المياة الجوفية وحل ازمة المياة في مصر
حوار دار بين
احمد منصور والدكتور فاروق الباز
أحمد منصور: طيب الصورة اللي بعدها ربما بتكشف بعض الأشياء أيضا التي يمكن أن تحدث من تغيرات في هذه المنطقة ولهذه الصحراء، وأنت أخبرتني أن هذه الصحراء ربما تستحيل خضراء بعد ذلك.
فاروق الباز: القصة إيه؟ أن إحنا لو أخذنا الصحارى دي كلها ونعرف نحاول نربطها ببعضها نجد أن أهم شيء نقدر نقيسه هو مقياس الجفاف، مقياس الجفاف ده إيه؟ ما هي نسبة المطر لأشعة الشمس اللي بتصل لنفس المنطقة؟ الحتة الصفراء اللي هي في النصف دي اللي هي بتشمل على جزء كبير جدا من الصحراء الغربية في مصر وجزء من ليبيا وجزء من السودان اللي هي في قلب الصحراء الكبرى دي مقياس الجفاف بتاعها مائتين..
أحمد منصور: إيه معناه يعني؟
فاروق الباز: معناه إيه؟ أن أشعة الشمس التي تصل في هذا الموقع قادرة أنها تبخر مائتي مرة كمية المطر التي تصل لنفس المكان، تستطيع أن تبخر مائتين..
أحمد منصور: وهذا الذي يؤدي إلى هذا الجفاف الموجود والتصحر القائم.
فاروق الباز: أهه كده، إحنا بنشبه الموقع ده بكوكب المريخ..
أحمد منصور: المنطقة هذه؟
فاروق الباز: المنطقة هذه، يعني البيئة بتاعتها..
أحمد منصور: هو ده اللي مخلي هوليوود يصوروا بعض الأفلام صحيح في هذه المنطقة يعني.
فاروق الباز: لا، مش هوليوود يا عزيزي.
أحمد منصور: في جنوب غرب مصر.
فاروق الباز: إحنا الأول اللي بدأنا فيها إحنا العلماء مش هوليوود، لا، إحنا بنشوف تضاريس على المريخ مشابهة تماما لتضاريس في الموقع ده فبنحاول نشرح تضاريس المريخ بالتضاريس اللي إحنا بنشوفها هناك ونشرح تضاريس الأرض بالتضاريس اللي إحنا بنشوفها في المريخ لأنها مشابهة تماما.
أحمد منصور: يعني أنا مش عايز أقفز ولكن ونحن في هذه المنطقة وأنت تتحدث عنها هناك خريطة لشرق العوينات ومنطقة شرق العوينات هذه منطقة واعدة في مصر ومنطقة مهمة جدا وأنت يعني تحدثت عنها، كشفت صور الأقمار الاصطناعية عن وجود بحيرة هائلة تحت الرمال في هذه المنطقة، نشوفها وتقدم للمشاهد أيضا صورة ربما يكون هناك أمل من هذا البؤس الذي نعيشه.
فاروق الباز: الأمل عظيم جدا، هذه الخريطة الحكاية اللي زي الكمثراية دي الألوان الحمراء دي كلها دي أرض عالية..
أحمد منصور: مرتفعة جبلية يعني.
فاروق الباز: جبلية دي من هضبة كبيرة جدا اسمها هضبة الجلف الكبير وبعدين الألوان الصفراء وبعدين الأزرق شوية وبعدين الأزرق الغامق ده أنت نازل من العالي للواطي، العالي في الغرب وطول ما أنت ماشي على اليمين كل ما تنزل..
أحمد منصور: باتجاه النيل.
فاروق الباز: باتجاه النيل وحتة بتتجمع فيها، اللون الأزرق ده معناها أن دي كانت زمان بركة، ليه؟ لأن الحتةالحمراء دي بيبتدي منها مسارات أنهار كانت المنطقة دي بتهطل فيها أمطار غزيرة جدا زي المريخ تمام، وهو قصة المريخ بتيجي أيوه بيهطل فيه أمطار غزيرة جدا، وابتدأ يقل المطر والمطر ده كان بيتجمع في حتت واطية والحتت الواطية دي معناها أنه لما هي تبقى رملية معناها أن الرملة بتخلي المياه اللي هي كانت في البركة تتسرب وما زالت قابعة على شكل مياه جوفية. القصة دي إحنا أخذنا التركيبة الجيولوجية والشكل العام وقلنا يا إخوانا دي لازم يبقى فيها مياه جوفية من الأمطار اللي كانت بتهطل زمان، إحنا عارفين المنطقة دي كانت فيها أمطار غزيرة من 5 آلاف سنة إلى 11 ألف سنة ده إحنا عارفينه من شغل الجيولوجيا..
