل وسيلة لتحقيق اطمئنان القلب.
لقد أضحت الطمأنينة من الأمور التي يسعى البشر لتحقيقها بكافة السبل في وسط عالم يموج بالماديات والسرعة الكبيرة التي كادت أن تذهب الفطر السليمة والقلوب المطمئنة، وفي الآية توجيه كبير للمؤمنين وإعلام لهم بأن الطمأنينة الحقيقية ليست في تحصيل المال أو الإكثار من حطام الدنيا الزائلة، إنما الطمأنينة الكاملة في ذكر الله تعالى والأنس به والقرب منه، فالذاكر لربه سبحانه وتعالى قريب منه معلق به، وحال هذا الإنسان القريب من ربه والمكثر من ذكره أن يذكره الله سبحانه وتعالى قال تعالى:
{ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ}(البقرة: 152).
فإذا استشعر العبد معنى هذه الآية فإنه لا يمكن أن يشعر بخوف أو ضيق أو فقر أو ألم من آلام الدنيا الفانية، ذلك أنه بمجرد ذكره لله تعالى فإنه يذكره وهذه منزلة عظيمة ما بعدها منزلة.
ذكر الله وصل للقلوب
إن الإنسان يشعر بفخر واعتزاز إذا ما ذكره عظيم من عظماء الدنيا وربما يتفاخر على الناس بذلك، ونحن هنا لا نتحدث عن عظيم أو شخص مشهور، إنما نتحدث عن رب العزة سبحانه وتعالى الذي يذكر العبد إذا ما ذكره، وقد وردت عدة أحاديث تؤكد أن العبد إذا ذكر الله في نفسه ذكره الله في نفسه وإذا ذكره في ملأ ذكره الله في ملأ خير منه، وهم الملأ الأعلى، وهذا يؤكد فضل الذكر ومنزلته وأنه يقرب العبد من مولاه ويجعله متصلًا به متعرضًا لرحمته وفضله العظيم.
إن ذكر الله تعالى هو خير الأعمال على الإطلاق كما صح عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:
“أَلَا أُنَبِّئُكم بِخَيْرِ أعمالِكُم، وأَزْكاها عِندَ مَلِيكِكُم، وأَرفعِها في دَرَجاتِكُم، وخيرٌ لكم من إِنْفاقِ الذَّهَب والوَرِقِ، وخيرٌ لكم من أن تَلْقَوا عَدُوَّكم، فتَضْرِبوا أعناقَهُم، ويَضْرِبوا أعْناقكُم ؟، قالوا : بَلَى ، قال : ذِكْرُ اللهِ” (أخرجه أبو داود وأحمد وابن ماجة، والحديث صحيح).
إن هذا الحديث من أعظم الأحاديث الواردة في فضل الذكر، حيث أكد النبي –صلى الله عليه وسلم- أن الذكر خير الأعمال وأفضلها عند الرب سبحانه وتعالى، ولذلك فإن الذكر قد يكون أفضل من إنفاق الأموال الكثيرة والذهب والفضة، ومن لقاء العدو والجهاد في بعض الحالات، فأي فضل أعظم وأي منزلة أكبر من منزلة الذكر؟
من أفضل العبادات
إن الآثار الواردة في فضل ذكر الله ومنزلته أكثر من أن تُحصى وهذا إن دل فإنما يدل على أنه عبادة وقربة من أفضل العبادات والقربات، والعبد العاقل هو الذي يتزود ويكثر منه، وكلما أكثر العبد من ذكر الله تعالى كان قريبًا منه، فمنزلة العبد عند الله سبحانه وتعالى على قدر ذكره له، وإن المرء ليعجب من أناس يضيعون أعمارهم وأوقاتهم دون أن يشغلوها بذكر الله تعالى، بل ربما يمكث الإنسان وقتًا طويلًا في الحديث مع غيره أو في الكلام على الناس وغيبتهم دون أن يجعل لذكر الله نصيبًا من وقته، وهذا هو الحرمان الكبير والخسران العظيم، أن يحرم الإنسان نفسه من ذكر الله تعالى بعدما علم بفضائله ومنزلته الكبيرة.