النشر العلمي الوهمي: بين قائمة بيل...وقانون جريشام

بقلم دكتور / قاسم زكى*  [email protected]

أستاذ الوراثة بكلية الزراعة، جامعة المنيا، المنيا، مصر ((MU

 

(ملخص المقال): منذ بدأ الخليِقة وقد دأب جهابذةُ البشرية ومفكريها على نقل ابتكاراتهم وأفكارهم واختراعاتهم الجديدة إلى بقية الجماعات التي عاشوا فيها. فكثيرا ما كانوا يسجلونها فى القراطيس ولفائف الرقاع وأوراق البردي، أو يضمنوها فى كتبهم. ومع ظهور آلات الطباعة، بدأت تظهر المجلات والدوريات العلمية منذ باكورة القرن التاسع عشر الميلادي وبدأت تُنشر نتائج البحوث والابتكارات والاختراعات في تلك الدوريات العلمية، والتي بدأت تصدر بشكل دوري منتظم، وتمر البحوث المنشورة فيها بمرحلة تقييم وتحكيم جادة. ثم انتقلت عمليات النشر العلمي إلى خطوة أحدث وهي النشر الإليكتروني مع استخدام الحاسوب الآلي، ثم أتت تقنية شبكة الانترنت، فتسارعت عملية النشر الإليكتروني بشكل لم يسبق له مثيل، مع الحفاظ على جدية التحكيم والطباعة.

وفى الفترة الأخيرة نادى العديد من الخيرين في هذا العالم، بضرورة إتاحة كافة الابحاث المنشورة لكل الباحثين حول العالم مجانا على شبكة الانترنت، وربما هذا يساعد على تطور وتسارع عملية البحث العلمي وتقليل النفقات للوصول الى البحوث المنشورة. لكن دوما هناك من يستغلون الافكار الانسانية النبيلة لصالحهم فقط دون النظر لفائدة المجتمع؛ فقفز لصوص الانترنت والذين طبقوا الفكرة لإتاحة البحوث مجانا للقراء ولكنهم يجمعون كثير الاموال من راغبي النشر السريع في دوريات دولية من اجل الترقي، وتم هذا دون مراعاة لجودة البحوث أو دقة عملية التقييم والتحكيم أو حتى جودة الطباعة. وبدأت تلك الظاهرة تطفو فى فضاء الإنترنت منذ قرابة عشر سنوات مضت، ولكنها تسارعت بوتيرة غير مسبوقة فى الفترة الاخيرة، فأعداد دور النشر والدوريات الوهمية تزداد سنويا وبمعدل متسارع، وأصبحت اعدادها تتجاوز الآلاف. ولكن "زاد الطين بله" باتجاههم لترويج بضاعتهم الفاسدة بابتداع مقاييس (معاملات تأثير) مضللة.

 وسوف نستعرض في مقالنا هذا ما آل إلية هذا السيل المنهمر من النشر العلمي الوهمي وآخر إحصاءاته بالاستعانة بقائمة "بيل" للدوريات ودور النشر الوهمية حتى هذا العام 2017م. وأتضح أنه كل من يتعرض لهذه الدوريات المشبوهة يلقى الكثير من الاغراءات ثم التهديدات فالهجوم من اصحاب شبكات المصالح المنتشرة حول العالم. وأخطر ما سوف تسببه تلك الظاهرة هو الخلط بين الدوريات العلمية الجادة وتلك المشبوهة، ثم فقدان الثقة في الابحاث العلمية المنشورة.