أحمد منصور: ودراسة طبقات الأرض.
فاروق الباز: دي إضافة إلى ناس عملوا دراسات من الآثارية، آثار بنجدها آثار الإنسان القديم بنلاقي خشب بنلاقي عظام بنلاقي عظام للحيوانات بنلاقي يعني أشكال كثيرة جدا بنلاقي بيض قشر نعام من بتاع زمان، نأخذ قشرة بيض النعام ونحللها..
أحمد منصور: كل المناطق دي رحتها يا دكتور؟
فاروق الباز: كلها رحتها عدة مرات. نأخذ قشر بيض النعام ده ونشوفه اتولدت إمتى البيضة دي، تلاقيها مثلا بـ 7800 وفي حتة ثانية بـ 6050، معنى ذلك أن كان في من 5 آلاف سنة إلى 11 ألف سنة...
أحمد منصور: حياة كاملة هنا.
فاروق الباز: حياة كاملة كانت زي سافانا، كانت زي سافانا وكان في أنهار وكان في برك وكان في مستنقعات ومعناها أن كان في حيوان وإنسان ونبات.
أحمد منصور: في هذه المنطقة المتصحرة الجافة الآن.
فاروق الباز: الرهيبة، الجفاف الرهيب ده.
أحمد منصور: وتعطي على عمق كم المياه في هذه المناطق؟
فاروق الباز: إحنا المهم قلنا الحتة دي فيها مياه، يا حكومة تعالوا احفروا لنا بئرا واحدا علشان نطمئن أن هنا في مياه ولا لا علشان المستقبل.
أحمد منصور: بعد التقاط هذه الصور واكتشاف هذه الأشياء.
فاروق الباز: بعد التعرف على كل الحاجات اللي إحنا من البوادر اللي عملناها دي، وأنا قلت المحاضرة دي بتاعة احتمال المياه دي في فبراير سنة 1982..
أحمد منصور: 1982!
فاروق الباز: أمال إيه.
أحمد منصور: يعني من 27 سنة وأنت نبهت إلى هذا وربما داخلين في 28 سنة.
فاروق الباز: أيوه، ودي ما كانش أي كلام فارغ، دي كانت لجنة وزارية، اللي دعاني أقول الكلام ده كان الله يرحمه ثروت أبو غزالة كان وزير الحربية، نعرفه كويس يعني كان زميل أخي وهو اللي جاب وزير البترول والوزير ده والوزير ده..
أحمد منصور: ثروت؟ كان عبد الحليم أبو غزالة..
فاروق الباز: اسمه أنتم تعرفونه على أن اسمه محمد عبد الحليم أبو غزالة، إحنا نعرفه أن اسمه ثروت لأن اسمه محمد عبد الحليم ثروت أبو غزالة وثروت ده كان اسمه الشائع ما بين أصحابه. وهو دعانا لأنهم كانوا بيتكلموا على المياه فين وبتاع كانوا لسه طالعين من أيام السادات والسادات كان بيعمل غزو الصحراء ودي كان كل الناس لسه بتتكلم كده على غزو الصحراء، فالمهم عملنا القصة دي كلها وابتدأت أنا الكلام في الحكاية دي..
أحمد منصور: تسمح لي نسمع بقية القصة بعد فاصل قصير؟
فاروق الباز: تفضل. أحمد منصور: نعود إليكم بعد فاصل قصير لمتابعة هذا الحوار مع الدكتور فاروق الباز مدير مركز أبحاث الفضاء في جامعة بوسطن في الولايات المتحدة الأميركية ليكمل قصة شرق العوينات والبحيرات المائية الموجودة في جوف الصحراء هناك، فابقوا معنا.
