أمراض الكلام وطرق علاجه<br><br>للمصدر والباقى
<br><br>
<br><br>
<br><br>
<br><br><br><br>
تتعدد أمراض الكلام المنتشرة بين الأطفال الصغار، لكننا سنوجزها في أهم<br><br>
هذه الأمراض شيوعاً بين الأطفال وهي: اللجلجة، والعي، والتلعثم، والثأثأة.&lt;br&gt;<br><br>
أولاً: اللجلجة:&lt;br&gt;<br><br>
اللجلجة اصطلاح يشير إلى "التمتمة" و"الفأفأة" و"التأتأة" في النطق،<br><br>
واللجلجة أكثر عيوب النطق شيوعاً بين الأطفال، وأسبابها معقدة، ولكن<br><br>
النظرية القائلة بأن أساسها ومنشأها يرجعان إلى عوامل نفسية هي أكثر<br><br>
النظريات العلمية شيوعاً وقبولاً.&lt;br&gt;<br><br>
ولعل أهم العوامل التي ترجع إليها الإصابة بمرض اللجلجة هو ما يشعر به<br><br>
المريض من قلق نفسي وانعدام الشعور بالأمن والطمأنينة منذ طفولته المبكرة،<br><br>
ويمكننا أن نتبين أثر القلق وانعدام الأمن عند الطفل من الأثر الانفعالي<br><br>
الذي يعاني منه عندما يتكلم فلأنه يشعر بالقلق فإنه يصبح متوترا لذلك<br><br>
يتلعثم ويتلكأ في إخراج الكلام بصورة تامة نتيجة لتخوفه المواقف التي يخشى<br><br>
مواجهتها، أو عندما يكون في صحبة أشخاص غرباء، وبمرور الأيام يتعود الطفل<br><br>
اللجلجة وقد يزداد معه الشعور بالنقص وعدم الكفاءة.&lt;br&gt;<br><br>
والواقع فإن الطفل الذي يعاني من اللجلجة يستطيع التكلم بطلاقة في بعض<br><br>
الأحيان عندما يكون هادئ البال أو أن يكون بمعزل عن الناس أن مثل هذه<br><br>
المواقف تخلو تماماً من الخوف والاظطرابات الانفعالية التي يعاني منها<br><br>
عندما يضطر إلى الكلام في مواجهة بعض الأشخاص وعلى الأخص ممن يتهيبهم.&lt;br&gt;<br><br>
وقد دلت كثير من البحوث العلمية على أن الأسباب الأساسية للقلق النفسي<br><br>
الذي يكمن وراء اللجلجة تتلخص في إفراط الأبوين ومغالاتهم في رعاية وتدليل<br><br>
الطفل أو محاباته وايثاره على إخوته، أو العكس كأن يفتقر الطفل إلى عطف<br><br>
الأبوين، أو العيش في جو عائلي يسوده الشقاق والصراع بين أفرادها، أو<br><br>
لتضارب أساليب التربية أو لسوء التوافق والإخفاق في التحصيل المدرسي.&lt;br&gt;<br><br>
وقد يكون سبب اللجلجة عند بعض الأطفال هو عدم تمكنهم من اللغة بالقدر الذي<br><br>
يجعلها طوع أمرهم وفي متناولهم، فيؤدي تزاحم الأفكار بسبب قصور ذخيرتهم<br><br>
اللغوية واللفظية إلى اللجلجة. وقد يكون سبب اللجلجة أحيانا أن الطفل<br><br>
يتكلم في موضوع لا يهمه أو يعنيه أو لا يفهمه معتمداً على الحفظ الآلي<br><br>
وبذلك تكون اللجلجة وسيلته كلما ضاع منه اللفظ المناسب.&lt;br&gt;<br><br>
ثانياً: العي:&lt;br&gt;<br><br>
يقصد بالعي تلك الحالة التي يعجز الفرد فيها عن النطق بأي كلمة بسبب توتر<br><br>
العضلات الصوتية وجمودها، ولذلك نرى الفرد الذي يعاني من العي يبدو كأنه<br><br>
يبذل مجهوداً خارقاً حتى ينطق بأول كلمة في الجملة فإذا تم له ذلك يندفع<br><br>
كالسيل حتى تنتهي الجملة ثم يعود بعدها إلى نفس الصعوبة حتى يبدأ الجملة<br><br>
الثانية وهكذا.&lt;br&gt;<br><br>
