دكتورة/ ليلي عبد الله

دكتوراه الفلسفة في الإدارة العامة والمحلية



المقدمة :

يعتبرالتطوير التنظيمي آحد التطبيقات العملية الهامة لعلم السلوك التنظيمي , وسمة أساسية للمنظمات الناجحة .

ويتم التطوير التنظيمي من خلال التغييرات المخططة في المنظمات بما يتواكب مع سرعة التغيير في الظروف والعوامل سواء كانت في البيئة الداخلية والمتمثلة في طرق وأساليب العمل ونوعيات العمالة وعناصر المناخ التنظيمي السائد , وكذلك في البيئة الخارجية والمتمثلة في المستهلكين والمنافسين والموارد والاتفاقيات الدولية والتي تختلف مشاكلها من وقت لآخر .

 الآمر الذي يتطلب معه إدارة واعية تتفهم آثر هذه المتغييرات علي ادائها وتستشرف معالمها وتجيد التخطيط لإحداث التغيير وانجاحه والتكيف معه .إدارة تأخذ بمفاهيم ومناهج ومداخل التغيير , واتباع سياسة التطوير التنظيمي الذي يقوم عليه العمل الإداري مع التشخيص المستمر لواقع المنظمة , ووضع خطط التوافق والتطوير ثم تحريك الموارد للتغيير وذلك لمواجهة تحديات لا مثيل لها تزداد يوما بعد يوم حدتها في السنوات المقبلة خاصة مع تصاعد الكم الهائل من المعرفة العلمية وتكنولوجيا الإداء في العالم .

 ولا ينبغي أن يكون التطوير التنظيمي من اجل التغيير وإنما ينبغي أن يوجه إلي تحسين آداء المنظمة وآداء العاملين بها وذلك لزيادة قيمة المنظمة .

وسوف نتناول عرض هذا الموضوع من خلال النقاط الآتية :

*  تعريف التطوير التنظيمى وعناصره وخصائصه .

*  الأسباب التي تدفع إلي التطوير التنظيمي .

*  محاور وأهداف التطوير التنظيمي .

*  مداخل وأنواع التطوير التنظيمي .

*  الفرق بين التطوير التنظيمي وكلا من التغيير المخطط والتنمية الإدارية .

*  خطوات إحداث التطوير التنظيمي .

*  إدارة التطوير التنظيمي.

تعريف التطوير التنظيمي :

يعرف التطويرالتنظيمي بأنه نشاط طويل المدي يستهدف تحسين قدرة التنظيم علي حل مشكلاته وتجديد نفسه ذاتيا من خلال إحداث تغيير شامل في المناخ السائد به والتركيز علي زيادة فعالية جماعات العمل وذلك بمعاونة عنصر خارجي يقوم بدور إدارة التغيير والذي يروج للأفكار الجديدة بين اعضاء التنظيم .

عناصر التطوير التنظيمي من التعريف السابق يمكن أستخلاص عناصر التطوير التنظيمي وهي :

1-خطة طويلة الآجل:حيث يعتمد التطوير التنظيمي علي سياسة النفس الطويل وتتطلب خطة التطوير علي الأقل سنة وعادة ما تتراوح مدة خطة التطوير بين ثلاث وخمس سنوات .

2-تجديد الممارسات والاستعداد لمقابلة المشكلات:حيث تستهدف عمليات التطوير التنظيمي زيادة فعاليات الأشخاص ذوي التأثير في التنظيم ورفع قدراتهم علي رسم الاستراتيجيات واتخاذ القرارات ومن ثم مضاعفة تأثيرهم القيادي .ومن خلال هذه الفئة النشطة من الأعضاء يتمكن التنظيم من الاحتفاظ بحالة من التجدد والاستعداد لمقابلة المشكلات والتعامل مع التحديات التي تعترض سبيله .

