محمد عبد القادر العطا

سأخط دائما ما يمليه قلمي، ويجيشه خاطري

           تلقيم الذاكرة          

  محمد عبد القادر العطا

              =================

الذاكرة التي من الله علينا لا تقدر بثمن ولا يعوض عنها بعوض، فهي الكفاءة الذاتية التي تتيح لنا أن نفهم أو نتدبر أو نستخضر شيئا رأيناه  وقرأناه أوشاهدناه مسبقا -عسر ذلك الإستحضار أو يسر-، وهي المحكم الفعلي لأفعال الإنسان، فالشيء الذي ليس في ذاكرة البشر لا يتأتى له أن يقوم به أو يفعله؛ فقبل الإنشاء يأتي التذكير بالمنشأ -أجزاءه، خلاياه، جوانبه- كل شيء مراد بالتذكير به.

"فمثلا": شخص يريد أن يكتب موضوعا حول " الجاهلية المعاصرة"، فقبل كتابته يجب على الكاتب أن يستحضر مفهوم الجاهلية -في القديم والمعاصر- ومفهومها في القرآن، وأركانها وصفاتها ومحتوياتها وصورها في الواقع المشاهد.

إذا؛ إذا كانت الذاكرة منحة من الواهب المنان، ومهمة لكل عمل يقوم به بشر فلا بد من تلقيمها وتعبئتها بشتر أنواع المعرفة والعلوم، والإلمام بمختلف المواضيع والإتجاهات.

ومرادنا بالتلقيم أعلاه: " السعي الى كسب معارف وعلوم تساعدنا -فيما بعد- لننشئ مقالا عرضيا أو سطحيا، وعند كتابتنا لبحث علمي مميز.

فعلينا -كطلبة- أن نسعى جاهدين لتزييد ذخيرتنا المعرفية، وتلقيم ذاكرتنا الناشئة البضة الطرية، لنكون قادرين على تعبير ما نريد في الكيفية التي نريد وفي الوقت الذي نريد بأجمل صورة وأدق عبارة منمقا مترجما فيما لدينا من الذخائر والكنوز.

ومن الطرق الميسرة والسبل المذللة التي تنير لنا الطريق الى تلك الوجهة والقصد:

أ) القراءة المستمرة المختلفة المعايير والمجالات؛ فهي تركز -في الوهلة الأولى- عبى تخزين أكبر كمية ممكنة من المعارف والعلوم لدى الطالب.

ولكي تنجح قراءتنا وتأتي أكلها فلا بد من التركيز عليها حين القراءة وأن لا نكون شاردين غافلين لاهين فنرجع بخفي حنين بدلا مما نبغي، وأن لا نشتت أذهاننا بالشواغل التافهة أو -على الأقل- لا معنى لها عند فينة القراءة.

ب) السفر والتطواف في البلاد؛ فيكفينا دليلا على أهمية هذا البند مدى تكرار الله في كتابه الأمر بالسير في الأرض والإعتبار بآثار من مضى، والمشي على الأرض لطلب الإبصار..

ج) الإستفادة من تجارب الكبار وذوي السن؛ فمن إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، فالإغتنام من آرائهم وتجاربهم تجعلك كأنك عشت في عمرك مع أعمارهم، والإستفادة منهم لا تنحصر في الأحياء منهم فقط، بل المدونة في الكتب والمذكرات أيضا فرصة عظيمة وكنز عظيم لمن يغتنم ويتبصر ويستفيد..

د) التفكر العميق في الأمور النافعة وتحليل المسائل الصعبة، تتيح لك أن تقدم أجوبة مقنعة وتحاليل مرضية لأسئلة شاقة ومواضيع شائكة، مما يصورك واسع الذاكرة، متين الفكرة، ذو خبرة في المسالك التي سلكتها في تجربتك..

هــ) الإستماع الى المواضيع الشيقة التي تحبها نفسك وتهوى إليه من كبار المختصين والعلماء، لتنقل خبرتهم إليك وتستفيد منهم..

وبعد هذا النزر اليسير من الخطوات والإشارات، يجب عليك أن تنفّس عن نفسك وتكشف ذخائرك وكنائزك للعيان، وتكون فارس كل ميدان لا يجارى، فخير الناس أنفعهم للناس ولا تكن ثقلا على الجميع فتشمئز منك النفوس..

وأختم كتابتي بإجابة من الإمام الشافعي حين سئل: من أقدر الناس على المناظرة؟

 من عود لسانه على الركض في ميدان الألفاظ، ولم يتلعثم إذارمقته العيون بالألفاظ"..

 

كلمات: محمد عبد القادر العطا 

المصدر: العطا
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 114 مشاهدة
نشرت فى 14 يوليو 2017 بواسطة Mobdic

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

2,553