الجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة

موقع علمي يهتم بتشخيص مشكلات الميدان وطرح الرؤى والحلول المناسبة

 

كيف تكون أسرة سعيدة


محاضرة/بقلم الدكتورة/سلوى عزازي

ألقيت في قصر ثقافة أبو كبير

يوم الأربعاء الموافق6/7/2005

<!--[if !mso]> <mce:style><! v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} -->

 

<!--[endif] --><!--<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <mce:style><! /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman","serif";} -->

 

<!--[endif] --><!--<!--

"رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وعَلَى والِدَيَّ وأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ" صدق الله العظيم 0

    وأصلي وأسلمُ على خيرِ هادٍ سيدنا محمد ﷺ الذي علمه ربُهُ فعَلِمَ وعلَّمَ، وعلى آلهِ وصحبهِ ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين 0

أما بعد

    فيسعدني ويشرفني التحاور معكم اليوم في بعض الأمور التي تشغل بالنا جميعا في خضم ما نراه حولنا من أحداث، فقد كنا بالأمس القريب نستنكر إيداع الآباء والأمهات في بيوت المسنين

     وفوجئنا اليوم بالابن الذي يستغل فرصة وجود والدته في الحج، ويقوم بالاستيلاء على منزلها بالكامل، ويلقي بها في قارعة الطريق إرضاءًا لزوجته

    والأخطر من ذلك ما تطالعنا به وسائل الإعلام اليومي بوجود الابن الذي يقتل والده أو والدته

 

 

 

 

 

والأم التي تقتل ابنها

كيف يقتل الآباء الأبناء الذين قال عنهم الشاعر:

فإن رحمت فأنت أم أو أب         هذان في الدنيا هما الرحماء

    والابنة التي تشترك في قتل والدها وإخفاء جثته، والزوجة التي تقتل زوجها والعكس، والشاب الذي يقتل آخر بسبب خمسمائة جنيها

 

 

 

 

 

    وهنا نتساءل ما الذي حدث في المجتمع؟ ماذا أصاب هؤلاء الناس؟ إلى من نتوجه؟ من المسئول عن ذلك؟

    مجموعة من التساؤلات التي يصعب الإجابة عنها، فقد أشارت أصابع الاتهام إلى جهات متعددة منها: أفلام العنف، والألعاب الإلكترونية كالحوت الأزرق وغيره، والبطالة، والحالة الاقتصادية للبلد، وخروج المرأة للعمل بما في ذلك من ترك رعاية الأبناء أثناء تواجدها في العمل ودعاوى التمدن0

     وأيا ما تكون الأسباب فهذه مشكلة تحتاج إلى البحث والدراسة، وهنا نتساءل؛ من أين نبدأ؟ هل نبدأ بالفرد أم بالمجتمع أم بهما معا؟

    هيا نبدأ من الأسرة التي هي نواة المجتمع التي تشكل أفراده، وكلمة أسرة مأخوذة من الفعل أسر، والأسر معناه القيد، بمعنى أن تكوين الأسرة يضع قيودا على كلا الطرفين الالتزام بها، وقبل تكوين الأسرة علينا أن نسأل الشاب والفتاة: هل أعددت نفسك لمثل هذا اليوم؟ هل أنت مستعد لتحمل المسئوليات التي سوف تلقى على عاتقك أثناء الزواج؟ فالأسرة معناها التكليف، ليس التشريف، فالأساس الذي تبنى عليه الأسرة هو الزواج "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" الروم (21) ومعنى السكن الاستقرار والطمأنينة، ولكي يتحقق ذلك يجب أن نحسن اختيار كل من الزوج والزوجة حتى تتلاشى حالات الطلاق ونتجه نحو مفهوم الأسرة السعيدة، ومفهوم السعادة[i] في علم النفس: إنها الشعور بالسرور والرضا عن حياتك، وهو شعور يتكرر نتيجة مشاعر وانفعالات سارة، لذلك يمكن القول إن السعادة في علم النفس تحدد حسب طبيعة الفرد وطرق تعامله مع الظروف التي تحيط به ومواقف حياته اليومية التي يمر بها.