*****

مولد فكرة النشر العلمي:

منذ بدأ الخليِقة وقد دأب جهابذةُ البشرية ومفكريها على نقل ابتكاراتهم وأفكارهم واختراعاتهم الجديدة إلى بقية الجماعات والقبائل والشعوب التي عاشوا فيها. فكثيرا ما كانوا يسجلونها فى القراطيس ولفائف الرقاع وأوراق البردي، أو يضمنوها فى كتبهم بخط أيديهم ثم تنسخ. ولقد حملت ايضا حوائط الكهوف والمعابد والكنائس والمساجد والاديرة والصوامع العديد من تلك الابتكارات. بل كانوا يغتنمون فرصة آي تجمعات بشرية فى الساحات أو الميادين أو الاحتفالات أو الأعياد ثم يقومون بعرض مبتكراتهم ومخترعاتهم. وأيضا كانوا يذهبون إلى الحكام والملوك والأمراء والسلاطين وعِلية القوم ليعرضوا عليهم تلك الاختراعات، وكان بعض الحكام يجزلون لهم العطايا، بل وصل الأمر أن بعض الحكام كانوا يوزنون كتب العلماء مقابل الذهب وينعمون به على رعاياهم المفكرين والمبدعين (الخليفة المأمون، مثالا). ولكن مع زيادة سكان المعمورة وتطور وسائل الاتصالات والنقل والمواصلات والكتابة والنشر وظهور آلات الطباعة الحديثة وتطورها، بدأت عمليات النشر العلمي تأخذ طابعا أكثر تقدما، فُعُقدت اللقاءات والندوات وورش العمل والمؤتمرات العلمية والتي تستقبل وتتيح الفرصة للعلماء لعرض نتائجهم أمام الجميع، ثم تأسست الجمعيات العلمية لهذا الغرض وتنشر ابحاث تلك اللقاءات في كتب أعمال المؤتمرات (Proceedings) وتوزعها على الهيئات العلمية.

النشر العلمي في الدوريات، والنشر الإليكتروني:

ثم بدأت تظهر المجلات والدوريات العلمية (1) منذ باكورة القرن التاسع عشر الميلادي وبدأت تُنشر نتائج البحوث والابتكارات و الاختراعات في تلك المجلات والدوريات العلمية المطبوعة، والتي بدأت تصدر بشكل دوري منتظم، ومنها ما هو موجه لفئة العلماء والباحثين المتخصصين (الدوريات العلمية Scientific Periodicals) والتي تمر بمرحلة تقييم وتحكيم جادة للبحوث المنشورة بها يتولاها خبراء فى التخصص (تقييم النظراء Peer-review) (1). وهناك المجلات العلمية (Scientific Magazines) (1) التي تنقل الجديد فى العلوم والاختراعات ونتائج البحوث بطريقة سهلة ومبسطة وسلسلة لعوام الناس لاطلاعهم على الجديد. تلك المجلات العلمية لا تحتاج لتقييم أو تحكيم علمي رصين من خبراء متخصصين، إنما يكفي من لهم دراية عامة فقط بمختلف العلوم (مُحرر علمي Scientific Editor).

ثم انتقلت عمليات النشر العلمي إلى خطوة أحدث مع ابتكار تكنولوجيا المعلومات (It Technology) والنشر الإليكتروني (E-publishing) (1) مع استخدام الحاسوب الآلي، ثم أتت مع تسعينات القرن العشرين تقنية شبكة الانترنت (Internet)، فتسارعت عملية النشر الإليكتروني بشكل لم يسبق له مثيل. فيمكن للباحثين نشر أبحاثهم بسرعة عما قبل وربما فى زمن يقل عن عُشر الوقت عما كان في ماض النشر الورقي، بل أصبحت الدوريات العلمية تصل لقارئيها على وجه البسيطة في نفس اللحظة التي تُطلق فيها على شبكة الانترنت بمعرفة الدورية او دار النشر(1).

وفى الفترة الأخيرة نادى العديد من الخيرين في هذا العالم، بضرورة إتاحة كافة الابحاث المنشورة لكل الباحثين حول العالم مجانا (Free Online Access)، وربما هذا يساعد على تطور وتسارع عملية البحث العلمي وتقليل النفقات للوصول الى البحوث المنشورة وخاصة في العالم النامي. ولكن وقفت تكاليف النشر العلمي حجر عثرة في تطبيق هذه الفكرة الانسانية الطيبة، ومازالت دور النشر العملاقة والرصينة تدرس هذا الموضوع وتتقدم خطوات محسوبة فى هذا الاتجاه.

