تكنولوجيا البيوفلوك للاستزراع السمكى فى النظم المغلقة
تكنولوجيا البيوفلوك و تطبيقها فى الزراعة المائية Aquaculture
نظراً للنمو السكانى المضطرد والمستمر لحوالى سبعة مليارات نسمة على وجة الأرض و حيث يزداد الطلب على المنتجات من الكائنات المائية ليصبح الاحتياج ماساً و ضرورياً لتنمية و تطوير و تكثيف والتوسع فى الاستزراع المائى و تربية الأحياء المائية , فالهدف الرئيسى من هذا التوسع فى الإنتاج من أجل الحصول على كميات أكبر من منتجات الأحياء المائية وبدون أية زيادة فى استخدام المصادر الطبيعية الأراضى و المياة مع المحافظة عليهما .
و الهدف الثانى تطوير و استحداث نظم استزراع مائى مستدامة لا يتسبب عنها أى تلف أو تدمير للبيئة بينما يكمن الهدف الثالث فى بناء أنظمة نحصل من خلالها على نسبة عادلة بين التكلفة : العائد لتدعم الاستدامة الإقتصادية و الإجتماعية , و هذه المتطلبات الثلاثة السابقة للتنمة المستدامة لتربية الأحياء المائية يمكن أن تتحقق عن طريق استخدام تكنولوجيا نظام الـ Bio-floc , حيث يكون التطوير مستمر و مستدام و هذا النظام عبارة عن تكنوجيا لتحسين جودة المياه فى المزارع المائية من خلال إحداث التوازن مابين الكربون و النيتروجين الذائبين فى البيئة المائية ولقد حظيت هذه التكنولوجيا فى السنوات الاخيرة باهتمام كبير .
حيث أن تطوير منظومة الاستزراع السمكى تعتمد على شقين التغذية الجيدة و تطوير نظم الاستزراع .
لذا فإن تكنولوجيا البيوفلوك فى الاستزراع تبنى فكرتها على أساس استخدام مجموعة من البكتريا غير ذاتية التغذية تستهلك النيتروجين فتتخلص من الأمونيا التى تسبب مشاكل كبيرة للأسماك وهذه البكتريا نفسها تكون كمصدر بروتينى مرتفع لتغذية الأسماك و بذلك تتحسن خواص جودة المياه و تنخفض تكاليف التغذية ، ويقل معدل تغيير المياه.
تعتمد تكنولوجيا البيوفلوك Biofloc على الإتزان ما بين الكربون و النيتروجين فى المحلول و بالتالى نجد أن الأمونيوم مع المخلفات النيتروجينية العضوية سوف تتحول إلى كتلة بكتيرية حيوية و بإضافة الكربوهيدرات (مصدرا للطاقة) إلى الحوض فإن البكتريا غير ذاتية التغذية Heterotrophic يزداد نموها و استهلاكها للنيتروجين أثناء إنتاجها للبروتين الميكروبى.
و يعتمد نظام البيوفلوك على تحسين خواص الماء من خلال إضافة عنصر الكربون بكميات إضافية فى نظام الاستزراع أو من خلال رفع مستويات الكربون فى الغذاء المقدم و نتيجة لوجود البكتريا التى تستهلك النيتروجين الذائب فى الماء و الذى بدوره يقلل من تركيز الأمونيوم بشكل كبير وأسرع من التخلص منها بواسطة عملية النترتة Nitrification حيث تزداد معدلات التخلص من الأمونيا فى نظم البيوفلوك عن مثيلاتها بالطرق التقليدية بمقدار 10 مرات .
جوانب القوة فى تكنولوجيا البيوفلوك The strengths of bio-floc technology
لعل من أهم مميزات تكنولوجيا البيوفلوك هو خفض معدلات تغيير المياه فى نظم الاستزراع المائى المختلفة مقارنة بالطرق التقليدية الاخرى وذلك من خلال التحسين المستمر فى قيم معايير جودة المياه فى وحدة نظم الاستزراع المائى المختلفة .
كذلك يعتبر إنتاج البيوفلوك منخفض التكاليف فضلآ عن ارتفاع محتواه من البروتين و الذى يستخدم بعد ذلك كمصدر غذائى للكائنات المائية .