3-التوجه نحو المستقبل:حيث يتجه التطوير التنظيمي في الاساس نحو المستقبل وذلك من خلال إعداد الافراد للتعلم من المواقف والتجارب الحاضرة في كيفية علاج المشكلات المحتملة في المستقبل وإدخال عنصر تقدير المستقبل وما قد يحمله من تغييرات ضمن هيكل عملية التخطيط وإعداد البرامج في التنظيم.                                          

4-الاهتمام بتنمية المناخ الداخلي:حيث تركز عملية التطوير التنظيمي بالاهتمام علي تنمية المناخ الداخلي للتنظيم الذي يتكون من مجموع العناصر الانسانية به وما يتم بينهما من تفاعلات وعلاقات .وليس معني ذلك أن عملية التطوير التنظيمي تهمل المناخ الخارجي للتنظيم ولكن المقصود أن جهود التطوير تبدأ بالنظر إلي المناخ الداخلي وتظل تراقب المناخ الخارجي لتأخذ ما قد يحدث فيه من تغييرات في الاعتبار .

5-قبول وتعاون كل أفراد المنظمة للتطوير:ويعني هذا أن التطوير التنظيمي لا يفرض من الإدارة العليا علي المستويات الآدني وإنما ينبع من افراد المنظمة وقبولهم للتطوير حتي نضمن المشاركة الايجابية والفعالة منهم لعملية التطوير .

6-التدخل الخارجي:يقال أحيانا   " أن من بداخل الصورة لا يراها علي حقيقتها "ولذلك يلزم وجود أطراف خارجية علي المنظمة كمكاتب الاستشارات الإدارية أو أساتذة الإدارة المتخصصين في هذا المجال للتدخل كعنصر محرك ودافع للتغيير .ويعتمد مدي تدخل الطرف الخارجي علي عمق المشاكل وكفاءة الإداريين وفلسفة الإدارة في الاعتماد علي طرف خارجي.وقد يعمل الطرف الخارجي في خطوة أو أكثر من خطوة من خطوات التغيير مثل تشخيص المشاكل وتدريب العاملين علي تطوير أنفسهم وعلي حل مشاكلهم وهكذا ...التطبيق العملي للعلوم السلوكيةحيث تعتمد المنظمة في جهودها للتطوير علي

جمع البيانات عن المشكلات

-الاستنادإلي خبرة الاستشاريين الخارجين

الاعتماد علي مشاركة الإداريين في وضع الحلول

-جمع معلومات مستمرة عن تطبيق أساليب التطوير الجديدة وتقييمهاكل هذا ما هو إلا تطبيق للعلوم السلوكية .كما تعتمد برامج التطوير التنظيمى علي الاستفادة من مبادئ العلوم السلوكية في تغيير اتجاهات العاملين وتنمية مهاراتهم واستعدادهم لتقبل التغيير والثقة بالنفس والمبادرة والابتكار.

7-استخدام مفهوم النظم:حيث ينظر إلي المنظمة علي أنها شبكة من النظم الفرعية المتداخلة والتي لا تعمل بشكل منعزل أو مستقل .وكذلك ينظر للمنظمة ككل علي أنها نظام فرعي من المناخ الخارجي أو البيئة الخارجية .    

خصائص التطوير التنظيمي :

1-أنه ذات طابع علمي:فالجهود المبذولة لاحداث التغيير تبني علي منطلقات نظريات علمية كما تعتمد علي المعلومات الحية والدقيقة ,كما تستخدم الاساليب الاحصائية والكمية والمناهج البحثية .

2-ذات طابع عملي:فالخبراء التنظميين لا يكتفون بتقديم المرئيات والتوصيات فقط بل يتدخلون لمساعدة الإدارة والعاملين لفهم واقعهم وتمكينهم من تشخيص معوقات التطوير وتحديد مشاكله وصياغة معالجته .كما يهتم التطوير التنظيمي بتعديل وترشيد السلوك التنظيمي الفعلي بدلا من مجرد طرح المعايير وذلك بعقد البرامج التدريبية للجماعات الديناميكية داخل المختبرات والورش المعدة خصيصا لهذا بغرض لاكتشاف نقاط القوة والضعف وإجراء التعديلات التي تجعلهم أكثر إنسجاما مع المعرفة العلمية والسلوكية.

3-برنامج مخطط طويل الآجل:حيث أن المتغيرات التي تسعي إليها المنظمة تعد جهدا متواصلا ودائما وليس مؤقتا . كما أن إهتمامها بالكليات يفوق إهتمامها بالجزئيات .

