تاريخ النشر : 2011-12-24
اللوبي : عبارة عن جماعة ضغط سياسي واقتصادي واجتماعي وأعلامي تكونت بفعل ظروف خاصة للتأثير على مواقف خاصة وتقديم الدعم المادي والمعنوي والفكري لجهة هي بحاجة إلى ذلك ……
و تعمل جماعة اللوبي في البلد القاطنة فيه على المستوى السياسي والاقتصادي والفكري وغيره، وفق خطة دقيقة ومحكمة، وعبر تخطيط شامل أسلوبا ومنهجا يتزامن مع مراحل تنفيذ الأهداف المرسومة.
واللوبي وإن كان يطمح في تحركاته العمل المباشر تحت الأضواء لتحقيق أهدافه المختلفة، إنما يفضل في كثير من الأحيان العمل خلف الستار، فينوب عنه في التنفيذ العاملون في ركابه ليبقى هو بعيدا عن الأضواء والحصول على المكاسب وفق الظروف المحيطة به، أي أنه يمقت الظهور على السطح إلا في حالات تفرض عليه الضرورة برفع الستار. ونرى في سفر اللوبي الصهيوني في أمريكا عدم الولوج أو التورط في أي عمل يقوم به ( على مدى أعوام طويلة ) يسبب له صداما مباشرا مع الغير. مما يهيئ له مناخا مناسبا لتوزيع أدوات العمل توزيعا دقيقا على أوكاره وأدواته كما أنه يعتمد في ميادين العمل على توفر المال في المكان الذي يعشش فيه. لهذا فانه يحتضن في صفوفه كبار الأثرياء اليهود للاستحواذ على قسط كبير من الدعم المادي.
والفئة القليلة من اليهود الذين هاجروا في أواسط القرن السابع عشر من أوروبا
( التي لفظتهم ) إلى القارة الأمريكية قد تمكنوا بعد الاستيطان فيها بتكوين اللوبي اليهودي على مختلف الصعد والأنشطة، ثم انضم إليهم اليهود الذين نزحوا بعدهم وانخرطوا في صفوف الأوائل سعيا وراء تثبيت وإرساء قواعد اجتماعية وتجاريه في أمريكا تكون في النهاية نواة صالحة لتشكيل لوبي كبير مترامي الأطراف داخل الولايات المتحدة
الأمريكية، يكون- بعد أن يشتد ساعده – صاحب النفوذ والقرار على مجرى الأمور السياسية والاقتصادية والاجتماعية ذات العلاقة في مجمل نواحي حياتهم الجديدة في أمريكا، وعن طريقه يتم تقديم المساعدات المختلفة إلى يهود العالم قاطبة. في سنة 1654 م نزح ثلاثة وعشرون يهوديا من أوروبا وحلوا في مدينة " نيو امستردام "،
( نيويورك حاليا) فكانوا نواة للجالية اليهودية .. وتدفقت بعدهم هجرات اليهود من أسبانيا والبرتغال في أعقاب سقوط الدولة العربية في الأندلس .. وحينما وجدت بريطانيا في القارة الأمريكية منتجعا لجشعها، تحركت صوب هذه القارة البكر وعملت على السيطرة عليها واستحواذها. فدفعت أعدادا من سكانها للرحيل إلى هناك، ثم وجدت في " نفي " المجرمين والقتلة فرصة للرحيل بهم و زجهم في تلك القارة النائية وفي نفس الوقت وجد يهود بريطانيا أن الهجرة صوب غابات الميسيسيبي وأرض الهنود الحمر فرصة نادرة للخروج من الجزيرة البريطانية الغارقة في بحر من الجشع والتعصب، و الخلاص من " أعداء السامية " فكانت هجرتهم مرة مع القتلة والمجرمين ، ومرة مع حلم الصهيونية لتصبح القارة الأمريكية القاعدة لبناء " دولة إسرائيل الموعودة .. و تصاعدت معدلات الهجرة من عام 1654م حتى عام 1984م بما يقارب من ستة ملايين
و نصف يهودي . "
وسعى اليهود في البداية وخلال هجرتهم إلى أمريكا إلى تشكيل جاليات في المدن الأمريكية الرئيسية لمزاولة المهن التجارية والزراعية والصناعية ذات النفع المادي الكبير، بهدف جمع المال الوفير الذي يستطيعون الوصول به إلى المستوى الاجتماعي والمرموق، والتمكن عند توظيفه، من النفوذ إلى المراكز الحكومية الحساسة والأجهزة الرسمية المختلفة بهدف الاستحواذ أولا على الاقتصاد الأمريكي عن طريق إنشاء المصارف والبيوت المالية والمصانع الكبيرة في مختلف القطاعات الصناعية والتجارية والزراعية
والنفطية، وبما يمكنهم ثانيا من التسلل إلى مراكز الحكم والوظائف العامة الرئيسية في دوائر البيت الأبيض وكافة الوزارات و لأحزاب وأجهزة وقنوات الإعلام الأمريكي .. وتمكنوا بسرعة من بسط السيطرة التامة على النشاط الإعلامي في أمريكا، فاصبحوا بعدئذ القوة الفعالة في تسيير دفة معظم الشؤون الرسمية للولايات المتحدة خصوصا في أروقة مجلسي النواب والشيوخ ودوائر وزارتي الدفاع والخارجية، ودوائر الأمن القومي الأمريكي ودوائر المخابرات المركزية .. ( سي .آي .أي ).