تكلفة هذة التكنولوجيا اقتصادية لانها تنخفض من تكاليف استهلاك المياه بنحو 30% وتزيد من كفاءة استهلاك البروتين مما يرشحها و يجعلها ضرورية و من الاهمية بمكان فى إحداث التنمية المستدامة للمزارع المائية و السمكية .
كذلك تظهر أهميتها فى تنقية المياه و انعكاس ذلك على معايير جودتها فى المزارع السمكية فنجد أن النظم و الطرق التقليدية للإنتاج لها مشاكل عدة و تتم تنقية المياه فيها بصورة جزئية فضلآ عن ارتفاع تكلفتها و ذلك على العكس من نظام البيوفلوك و الذى تتم تنقية المياه به على نحو أفضل و بصورة أكبر هذه مع المحافظة على المعايير المختلفة لجودة المياه فى أعلى قيم لها مع امتيازاته فى كونه اقتصادياً و أسهل فى تشغيله .
بعكس الطرق التقليدية يمكن استخدام نظام البيوفلوك فى التخلص من النيتروجين الذائب فى الماء حتى فى وجود المادة العضوية وعندما تكون قيمة الطلب الحيوى للأكسجين Biological oxygen demand أو BOD مرتفعة .
ويراعى عند تشغيل هذا النظام فى نظم الاستزراع المائى أن تكون هناك فترة تمهيدية للتأكد من أنه يعمل بصورة جيدة start up-period ويؤخذ فى الاعتبار التحكم فى معايير جودة المياه و يعتمد ذلك على الحمل البيولوجى لكل من كمية النيتروجين و المواد العضوية الموجودة فى مياه نظام الاستزراع المستخدم . وعلى العكس من الطرق التقليدية التى تحتاج إلى أربعة أسابيع عند استخدام البيوفيلتر وذلك للوصول إلى الحمل الميكروبى المناسب و الذى يعتمد أيضاً على توفير العناصر الغذائية اللازمة لنمو الميكروبيات ومعدل مرور المياه و درجة حرارة المياه . وقد وجد أن البكتيريا غير ذاتية التغذية Heterotrophic تنمو فى نظام البيوفلوك بمعدل أسرع 10 مرات من نمو بكتيريا النترتة bacteria nitrifying فى المرشحات البيولوجية Bio-filters .
ولعل من أهم مميزات نظام البيوفلوك أيضاً أنه يمكنه زيادة معدلات الاعاشة والبقاء فى الأسماك فى فترات التشتية القاسية على الأسماك و ذلك عند إنخفاض درجات الحرارة بشدة فيرتفع معدل الإعاشة إلى 90% فى الأسماك التى يبلغ متوسط وزنها واحد جرام بينما الأسماك ذات متوسط الوزن 50 جرام قد يصل معدل الإعاشة التى 100% كذلك يرتفع معامل الحالة أو Condition factor إلى 2.1 – 2.3 و تأتى أهمية ذلك فى ظل الاهتمام المتصاعد و الكبير بتأثيرات التغيرات المناخية على البيئة .
كيفية تطبيق نظام البيوفلوك فى الزراعة المائية ؟
يمكن القول بأنه لايوجد نظام استزراع بدون مشاكل فى التطبيق ولعل من أبرز مشاكل نظام البيوفلوك هو امتناع المزارعين عن تطبيقه فى المزارع السمكية حيث يسود الاعتقاد الخاطىء و السائد عند بعض المزارعيين أن المياه الجديدة و الجيدة هى فقط المياه الرائقة Clear وهذا لايتوافر فى نظام البيوفلوك.
وعلى الرغم من ذلك توجد العديد من العوامل التى تشجع تنفيذه و تطبيق المزارعين لهذه التكنولوجيا بالمزارع المائية و منها:
أصبحت معظم الموارد المائية الآن نادرة نسبياً أو مرتفعة التكلفة و يجب أخذ ذلك فى الإعتبار عند عمل برامج للبدء أو عند التوسع فى تربية الأحياء المائية .
تُجرم أغلب الدول الآن و تمنع وجود المخلفات الناتجة عن تربية الآحياء المائية وتركها أو بقائها فى البيئة مما يلوثها .