أفكار نبيلة، وهناك نوايا سيئة:

لكن دوما هناك من يستغلون الافكار الانسانية النبيلة لصالحهم فقط دون النظر لفائدة المجتمع؛ فقفز لصوص الانترنت (Hijackers) والذين طبقوا الفكرة لإتاحة البحوث مجانا للقراء (Open Access) (1) ولكنهم يجمعون كثير الاموال من راغبي النشر السريع في دوريات دولية (سواء بسذاجة أو بسوء نية) من اجل الترقي، وتم هذا التوافق بين الطرفين دون مراعاة لجودة البحوث أو دقة عملية التقييم والتحكيم أو حتى جودة الطباعة. وبدأت تلك الظاهرة تطفو على سطح الفضاء العلمي بالإنترنت منذ قرابة عشر سنوات مضت (2&3). ولكنها تسارعت بوتيرة غير معقولة فأصبحت خلال بضع سنين تتجاوز الآلاف من الدوريات الوهمية، وتحقق المثل القائل "اتسع الفتق على الراتق" لهذا السيل المنهمر من الدوريات العلمية ودور النشر الوهمية(4) والتي تنشر البحوث العلمية مقابل المال فقط دونما مراعاة لقواعد البحث أو النشر العلمي أو التحكيم الجيد، أو حتى الطباعة الإليكترونية المتقنة. ومُلأت الانترنت بآلاف من الدوريات العلمية التي لا وزن ولا قيمة لها...بل افسدت النشر العلمي بما قذفته من آلاف البحوث التي غالبيتها لا قيمة علمية لها سوى تعبأة صفحاتهم الإليكترونية. ولا مردود لها سوى تجميع آلاف الدولارات فى جيوب لصوص الانترنت. وتختبأ تلك الدوريات ودور النشر الوهمية تحت الهدف الانساني النبيل الذي حبذه الجميع والداعي إلى جعل العلم والبحوث متاحة للجميع (Scholarly Open-Access Publishers) (1) دون حواجز أو تسديد اشتراكات باهظة أو شراء نسخ البحوث التي تثقل كاهل ميزانيات الجامعات ومراكز البحوث أو الباحثين أنفسهم وخاصة فى دول العالم النامي.

 ولكن للأسف كما ذكرنا أعلاه. تخفى تحت هذا البريق والهدف الإنساني مئات من اللصوص الذين انكبوا الى استغلال ذلك وفخخوا صفحات الانترنت بمئات دور النشر وآلاف الدوريات الوهمية وجعلوها متاحة مجانا للجميع، ولكنهم مصوا دماء الباحثين الراغبين في نشر بحوثهم في اوعية دولية مميزة، وللأسف لم يقيموا وزنا لدقة عملية تحكيم الابحاث أو جودة نشرها. وهذا قابل رغبة بعض باحثي دول العالم النامي من سرعة النشر في دوريات دولية وأيضا لها معامل تأثير (Impact Factor) (5).  

الُعُملة الرديئة تطارد العُملة الجيدة:

 وقد عجّت الصفحات العلمية على الشبكة العنكبوتية العالمية بهذا الغثاء، ولقد سبق ان حذر الكثير من الأكاديميين والعلماء والباحثين (4,3,2) من انتشار هذه الظاهرة (منها بعض مقالاتنا التي نشرت في اعداد سابقة للدوريات الإليكترونية الأسبوعية لمنظمة المجتمع العلمي العربي)(8,1) وتم التنويه والتعريف بسمات تلك الدوريات الوهمية (Predatory Journals)(9,8,4,3,2,1) . ولكن سارت الرياح بما لا تشتهى السفن، وهكذا يتحقق قانون "جريشام"  Gresham's law))؛ (السير "توماس جريشام 1519-1579م"، وزير مالية مملكة إنجلترا ومستشار ملوكها في القرن السادس عشر الميلادي، وهو اقتصادي مشهور كان له دوره في النظم النقدية). وقانونه الهام في علم الاقتصاد ينص على أن (النقود الرديئة تطرد النقود الجيدة من السوق). فأعداد دور النشر و الدوريات الوهمية تزداد سنويا وبمعدل متسارع(4)، بل يزداد عدد الدوريات الرصينة المختطفة أيضا. ولكن "زاد الطين بله" باتجاههم لترويج بضاعتهم الفاسدة، فهداهم شيطانهم لابتداع مقاييس (معاملات تأثير "Impact Factor") مضللة(5,4). وسوف نستعرض ما آل إلية هذا السيل المنهمر من النشر العلمي الوهمي وآخر إحصاءاته.