أحمد منصور: أهلا بكم من جديد. بلا حدود من العاصمة اللبنانية بيروت حيث يفتتح غدا المنتدى العربي الثاني للبيئة والتنمية بحضور عشرات الوزراء والعلماء والمسؤولين للتدارس حول البيئة ومخاطرها على الدول العربية. ضيفنا هو رئيس مركز أبحاث الفضاء في جامعة بوسطن في الولايات المتحدة الأميركية وأول من درب رواد الفضاء الأميركان للهبوط على سطح القمر عام 1969 وأشرف على كافة الرحلات الفضائية التي تمت هناك يفردنا في هذه الحلقة بصور فضائية خاصة حول ما يمكن أن يتعرض له العالم العربي من كوارث مناخية،
المياه الجوفية في مصر :
وكان سؤالنا له قبل الفاصل عن البحيرة الموجودة في منطقة شرق العوينات في مصر تحت الرمال هناك. دكتور ما هو الجزء الثاني في قصة هذه البحيرة؟
فاروق الباز: في الحقيقة نحن بدأنا الكلام فيها سنة 1982 وأنا بدأت الكلام أنه إحنا لازم نحفر بئر علشان نتحقق يعني من الأمر لأنه نحن مش عارفين المياه على عمق كام وحتبقى شكلها إيه وملوحتها إيه يعني نعمل الكشف ده مهم، قعدنا نكلم في الحكومة وأخذ مني الحديث مع الحكومة وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي 13 سنة..
أحمد منصور: 13 سنة!
فاروق الباز: 13 سنة علشان نحفر، علشان يوافقوا أنه إحنا نحفر بئرا.
أحمد منصور: على أن يتحفر بئر!
فاروق الباز: بس. ليه؟ لأنهم قالوا لا الخبراء كلهم بيقولوا ما فيش هنا مياه، نحن عارفين، ده الحجر الرملي النوبي هو مايل والمياه اللي كانت حتى لو كان في ماء زمان نزلت خلاص شمالا وما عادش ينفع، إحنا عارفين كل الكلام ده ما ينفعش إحنا عارفين المياه الجوفية فين. المهم حفروا..
أحمد منصور: 13 سنة!
فاروق الباز: 13 سنة.
أحمد منصور: وتكلفة حفر البئر يعني ملاليم يعني. فاروق الباز: سنة 1995 حفروا بئرين، والدكتور يوسف والي قال لي حنحفر بئرين علشان أخلص منك، يعني لأنه مطلع روحه أنا كل شوية بأروح هناك..
أحمد منصور: يعني من 1982 لـ 1995 وأنت عم تقول لهم احفروا بئرا.
فاروق الباز: yes وأقول له الأسباب ليه وعايزينها ليه وده حيبقى مستقبل ويمكن حنعمل فيها حاجة لو لقينا مياه. المهم حفروا الآبار وأخذت كمان خمس سنوات كده ولا حاجة علشان يقولوا ok أنه إحنا حنديها للمستثمرين، دلوقت في عندنا هناك في المنطقة دي..
أحمد منصور: منقطة شرق العوينات.
فاروق الباز: شرق العوينات. 150 ألف فدان صالحة للزراعة مع أنها أرض رملية، كسبوا من أول حصاد، بيزرعوا إيه؟ بيزرعوا 75% من الأرض قمح و25% حمص، الـ 75% من القمح دي بتجيب تكاليف الزراعة، الـ 25% هي اللي بيزرعوها حمص ده كله مكسب، حاجة يعني المياه بتاعتها نظيفة جدا، بتطلع باردة وظريفة ولذيذة وأنظف من مياه النيل.
أحمد منصور: أنظف من مياه النيل!
فاروق الباز: أنظف من مياه النيل. الملوحة بتاعتها مائتين، ومياه النيل ساعات بتصل لثلاثة آلاف.
أحمد منصور: طيب كمياتها قد إيه؟ هل كمياتها كافية؟
فاروق الباز: الحتة اللي هم حفروا بها ما نقدرش نقول في المساحة كلها بتاع البحيرة قد إيه، نقدر نقول على الحتة اللي هم حفروا بها 540 بئرا، منطقة شاسعة كده حفروا بها 540 بئرا، المياه اللي موجودة تحت الـ 540 بئرا تكفي للزراعة اللي هم بيزرعوا بها دلوقت كثيرا، يعني بيزرعوا القمح والقمح عايز مياه كثيرة، تكفيها لمدة مائة سنة على الأقل.
أحمد منصور: مائة سنة!
فاروق الباز: مائة سنة على الأقل. أحمد منصور: طيب حضرتك الآن بتتكلم عن زراعة القمح ومصر أحوج ما يكون إلى القمح وأكبر مستورد للقمح الأميركي في العالم. فاروق الباز: هو ده.