4-يهتم بالماضي لطرح إستراتيجيات المستقبل:فكما يهتم التطوير بحاضر المنظمة وواقعها فإنه يدرس ماضيها لطرح استراتيجيات المستقبل وذلك للتوفيق بين الامكانيات والطموحات والتوقعات .

5-يقوم علي القيم الانسانية:فبالاضافة إلي إهتمام التطوير بالمتغييرات الداخلية والعلاقات الرسمية فإنه يهتم كذلك بالمتغييرات الخارجية والعلاقاتالغيررسمية.                         

الاسباب التي تدفع المنظمات الي التطوير التنظيمي :

تظهر الحاجة الي إحداث التطوير التنظيمي بمبادرة من الادارة العليا

1-عندما تظهر بعض المشاكل أو المتغيرات الداخلية أو الخارجية والتي يصعب علي المنظمة مواجهتها بالاساليب التقليدية أو إعتمادا علي إدارة واحدة بالمنظمة.

2-أو ان تتعرض المنظمة لبعض المشكلات أو المتغيرات الداخلية أو الخارجية والتي تؤثر بدورها علي المنظمة ككل مما يتطلب تضافر جهود جميع الادارات لمواجهتها .

3-وقد تظهر الحاجة إلي التطوير التنظيمي لمواكبة الحركة الدائبة للتغيرات الاقتصادية وقوة المنافسة .

4- قد تظهر الاعراض التي تشير إلي هذه المشاكل أو المتغيرات علي مستوي المنظمة أو قد يقتصر ظهورها أو أثارها علي آحد الانظمة الفرعية بالمنظمة بمعني آخر قد تظهر المشكلة في آداء الفرد أو مجموعة العمل أو علي مستوي عدة مجموعات أو عند مستوي القيادة أو علي مستوي المنظمة ككل بإعتبارها نظام شامل . ومن الضروري أن يتوافر لدي المنظمة وجود الدافع الذاتي لاحداث التطوير فإذا لم تؤمن المنظمة وتعتقد بحتمية التغيير فلن يتوافر لديها الالتزام بنتائجه وبالتالي لن ينجح برنامج التطوير في تحقيق أهدافه .

وعلي هذا يمكن تقسيم المتغييرات التي تدفع المنظمة إلي التطوير التنظيمي إلي :

1-متغييرات داخلية     2- متفييرات خارجية

أ‌-المتغييرات الداخلية وتتمثل في :

1-الرؤية : ويقصد بها صورة مستقبل المنظمة والتي يمكن الوصول إليها من خلال إحداث التغييرات اللازمة لتحقيق هذه الرؤية .

 2-الازمات الداخلية:ويقصد بها حدوث حدث داخل المنظمة يتطلب أن تتحرك كافةالسياسات وتتغير لمواجهة تلك الازمة مما يتطلب بدوره ضرورة إحداث تغيير في كافة العناصر التي أدت إلي حدوث تلك الازمة .

3-الجوانب الشخصية والاجتماعية:حيث تتعرض سلوكيات الافراد للعديد من المتغييرات السريعة بسبب التغييرات السريعة في اتجاهات الافراد ومداركهم ودوافعهم الشخصية كنتيجة حتمية لتغييرات ظروف البيئة المحيطة بهم .

مثال ذلك :كثرة الاستقالات  –  كثرة الغياب أو التمارض  –  عدم الانضباط  –  كثرة طلبات النقل- كثرة الاجراءات التأديبية  -  كثرة الخلافات بين الافراد – عدم وجود تعاون بين افراد المنظمة

4-أدوات وأساليب العمل:حيث تؤثر الابتكارات العلمية كما ونوعا في تطوير ادوات وأساليب العمل من خلال نقل المعلومات والمعرفة بين المنظمات داخليا أوخارجيا والتي أصبح الحصول عليها بكل سهولة ويسر بسبب التقدم التكنولوجي في وسائل الاتصالات .ويدل عنها : بإنخفاض مستوي الانتاجية - التقدم المحدود علي مستوي المنظمة -إنخفاض مستوي رضاء العاملين.

5-هياكل العمالة والوظائف :فقد يتم التطوير التنظيمي في هياكل العمالة ماديا وايجابيا عن طريق إضافة عمالة جديدة أو ماديا سلبي عن طريق الاستغناء عن بعض العمالة .أو قد يكون التطوير في هياكل العمالة نوعيا وذلك عن طريق البرامج التدربية لرفع الكفاءة الانتاجية .

