الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين . وبعد إن الله تعالى ، خلق الإنسان لغاية معلومة ، وقدر له قدر معلوم وأجل مسمى فى هذه الحياة . ولكى يؤدى الإنسان وظيفته هيأ له من أسباب الأمن والطمأنينة ، ووعده إن سار فى الاتجاه الصحيح أن يصل إلى السعادة المنشودة والرضوان المقيم فى الآخرة " من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون " (1) " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون " (2) وتتجلى أسباب الأمن لدى الإنسان ، وتنبع من الإيمان بالله تعالى ، ومعرفة الغاية التى خلق من أجلها الإنسان ، لذلك ارشدنا الله لهذه الغاية فقال " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " (3) . لذلك إذا آمن العبد بربه إيمانا صادقا رأى كل شيء على حقيقته ، وعلم لكل شيء علته ، فازداد يقينه فى الله واطمئن قلبيه وشغل نفسه بالله تعالى " الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب " (4) " وما جعلــه الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم" (5) أيضا يشعر العبد بالأمن إذا حاز مع الامن على ما يبلغه مقصده فى الحياة ، وأعطى القناعة والرضا لذلك يقول النبى - صلى الله عليه وسلم - " مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا " (6) ولم يكتف الإسلام بتحقيق الأمن للمسلم ، بل طالبه بأن يحافظ عليه ، ويتحلى به ، وينشره فى نطاقه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم " لا ضرر ولا ضرار " .(7) وبنى الله تعالى العلاقة بين الناس على قواعد مثلى ، وركائز فضلى فجعل الرابط الذى يجمع المسلمين جميعا ، هو رباط الأخوة المصحوبة بالإيمان قال تعالى " إنما المؤمنون إخوة " (8) وقال النبى - صلى الله عليه وسلم " كلكلم لآدم وآدم من تراب ، وليس لعربى على عجمى فضل إلا بالتقوى " وأرشدنا الله إلى معالم هذه الأخوة ، وفصل لنا ما يجب لرعايتها ، والحفاظ عليها ، فحذرنا من نواقضها لأن فى نواقضها يعم الفساد والضغينة والخوف ، وينعدم الخير ، والحب ، والامن . قال نبينا - صلى الله عليه وسلم " لا تحاسدوا ، ولا تناجشوا ، ولا تباغضوا ، ولا يبع بعضكم على بيع بعض ، وكونوا عباد الله إخوانا ، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ، ولا يحقره ، ولا يخذله ، التقوى هاهنا - وأشار إلى صدره ثلاثا - بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه ، كل المسلم على المسلم حرام ، دمه وماله وعرضه " (9) وقال - صلى الله عليه وسلم : " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " (10) . كتبه : إبراهيم السقا مصر .
عدد زيارات الموقع
610