    والسؤال الذي يطرح نفسه هنا؛ كيف يمكن الاختيار في ظل حرص كل طرف على الظهور في أجمل مظهر أمام الطرف الآخر؟

    والإجابة أن الإسلام وضع لنا قواعد الاختيار التي قد نستشفها من الظاهر، ومن خلال السؤال عن الطرف الآخر، ومنها:

    لنبدأ أولا باختيار الأسباب التي من أجلها يختار الشاب شريكة حياته والشروط التي يجب توافرها في الزوجة، وقد سرد لنا الرسول ﷺ أربعة أسباب حينما قال:" تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك" وتربت يداك أي لصقت بالتراب إذا لم تفعل0

    وعلى الرغم من أنه عدد أربع حالات لاختيار الرجل للمرأة، وهي:

1.   المال

2.   الحسب

3.   الجمال

4.   الدين

    إلا أنه لم يأمر إلا باختيار ذات الدين دون غيرها، وليس معنى ذلك ترك الصفات الأخرى، ولكن إذا تعارضت الصفات نتمسك بذات الدين، لماذا؟

    لأن المرأة عليها عبء تربية الأبناء، ورعايتهم لانشغال الأب بالعمل خارج المنزل، فالأم هي التي تزرع في أبنائها القيم والمبادئ التي تؤهلهم للتعامل مع أفراد المجتمع، فإذا كانت هذه الأم صالحة صلح المجتمع، والعكس، وفي ذلك يقول الشاعر حافظ إبراهيم:

الأم مدرسة إذا أعددتها *** أعددت شعبا طيب الأعراق

من لي بتربية النساء فإنها ** في الشرق علة ذلك الإخفاق

وقال فيها الشاعر معروف الرصافي:

حملتني ثقلا ومن بعد حملي – ارضعتني الى أوان فطامي

ورعتني في ظلمة الليل حتى - تركت نومها لأجل منامي

فلها الحمد بعد حمدي ألهى – ولها الشكر في مدى الأيام

    ولا شك أن المرأة الجميلة تسر الناظرين، ولكن الجمال وحده لا يكفي، حيث يُروَى عن النبيّ ﷺ أنه قال: “إياكم وخضراءَ الدِّمَن” فقيل: وما خضراء الدِّمَن؟ قال: “المرأة الحسناء في مَنبَت السُّوء” والسؤال هنا: ماذا يحدث إذا اختار المرأة الجميلة ولكن أخلاقها دون المستوى؟

1.   قد تنسب الابن إلى غير أبيه

2.   قد تربي أبناءه تربية غير صالحة

3.   سيكون زوجها في جحيم نتيجة شكه في تصرفاتها، لذلك حرم الإسلام الارتباط بين الزناة وبين المسلمين بأية صريحة" ٱلزَّانِى لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَٱلزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَآ إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ۚ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ "المؤمنين (3) عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ مَرْثَدَ بْنَ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيَّ كَانَ يَحْمِلُ الْأَسَارَى بِمَكَّةَ، وَكَانَ بِمَكَّةَ بَغِيٌّ يُقَالُ لَهَا: عَنَاقُ وَكَانَتْ صَدِيقَتَهُ، قَالَ: جِئْتُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْكِحُ عَنَاقَ؟ قَالَ فَسَكَتَ عَنِّي، فَنَزَلَتْ: {وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} [النور: 3] فَدَعَانِي فَقَرَأَهَا عَلَيَّ وَقَالَ: «لَا تَنْكِحْهَا» رواه أبو داود (2051) وصححه الألباني

4.   قد تقتله ليخلو لها الجو مع غيره كما تطالعنا الجرائد يوميا

    وفي ذلك سوف أجد من يقول لي: إن الله يقبل التوبة لماذا لا نقبلها نحن؟، فأقول له: إن الله - تعالى - مطلع على ما في القلوب والعقول، ويعلم الجهر وما يخفى، أما نحن فمن أين نعلم أن التوبة صادقة؟ إذن فالمطلوب من المرأة أن تكون متدينة ذات خلق، وهذا لا يمنع أن تجمع من الصفات الأخرى بعض الصفات، أو تجمعها جميعها، إضافة إلى الذكاء الاجتماعي الذي يؤهلها إلى حسن التصرف والفدرة على التكيف في المواقف المختلفة

    هيا بنا ننظر للطرف الآخر، كيف تختار الزوجة الزوج؟

    هناك عدة مبادئ يمكن من خلالها اختيار الزوج من بينها:

1.   التكافؤ في جميع الجوانب الاجتماعية، التعليمية، والاقتصادية، والأسرية، حتى يكون هناك خط فكري واحد بين الزوج والزوجة0

    فهناك أخطاء تحدث في مجتمعنا عند اختيار الزوج منها: اختيار الزوج لماله، ولكي يتضح ضرر مثل هذا الاختيار هيا بنا نرى وجهة نظر الشاعرة ميسون زوجة الخليفة معاوية، وأم ولده يزيد فقد كانت فتاة بسيطة من البادية، تزوجت الخليفة، وسكنت في قصر الخلافة، ومع ذلك طلبت من زوجها العودة إلى البادية، فقال لها:" أنت في ملك لا تدرين قدره، وكنت قبل اليوم في عباءة" فماذا قالت له؟ قالت:

لبيت تخفق الأرواح فيه       أحب إلىَّ من قصر منيف

ولبس عباءة ويقر قلبي      أحب إليَّ من لبس الشفوف

وأصوات الرياح بكل فج        أحب إلىَّ من نقر الدفوف

وأكل كسيرة من خبز قومي    أحب إلىَّ من أكل الرغيف

فما أبغي سوى وطني بديلا فحسبي ذاك من وطني شريف

    لو كان المال سبب السعادة لما كان هناك أسعد من زوجة الخليفة الذي يتمتع بالمال والجاه والحسب، وعلى الجانب الآخر هناك من تختار الرجل لفقره، فهناك مقولة شائعة بين الفتيات تقول:" لن أبيع نفسي" اعتقادا منها أن الزواج بالثري بيع للنفس وتكون مخطئة؛ لأن هناك ضرورات للحياة لا يمكن الاستغناء عنها، كما أن الغنى والفقر ليس هو المحك على خلق الرجل فقد يكون فقيرا ولا يعرف عن الأخلاق شيئا والعكس، إذن كيف تختار المرأة الرجل المناسب؟

    قال الرسول ﷺ :" إن جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه"، إذن فالمحك هنا هو الدين والخلق، كما أمرنا الرسول ﷺ، وكما أمرنا الله تعالى:" الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (26)[[النور:26]

والسؤال الآن؛ لماذا هذا النهي عن التعامل مع الزناة؟ فقد تعتقد المرأة أنه تاب أو أنها تستطيع تغييره للأفضل؟

والإجابة لعدة أسباب منها:

1. أن هذا الزاني ارتكب جريمة لا تغتفر، إتيانها دليل على أن مرتكبها ضميره في أجازة لا يخشى عقاب الله –تعالى-، وطالما أعطى ضميره أجازة ولم يخف من الله – تعالى- في هذا الموقف لا يستبعد أن يعطيه أجازة في مواقف أخرى فكيف نستأمنه على بناتنا؟

2. أن زوجة هذا الشخص قد تفاجأ بعد الزواج بوجود أبناء لهذا الزوج يشاركون أبناءها في الميراث0

3. أن هذا الزوج قد يحن لمن أخطأ معها، ويتزوجها على زوجته، وفي هذا ما فيه من الغيرة المعهودة بين النساء، حتى بين أمهات المؤمنين، فقد ذكر القرطبي أن الرسول ﷺ قد استقدم أسماء بنت النعمان ليتزوجها، فاتفقت السيدة عائشة، والسيدة حفصة -رضي الله عنهما-، وقامتا بتمشيط العروس، وتجهيزها، وقلن لها: إن الرسول ﷺ يحب إذا دخلت عليه العروس أن تقول له: أعوذ بالله منك، وحينما قالت له ذلك قال لها: "أتستعيذي من معاذ" وطلقها، وإذا كان هذا حال أمهات المؤمنين حاشا لله من التشبيه، فكيف بحال المرأة العادية؟

4. أن هذا الرجل الذي تعود إتيان الرذيلة لا يخلو من الشذوذ الجنسي، فقد يلجأ إلى ممارسات جنسية لا تقوى عليها المرأة العفيفة مثل: الرضاعة، واللواط، ويكون هذا بؤرة خلاف تجعله يشعر أن المرأة الخارجية أفضل من زوجته فيسيء معاملة زوجته، لعدم قدرتها على إشباع رغبته الشاذة0