و بعيد الولادة القسرية المشوهة للكيان الصهيوني في منتصف شهر مايس من عام 1948م على أرض فلسطين العربية، أدركت الصهيونية العالمية أن وليدها هذا سينوء مستقبلا تحت مطبات اقتصادية قاتلة وصعوبات عسكرية وأمنية شاقة، وانهيارات اجتماعية كبيرة لربما يتهاوى تحت ضرباتها الموجعة فتؤدي إلى زواله عاجلا ما لم تمده بكل أسباب الحياة والبقاء، و ترعاه الرعاية التامة، وتقدم له المساعدات الضخمة في
مجالات مختلفة ...
و إزاء هذه النظرة الواقعية لمستقبل " إسرائيل " فقد قامت الصهيونية العالمية بتنظيم أعمال اللوبي الصهيوني على نطاق واسع في تنظيمات مؤسسات سياسية واقتصادية ومالية وإعلامية قائمة بذاتها في كل ولاية أمريكية، مع تخصيص ميزانية مستقلة لكل تنظيم على حدة، مع ادارة قانونية ومهنية وذاتية خاصة بها، تعمل جميعها وفق المخطط المرسوم لها والهادف إلى تأييد وتقوية " إسرائيل " في الآفاق السياسية والاقتصادية والعسكرية والإعلامية. فاللوبي الصهيوني الأمريكي حاليا أصبح دولة داخل دولة ، وإنه المحرك الرئيسي لكل المواقف السياسية والعسكرية والإقتصادية والأجتماعية والإعلامية التي تتخذها حكومة واشنطن إزاء القضايا العامة داخل وخارج امريكا وخصوصا الموقف الإقتصادية والسياسية العالمية على مستوى مجلس الأمن الدولي والهيئة العامة للأمم المتحدة بما لها صلات وثيقة بالكيان الصهيوني على مختلف المستويات وبالقضية الفلسطينية على وجه الخصوص .
اللوبي الصهيوني ووسائل الإعلام الأمريكية :
هنرى فورد المليونير العالمي اليهودي أشار في كتابه اليهودي العالمي مقتبس من بروتوكولات بني صهيون " سنعالج قضية الصحافة على النحو التالي :
1- سنمتطي صهوتها ، ونكبح جماحها ، وسنفعل مثل ذلك أيضا بالنسبة إلى المواد المطبوعة الأخرى ، إذ لا جدوى من تخلصنا من الحملات الصحفية ، إذا كنا معرضين للنقد عن طريق المنشورات والكتب .
2- لن يصل أي إعلان للناس إلا بعد مراقبتنا ، وقد تمكنا من تحقيق ذلك الآن إلى الحد الذي لا تصل فيه الأنباء إلا عبر الوكالات المختلفة والمتمركزة في مختلف أنحاء العالم .
فالأدب والصحافة قوتان تعليميتان كبيرتان ، وستصبح حكومتان مالكة لمعظم الصحف والمجلات … وإذا سمحنا بظهور عشر مجلات مستقلة ، فيجب أن تكون لنا ثلاثون صحيفة مقابلها ، ولن نجعل الناس يشكون في سيطرتنا على هذه الصحف ، ولذا سنجعلها من النوع الذي يناقض بعضه بعضا في الأفكار والاتجاهات لنحصل على ثقتهم ، ولنجتذب خصومنا الذين لا يتطرق إليهم الشك في قراءتها ، فيقعون في الشرك الذي نصبه لهم ، ويفقدون كل قوة على الإضرار بنا "( ) إن أهم ما دافع اللوبي الصهيوني أو ما اسماه الفرد ليلنتال " الرباط الصهيوني " هو كما يراه كثيرون من المراقبين الهيمنة اليهودية على وسائل الإعلام ، فمن المعروف " أن تكوين الرأي العام الأمريكي يتأثر بحفنة من الصحف القوية منها النيويورك تايمز ، والواشنطن بوست ، سانت لويس بوست ، ديسمباتش ، والتي يملكها اليهود وفي هذا الصدد فاليهودي والترانبيرغ الذي كان سفير نيكسون في بريطانيا ، كان يملك فلادلفيا انكويريد ، ورينبغ تليغراف سافتنين ، والدليل التلفازي ، الذي يقدر دخله من الإعلانات وحدها 55 مليون دولار، وكذلك عددا من المحطات المرئية . واليهودي صموئيل تيوهزر يملك 45 صحيفة منها النيوز داي ذات النفوذ في نيويورك ومجموعة من المجلات غلايمور ، مداموزيل ، وهوس غاردن"( ).
