جذور الأزمة بين السودان والمحكمة الجنائية الدولية يمكن تتبعها في تصاعد الاهتمام الدولي خاصة من جانب الولايات المتحدة والأمم المتحدة على السواء.

 

فتحت ضغط الرأي العام الأميركي، والخوف من خبرة الانتقادات التي تعرضت لها لتأخرها في التعامل مع أزمة رواندا، دأبت الإدارة الأميركية منذ عام 2002 بتسليط الضوء على ما يجري في دارفور، ثم بدأت عام 2004 باتخاذ إجراءات عملية، تمثلت أولا بإعلانها أن الانتهاكات الجارية في دارفور هي إبادة جماعية، ثم إجازة مجلس النواب في نفس العام قرارا يعتبر ما يحدث في دارفور إبادة جماعية، وبعد أيام من ذلك أصدر الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان قرارا بتشكيل لجنة دولية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في دارفور.

في مقابل ذلك قامت الحكومة السودانية بتشكيل لجنة تقصي حقائق وطنية، انتهت بتأكيد وقوع انتهاكات لحقوق الإنسان، لكنها نفت أي ممارسة تطهير عرقي.

وانتهى تقرير اللجنة الدولية أيضا إلى ما انتهي إليه تقرير الحكومة السودانية، بتحميله جميع الأطراف مسؤولية الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، لكن التقرير الدولي أكد من جانب آخر صعوبة القول بارتكاب الحكومة السودانية جريمة الإبادة الجماعية.

وفي نهاية مارس/آذار من عام 2005 أصدر مجلس الأمن القرار رقم 1593 الذي قرر فيه إحالة ملف دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية.

هذا القرار يمثل السابقة الأولى من نوعها التي يستخدم فيها المجلس صلاحياته في إحالة المسألة إلى المحكمة الجنائية الدولية، حيث كان مجلس الأمن قبل نفاذ قانون المحكمة يلجأ إلى سلطاته بموجب الباب التاسع بتكوين هيئات ثانوية مساعدة للمجلس في إقرار السلم والأمن الدوليين، وهو ما حدث في يوغسلافيا السابقة.

وبناء على قرار مجلس الأمن، أعلنت المحكمة الجنائية الدولية في يونيو/حزيران عام 2005 فتح تحقيق في الجرائم التي حدثت في دارفور، ومع نهاية عام 2006 أعلن المدعي العام لدى المحكمة الجنائية العثور على أدلة تثبت حدوث عمليات قتل وتعذيب واغتصاب في إقليم دارفور خلال الفترة من 2003 ـ 2004 وتلا ذلك إعلان المحكمة الجنائية الدولية في فبراير/شباط   2007 توجيه الاتهام إلى أحمد هارون وزير دولة للشؤون الإنسانية وعلي كوشيب أحد قادة مليشيات الجنجويد، بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وبسبب رفض الحكومة السودانية التعاون مع المحكمة الجنائية، هددت الأخيرة بتوجيه اتهامات جديدة ضد مسؤولين كبار في السودان، وفي 14/7/2008 وجه أوكامبو اتهاما رسميا للبشير بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.

وقد بررت المحكمة الجنائية إصدارها مذكرة اعتقال بحق البشير لمسؤوليته بصفة مباشرة أو غير مباشرة عن سبع تهم، تتعلق خمس منها بجرائم ضد الإنسانية (القتل، وإنهاء حياة السكان المدنيين، والنقل القسري للسكان، والتعذيب، والاغتصاب)، وتتعلق التهمتان الأخيرتان بجرائم الحرب (توجيه هجمات متعمدة ضد السكان المدنيين الذين لم يشاركوا في أي أعمال عدائية، ونهب الثروات).

واعتبرت المحكمة أن البشير كان يهيمن على كافة فروع الأجهزة الأمنية، فإن البشير يعد مسؤولا جنائيا لمساهمته بطريقة غير مباشرة في ارتكاب جرائم بطريقة مقصودة.

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 276 مشاهدة

ساحة النقاش

حقوق الإنسان Human rights

Human-right
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

11,103