5. أن هناك أمراض معدية تصيب ممارسين الرزيلة كالإيدز ويخشى من انتقال العدوى 0

6. أن الشيطان يزين للرجل الخطيئة، ويكرهه في زوجته العفيفة؛ فتكثر المشكلات بينهما0

7. غياب القدوة الحسنة بالنسبة للأبناء0

8. السمعة السيئة التي تطارد الأبناء0

    لذلك نهى الإسلام عن التعامل مع هؤلاء الأفراد نهيا صريحا حينما قال تعالى" الزَّانِي لا يَنكِحُ إلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3)[[النور:3]0 وقد نهى الله –تعالى- عن الاقتراب من الزنا في قوله:" وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً" {الإسراء:32}،

    نعود مرة أخرى لشروط اختيار الزوج، هل المطلوب في الزوج التدين فقط؟ لا، ولكن المطلوب فيه أيضا:

2.   أن يكون قادرا على نفقات الزواج" الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً (34)"[النساء:34] والقوامة معناها القيام بالأمر، وتدبيره، والقوة الجسدية، والعقلية، فالرجل بحكم بنيته أقوى من المرأة جسديا، ومطالب أن يكفل لها أمرين:

1) حمايتها من مد اليد بتوفير ما يلزمها من نفقات لأن مد اليد يتبعه تنازلات غير مرغوبة

2) حمايتها من الخوف بأن يشعرها بالأمان في بيتها وأنها زوجة لمن يحميها من تقلبات المجتمع الخارجي

    وهذا يذكرني بقول كانت السيدات قديما تطلقه، وكنت لا أفهم معناه، فحينما كانت العروس تذهب لبيت زوجها، وكانت السيدات تقلن على العريس "إنه لا يجعل الباب يرى طولها" وعندما كبرت فهمت أن معنى هذه المقولة أن الرجل لا يكلف زوجته بالعمل خارج المنزل، ويأتي لها بمن يخدمها، فهي ليست بحاجة للخروج من المنزل، أو حتى فتح الباب لمن يطرقه لوجود من يقوم بذلك، بعكس ما يحدث اليوم من اعتماد معظم الرجال على مرتبات زوجاتهن وليس فقط داخل البلاد ولكن منهم من يجبرهن على العمل خارج البلاد، ويقاسمها دخلها على سند من القول بأن الفترة التي مضتها خارج البلاد كان له حقوق عليها لم تؤدها فله نصف ما اكتسبت نظير هذا التقصير، والسؤال هنا لمن يفعل ذلك: ما رأيك في نفسك؟ هل تستطيع احترام نفسك؟ أم أن ضميرك في أجازة؟ كيف تقبل مستحقات زوجتك التي ضحت بكل غال ونفيس من أجل توفير هذه المستحقات كي تنقلك مع أولادك إلى مستوى معيشي أفضل، وكان من الممكن أن تتمتع معها بالمستوى الأفضل وفي النهاية المستحقات سيرثها أولادك؟

    وقد قال الرسول ﷺ " يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء"0

    ولنا وقفة مع بعض ألفاظ هذا الحديث الشريف مثل: الباءة في اللغة أصلها الجماع مشتقة من المباءة، وهي المنزل، ثم قيل لعقد النكاح باءة لأن من تزوج امرأة بؤها منزلا، وقيل يراد بها مؤن النكاح0

وكلمة وجاء: أي حماية من الوقوع في الخطأ، فقد ثبت علميا أن الصوم يقلل من إفراز الخصيتين مما يقلل من الشهوة الجنسية عند الرجل0

وفي هذا الحديث أمر صريح من الرسول ﷺ للشباب الراغب في الزواج بأن يوفروا نفقات الزواج أولا، وإن لم يستطيعوا فليصوموا0

    وهنا نتساءل أي نفقات الزواج يقصد؟ هل النفقات المقصودة هي المهر والشبكة أم النفقات الدائمة؟ هل كل عريس يأتي للعروس بمبلغ مالي، وبعد الزواج لا تجد ما تنفقه؟ أم المقصود أن يكون الرجل له دخل ثابت يستطيع من خلاله الإنفاق على البيت؟