أما الصحف الأخرى التي لا يملكها اليهود نجد محررين ومدراء ورؤساء إعلانات رئيسيين من اليهود ، في جميع المجالات القيادية نجد يهوديا في مناصب رئيسية كناشرين ومحررين ، محررين مدراء وهؤلاء يمارسون على الأقل حق النقض VETO حول كل ما يصدر في منشوراتهم من أحد يقدم على نقد اليهود خوفا من الإساءة إلى رئيسه الذي قد يطرده من عمله ، ثم هناك حذرا من خسارة الصحافة للإعلانات الحيوية بالنسبة إليها ، والذي يحول مفهوم حرية الصحافة الأمريكية إلى عبارة ساخرة( ) . ويضيف نديم البيطار أن الضغط اليهودي الأساسي على ما يكتبه الصحافيون لا يأتي من ملكية يهودية للصحيفة ، ولكن من هيئات ورئاسات التحرير على جميع المستويات ، فعندما قامت الحملة الصحفية حول اللواء بروان رئيس هيئة الأركان ، الذي اتهم في خطاب ألقاه في جامعة دوك اليهودية بأنهم يمارسون نفوذا غير طبيعي عن طريق ملكيتهم للصحافة ، وأعلن أن اليهود يملكون نسبة ضئيلة 3.1% من الصحف اليومية ، ولكن العنصر الحاسم كان دائما سيادة الصحف وليس ملكيتها( )، فالضغط والخوف هما اللذان يتحكمان في وسائل الإعلام الأمريكية ، وقد صدر بيان على الكونغرس اليهودي الأمريكي Ajangress جاء فيه " أن وسائل الإعلام الجماهيرية تبناه المجلس القومي الحاكم في 6/3/1983 ، وذلك لرد على التغطية غير الدقيقة والمنحازة هي تحد كبير ولكنها أمر خطر في معركة للدفاع عن أمن ورخاء إسرائيل واليهود في كل مكان "( ) ومن توصيات الكونغرس التي وردت في هذا البيان :
1- اجتذاب ناشرين ومحررين وتنفيذيين في وسائل الإعلام الأخرى خلال الفترات التي تخلو من الأزمات ، فهذا يوفر الفرصة لتزويدهم بخلفيات واسعة ويتيح الوصول إليهم في أوقات الأزمات .
2- عندما تقع أخطاء سهوا أو عمدا ألفت نظر المراسلين المحررين إليها في أسرع وقت ممكن ، لا تنتظر حتى يفقد الأمر قيمته ، ويجب توثيق التهم بعدم الدقة .
3- استخدام الرسائل للمحرر كوسيلة أولى لتصحيح أخطاء الصحف ، فزاوية الرسائل هي التي يقبل عليها القراء أكثر من غيرها .
4- يجب إصدار البيانات إلى الصحافة المكتوبة ، فمن شأن هذا أن ينقص مجانية الصواب، ويؤكد أن المعلومات المقدمة هي في إطارها الصحيح .
5- أسس أنظمة قومية ومحلية للرصد ولفت نظر أعضاء الطائفة اليهودية إلى أهمية مثل هذا النشاط ، بإعداد القوى الفعالة الجاهزة من أجل تحقيق الهدف .
6- لما كان الرصد الفعال يتطلب مدققين مطلعين وجب على المنظمات اليهودية ، أن تستخدم نشرات إخبارية ، وخطوطا مارة ، وتصريحات صحفية ، لا كمال المادة المتوافرة لدى اليهود في الصحف اليهودية المحلية الصادرة بالإنكليزية .