أحمد منصور: يعني ممكن قضية حاجة مصر للقمح تحل في ظل أزمات الغذاء القادمة كمان.
فاروق الباز: أهو كده. معناها إحنا عندنا احتمالات مياه في أماكن مختلفة ولو عرفنا نصلحها كويس حنزيد من الرقعة دي، والمشكلة الأساسية في الحقيقة أنه إحنا نجهل تضاريس مصر ولا نفكر في احتمالات أخرى، دي مهمة جدا، يعني الواحد، إحنا ما بتعرفش تعمل حضارة إلا إذا عرفت بلدك فيها إيه البلد ديه من وين لفين؟ الواحات دي فيها إيه والثانيين دول فيهم إيه وتدرسها دراسة مستفيضة وتعرف الأماكن دي كلها فين علشان نعرف نتصرف بعدين.
أحمد منصور: اسمح لي آخذ بعض المشاهدين ينتظرون بس آخذ أسئلة ونكمل على بحيرة دارفور لأن لها قصة أخرى أيضا. الأخ عايض من السعودية. عايض أل القطب/ السعودية: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أحيي الدكتور فاروق الباز وأحييك أستاذ منصور، على طول أقول الاحتباس الحراري أدى إلى ارتفاع درجات الحرارة وتركز عليه ذوبان الثلوج، ذوبان الثلوج يؤدي إلى غمر يعني الأرض يقولون يصل إلى 12 مترا، الارتفاع هذا قد يغطي بعض العمارات القريبة على الشواطئ، ونحن في العالم العربي ليس لنا ذنب، ذنبنا نتيجة الاحتباس الحراري من الدول الصناعية الكبرى، كيف نعمل على إيقافه؟
أحمد منصور: شكرا لك يا عايض، سؤالك واضح، لأنه بيقطع الصوت لا نسمعك بشكل جيد ولكن سؤال واضح حول الارتفاع ومسؤولية الدول الصناعية حول هذا وليس الدول العربية، والدول العربية ستكون والعالم كله سيكون ضحية لهذه القصة.
فاروق الباز: ما نقدرش إحنا نقول إن دي مشكلتهم مش مشكلتنا ومش حتصل لنا لأن دي حاجة في الأرض حتؤثر علينا جميعا، حتؤثر عليهم وتؤثر علينا، وإزاي نحن نقول إن دي مشكلتهم هم وبعدين إحنا عايشين من البترول اللي بنبيعه والبترول ده هو اللي بيطلع.. الحرق اللي بالنفط ده هو اللي بيطلع غازات ما نقدرش نقول دي مشكلتهم وأنا ما ليش دعوة بها، المشكلة لنا كلنا ولازم نفكر في حلها مع بعض هم وإحنا ولا بد أنه إحنا نشارك في النقاش ده مشاركة جدية مبنية على علم ومعرفة.
أحمد منصور: جواد عبد المحسن من فلسطين، سؤالك يا جواد. جواد عبد المحسن/ فلسطين: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مساء الخير يا أستاذ أحمد لك وللأستاذ الدكتور فاروق الباز، شرفت قبل حوالي العام بالنقاش معك يا دكتور على شاشة الجزيرة الغراء حول موضوع هجرة العقول ودورها في التنمية، السؤال المباشر الذي أريد أن أسألك إياه مباشرة وأرجو أن آخذ الجواب مباشرة، أنك لو قدمت نصيحة لبلدك وقدمت نصيحة للجامعة التي تعمل بها أيهم يأخذ بنصيحتك ولماذا؟ وبارك الله فيك. أحمد منصور: شكرا. بيقول لك لو قدمت نصيحة لبلدك ونصيحة للجامعة التي تعمل بها أيهما يأخذ بنصيحتك ولماذا؟
فاروق الباز: لا، هم كل الناس بتأخذ بالنصائح إذا كانت النصيحة دي في مكانها..
أحمد منصور (مقاطعا): بس في فرق بين نصيحة بعد 13 سنة.. فاروق الباز: بقى ده هو بس بتأخذ وقت زيادة وبس. أحمد منصور: ده مش وقت، ده عمر. وبقية النصائح في نصائح من عشر سنين لسه ما..
فاروق الباز: ما مشيش بس مقبول، ما دام بيسمع على الأقل.
أحمد منصور: بس أنت كده عمال تكافح كفاحا مريرا يعني.