 السيل المنهمر من النشر العلمي الوهمي:

 عودنا الباحث "جيفرى بيل" (Jeffrey Beall) (4,2)، (وهو خبير مكتبات و أستاذ مشارك في جامعة كولورادو دنفر، الولايات المتحدة الأمريكية)، ومتخصص في مجال المواقع مفتوحة المصدر (Scholarly Open-Access Publishers)، أن ينشر على موقعه على الانترنت كيف يعمل بعض الناشرين تحت عناوين وهمية وسلط الضوء على بعض الحيل، بل كان ينشر تحديثات أسبوعية بأسماء تلك دور النشر والدوريات الوهمية ومواقعها على الانترنت والجديد الذى يظهر منها أولا بأول، ويدعمه الآلاف من الباحثين حول العالم ويمدونه بما يقابلهم من تلك الموضوعات.

 و"بيل" يقدم إحصائية سنوية فى شكل قوائم (تعرف عالميا بقائمة بيل (Beall’s list) (4,2) لتلك الاوعية الوهمية. وقد أصدر أخر أربع قوائم لتلك الأوعية في الثاني عشر من يناير2017م. منها قائمة تمثل إحصائية العام السنوي السابع لدور النشر الوهمية (جدول 1؛  Predatory Publishers)، والتي تضخ مئات الدوريات الوهمية (Journals Fake Periodicals) والتي قد تتجاوز ثلاثمئة دورية لدار النشر الواحدة. تضم قائمة هذا العام (2017م) 1155 دار نشر/ناشرين على مستوى العالم، بزيادة قدرها 232 دار نشر عن العام السابق 2016م (بنسبة زيادة قدرها 25.1%) (4).

جدول (1): دور النشر الوهمية (الناشرون ) (Predatory Publishers)

العام

عدد دور النشر

معدل الزيادة السنوي (%)

2011

18

100

2012

23

27.8

2013

225

878.3

2014

477

112.0

2015

693

99.9

2016

923

33.2

2017

1155

25.1

 

بينما زادت دوريات الوصول المفتوح المستقلة (Predatory standalone journals) "والتي تصدر بشكل فردى دون الاعتماد على دور نشر"، فقد وصل عددها إلى 1294 دورية هذا العام 2017م، وهو يمثل الحصر السنوي الخامس لقائمة بيل لهذه النوعية من الدوريات (جدول 2) (4). ولوحظ أن قائمة هذا العام سجلت زيادة قدرها 412 دورية عن العام السابق 2016م (بنسبة زيادة قدرها %46.7). وهذه هي السنة الأولى التي يتجاوز فيها عدد الدوريات المستقلة عدد دور النشر، وهذا المعدل يدل أن هناك على الاقل دورية وهمية مستقلة انطلقت يوميا على شبكة الانترنت خلال العام الماضي 2016م، وهي تشير إلى مدى التدهور الذى اصاب النشر العلمي العام المنصرم. علما أنه سرعان ما يغريهم نجاحهم هذا لافتتاح دار نشر كاملة مستقبلا.