     هل من المعقول أن تكون المرأة موظفة، وعلى ذمة رجل يمارس عليها ضغوط "سي السيد" ويتركها تمد يدها لأهلها لأن بيتها خال من النقود؟ أو أن يجبرها على إعطائه ما تملك من النقود يسجله باسمه بطريقة أو بأخرى؛ وفي ذلك ما فيه فلو افترضنا جدلا أنه أهل للثقة؛ وهذا بعيد فلو كان أهلا لها لما كتب ممتلكات زوجته باسمه، فقد تتوفى الزوجة قبله ويتزوج بأخري فترث الأخرى وأبناءها أموال الزوجة الأولى التي هي من حق أبنائها، وبذلك يحرم وارث من الميراث، إضافة إلى عدم ارتياح الزوجة شعوريا وتغير نظرتها للرجل الذي أحبته واستأمنته على أغلى ما تملك0

    بالطبع المقصود من الباءة في الحديث الشريف أن يكون الرجل له دخل ثابت ينفق منه على البيت، وقبل هذا الدخل يكون له مكان ثابت تقيم فيه الأسرة حسب التراضي، حيث توجد ضرورات للحياة لا غنى عنها مثل توفير الغذاء والدواء ونفقات تعليم الأبناء إلى آخر ما يحتاج نفقات إذا لم تتوفر في حينها كانت مصدرا للتعاسة فلن تكون الأم سعيدة حينما يمرض نجلها ولم تجد ثمن الكشف والعلاج

    والمطلوب باختصار أن تكون المرأة ذات خلق حسن إلى جانب الصفات الأخرى، وأن يتمتع الزوج بالتدين إلى جانب القدرة المالية التي تسمح له بالإنفاق على المنزل، إضافة إلى التكافؤ بين الطرفين في كل المستويات(الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والتعليمي والعمري) ، وبعد ذلك تأتي تربية الأبناء على القيم والمثل المرغوبة من خلال:

1)            القدوة الحسنة: فيجب أن يتحلى الأب والأم بالسلوكيات المرغوبة0 حتى يلتقطها منهما أبناؤهما

2)            ترغيب الطفل في العمل ووضعه في مواقف يمارس فيها العمل فعليا حتى يشب على احترام العمل

3)            إقناع الطفل بأهمية تحديد أهداف يسعى لتحقيقها من خلال التخطيط الجيد

4)            ترغيب الطفل في استغلال القراءة لحل ما يواجهه من مشكلات

5)            تعويد الطفل على المشاركة في أعمال المنزل

6)            إشراك الابن في الأنشطة التربوية 0

7)            الاستماع الجيد للطفل وتوجيهه دون تدخل

8)            إقناع الطفل بأهمية السعي لتحقيق الأهداف وتقبل إرادة الله –تعالى- فيما لم يتحقق من أهداف"القناعة"

9)            العدل بين الأبناء: يقول النعمان بن بشير: أعطاني أبي عطيةً، فقالت عمرة بنت رواحة (أم النعمان): لا أرضى حتى تُشْهِدَ رسول الله ﷺ، فأتى رسول الله ﷺ، فقال: إني أعطيتُ ابني من عمرة بنت رواحة عطية، فأمرتني أن أشهدك يا رسول الله. فقال رسول الله ﷺ: (أعطيتَ سائر ولدك مثل هذا؟ قال: لا. قال رسول الله ﷺ: (فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) [البخاري] قال: فرجع فرد عطيته، لأن عدم العدل بين الأبناء يولد بينهم العداوة والبغضاء0

10)       بث روح التعاون بين الأبناء

    وحدد علماء النفس وخبراء السلوك بعض الخطوات التي تساعد الآباء على اكتساب ثقة الأطفال وكذلك اكتساب صداقتهم في سن مبكرة[ii]:

. اجعله يشعر بأهميته ومكانته وأن له قدرات وهبها الله-تعالى- له.

. علمه أن يصلي معك واغرس فيه مبادئ الإيمان بالله-تعالى-.

. علمه مهارات إبداء الرأي والتقديم وكيف يتكلم ويعرض ما عنده للناس.

. علمه كيف يقرأ التعليمات ويتبعها.

. علمه كيف يضع لنفسه مبادئ وواجبات ويتبعها وينفذها.

. علمه مهارة الإسعافات الأولية.

. أجب عن جميع أسئلته.

. أوف بوعدك له.