ومن الثابت علمياً أن أغلب حالات العي أسبابها نفسية وإن كان بعضها تصاحبه<br><br>
علل جسمانية كالتنفس من الفم، أو اضطرابات في الجهاز التنفسي أو تضخم<br><br>
اللوزتين أو لحمية في الأنف إلى غير ذلك.&lt;br&gt;<br><br>
وكثير من حالات العي تبدأ في أول الأمر في شكل لجلجة وحركات ارتعاشية<br><br>
متكررة تدل على المعاناة من اضطرابات انفعالية واضحة ثم يتطور الأمر بعد<br><br>
ذلك إلى العي الذي يظهر فيه حالات التشنج التوقفي، ويبدو على المريض أعراض<br><br>
المعاناة والضغط على الشفتين وتحريك الكفين أو اليدين، أو الضغط بالقدمين<br><br>
على الأرض أو الإتيان بحركات هستيرية في رموش وجفون العينين وكلها أعراض<br><br>
تدل على الصعوبة التي يعاني منها المريض عند محاولة الكلام خصوصاً في<br><br>
المواقف الاجتماعية الصعبة.&lt;br&gt;<br><br>
وواقع الأمر فإن الحركات العشوائية وغير العشوائية والهستيرية التي يأتيها<br><br>
المريض إنما يهدف منها إلى أن تساعده على التخلص من عدم القدرة على الكلام<br><br>
والتخلص أساسا من التوتر النفسي الذي يعوقه عن إخراج الكلام.&lt;br&gt;<br><br>
ثالثاً: التلعثم:&lt;br&gt;<br><br>
يقصد بالتلعثم عدم قدرة الطفل على التكلم بسهولة فتراه يتهته، ويجد صعوبة<br><br>
في التعبير عن أفكاره فتارة ينتظر لحظات حتى يتغلب على خجله، وأخرى يعجز<br><br>
تماما عن النطق بما يجول في خاطره.&lt;br&gt;<br><br>
والتعلثم ليس ناشئاً عن عدم القدرة على الكلام فالمتلعثم يتكلم بطلاقة<br><br>
وسهولة في الظرف المناسب أي إذا كان يعرف الشخص الذي يكلمه، أو إذا كان<br><br>
أصغر منه سناً أو مقاماً. وأول ما يشعر به المتلعثم هو شعور الرهبة أو<br><br>
الخجل ممن يكلمه فتسرع نبضات قلبه ويجف حلقه ويتصبب عرقاً، فيتمنى لو أمكن<br><br>
أن يملك عواطفه ويستعيد هدوءه حتى يتابع الكلام في سهولة.&lt;br&gt;<br><br>
ويبدأ التلعثم عادة في سن الطفولة، وقد يشفى الطفل منه ولكن يعاوده من<br><br>
جديد إذا أصيب بصدمة نفسية حتى ولو كان مضى على شفائه سنين عديدة.&lt;br&gt;<br><br>
والطفل إذا شعر بهذا النقص نشبت في نفسه حرب داخلية للتغلب عليه، ومما يزيده بؤسا ملاحظات من حوله على طريقة كلامه أو تعمد إحراجه.&lt;br&gt;<br><br>
وقد ينشأ التلعثم عن واحد أو أكثر من الأسباب التالية:&lt;br&gt;<br><br>
- قد تتقلص عضلات الحنجرة نتيجة خوف أو رهبة فتحجز الكلمات قبل خروجها ولا<br><br>
يقوى الطفل على النطق بأي كلمة أو يقول أأأ ـ ولا يستمر أكثر من ذلك حتى<br><br>
يزول خوفه وتتفتح حنجرته.&lt;br&gt;<br><br>
- قد لا يتنفس الطفل تنفساً عميقاً قبل بدء الكلام فينطق بكلمة أو كلمتين<br><br>
ثم يقف ليتنفس ويستمر كذلك بين تكلم واستراحة فيكون كلامه متقطعاً.&lt;br&gt;<br><br>
- قد يتنفس الطفل تنفساً عميقاً قبل الكلام ولكنه يسرف في استعمال الهواء الموجود في رئتيه فيستنفده في بضع كلمات.&lt;br&gt;<br><br>
- قد يكون التوازن معدوماً بين عضلات الحنجرة واللسان والشفتين فينطق بأحد الحروف قبل الآخر، أو يدغم الحروف بعضها في بعض.&lt;br&gt;<br><br>
