( حديث مع الواقع )
بقلم / بشري العدلي محمد
إن عالمنا العربي والإسلامي يعيش حالة من حالات الضياع في الفكر والثقافة والمعتقدات ، أدى بالتالي لتفسير كل ما يحدث له تفسيرا مغايرا للحقيقة ،
فحينما ننظر لسياسات الغرب تجاه أوطاننا لا نملك غير نظرية المؤامرة على شعوبنا، ونسينا أننا المتآمرون على أنفسنا؛ وحينما نسخر من شخص يخالفنا الرأي نعتبره انتصارا لنا؛ والدليل حينما وضع العراقيون صورة بوش على الأرض وداسوا عليها بالأقدام فرحوا وهللوا لذلك مع أنه كان سببا في ضياع شعب بل أمة بأكملها ' والرئيس الأمريكي ترامب رجل واضح وسياسته واضحة هو يريد المال مقابل الحماية وغيره من قادة الغرب. ؛ فلماذا نهاجمهم؟ لماذا لا نكون صرحاء مع أنفسنا؟ ألم نقرأ قول الله تعالى : (وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون). صدق الله العظيم.
إن ضعف المسلمين والعرب وإهمالهم لتراثهم وتاريخهم كان سببا رئيسيا لحالة الضياع التي نعيشها اليوم، وعلينا جميعا أن نعي وندرك من يحكم ومن يسود. ؟ من القوي ومن الضعيف؟ وها هو المؤرخ الأمريكي ديورانت ويل يقول : إن أغلب اللاجئين في العالم هم مسلمون، وأن الفقر والجهل ينتشر بين المسلمين. ويضيف قائلا؛ إن أكثر الحروب دموية حاليا تقع في بلاد المسلمين مثل سوريا والعراق وليبيا وغيرها.
إنني أعتقد أن ماقاله الباحث الأمريكي حق واضح وأقول إن ماقاله نتيجة لأسباب كثيرة لا داعي لذكرها.
إن ما يحدث في عالمنا العربي هو نفس حالنا عندما بدأت الحرب الصليبية الأولى عام 1096-489مـ من ضعف و تناحر المسلمين فيما بينهم و انهزام الصف و الوحدة الداخلية الذي كان سببا رئيسيا في احتلال القدس و إقامة مملكة بيت المقدس، لذا نجد نفس الحال الآن فالمقاتلون الصليبيون يأتون للاستيطان بعائلاتهم و إقامة إمارة بيت المقدس فى فلسطين تحيطها إمارات صليبية لأنهم امتلكوا ثروات العرب، كما أن وجود صراعات بين الدول العربية أيام الحروب الصليبية كانت لا تسمح بالدفاع عن أي دولة أخرى؛ فإنه نفس الحال اليوم وخير مثال على هذه الحقيقة حرب العراق سنة 2003 حينما أعلنها جورج بوش صراحة أنها حرب صليبية أي مقدسة.
إن أقسى ما تعانيه أمتنا العربية والإسلامية من هزائم داخلية ونفسية نتيجة إحساس شعوبها بالقهر والظلم " وعدم العدالة والمساواة وكذلك الظروف الاقتصادية الصعبة أدى بالتالي لعدم الشعور بالانتماء. ' كما أن الصراعات المذهبية والعنصرية فيما بيننا كشعوب عربية إسلامية أدى لتحطيم مقولة نحن أمة واحدة ' فقديما كانت الدولة العبيدية الفاطمية الشيعية تحكم مصر و الشام تحت حكم الدولة السلجوقية السنية، أما اليوم فالغرب يخططون لتدمير المسلمين بسبب الاختلافات المذهبية، فإلى متى سنظل مغيبين عن الحقيقة؟ حقيقة أننا يجب أن تتغير عقولنا ونتأمل واقعنا بوعي وفكر، وندرك أننا فقط سنغير عالمنا العربي والإسلامي لا أحد غيرنا، لقد ارتكب الصليبيون مذابح بالجملة فى حق المسلمين فقد تم قتل 70000 مسلم في هذه الحروب ومازالوا يرتكبون المذابح حتى الآن في فلسطين وغيرها، ونحن على علم بها لكن لا نملك غير الإدانة والكلام.
لن تمتحن القدس في زمني
إذا فيه الأسود تخيفها الجرذان
إننا أمة تملك دستورا إلهيا يهبها قوة جبارة تجعلها أمة لا تموت أبدا 'هذه الأمة تجرعت الأحزان والمآسي في كل زمان ومكان من بداية رسالة الإسلام على يد سادة قريش وفي محاكم التفتيش التي شهدت كافة أنواع التعذيب التي عرفتها البشرية ' ولا زلنا نتجرع من هذا الكأس من تشريد وتقتيل وتهجير في كل بلاد العالم.
إن الأمة العربية والإسلامية تستطيع أن تسترد كرامتها وعزتها إذا تخلت عن الشعارات الجوفاء الزائفةو 'وتحلت بالعزيمة القوية وعمدت على استرجاع هؤلاء الشرفاء وتضعهم في ذاكرة أبنائها ليقتدوا بهم أمثال عماد الدين زنكي وصلاح الدين الأيوبي والسلطان نجم الدين أيوب وغيرهم من مصابيح هذه الأمة، وتطرد من عقول أبنائنا أشباه الرجال لتنشيء جيلا جديدا قادرا على تحمل المسئولية تجاه دينه ووطنه ' وإني على يقين أنه سيأتي يوم عساه يكون قريبا تتجمع فيه أمتنا وتتحد لتستفيق من هذا الوهم الذي تعيشه الذي كبدها الكثير من الخسائر البشرية والمادية 'كانت كفيلة بإصلاح كل شيء' ورغم كل هذا فإننا صامدون صابرون على هذا الابتلاء من أجل غد مشرق يرسم البسمة على شفاهنا من جديد.