7- اللجوء إلى الإعلان عندما تكون الرسائل المراد نشرها هامة ، وتفشل كل المحاولات في نشرها( ) . فالصحافة هي المهنة التي يستطيع اليهود في غالب الأحيان وبأكبر قدر من البيان أن يجاهروا بانتقاد إسرائيل ويعد ريتشادر كوهين من الواشنطن بوست مثالا بارزا لهؤلاء ، فخلال اجتياح إسرائيل للبنان 1982 حذر كوهين بقوله " إن الإدارة الأمريكية تستطيع أن تبعث برسالة إلى بيغن ، فتقول فيها إن ليس له اعتماد مفتوح من أمريكا ، فإننا لا نوافق على قصف الأبرياء "( ) . وفي عدد لاحق من صحيفة الواشنطن بوست لخص كوهين رد الفعل على انتقاده لسياسة إسرائيل " أصبح هاتفي في هذه الأيام أداة لتدريب، ومحاولة الرد كما أن البريد أصبح سيئا ، فالرسائل خبيثة وبعضها شخصي( )، ويرى نديم البيطار أن أهم نفوذ تمارسه الطبقة العليا على الصحافة هو النوع الغير المباشر عن طريق إعلانات الشركات ، فالصحف والمجلات أعمال صناعية ومالية الغرض منها الربح ، ولكن جزء بسيط من دخلها يأتي من القراء ، وقد عانت النيويورك تايمز التي أسسها أدولف أولى وصهره ارندسولذبيرغر من محاولة أن تبقى الصحيفة منبرا حرا وتقدميا ، ولكن الضغط اليهودي على الصحيفة جعلها تستسلم ، ويعلن رئيس تحريرها سولزبيرغ في عام 1944 "إنني أكره أساليب الصهاينة التعسفية الذين لا يترددون في استخدام الأساليب الاقتصادية في إسكات الذين يعبرون عن وجهات نظر مختلفة ، إنني اعترض على محاولاتهم في قتل سمعة الذين لا يتفقون معها "( ) .
وتجدر الإشارة إلى أنه أثناء حرب أكتوبر هاجمت الصحف الأمريكية الهجوم العربي على إسرائيل ، صحيفة كرستيان ساينس مونيتر كانت الصحيفة الوحيدة التي نبهت إلى أن "الصراع كان حول أراضي عربية يحتلها الإسرائيليون "( ) يمكن القول أنه ليس هناك لوبي آخر استطاع أن يفرض رسائل ملغومة بالمعاني ، مفروضة كشيء موضوعي كما استطاع اللوبي الصهيوني فعندما نقرأ أن الصحف الأمريكية تصف السوريين والمصريين بأنهم قاموا بغزو إسرائيل وأن الإرهابيين الفلسطينيين هاجموا إسرائيل بينما الكوماندوس الإسرائيلي ضرب بيروت فما عليك إلا الاعتراف بقوة هذا اللوبي ، ويؤكد على هذه الرؤية البروفيسور أدوار هيرمان وهو يهودي غير صهيوني ، كتب في مجلة فرنسية يهودية مقالات بعنوان " حدود الحوار المسموح به في الولايات المتحدة حول المسألة الإسرائيلية " وخلص فيه إلى القول بأن : " المجلة الليبرالية الوحيدة والتي كانت مستعدة لأن تنشر مواد ليست ملائمة لإسرائيل كانت رامبارتس Ramparts أنه يشير إلى بعض المجلات التي يمتلكها اليهود مثل كنتيري ، ويسينت ونيو ويبيليك ويعلق بأن هذه المجلات تمتنع تماما على أي حوار أو أي مقال لا يلائم مصلحة إسرائيل ، وأشار أن كتابات نوام شوسكي الفرد لينتنال مفكرين اليهود ، والذين ينتقد إسرائيل تعطي مقالاتهم إلى ذوي التزام صهيوني لمراجعتها ، إذ يكتب مقاله مصحوب بعبارة " إنه من المناصرين القدماء لقضية العرب "( ) وتقدم هنا بعض الكتاب والصحفيين الذين كتب ضد التجاوزات الإسرائيلية ، وكيف تعامل معهم اللوبي الإسرائيلي ومع مؤسساتهم الصحفية .
تحدث المحامي كلوتزتيك وزير الاقتصاد السابق والرئيس السابق لمنظمة بنت بئرى والمنظم الرئيسي السابق للمؤتمر المنظمات اليهودية العالمية في صحيفة لوس أنجلوس تايمز "إن على إدارة الرئيس ريغان أن تواجه الحقائق في الشرق الأوسط بمثل جرأة إدارة كارتر ، وأول خطوة هي وقف الحرب في لبنان فورا ، وسحب القوات الإسرائيلية على أن يتبع ذلك عملية سلام مؤسسة تشمل جميع الأطراف وبدون اعتذار ، ويقدم تصميم أمريكا ومراعاة أفضل مصالحها ، ودعم رفاهية إسرائيل الطويلة الأجل وحماية السلام العالمي( ) ورد على كلوتزتيك نددت القيادات اليهودية علانية به ، حيث قال اجون روزن مدير رابطة مكافحة الافتراء في شيكاغوا " إن اقتراح الكلوتزتيك بإدخال منظمة التحرير الفلسطينية في عملية سلام ، وإنشاء دولة فلسطينية . وانظم إليه روبرت شربار من إيباك يعني تفاوض إسرائيل على دمارها "( ) .