فاروق الباز: ده ما علشان بلدنا وإحنا بنعمل كده علشان إيه يعني؟!
أحمد منصور: مها عناني من لندن، سؤالك يا مها. مها عناني/ بريطانيا: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أولا أنا أفخر بالأرض التي تطؤها قدما المفكر العربي الجيولوجي العظيم الإنسان الكبير الذي نفخر به دائما وأبدا الدكتور فاروق الباز. وعندي سؤالين له، السؤال الأول هل الحجر الجيولوجي ينبئنا عن الماضي فقط أم أنه قد ينبئنا عن المستقبل أيضا؟ والسؤال الثاني ما هي الحكمة الربانية من أن الله سبحانه وتعالى جعل القمر والكواكب بلا مياه؟ وأخيرا هل هناك مشاريع لتصنيع عباقرة مثلك يا دكتور فاروق الباز؟ وشكرا لك وللمذيع الذي يتيح لنا فكرة أن نتكلم مع أناس مثلك، شكرا. أحمد منصور: عايزين نعم استنساخ. السؤال الأول هل الحجر الجيولوجي ينبئ عن الماضي فقط أم يمكن أن ينبئ عن المستقبل؟
فاروق الباز: ده سؤال مهم جدا وفي حقيقة الأمر أنا كان المفروض أن أتكلم على ده لما ورينا صورة الصحراء، ليه؟ لأن التضاريس في صحرائنا تقول إنه كانت هناك مستنقعات وبحار ورمال وكذا وكذا وكذا وكان قبلها جفاف وكان قبل دي خضرة، معنى ذلك أن الأرض دي سوف تخضر مرة أخرى، وإحنا لو سمعنا كلام الرسول صلى الله عليه وسلم "لا تقوم الساعة حتى تعود بلاد العرب مروجا وأنهارا" معناه أن العرب أجدادنا كانوا عارفين ده، كانوا عارفين أن ده بيحصل، أن الأرض دي بتتغير من أرض جافة إلى أرض طيبة فيها الكثير من المياه، وأنا شخصيا بأعتقد أنه في نهاية الاحتباس الحراري وزيادة درجة الحرارة الكبيرة دي الأراضي العربية سوف يصلها مطر أكثر مما هو عليه، يعني في ناس بتقول إيه؟ إحنا الأمطار حتبقى قليلة والمياه حتبقى قليلة نتيجة للاحتباس الحراري، ده بيحصل فين؟ عندهم في بلادهم، ليه؟ لأن المياه بتيجي في بلادهم..
أحمد منصور (مقاطعا): في الغرب؟
فاروق الباز: آه في الغرب يعني في الشمال لأن المياه بتيجي في الشمال من ذوبان الثلوج إنما المياه عندنا بتيجي منين؟ بتيجي من بخر المياه في المحيطات في منطقة خط الاستواء، كلما زادت درجة الحرارة كلما زاد تبخر المياه كلما زادت السحب كلما زادت الأمطار، ودي حاجة تعتبر مهمة.
أحمد منصور: سؤال برضه عايز إجابة سريعة اللي هي الحكمة الربانية من أن القمر والكواكب ليس عليها مياه. فاروق الباز: لا، ده في الحقيقة غير صحيح لأن القمر حتى فيه شوية مياه، إحنا عارفين أن المريخ عليه مياه كثير قوي، ثلج كثير، في قمر من أقمار المشتري القشرة الأرضية كلها بتاعته ثلج بتاع مياه، معنى ذلك أنه توجد هناك مياه في أماكن أخرى في الكون.
أحمد منصور: محمد الشمري من السعودية سؤالك يا محمد. محمد الشمري/ السعودية: بالنسبة لفترة الجفاف اللي تمر على الجزيرة العربية خصوصا منطقة الخليج، ما سبب الجفاف؟ السؤال الثاني للدكتور، هل الدرع العربي الممتد داخل الجزيرة العربية هل يوجد الدرع العربي مياه لو حفرت آبار؟ وشكرا وأتشرف أنني اتصلت بالدكتور.
أحمد منصور: شكرا لك. محمد عبد الله من السعودية محمد سؤالك. محمد عبد الله/ السعودية: السلام عليكم. شكرا للدكتور فاروق الباز وهذا يشرفنا، ماذا عن النهر الذي اكتشفوه بالأقمار الصناعية من جنوب السعودية يمر بجزيرة العرب إلى شمالها في الربع الخالي بالأقمار الصناعية هل هذا صحيح وهل موجود الآن تحت الرمال؟ شكرا.