بقى أن نشير إلى أن الطفل المتلعثم في الفصل المدرسي موقفه صعب للغاية فهو<br><br>
يدرك عدم قدرته على التعبير بفصاحة ووضوح عما يخالج نفسه، ويجد لذلك أمامه<br><br>
طريقين إما أن يصمت ولا يجيب عن أسئلة المعلم، وإما أن يبذل جهده ليعبر<br><br>
عما في نفسه وهو يعلم أن أقرانه في الفصل يتغامزون عليه.&lt;br&gt;<br><br>
رابعاً: الثأثأة:&lt;br&gt;<br><br>
يقصد بالثأثأة إبدال حرف بحرف آخر، ففي الحالات البسيطة ينطق الطفل الذال<br><br>
بدلاً من السين، والواو أو اللام أو الياء بدلاً من الراء، وقد يكون ذلك<br><br>
نتيجة لتطبع الطفل بالوسط الذي يعيش فيه. وقد ينشأ ذلك نتيجة تشوهات في<br><br>
الفم أو الفك أو الأسنان تحول دون نطق الحروف على وجهها الصحيح.&lt;br&gt;<br><br>
وينطق الطفل في الحالات الشديدة بألفاظ كثيرة غير مفهومة وهذا ينتج عن عيب<br><br>
في سمع الطفل يمنعه من تمييز الحروف والكلمات التي يسمعها ممن حوله، ونطق<br><br>
السين ثاء من أكثر عيوب الكلام انتشارا. لذلك هناك تمرينات تساعد الطفل<br><br>
على التخلص من هذه العيوب يمكن اتباعها مع أخصائي العلاج.&lt;br&gt;<br><br>
وسائل العلاج&lt;br&gt;<br><br>
يحتاج علاج اضطرابات وأمراض الكلام إلى صبر وتعاون الآباء والأمهات، فإن<br><br>
لم يتعاونوا فشل العلاج أو طال أمده. وينحصر العلاج في الخطوات التالية:&lt;br&gt;<br><br>
العلاج الجسمي:&lt;br&gt;<br><br>
التأكد من أن المريض لا يعاني من أسباب عضوية خصوصا النواحي التكوينية<br><br>
والجسمية في الجهاز العصبي، وكذلك أجهزة السمع والكلام، وعلاج ما قد يوجد<br><br>
من عيوب أو أمراض سواء كان علاجاً طبياً أو جراحياً.&lt;br&gt;<br><br>
العلاج النفسي:&lt;br&gt;<br><br>
وذلك لتقليل الأثر الانفعالي والتوتر النفسي للطفل، كذلك لتنمية شخصيته<br><br>
ووضع حد لخجله وشعوره بالنقص، مع تدريبه على الأخذ والعطاء حتى نقلل من<br><br>
ارتباكه. والواقع فإن العلاج النفسي للأطفال يعتمد نجاحه على مدى تعاون<br><br>
الآباء والأمهات لتفهمهم للهدف منه، بل يعتمد أساسا على درجة الصحة<br><br>
النفسية لهم. وعلى الآباء معاونة الطفل الذي يعاني من هذه الاضطرابات بأن<br><br>
يساعدوه على ألا يكون متوتر الأعصاب أثناءالكلام، حساساً لعيوبه في النطق،<br><br>
بل عليهم أن يعودوه على الهدوء والتراخي وذلك بجعل جو العلاقة مع الطفل<br><br>
جوا يسوده الود والتفاهم والتقدير والثقة المتبادلة. كما يجب على الآباء<br><br>
والمعلمين أيضاً محاولة تفهم الصعوبات التي يعاني منها الطفل نفسياً سواء<br><br>
في المدرسة أو في الأسرة كالغيرة من أخ له يصغره أو الحنق على أخ له<br><br>
يكبره، أو اعتداء أقران المدرسة عليه، أو غير ذلك من الأسباب، والعمل على<br><br>
معالجتها وحمايته منها لأنها قد تكون سبباً مباشراً أو غير مباشر فيما<br><br>
يعانيه من صعوبات في النطق.&lt;br&gt;<br><br>
وقد يستدعي العلاج النفسي تغيير الوسط المدرسي بالانتقال إلى مدرسة أخرى جديدة إن كانت هناك أسباب تؤدي إلى ذلك.&lt;br&gt;<br><br>