ونشرت فيار انسيت ريبورت وهي نشرة إخبارية أسبوعية مقالا افتتاحيا ضد آراء كلوتزتيك واتهم بترويج الإشاعات المضللة والخبيثة " الأمر الذي دفع كلوتزتيك إلى نقل نشاطه إلى باريس( ) . وقد عانى الصحفي اليهودي أ.ف. ستون من آرائه ومواقفه الاستقلالية ، فقد كتب في الواشنطن بوست مقالا أعرب فيه عن تخوفه من دبلوماسية الثورة ولاسيما محاولة الاستشهاد بالتوراة ، وتبرير سيطرة إسرائيل على الضفة الغربية ، فليس تمت من يجهل أن التوراة في القرون الوسطى كانت تحفظ بالكهنة لإبقائها بعيدة عن الجماهير ، لئلا تشوش أفكارهم ، ويكون بينهم شقاق وفتنة . فقد يكون الوقت قد حان لحفظ الكتاب المقدس من ضرر جديد على الأقل ، إلى أن ينتهي النزاع العربي الإسرائيلي "( ) ، وقد عبر اللوبي الإسرائيلي عن استياءه من هذه الآراء .
الفرد ليلتنال يهودي كرس حياته لحملة منفردة بجدلية مرهقة بقص تغير سياسات دولة إسرائيل ، حيث بدأ حملة عامة 1948 بالرغم أنه بلغ السبعين من العمر فإنه حتى سنة 1984 لم يتخل عن موقفه ، وقد نشر مقالا في مجلة ريدا دجست عام 1949 بعنوان " راية إسرائيل ليست رايتي " ، " حذر فيه من عواقب الصهيونية ثم اتبع ذلك بكتابه " ثمن إسرائيل " 1953 ثم كتاب آخر بعنوان " اتجاه الشرق الأوسط " 1957 وكتاب ثالث عنوانه " الوجه الآخر للعملة " 1965 ومن عام 1977 نشر ليلنتال اضخم وأشمل مؤلفاته وهو " الصلة الصهيونية " الذي يركز على تطور الحركة الصهيونية ونشاطاتها في الولايات المتحدة ، وقد أفعم الكتاب بالحقائق والمقتبسات والنوادر ، وتتخلله آراء وتفسيرات مختلفة "( ) . وفي عام 1984 نقلته حملته إلى الشرق الأوسط 22 مرة ، وعبر الولايات المتحدة 26 مرة ، وقد سببت له معارضته للصهيونية مضايقات في حياته الشخصية إذ أدت إلى فسخ خطوبته وإلى نفور أقرباءه منه وقد رد على فريق من حاخامات في نيويورك حرصه رسميا على الدين من الذين بقوله : " الله وحده هو الذي يحرم، فمازالت أشعر حقا أنني يهودي( ) . ويلاحظ الباحث أدموندغريب الذي كتب الشيء الكثير عن الشرق الأوسط ووسائل الإعلام الأمريكية " إن هذه الوسائل ترسم صورة مشرقة لإسرائيل، وكأنها دولة ديمقراطية في محيط برابرة في الشرق الأوسط ، ومن جهة أخرى غالبا ما يقال عن الشرق الأوسط الفلسطينيون والإرهابيون العرب " ويصور العربي كحاوي أو سفاح ، ويوافق الصحفي لورانس مؤشر على أنهم اتخذوا للعربي صورة شخص مقيت له ميول سوداء، وكرموا الإسرائيلي بتصويره بطلا( ) . وتأكيدا لما طرح فقد نشرت مجلة التايم إعلانا بأربعة ألوان على صورة شيخ عربي تحت كلمة واحدة هي القوة ( power ) وصف الصحفي ريتشارد بدوريك الشيخ بأنه يمثل كل ما يتصوره عن عربي شرير يرتدي اللباس السعودي التقليدي، ويحدق في الكاميرا بحقد واضح( ) ويقول الصحفي هارولد .ر. يايتي الكاتب في صحيفة ميدل ايست جورنال حجة اللاسامية ، هي العصا التي يستعملها الصهاينة لحمل غير اليهود على قبول وجهات النظر الصهيونية ، بشأن الأحداث العالمية أو على التزام الصمت ، ونشرت ميدل است في عدد خاص مقالا لنفس الكاتب تحت اسم مستعار عن " الصهيونية والصحافة الأمريكية حيث انتقد فيه المغالطات والتشويهات ، وربما ما أسوء من ذلك إغفال وسائل الإعلام الأمريكية غير المبرر لبعض الحقائق الهامة والمعلومات الأساسية في النزاع العربي - الإسرائيلي( ) .