جدول (2): الدوريات الوهمية المستقلة (Predatory standalone journals)

العام

عدد الدوريات المستقلة

معدل الزيادة السنوي (%)

2013

126

100

2014

303

140.5

2015

507

67.3

2016

882

74.0

2017

1294

46.7

 

وكما ذكرنا من قبل أن مقياس مُعامِل التأثير (Impact Factor) (5) يعتمد عليه كثير من الباحثين والعلماء ومؤسسات البحث العلمي في تقييم قيمة آى دورية علمية(6)، بل تقييم كفاءة باحثيها طبقا لمعامل تأثير الدوريات التي ينشرون فيها أبحاثهم(9). ومن المتعارف علية عالميا فى الاوساط العلمية هو الاعتماد على مقياس (IF) الذى تصدره  مؤسسة "طومسون رويتر" (Thomson Reuters) (ISI  سابقا) في "تقارير استشهاديات الدوريات" (Journal Citation Reports) (7). فما كان من لصوص مواقع النشر العلمي أن تفتقت أذهانهم إلى ابتكار مقاييس مضللة (Fake Impact Factor ) لدورياتهم المزعومة(4). وتشمل قائمة بيل للمقاييس المضللة للدوريات (جدول 3) "حساب" ونشر مُعامِلات تأثير مزيفة يتم استخدمها في مواقع دور النشر الوهمية أو دورياتها على شبكة الإنترنت أو عبر رسائل البريد الإلكتروني لخداع العلماء والمؤلفين ودفعهم إلى التفكير في دورياتهم بأنها شرعية ولها مُعامِلات تأثير(8,1). وقد وصل عدد تلك المقاييس الوهمية إلى 53 مقياس مضلل (بزيادة قدرها %39.5) (4)، تسبب إرباكا للباحثين حين البحث عن وعاء لنشر أبحاثهم الجديدة.

جدول (3): معاملات تأثير مضللة لجودة الدوريات ( Fake impact factor )

العام

عدد معاملات التأثير المبتدعة

معدل الزيادة السنوي (%)

2015

26

100

2016

38

46.2

2017

53

39.5

 

بل امتدت أيدى لصوص النشر العلمي الإليكتروني إلى اختطاف دوريات علمية رصينة لها تاريخ مُجيد في جدية النشر العلمي، ولها مواقع على شبكة الانترنت، فيعمدوا إلى عمل مواقع إليكترونية مشابهة تماما للمواقع الاصلية مع تغيير طفيف غير ملحوظ فى اسمها، مما يشكل قرصنة لتلك الدوريات (Hijacked journals) على شبكة الانترنت، وسرقة الهوية لها واقتباس المواد المقدمة باستخدام نموذج مماثل تماما للأصل يخدع ويدفع المؤلفون إلى الذهاب لتلك الدوريات المزيفة. ومن المحزن أن تصل أعداد تلك الدوريات المختطفة إلى 115 دورية، بزيادة قدرها 14 دورية عن العام السابق 2016م (بنسبة زيادة قدرها 13.9 %، جدول 4) (4).

جدول (4): دوريات رصينة مختطفة (Hijacked journal)

العام

عدد الدوريات المختطفة

معدل الزيادة السنوي (%)

2015

30

100

2016

101

236.7

2017

115

13.9

استراحة المحارب:

ولقد أنتظم "جيفري بيل" (Jeffrey Beall) منذ العام 2008م فى تتبع تلك القرصنة العلمية وفضحها وتعريف الباحثين حول العالم بأهمية تجنبها، كما قام غيره أيضا بهذه المهمة الإنسانية التطوعية. ولكن قُوبل "جيفرى بيل" (Jeffrey Beall) بكثير من الهجوم والنقد والتشكيك فى نواياه(10)، وظلت صفحته على الانترنت (http://beallslist.weebly.com/) صامدة طوال تلك السنوات الماضية و كانت عونا ومرجعا للآلاف من الباحثين و الأكاديميين حول العالم. وكان الجميع ينتظر رسائله الأسبوعية (المجانية) على صناديق بريدهم الإليكترونية (In Box) للاطلاع على اخر المستجدات في هذا المحيط المتلاطم الامواج. ولقد تواصل معه كاتب هذا المقال في عديد من الحالات، وكان سريع الاستجابة على آى تساؤل، فأحيانا كثيرة يبرق بإجابته على تساؤلك في دقائق معدودة. وتتميز ردوده بالدقة والحرص الشديدين، ويتوخى الحذر والمتابعة العميقة قبل أن يصدر أحكامة، ويدعم ذلك كله بالأدلة اليقينية، ويفتح حوارا ونقاشا جادا حول آي معلومة يدلى بها.