كما يراعى عدم توجيه اللوم أو السخرية للطفل الذي يعاني من أمراض الكلام سواء من الآباء أو الأمهات أو المعلمين أو الاقران.&lt;br&gt;<br><br>
العلاج الكلامي:&lt;br&gt;<br><br>
وهو علاج ضروري ومكمل للعلاج النفسي ويجب أن يلازمه في أغلب الحالات.<br><br>
ويتلخص في تدريب المريض ـ عن طريق الاسترخاء الكلامي والتمرينات الإيقاعية<br><br>
وتمرينات النطق ـ على التعليم الكلامي من جديد بالتدريج من الكلمات<br><br>
والمواقف السهلة إلى الكلمات والمواقف الصعبة، وتدريب جهاز النطق والسمع<br><br>
عن طريق استخدام المسجلات الصوتية. ثم تدريب المريض لتقوية عضلات النطق<br><br>
والجهاز الكلامي بوجه عام. والقصد من أن يلازم العلاج النفسي العلاج<br><br>
الكلامي هو أن مجرد علاج اللجلجة أو العي أو غيرهما من أمراض الكلام إنما<br><br>
نعالج الأعراض دون أن نمس العوامل النفسية التي هي مكمن الداء، ولذلك فإن<br><br>
كثيرين ممن يعالجون كلاميا دون أن يعالجوا نفسيا ينتكسون بمجرد أن يصابوا<br><br>
بصدمة انفعالية، أو انهم بعد التحسن يعودون إلى اللجلجة وتسوء حالتهم من<br><br>
جديد دونما سبب ظاهري، كما أنهم عادة يكونون شخصيات هشة ليست لديهم القدرة<br><br>
على التنافس مع أقرانهم سواء في المدرسة أو في وسطهم العائلي.&lt;br&gt;<br><br>
ونوجه نظر الآباء والمربين بعدم التعجل في طلب سلامة مخارج الحروف<br><br>
والمقاطع في نطق الطفل، ذلك لأن التعجيل والإصرار على سلامة مخارج الحروف<br><br>
والمقاطع والكلمات من شأنه أن يزيد الطفل توتراً نفسياً وجسمياً ويجعله<br><br>
يتنبه لعيوب نطقه، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة ارتباكه ويعقد الحالة<br><br>
النفسية ويزيد اضطراب النطق. مع مراعاة أن سلامة مخارج الألفاظ والحروف<br><br>
والمقاطع في نطق أي طفل يعتمد أساساً على درجة نضجه العقلي والجسمي، ومدى<br><br>
قدرته على السيطرة على عضلات الفم واللسان، وقدرته على التفكير، وفوق كل<br><br>
ذلك درجة شعوره بالأمن والطمأنينة أو مدى شعوره بالقلق النفسي.&lt;br&gt;<br><br>
العلاج البيئي&lt;br&gt;<br><br>
يقصد بالعلاج البيئي إدماج الطفل المريض في نشاطات اجتماعية تدريجياً حتى<br><br>
يتدرب على الأخذ والعطاء وتتاح له فرصة التفاعل الاجتماعي وتنمو شخصيته<br><br>
على نحو سوي، ويعالج من خجله وانزوائه وانسحابه الاجتماعي، ومما يساعد على<br><br>
تنمية الطفل اجتماعياً العلاج باللعب والاشتراك في الأنشطة الرياضية<br><br>
والفنية وغيرها. هذا كما يتضمن العلاج البيئي ارشادات للآباء القلقين إلى<br><br>
أسلوب التعامل السوي مع الطفل كي يتجنبوا إجباره على الكلام تحت ضغوط<br><br>
انفعالية أو في مواقف يهابها، إنما يتركون الأمور تتدرج من المواقف السهلة<br><br>
إلى المواقف الصعبة مع مراعاة المرونة لأقصى حد حتى لا يعاني من الإحباط<br><br>
والخوف، وحتى تتحقق له مشاعر الأمن والطمأنينة بكل الوسائل.
عدد زيارات الموقع
365,438
ساحة النقاش