ويعزو غريب هذا العيب في تغطية الإعلام الأمريكي للشرق الأوسط " نجحت جهود اللوبي الإسرائيلي في السيطرة على وسائل الإعلام بشن حملات لترويع وسائل الإعلام المختلفة، وأخيرا لفرض الرقابة حتى أصبحت هذه الوسائل مطيعة وجبانة ، ومن هذه الوسائل تهديد بمقاطعة المنظمة ، والافتراءات ، وحملات التشهير الشخصية ، كلها أسلحة تستخدم ضد الصحفيين المنصفين( ) . ولكن هارولد بايتي استفاد من خبرته وألقى اللوم كله على الصحفيين، وليس على ضغط اللوبي الإسرائيلي ، لأن الصحفيين يذعنون أكثر رغم معرفتهم للحقيقة( )، ومن أشد الحملات التي وجهت صحيفة جورنال هيراليد التي يعمل فيها هارولد بابتي باهاويو - لأن اهتمامه أصبح متزايدا بقضية الشرق الأوسط ، وكتب افتتاحيات ينتقد فيها السياسات الإسرائيلية فقد تلقى رئيس التحرير رسالة مطولة سلمت له من رئيس مجلس الجالية اليهودية المحلية ، وقام ستة زعماء يهود بمقابلة رئيس التحرير في الصحيفة بعد أن كتب هارولد على أعمال الشغب والعنف في الضفة الغربية عام 1976 ، وقد أقره بأن لا يعود للكتابة في هذا الموضوع ، وقد عاود هارولد الكتابة في الذكرى السنوية لمذبحة دير ياسين التي قتل فيها 200 فلسطيني في 4 أبريل 1977 ، وأقاله رئيس التحرير لأنه تلقى تعليمات من المفروض أن تكون من إدارة المؤسسة ، بأن أسد فمك أو أطردك( )، وقد هدد هارولد بأنه لن ينال الترقية الموعودة إلى محرر صفحة الافتتاحيات في جورنال هيراليد ، وإزاء هذه الضغوط ترك هارولد الوظيفة ، واسكت صوت آخر مناهضة لليهود في أمريكا ، وخلال صيف 1982 خصص ريتشارد بدرودريك الصحفي في مينا بولس عدة حلقات من زاوية الأسبوعية رقيب الإعلام ، لفضح عدم موضوعية الإعلام الأمريكي في تغطيته للاجتياح الإسرائيلي ، ومن جملة ما كشف عنه " إذ بث على الهواء مرارا وتكرارا أشرطة على أنها من مخبأ ياسر عرفات ، ومقر منظمة التحرير الذي نسف فيما بقي شريط من إصابات المدنيين في غرفة التحرير ، وفيما كانت القوات البرية الإسرائيلية تجتاح جنوب لبنان ، واصلت الصحافة الأمريكية بفعل الضغط الموجه من اليهود على استعمال عبارة تدخل لوصف ما هو غزو بالمعنى الصحيح( )، ومن العواقب التي عانى منها الصحفيون الذين نشروها كانت أكثر ازعاجا وحالما أطلقت مؤسسة توزيع الأفلام السينمائية في مينابولس ، والتي هي من أكبر مصادر المنفردة للإعلان ، وردت على ما جاء في زاوية رقيب الإعلام عن إسرائيل ، حيث اتصلوا برئيس التحرير ديب هوب وهددته بسحب إعلاناتها نهائيا بسبب زاوية برود ريك ، وقد أذعن رئيس التحرير ووافق على أن ينشر ردا من ألف كلمة ردا على ماورد في الزاوية المذكورة ، وخلافا لسياسة الصحيفة المعتادة لم يسمح لبرودريك بأن يرد على الرد ، وبعد ثلاث اسابيع أبلغ برود ريك بأن الصحيفة لم تعد بحاجة إلى خدماته( ) . في أواخر 1983 أجرت الصحيفة الأمريكية المختصة في شئون الشرق الأوسط مقابلة مع شابة فلسطينية إسمها أمل كانت تعمل مساعدة لنائب القنصل الأمريكي ، وعند زيارة الصحيفة للقدس التقت أمل وأجرت معها حديث بصفتها مراسلة تلفزيونية ، وقد وافق نائب القنصل الأمريكي في القدس الشرقية ولكن أمل طردت من وظيفتها وعلقت " لقد طردت لأنهم ظنوا أنني من غلاة الفلسطينيين ، ولكنني لم أقل ردا على إحدى الأسئلة سوى أن عائلتي كانت تسكن في بيت يسكنه الآن إسرائيليون "( ) .