ولكن يبدو أنه تعرض إلى ضغوط عالية وأمواج عاتية وهجمات عاصفة من قبل أصحاب المصالح، ولقد ذكر لى ذلك فى عديد من رسائله، بل قرأت بنفسي بعض النقد فى صفحات الحوار التي يدشنها هو لمناقشة أراءه. وفجأة توقف "بيل" فى 15 يناير 2017م عن متابعة مسيرته، واختفت فجأة صفحته (http://scholarlyoa.com/)  من على الانترنت(10)، وحين طالبته (كغيرى من المئات حول العالم) بمعاودة النشاط التطوعي، أعتذر بشدة عن عدم قدرته في الاستمرار في هذه المهمة النبيلة الشاقة والتطوعية، ولكن زودني كغيرى مشكورا بقاعدة البيانات الخاصة بأخر ما رصدة في هذا المجال (4). ولعل هذا الانسحاب يسعد قراصنة الانترنت في الفضاء العلمي، وتشير بعض المواقع الأخرى ومقالته الأخيرة إلى أن التهديدات باتخاذ إجراءات قانونية ضده أو أمور سياسية أخرى قد تكون هي التي أجبرته على اتخاذ هذا القرار(11). لكن ربما يعود مرة أخرى (بعد استراحة المحارب) أو يأتي أخرون يواصلون تلك المهمة(13,12) الشاقة فى عالم أصبح يبحر فى اللامعقول بسرعة تفوق سرعة كل ما هو معقول، ليس فقط فى مجال النشر العلمي الوهمي، بل حتى فى السياسة والاقتصاد والتسليح ونمو الإرهاب وتجاوز القانون.

ولكن "لا يغرنك في طريق الباطـل كثرة الهالكين، ولا يوحشنك في درب الحق قلة السالكين". فحتما سيأتي ضوء الشمس ليبدد دياجير الظلام وتختفي يوما ما تلك الاوعية المريضة والمفسدة للبحث والنشر العلمي.  

مراجع References:

1-    د. قاسم زكى (2015) النشر العلمي...صوائب ومصائب. فصل في كتاب: "النشر العلمي"، مكتبة أرسكو الإليكترونية، منظمة المجتمع العلمي العربي. الإصدار الأول، الطبعة الأولى، ص:2- 11

. http://en.calameo.com/read/004177952f4c7c2687693?bkcode=004177952f4c7c2687693.

2-    Beall, J. )2012( Predatory publishers are corrupting open access. Nature 489, 179. http://www.nature.com/news/predatory-publishers-are-corrupting-open-access-1.11385

3-    Lukić Tin, Blešić Ivana, Basarin Biljana, Ivanović Bibić Ljubica, Milošević Dragan, Sakulski Dušan (2014) Predatory and Fake Scientific Journals/Publishers– A Global Outbreak with Rising Trend: A Review. Geographica Pannonica ,Volume 18, Issue 3, 69-81. http://www.dgt.uns.ac.rs/pannonica/papers/volume18_3_3.pdf 

4-    Beall, J. (2011-2017) Beal’s List: Potential, possible, or probable predatory scholarly open-access publishers. http://beallslist.weebly.com/

5-    Eugene Garfield (2006) The History and Meaning of the Journal Impact Factor. The Journal of the American Medical Association, 295(1):90-93. http://jama.jamanetwork.com/article.aspx?articleid=202114.

6-    The Thomson Reuters Impact Factor (2015) http://wokinfo.com/essays/impact-factor/

7-    The Thomson Reuters Web of Science Core Collection (2015) http://thomsonreuters.com/en/products-services/scholarly-scientific-research/research-management-and-evaluation/journal-citation-reports.html.