الوظائف الاساسية :وذلك كنتيجة لتطوير أداء المنظمة بسبب تزايد أو نقص حجم المنظمة أو تنوع خطوط الانتاج أودمج بعض العمليات الآمر الذي يؤدي بدوره إلي التغيير في الوظائف الاساسية بالمنظمة .

-أساليب التخطيط والرقابة - علاقات السلطة والمسئولية

ب-المتغييرات الخارجية وتتمثل في:

1-ويقصد بالفرصة هو التنبؤ بأن التغيير سوف يكون للأفضل في ضؤ الاستفادة من المناخ الحالي المحيط بالمنظمة .

2-التهديد:ويقصد بالتهديد هو إحتمال حدوث شئ في المستقبل سوف يؤثر سالبا علي المنظمة وإستمرارية نشاطها

3-الأزمات الخارجية:وهو حدوث حدث خارجي يؤدي بدوره إلي إحداث تغييرات بالمنظمة لمواجهة هذا الحدث

4-التغييرات المستمرة في سوق العمل:وذلك من حيث نوعية العمالة وكفاءتها , وكذلك التغيير المستمر في نظم التعليم والتنمية والتدريب .

5-زيادة حدة المنافسة:وذلك لرغبة كل منظمة في زيادة حصتها من السوق والعمل علي كسب أكبر شريحة من العملاء .

6-متطلبات التجارة الدولية:حيث يقتضي العمل والتنافس في المجال الدولي وجود فرص ومشكلات عديدة يجب أن تكون لدي  المنظمة القدرة علي التعامل معها وكذلك التنافس والتكيف مع الفوارق الثقافية وأساليب الاتصال وأخلاقيات العمل وإجراءاته .

7- زيادة القوة التي يتمتع بها العملاء والمستهلكين وسيادة عصر  لتوجه للعميل وإحترام المستهلك والعمل علي إرضائه .

8-متطلبات الجودة الشاملة .

9-التغير السريع في الاساليب الفنية والتكنولوجية.

10-السياسات الاقتصادية والقانونية في البيئة المحيطة بالمنظمة .

11-هياكل القيم الاجتماعية في البيئة الخارجية للمنظمة .

محاور التطوير التنظيمي هناك 3محاور للتطوير التنظيمي: 

1-المستفيد من التطويرالتنظيمي .

2-المستهدف من التطوير التنظيمي .

3-مجال التطوير التنظيمي .

المحور الاول : المستفيد من التطوير

أ- الفرد : بغض النظر عن مركزه أو عمله أو مكانته في الجماعة .

ب--الجماعة : وذلك من خلال أفرادها .

ج--المنظمة : وتشمل كل الافراد في نطاق عمل المنظمة وسلطاتها .

د-المجتمع والرأي العام.                                      

المحور الثاني : المستهدف من التطوير

أ-إحداث التغيير الهيكلي : وهو تغيير الهيكل العام للمنظمة وقنوات الاتصال وتدفق السلطة والعلاقات التبعية وتقسيمات العمل وتصميم الوظائف .

ب-إحداث التغيير التقني : وهو تغيير في التكنولوجيا للآلات والمعدات المستخدمة بالمنظمة .

ج-إحداث التغيير الاجرائي : وهو التغيير في قواعد ونظم العمل مثل نظام الحوافز والاجور والترقيات .......... إلخ

د-إحداث التغيير السلوكي : وهو التغيير في القيم والافعال والتفاعلات – والتغيير في إسلوب التفكير – والتغيير في الادراك والمواقف والمشاعر .

المحور الثالث : مجال التطوير

وهو أين يكون التغيير والعلاقات التي يشملها ويتضمن ذلك :

1-إحداث التغيير في إجراءات ونظم العمل بالمنظمة .

2-إحداث التغيير في إدارة معينة .

3-إحداث التغيير في فرع معين من فروع المنظمة.

4-إحداث التغيير في المنظمة ككل . 

تابع الجزء الثانى من التطوير التنظيمى فى المنظمات الحكومية

المصدر: الدكتوره ليلي عبدالله عبد المعز دكتوراه الفلسفه في الادارة العامة والمحلية.
Laila2000
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

41,129