أما الصحفي الأمريكي كوكبرن لاحظ في زاويته " صوت الغربة " كيف أن محرري النيويورك تايمز شطبو كلمة عشوائي من تقرير مراسلهم في الخارج توماس فريدمان بتاريخ 3/8/1982 عند القصف الإسرائيلي لبيروت ، فكان هذا العمل خرقا لسياسة النيويورك تايمز المعهودة بعث بعد ذلك فريد مان برقية مطولة يعرف فيها عن انزعاجه قائلا " أنا مراسل في غاية الحذر ولا ابالغ في الأمور ، … أنتم تعلمون أنني على حق وأن الكلمة تؤكدها الأنباء التي ذكرتها ، ولكن لم يكن لديكم الجرأة على طباعتها في النيويورك تايمز ، كنتم تخافون أن تقولوا لقرائكم والذين قد يحتجون عليكم ، إن إسرائيل قادرة على أن تقصف مدينة برمتها قصفا عشوائيا"( ) .
ومن أكثر الحالات التي ظهر فيه تأثير اللوبي الصهيوني على الصحف الأمريكية ، فقد نشرت صحيفة الواشنطن بوست عددا من المقالات حول الإسرائيليين بخصوص مذبحة صبرا وشاتيلا أدت إلى اتخاذ قرار لم يسبق له مثيل ، وذلك بتعيين ممثل لجماعة مؤيدة لإسرائيل كمراقب في غرفة الأخبار في الواشنطن بوست ، ويرى بول فندلى أن الفكرة بدأت عندما اجتمع مايكل بير فيوم المدير التنفيذي لمجلس الجالية اليهودية وهايما لديو كيانير ممثل اللجنة اليهودية - الأمريكية في المنطقة مع محرري صحيفة الواشنطن بوست ، ليقولوا لهم أن ثمة مشكلة يهودية مع الصحيفة ، وجاء هذا الاجتماع عقب مراسلات كثيرة بين الصحيفة وزعماء الطوائف الدينية( )، وقد وافق المحرر التنفيذي بنجامين . س . برادلي على أن يراقب بيرفيوم عمليات الأخبار لمدة أسبوع واحد شرط أن لا يلجأ هو أو اللوبي إلى الضغط أو التدخل في عملية التحرير بأي شكل من الأشكال( ) .
وفي تعليق على هذه البادرة الخطيرة التي تمس حرية ومصداقية الصحافة الأمريكية رد روبرت . ج . ماكلوس المحقق في الشكاوي التي ترد على الواشنطن بوست فقال : " أسبوع المراقبة تجربة جديرة بالاهتمام ، وأضاف صحيح أنها غير طبيعية ولكن القصف الذي تتعرض له الصحف غير طبيعي "( ) ونتيجة لهذا التدبير خفف انتقادات الجالية اليهودية إلى حد ما ، في الجانب الآخر انتقد محرر صحف أخرى هذه البادرة وقد علق توماس دينشيب محرر في صحيفة ( البوسطن غلوب ) بقوله : "أدرك الضغوط التي تعرضت لها الواشنطن بوست من جانب مجلس الجالية اليهودية والتعاطف مع ما فعلته ولكن آمل ألا أحذوا حذوها "( ) وتساءل روبرت كمبسون محرر الأنباء الخارجية في لوس أنجلوس تايمز عن عدم الإنصاف في قرار الواشنطن بوست وقال " في الحقيقة لا أدري كيف يمكن عمل هذا الشيء لليهود وإنكاره على العرب " إن هذا دليل واضح بشكل غير عادل على محاولة إسرائيل وضع الصحافة الأمريكية في موقف الدفاع حمل صانعي الرأي العام على الاستماع إلى صوتها( ) .