انتشار الأمراض مابين المزارع المائية جعل الحكومات تزيد من عمليات المراقبة و الرقابة على ذلك ( الأمان الحيوى Bio-security) مثل تقليل معدلات تغيير المياه بالمزارع. ويجب نقل هذه المعلومات للمستزرعين بصفة واضحة وعملية مع عدم نسيان المنافع الاقتصادية لهذه التكنولوجيا . كما يجب مرعاة حالة الاحواض بالمزارع السمكية عند تطبيق هذا النظام حيث أنه إلى الآن مازال من الصعوبة بمكان تطبيقة و توقع نتائجه على نحو كامل عند استخدامه و تطبيقه على مستوى المزرعة كلها لتجنب حدوث اية مخاطر و يمكن تحقيق ذلك عن طريق القيام بالمراقبة الدائمة لقيم تركيز المواد الصلبة الكلية المعلقة و نسبتها أو تركيز البيوفلوك نفسة أو قياس درجة إمكانية ترسيبة The settle ability of The bio-floc واللذان يمكن قياسهما معا بسهولة وبسرعة . وكذلك يمكن استخدام طرق عملية أخرى مثل عمليات المراقبة الجزيئية Molecular Monitoring و لكن يحد من استخدام هذة الطرق زيادة الوقت المطلوب و التكاليف العالية ولا يمكن تطبيقه بسهولة و بصورة عملية فى المزرعة السمكية و لكن على الصعيد الآخر فإننا سنجد فى المستقبل القريب أن المزارعين سوف يقتنعون بهذه التكنولوجيا و يقومون بتطبيقها .
فضلا عن إقناع المستهلكين بشراء الأسماك و التى تمت تربيتها بهذا النظام و نظراً للزيادة المستمرة فى تعداد السكان بشدة فى أنحاء العالم المختلفة فإنه يزداد الطلب على المنتجات مما يرفع من سعر الأسماك و بشدة .
من ناحية أخرى نجد أن تطور الأنظمة التكنولوجية يزيد من مخزون الأسماك لأنه يوجد البدائل المناسبة من الأسماك المستزرعة و التى تعتبر نسبياً سهلة فى إنتاجها و تستخدم تكنولوجيا البيوفلوك هذه المشاكل و تحسن من رفاهية المستهلك عندما يكون السعر ثابت لإنتاج الأسماك . ونجد الأن ارتفاعاً ملحوظاً فى درجات الوعى البيئى لدى المستهلكين فيرغب و يصمم المستهلكون الأن على أن يكون المنتج سعره مناسب ومنتج بطريقة صحية وآمنة و غير ضارة بالبيئة , كذلك نجد أن اهتمام الباحثون الآن و بدرجة كبيرة بالمزج ما بين هذه التقنية و الابتكارات الحديثة فى مجالات الزراعة المائية مثل نظم الإنتاج المعتمدة على البيريفايتون Periphyton based systems وكيفية التحكم فى النسبة مابين كل من الكربون إلى النيتروجين الذائبين فى الماء و قد توصلوا إلى أن استخدام نظام البيوفلوك يصبح اقتصاديا و مؤثراً فضلا عن كون الاحتياجات من الطاقة متحققة خاصة فى المزارع التى تستخدم النظام المغلق .
كذلك استخدام بعض العلماء لمسحوق من البيوفلوك المجفف و الناتج من مزارع لأسماك البلطى حيث تم استخدام هذا المسحوق فى تغذية مزارع الجمبرى وأعطى نمو أفضل بمقدار 1.6 مرة بالمقارنة بالإنتاج التجارى العادى أو عند عمل نظام تكاملى Aquaculture system integrated مابين كل من الأسماك أو الجمبرى مع الخضروات و الطحالب الصغيرة أو الأعشاب البحرية و يعتبر من الأنظمة الواعدة فى هذا المجال . و نجد أن الحاجة إلى استخدام هذا النظام فى المزارع مختلطة التغذية أصبحت من الأمور الملحة و المطلوبة , و يتجه العالم الآن إلى الاستزراع المشترك Polyculture لأسماك البلطى مع الجمبرى و الاستفادة من إختلاف العادات الغذائية لهما لتحقيق أفضل استفادة ممكنة من المياه و مميزات أخرى كثيرة بدلآ من النظام الأحادى mono-culture حيث تربية كلا منهما بشكل منفرد .