<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <mce:style><! /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} -->
طفولتك تؤثر فى أبنائك
أنت الأن مازلت شاباً لم تتزوج بعد وأنت كذلك...قد يحلم كل شاب وفتاة بشريك الحياة وكيف ستكون صورته وكذلك يحاول أن يتصور نفسه وكيف سيكون شريكاً للأخر..لكن من منا يفكر كيف سيكون أباً أو كيف ستكون أماً؟..أو ما هو النمط أو الأسلوب التربوى الذى سيتبعه مع أبنائه فيما بعد.هل تصورت يوماً أن أسلوبك فى تربية الأبناء قد تعلمته واكتسبته منذ كنت طفلاً صغيراً؟! نعم لا تندهش فأنت تتعمله من خلال خبراتك مع الأسرة فى طفولتك..ولاشك أن ماتعلمته واكتسبته من خبرات سيؤثر فى أسلوب تعاملك مع أبنائك وطريقة تنشئتهم وبناء شخصيتهم.فأنت ربما تسئ لطفلك بدنياً أو عاطفياً نتيجة لخبرات سلبية سابقة عشتها فى طفولتك مع أسرتك.لكن ذلك للأسف قد يؤدى أحياناً إلى ظهور الإضطرابات السلوكية فى الأبناء كالعصبية والعنادوالكذب وقد يصل الأمر فى بعض الأحيان إلى ظهور اضطرابات أكثر جسامة كالسرقة والهروب من المنزل والمدرسة بل والوقوع فى شرك الإدمان.إذن يمكنك أن تحمى أبناءك من الإضطرابات السلوكية بأن تتعرف على نمطك التربوى..إذن أنت بحاجة لأن تقف مع نفسك موقف الصراحة والمواجهة مراجعاَ خبراتك القديمة بما فى ذلك من احتمالات لشعورك بالألم لتذكرك مالا تود تذكره أحياناً..والأن فلتبدأ بأن تسأل نفسك أى من الخبرات رجحت كفته فى طفولتك..الخبرات الإيجابية من الدعم النفسى من الأسرة التى طالما عددت مواهبك واعترفت بقدراتك وعذرت وسامحت فى أخطائك وعلمتك كيفية تجاوز الأخطاء وتجنبها فيما بعد...أنت إذن واثق من نفسك تقف على أرض صلبة...بنيت مفهوماً إيجابياً عن ذاتك..أنت إذن أب سوى وأنت كذلك أم سوية...ولاشك أن هذا السواء سينتقل إلى الأبناء من خلال أسلوب التواصل والمعاملة....أم أن كفة الخبرات السلبية هى من كانت لها ثقل وهوت بك إلى بئر الصراعات النفسية الدفينة فلقد ذقت ما ذقت من أشكال الإساءة البدنية والنفسية كالعنف الجسدى واللفظى من النقد والتوبيخ أو الإهمال فها هى أمك ماتلبث أن تعود إلى المنزل بعد أسبوع غضب فى منزل أسرتها لتعود وتكرر نفس الفعل فى التو إثر كلمة قالها الوالد أغضبتها...فهو أيضاً ربما لايستطيع أن يمسك لسانه عن الاستفزاز غير عابئاً برد فعلها وتركها للمنزل دون الالتفات إلى مشاعر أطفالهما وكيف يفقدون الشعور بالأمان شيئاً فشيئاً فمن يعطينا الأمان لايقدر على حل مشكلاته ونقصد هنا الأب والأم فهل سيستطيعون حمايتنا؟ فهل كنت طفلاً من هؤلاء الأطفال الذين تعرضوا لمثل هذه الأنواع من الإساءة؟ وإن كان الأمر كذلك فهل تم تشويه مفهومك عن تربية الأبناء لتصبح أباً أو تصبحين أماً غير قادر أو غير قادرة على التعامل مع الأبناء بشكل سوى؟..فما هى مظاهر تشويه النمط التربوى التى ينبغى أن نراها فى أنفسنا وفى طريقة تواصلنا مع الأبناء؟
1-أن يكون لديك توقعات غير واقعية فى سلوك الأطفال....
إذن عليك أن تعرف الخصائص النمائية والنفسية لكل مرحلة...فالأم التى تضرب ابنها لأنه لايكتب مثل أقرانه فى الحضانة..لم تتعلم أن هناك فروقاً فردية بين الأطفال تجعل هناك تفاوتاً فى السن الذى يصل فيه كل منهم إلى إكتساب مهارة ما...فالأمر يرتبط بنمو الجهاز العصبى والتوافق العضلى الحركى اللازم لنمو هذه المهارة.