. علمه مهارة الطبخ البسيط كسلق البيض وقلي البطاطا وتسخين الخبز وغيرها.

    وقبل كل ذلك علمه أن يكون له هدف يسعى إليه في الحياة، وأن يكون هذا الهدف يمكن الوصول إليه، وأن السعادة الحقيقية تتمثل في السعي للوصول للأهداف المشروعة والوصول إليها بالطرق المشروعة، وقبل ذلك القناعة بما وهبه الله-تعالى-  له والله-تعالى-  الموفق

 


[i] دينا أحمد: مفهوم السعادة الحقيقة و اسبابها و كيفية الحصول عليها، نت، كلمتين

[ii] رحمة المهدي: كيف تكتسب صداقة إبنك في سن مبكرة؟

<!--<!--<!--<!--[if gte mso 9]><xml> <w:LatentStyles DefLockedState="false" DefUnhideWhenUsed="true" DefSemiHidden="true" DefQFormat="false" DefPriority="99" LatentStyleCount="267"> <w:LsdException Locked="false" Priority="0" SemiHidden="false" UnhideWhenUsed="false" QFormat="true" Name="Normal" /> <w:LsdException Locked="false" Priority="9" SemiHidden="false" UnhideWhenUsed="false" QFormat="true" Name="heading 1" /> <w:LsdException Locked="false" Priority="9" QFormat="true" Name="heading 2" /> <w:LsdException Locked="false" Priority="9" QFormat="true" Name="heading 3" /> <w:LsdException Locked="false" Priority="9" QFormat="true" Name="heading 4" /> <w:LsdException Locked="false" Priority="9" QFormat="true" Name="heading 5" /> <w:LsdException Locked="false" Priority="9" QFormat="true" Name="heading 6" /> <w:LsdException Locked="false" Priority="9" QFormat="true" Name="heading 7" /> <w:LsdException Locked="false" Priority="9" QFormat="true" Name="heading 8" /> <w:LsdException Locked="false" Priority="9" QFormat="true" Name="heading 9" /> <w:LsdException Locked="false" Priority="39" Name="toc 1" /> <w:LsdException Locked="false" Priority="39" Name="toc 2" /> <w:LsdException Locked="false" Priority="39" Name="toc 3" /> <w:LsdException Locked="false" Priority="39" Name="toc 4" /> <w:LsdException Locked="false" Priority="39" Name="toc 5" /> <w:LsdException Locked="false" Priority="39" Name="toc 6" /> <w:LsdException Locked="false" Priority="39" Name="toc 7" /> <w:LsdException Locked="false" Priority="39" Name="toc 8" /> <w:LsdException Locked="false" Priority="39" Name="toc 9" /> <w:LsdException Locked="false" Priority="35" QFormat="true" Name="caption" /> <w:LsdException Locked="false" Priority="10" SemiHidden="false" UnhideWhenUsed="false" QFormat="true" Name="Title" /> <w:LsdException Locked="false" Priority="0" Name="Default Paragraph Font" /> <w:LsdException Locked="false" Priority="11" SemiHidden="false" UnhideWhenUsed="false" QFormat="true" Name="Subtitle" /> <w:LsdException Locked="false" Priority="22" SemiHidden="false" UnhideWhenUsed="false" QFormat="true" Name="Strong" /> <w:LsdException Locked="false" Priority="20" SemiHidden="false" UnhideWhenUsed="false" QFormat="true" Name="Emphasis" /> <w:LsdException Locked="false" Priority="59" SemiHidden="false" UnhideWhenUsed="false" Name="Table Grid" /> <w:LsdException Locked="false" UnhideWhenUsed="false" Name="Placeholder Text" /> <w:LsdException Locked="false" Priority="1" SemiHidden="false" UnhideWhenUsed="false" QFormat="true" Name="No Spacing" /> <w:LsdException Locked="false" Priority="60" SemiHidden="false" UnhideWhenUsed="false" Name="Light Shading" /> <w:LsdException Locked="false" Priority="61" SemiHidden="false" UnhideWhenUsed="false" Name="Light List" /> <w:LsdException Locked="false" Priority="62" SemiHidden="false" UnhideWhenUsed="

التحميلات المرفقة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 98 مشاهدة
نشرت فى 27 مايو 2020 بواسطة LOLOAH

الجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير و الدكتوراه

LOLOAH
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

89,225