المصطحة الشعرية مهداة إلى ابني و ليد السلموني
رضيع ، كبريق بسمة برق سناؤها ، ثم خفت لمحها ، كأنها ، انطفأت بنفث موت من الفؤاد مجوف ، فيهرع ركضي ، كعادية تستبق العشي إلى مهرها ، توحي إليه من أقصى جرداء بصهيل متعب ، ينقر همسها سمعه ، فيحير ناصيته جهيش حنحن ، كأنما يطرز من غيابها ، وشاحا نديا بعبق الرند يلاطم نفيرها ، و الحافر مضغة ، يثير على الأرض إيقاعا يحاكي ركضها ، عسير وجع ذاك المخاض إنه ، لا يثني عند الوضع نسائم الأفراح ، إن كل شيء يهون أمام شوق التلاقي ، تطابق في الفطرة و العزة لأمومة، إن الأرحام يأتي منها كل مزداد ، فلما تقطع الوصل و هممت بالنداء ، توارت عني صورة بكر ، فانحنيت إلى ذقن الأقدام أشكل له طيفا من أجاج العبرات ، و اللوح من ثقل كآبة الغيوم ، ينزف من أغوار المزق رثاء ، عند بقايا أطلالي ، تتوارد الأسماء زحمة على اللسان ، أشب فيها الاجترار علني ، أعثر على اسمه أو أتذكر ، صاعقة تصيب اللسان عوقا ، كأنه ، بمدية الخرس يبتر ، عصي هو ذاك الفراق الأخطل ، سمل مهدا كنت له بالدار حضنا ، و جندا بالوداد المدجج عنه أدود ، فتهب هوجاء المنايا و فجاج اللأي عوجاء ، و لا مرسى لمجرى ساق و لا الكلل يعقد بها القعود ، كأني بمفازة أجري وراء قبر ما بلحده من أضداد .
الأديب حسن السلموني