2-هل تزعجك شقاوة الأطفال مفترضاً أن الطفل لابد أن يمكث بلا حراك مثله مثل مقعده؟...الحركة فى الأطفال ظاهرة صحية وماعاداها من الاستكانة والهدوء المفرط أمر يقلق طبيب الأطفال أو الطبيب النفسى لأنه قد يشير إلى وجود إضطراب ما كامن لم تظهر أعراضه كاملة بعد.
3-هل تكثر من نقد طفلك وتوبيخه ووصمه بشكل مباشر(أنت وحش) ووصم غير مباشر (ياريتك زى فلان أو فلانة) أنت إذن تصيب طفلك بالإحباط وتهدم ثقته بنفسه فى مهدها..ما قد يؤثر فى نمو بعض المراكز فى جذع المخ والمخ الأوسط ويؤدى ذلك إلى خلل فى إفراز بعض المواد الكيمائية بالمخ والذى قد يتسبب فى ظهور الإضطرابات السلوكية مثل القلق والإندفاعية وفرط الحركة وعدم القدرة على ضبط النفس والسلوك العدوانى وخلاف ذلك فإن التعرض المستمر للنقد يؤثر أيضاً فى نمو الجهاز الحافى للمخ والذى قد يؤدى إلى خلل فى نمو وارتقاء المشاعر وهو ما يعد مسئولاً عن ظهور الإضطرابات النفسية فيما بعد.
4-هل تعى مشاعر الأطفال أم أنك تبحث عن الطاعة العمياء؟ وطفل بيسمع الكلام؟ وهل تعرفين كيف تدعمين بناء الرباط العاطفى بطفلك؟ومما لاشك فيه أن الأم التى ترفض الرضاعة الطبيعية مثلاً لأنها تخاف على مظهرها ورشاقتها هى أم لا ندرك مطلقاً مشاعر الأطفال وكيف أن الرضاعة الطبيعية لاتعنى التغذية الجسمية بشكل مجرد بل هى أشمل من ذلك بكثير فهى رباط عاطفى يسمح للطفل بتكوين مفهوم إيجابى عن الأخر وعن الحياة ككل...والأب والأم اللذان يفقان موقف العناد الصارخ أمام الإبن الذى يبكى كثيراً واصفين إياه بالزنان لايقفان كثيراً عند مشاعر الأبناء فهناك طفل يبكى كثيراً لأنه محبط أو لأن الإكتئاب قد تسلل إليه وربما يبكى بعض الأطفال كثيراً إذا ما كان لديهم حساسية مفرطة فى الجهاز العصبى تجعله لايقدر على تحمل التعب أو التعرض للحر الشديد أو الجوع أو الشعور بالعطش..فماذا لو بحثنا عن سبب البكاء وحاولنا أن نصل إلى الحل بهدوء دون الوقوف أمام الطفل بندية تعكس رغبة لدينا فى الشعور بالسيطرة ونشوة الانتصار على هذا الصغير خاصة إذا ما كنا نحن نعانى أنفسنا فى مشكلة ما تتعلق بتوكيد الذات ولم نجد إلا هذا الصغير لنحل صراعنا النفسى بأن نتحداه ونقهره.
5-هل اعتدت أن الضرب هو الأسلوب الأمثل فى التربية؟ربما تكون قد تربيت بهذه الطريقة فلن تجد بداً من أن تتوحد بوالديك أحدهما أو كلاهما إذا كانا اعتادا هذا النوع من التعامل معك...ربما تعيد نفس النمط لتهرب من مشاعر الألم التى تنتابك حينما تتذكر هذا الإيذاء فتهرب من ذلك بتكرار نفس الأفعال وكأنك تقر أنهما كانا على صواب وأنك أبداً لم تتعرض للإهانة بيد أن النضج النفسى يعنى أنك ترفض هذا الأسلوب ولاتشعر بالألم فأنت الأن ناضج بما يكفى لكى تلتمس لهما العذر فلم يتعلما غير ذلك ولم يقصدا إيذاءك.
6-هل تسعى فى تربية أبنائك أن تعطيهم الكثير مادياً ومعنوياً منتظراً أن يعوضك الأبناء عما فاتك من حب وحنان..فهذه الأم التى أصابها الإحباط من أسرتها فى السابق ثم أصابها الإحباط من الزوج تكرس حياتها للأبناء حتى يعوضوها ما فاتها وأبداً لن يحدث...بل ينبغى أن تعطى وتسعد بالعطاء متى رأت ذلك ينعكس على أبنائها ..فعليها أن تتجاوز ألم الحرمان إلى الإيثار...
د.نهلة نور الدين حافظ
أخصائى الطب النفسى
ساحة النقاش