إن الضرر الذي يلحق المؤسسات الصحافية الأمريكية من جراء الضغط اليهودي الممارس عليها ليس بخاف على أحد ، وأما الشيء الذي قد لا يكون واضحا فهو: لماذا ظهر اللوبي إلى الوجود ؟ ولماذا يلاحق أهدافه بمثل هذا الحماس ؟ يمكن إيجاز اساسه ودوافعه بكلمة واحدة فقط هي الخوف . وتأسيسا على ما سبق فإن جماعات الضغط لا تمارس دورها في الضغط على المؤسسات الصحافية بشكل فج أو مباشر ، إلا فيما ندر بل على العكس فهي تلجأ إلى خلق صورة نمطية عن العرب ، واليهود من خلال الصحف على جميع المستويات . والأشكال التحريرية بداية من الخبر إلى الرسوم الساخرة فنلاحظ أن الصور النمطية لليهود متمثلة في صورة المضطهد المطارد المحب للحياة العائلية ، وهو ليبرالي مدافع عن حقوق الأقليات ، والمنادي بالمساواة ، والمؤمن بالديمقراطية ، أما العربي فهو همجي إرهابي لا يتفاهم إلا بالسلاح ، قليل الوفاء متخلف متعصب ، لا يؤمن بالديمقراطية ، ولا يتعاطف مع قيم التسامح والمشاركة أو على النقيض ، من ذلك فهو الشيخ الذي جمع ما له عن طريق رفع أسعار النفط والمبذر لهذه الأموال بحثا عن الملذات ، وهو يتميز بانعدام الذوق( ) . ولا عجب أن يتعاطف الأمريكي العادي مع اليهودي وتبعا لهذه الصفات التي تعمل على ترسيخها الآلة الصحافية الأمريكية اليومية الرهيبة ، ولا يتوقف نشاط جماعات الضغط عند هذا الحد بل إنها تعمل على مراقبة نشاط السياسين وصانعي الرأي ، وهم معرضون لردع في حالة خروجهم عن الخط المؤيد لإسرائيل ، فلن يجد أي صحفي مكانا مناسبا لمقال أو قصه إخبارية ضد اليهود في أي صحيفة ، وحتى إن وجدت فهو معرض للاعتذار أو الطرد التعسفي ، إرضاء لهذا اللوبي القوي . إن اللوبي يستخدم أسلوب كتابة وعرض يبين مدى الحاجة في التحكم بالصحافة في مخاطبة الرأي العام الأمريكي ، لقد بلغ التركيز على مصالح جماعات الضغط اليهودي في شهر أكتوبر 1983 ذروته فنجد صحيفة النيويورك تايمز تنشر صورة ياسر عرفات " السنة المقبلة في القدس" ثم تأتي القصة الإخبارية " صرح ياسر عرفات علانية أنه يود أن يرى شعب إسرائيل ، وقد محي عن سطح الأرض ، إن هذا التهديد ليس موجها نحو شعب إسرائيل فقط ، بل نحو أمريكا أيضا . إن إسرائيل أقوى حليف عسكري لنا في ذلك الجزء من العالم غير أن الروابط بين البلدين أعمق من ذلك " فإسرائيل هي المرحلة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط ، وشعبها يشاركنا القيم والأهداف عينها( ) . فلو استخدمنا الطرائق التقنية لتحليل الرسائل الإعلامية في تحليل الأخبار ، فإننا سوف نجد أن المحرر لهذه القصة الإخبارية قد استخدم أسلوبين في معالجة الخبر ، أسلوب التوريط بالأفعال حيث اعتبر إسرائيل وأمريكا متورطين في مواجهة الإرهاب الفلسطيني ، وأسلوب غريزة القطيع باستخدام كلمة " محي " وكأنه يوحي بأن دافع منظمة التحرير الفلسطينية إرهابيا ، وسوف يطال أمريكا لذا يجب عليها أن تتحرك( ) ختاما لهذه الجزئية نقول إذا تمكن لوبي من خنق حرية الكلام في الولايات المتحدة حول موضوع هام ومثير للجدل كالشرق الأوسط فإن حرية الكلام كلها أصبحت مهددة ، لقد قال إبراهام لنكولن : " تحطم الروح التي تمثل الحرية كتراث لكل البشر في كل مكان وحيثما كان إنما يقومون بغرس بذور الطغيان عند غيابكم فالديمقراطية تتعطل عن العمل في الجو الذي يخاف المواطنون في ظله التكلم بحرية .
حكام الولايات
المجالس التشريعية في الولايات
اللوبي الصهيوني :
1- إيباك
2- بنائي بريت .
3- الكونغرس اليهودي الأمريكي
4- منظمات الهجرة إلى إسرائيل
5- المنظمة الصهيونية - الأمريكية
مستشار الرئيس
الحكومات في الولايات
رابطة أصحاب المصالح النقابات
الكونغرس
الفئات القيادية غير الحكومية
الرأي العام الصحافة وسائل الإعلام
ساحة النقاش