 

8-     د. قاسم زكى (2016) التعرف على الدوريات ودور النشر العلمية الوهمية وتجنبها. النشرة الدورية الإليكترونية الأسبوعية، منظمة المجتمع العلمي العربي،  السنة الرابعة، العدد مائة و عشرة (16 فبراير 2016م).   http://arsco.org/article-detail-365-8-0

9-     قواعد ونظام عمل اللجان العلمية لفحص الإنتاج العلمي للمتقدمين لشغل وظائف الأساتذة والأساتذة المساعدين بالجامعات المصرية - الدورة الثانية عشر (2019-2016م).  http://www.scu.eun.eg/wps/wcm/connect/9c0155804e0e1e659ae3ff0dfe72044a/Rules+2016+Final+ok.pdf?MOD=AJPERES&CACHEID=9c0155804e0e1e659ae3ff0dfe72044a x

10- Teixeira da Silva J. A. (2017) Caution with the continued use of Jeffrey Beall’s “predatory” open access publishing lists. AME Med J 2017;2:97. http://amj.amegroups.com/article/view/3946/4658

11- Beall, J. (2017) What I learned from predatory publishers. Biochemia Medica; 27 (2): 273–278.  http://www.biochemia-medica.com/system/files/27_2_J.Beall__What%20I%20learned%20from%20predatory%20publishers.pdf

12- Beall's List of Predatory Journals and Publishers (2017) This website is a copy of Beall's list of predatory publishers. It was retrieved from cached copy on 15th January 2017. http://beallslist.weebly.com/contact.html

13-                  Beall’s List of Predatory Publishers (2017) Exploring the Evidence Base. A blog managed by Catherine Voutier, Clinical Librarian at the Royal Melbourne Hospital.   https://clinicallibrarian.wordpress.com/2017/01/23/bealls-list-of-predatory-publishers/  

 

 

*كاتب المقال: دكتور قاسم زكى:  أستاذ الوراثة بكلية الزراعة، جامعة المنيا، المنيا، مصر (MU)، عضو اللجنة الوطنية المصرية لعلوم الوراثة، بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي؛ والعضو السابق للجنة العلمية الدائمة للترقيات بالمجلس الاعلى للجامعات المصرية (2012-2016م)؛ والرئيس الأسبق للجمعية الأفريقية لعلوم الحاصلات الزراعية (ACSS) (2007-2009م)، و عضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين (ASJA)

 

للإشارة والاستشهاد بالمقال:

 د. قاسم زكى (2017) النشر العلمي الوهمي: بين قائمة بيل...وقانون جريشام. النشرة الدورية الإليكترونية الأسبوعية، منظمة المجتمع العلمي العربي، (17 سبتمبر 2017م).   http://arsco.org/article-detail-784-8-0

 

ملحوظة: المقالة أعلاه هي النسخة الاصلية الكاملة والمحدثة (PDF تسع صفحات) للمقال المنشور بالدورية الإليكترونية الأسبوعية لمنظمة المجتمع العلمي العربي (17 سبتمبر 2017م). وذلك لتصويب ما ورد من أخطاء وما تغير من تنسيق. النسخة أعلاه كتبها وقام بعملية التنسيق والمونتاج المؤلف نفسه. لذا لزم التنويه.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 735 مشاهدة

ساحة النقاش

Ayman087

مقال أكثر من رائع. مقال دليل لاي باحث يكافح من أجل فهم وإستيعاب كيفية نشر بحثه بطريقه علميه منظمة.

الأستاذ الدكتور قاسم زكى أحمد حامد Kasem Zaki Ahmed

KasemZakiAhmed
تعريف مختصر بالدكتور/ قاسم زكى أحمد أستاذ الوراثة المتفرغ ورئيس اللجنة المصرية الوطنية للعلوم الوراثية، والوكيل الأسبق لكلية الزراعة - جامعة المنيا- المنيا- مصر)، (والرئيس الأسبق للجمعية الأفريقية لعلوم الحاصلات الزراعية، وعضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين، وعضو اتحاد كتاب مصر) • مواليد 8 أغسطس 1958م بمحافظة أسوان- جمهورية مصر العربية، »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

259,366