محمد عبد المرضي منصور

موقع علمي أدبي

authentication required

<!--StartFragment-->

 

لقد فكَّر الإنسان في الطيران أو تقليد الطيور عندما رآها تسبح في السماء، ونجح عباس بن فرناس في ذلك كما نجح نجاحا جزئيا في الهبوط، ثم طوَّر الأخوان رايت الأمر طبقا لما هو موجود في الطائر.

إنَّ طريقة إقلاع طائرة الرُكَّاب مأخوذة من الطيور ثقيلة الوزن التي تجري على الأرض وتضرب الهواء بأجنحتها للخلف ولأسفل، تسحب الأجنحة الهواء من الأمام والأعلى ومِن ثَمَّ دفعه وضغطه للخلف ولأسفل؛ فيحدث الضغط في الخلف ولأسفل والتخلخل في الأمام ولأعلى وهكذا كل ضربة للجناحين معا، وهنا يتحرك الطائر ويرتفع في الهواء.

كما أنَّ الإقلاع الرأسِي مأخوذٌ مِن بعض طيور الزنان الصغيرة وبعض الصُّقور خفيفة الوزن وبعض الطيور الأخرى التي تضرب الهواء بقوة وسرعة لأسفل.

حفارات آبار البترول والحفارات العملاقة صانعة الأنفاق ماهي إلا تقليدٌ للديدان والمخلوقات الأرضية التي تصنع جحورا في الارض.

أما الكمبيوتر العجيب أو المحمول الحالي ما هو إلا تقليد لمخ الإنسان وشبكة الأعصاب والإشارات الكهربية.

فالكمبيوتر ناتج عن دراسة المراكز الموجودة في مخ الإنسان، الهارد ديسك  مثل مركز تخزين المعلومات الدائمة في الفص الصدغي واسماهُ العرب في الماضي الحصين، والرام RAM مثل المركز الموجود في الفص الجبهي المسؤول عن الذاكرة المؤقتة وهكذا.  

نسج الإنسان المنسوجات القطنية والصوفية وغيرها كما تنسج بعض العصافير اعشاشها وكما ينسج العنكبوت بيته وكما تنسج الديدان الشرانِق.

لم يكن الأوائل من بني آدم على دراية بعلوم هذه الحياة الدنيا أو الحياة الأرضية لأنهم لم يروا هذه العلوم؛ لذا لم يعرف ابن آدم كيف يواري سوءة أو جثَّة أخيه، أو كيف يتخلَّص منها؛ لأنه لم يرَ هذا الأمر من قبل، حتى بَعَتَ اللهُ له غُرابًا ليتعلم الإنسان كيفية إخفاء الجُثَّة، فالإنسان لم يُخفِ شيئا من قبل، لأنه لم يرَ طريقة الإخفاء من قبل، وعندما رأي الإنسان طريقة إخفاء الأشياء أخفى الكثير.

وهنا مربط الفرس وبيت القصيد، نستدِل أنَّ الإنسان ليس لديه قدرة على اختراع أو ابتكار شيء جديد لم يرهُ من قبل مطلقا، فالإنسان كائن جهول.

يستطيع الإنسان بالمعلومات المستمدَّة من الطبيعة تسخير أشياء كثيرة لخدمته؛ لكنه لا يستطيع جَلْب شيء لم يره. الابتكار هو استنباط شيء من الموجودات باكرا قبل الآخرين سواء بالعقل فقط أو بالعقل والتجارب.

الإنسان مُقَلِّد ومُطَوِّر؛ لذا نجد أنه صنع الغواصة التي تطفو على الماء وتغوص أيضا مثل الحيتان وبعض الكائنات الحية ومنْها الإنسان نفسه حيث يستطيع الطفو على الماء مستلقيا على ظهره ويستطيع الغوص حتى انتهاء مخزون الاكسجين بالجسم.  

يري البعض أن الكواكب الأخرى لها أنظمة مختلفة وبها أشكال مختلفة لم يرها الإنسان من قبل، وبها عناصر غير الموجودة في أرضنا هذه.

إذا كانت الجنَّة فيها مالا عين رأت؛ أي أنَّ هناك أشياء جميلة غير موجودة على أرضنا هذه.

وفي الجنة مالا أذنٌ سَمِعَتْ؛ أي أنَّ هناك أصوات جميلة لم يسمعها الإنسان من قبل ولن يسمعها إلا في الجنة.

وفي الجنة مالا خطَر على قلب بشر

وهنا عجب العجاب، وتفسير المقال؛ نجد أنَّ قلب البشر محدود الإدراك فالنفس مخلوقة بمكونات معينة ومعلومات مُحددة، قال الله سبحانه وتعالى:

[ ونفسٍ وما سواها].

والدماغ يستمد معلوماته الدنيوية من الواقع المرئي والمسموع والمحسوس بالحواس المختلفة، ولكن الجنة فيها أشياء وأمور أخرى غير موجود مثيل لها على الأرض؛ لذا الجنة فيها مالا خطر على قلب بشر.

فالإنسان لم يأتِ بجديد بل يحاول تقليد الطبيعة ليخرج بإنتاج ذو فائدة لخدمته.

يحاول الإنسان المستكبر الذي يتبع الشيطان ويمتثل إلى أوامره تغيير خلق الله، واخبرنا الله عن وعدِ الشيطان الرجيم.

قال الله سبحانه وتعالى: (وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرانًا مُبِينًا). الآية١١٩ سورة النساء.

ويحاول الإنسان زرع صفات كائن في آخر. ويحاول خداع الآخرين بقول: (إنه تطور وابتكار لخدمة البشرية) مخالفا الحقيقة والفطرة.

التهجين لزيادة الإنتاج ما هو إلّا جهل من الإنسان الجهول

العلم الحديث أثبت فشل كل هذه المحاولات مثل:

التعديل الوراثي في الأبقار لتنتج كميات أكبر من الألبان فالأبقار الموجودة صاحبة الضرع الكبير ماهي إلّا سلالة تربت على الحقن بالهرمونات الانثوية، وفشلت في كل الدول، ولم تصبح مثل السلالة الأم إلّا بالهرمونات والغذاء الخاص بنسب محسوبة من البروتين والأملاح المعدنية والفيتامينات وغيره. وكذلك العجول الممتلئة باللحم. والدجاج أو الفراخ الممتلئة باللحم ماهي إلّا سلالة عادية محقونة وتعيش على الهرمونات والمٌحفِّزات. والأمر كله له أضرار على الكائن الحي جسديا ونفسيا، ولا فائدة إطلاقا من ذلك.

قال الله سبحانه وتعالى:{وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْه إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ}.  ويطول المقال في الخدعة الكبيرة التي سُمِّيت الاستنساخ؛ لذا تجد أن العلماء والأغنياء يأكلون الأشياء الطبيعية العضوية ما يُسمَّى organic

لقد خلق الله سُبحانه وتعالى كلَّ شيءٍ بمِقْدار.

ولقد ظلم الإنسان نفسه وظلم المخلوقات الأخرى  الموجودة معه على هذه الأرض؛ لذا الإنسان كائن مُقَلِّد ومُطَوِّر ولا اِستكبار.

 

 

محمد عبد المرضي منصور

أديب مصري

<!--EndFragment-->

 

المصدر: القرآن الكريم، علوم الطب
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 228 مشاهدة

عدد زيارات الموقع

4,003