أحمد منصور: شكرا. عبد الله الحويطي من السعودية. سؤالك تفضل. عبد الله الحويطي/ السعودية: أنا أظن أن جلالة الملك عبد الله تبرع للمصيبة هذه. بس بدي أسأل الدكتور عن خليج العقبة يعني المنطقة هذه إيش رأيه فيها. شكرا.
أحمد منصور: شكرا لك. ربما السؤالان الأولان يدوروا حول ما أشرت إليه وحقيقة وجود نهر من جنوب السعودية إلى شمالها.
فاروق الباز: آه لا، من الغرب إلى الشرق كثيرة..
أحمد منصور: من الغرب إلى الشرق.
فاروق الباز: وهناك بعض الأنهار اللي هي كانت تصب في المنطقة اللي إحنا بنسميها دلوقت الربع الخالي، الربع الخالي دي كانت بحيرة زمان، كانت فيها أنهار بتصب فيها من جبال الحجاز..
أحمد منصور: معنى ذلك وجود كميات كبيرة من المياه الجوفية في هذه المناطق.
فاروق الباز: معنى ذلك، وكل الآبار التي حفرتها شركات البترول شركة أرامكو كل ما يحفروا في الربع الخالي في الشرق الربع الخالي -لأنهم بيحفروا هناك كثيرا- بيلاقوا مياه جوفية، حتى لما بيحفروا..
أحمد منصور (مقاطعا): لكن يقال إنهم لم يستفيدوا منها بالشكل الكافي.
فاروق الباز: أصل شركات البترول يعني مش عايزة، يعني بشركات البترول بتعتقد أن المياه دي مشكلة مصيبة بتلخبط لهم عملية الحفر.
أحمد منصور: استخرجوا كميات هائلة من المياه. فاروق الباز: توجد كميان هائلة من المياه بعضها على أعماق طويلة بعضها فيه ملوحة ولكنها مياه على طبقات وطبقات.
أحمد منصور: عبد الله بيسأل عن منطقة خليج العقبة هل يمكن أن يحدث فيها، هل تتعرض لعملية الانخفاض وغيرها؟
فاروق الباز: لا، لا، خليج العقبة كويس.
أحمد منصور: طيب منطقة الكويت وقطر وبعض هذه المناطق الأخرى التي أشرت إليها؟
فاروق الباز: أيوه في مناطق واطية قوي زي في مناطق في الجنوب في قطر ممكن جدا تتأثر، في مناطق على ساحل الإمارات العربية المتحدة منخفضة خالص وهي دي ممكن تتأثر، في مناطق في تونس وليبيا بنفس الطريقة واطية كده تتأثر، يعني في الأماكن اللي هي مستوى الأرض بتاعها قريب جدا من مستوى البحر.
أحمد منصور: الآن أنت أشرت إلى بحيرة منطقة شرق العوينات في مصر وإمكانيات أن تغطي احتياجات مصر من القمح في هذه المنطقة وذكرت لي أيضا أن ربما جنوب الصعيد كله يأكل من قمح هذه المنطقة أيضا.
فاروق الباز: القمح اللي بيطلع من هناك بيأخذوه بعربيات النقل وينتقل إلى أسوان علشان يعملوا القمح علشان العيش.
أحمد منصور: عندنا بعد كده بحيرة في دارفور، نشوف خريطة بحيرة دارفور وتخبرنا.. لأن مشكلة دارفور الآن مشكلة الجفاف وما يحدث فيها وإمكانية وجود هذه المياه الجوفية أن تحل هذه الأزمات.
فاروق الباز: تماما، لأن المنطقة بتاعة دارفور اللي هي إحنا الحتة الزرقاء دي اللي في الحتة المعمولة حواليها الأحمر ده المربع هو ده موقع بحيرة دارفور، والمهم لما أنا درست دارفور ورحت هناك وشفت الناس اتضح لي أن المشكلة أساسا مشكلة مياه، في عندهم نوعان من الناس..
أحمد منصور: شوف الخريطة اللي بعدها اللي هي أكثر قربا وتوضيحا للبحيرة.
فاروق الباز: في نوعين من الناس هناك، ناس بيربوا بقر يعني شاهد البحيرة دي في شمال دارفور اللي عرفناها بالصور الرادارية.
أحمد منصور: بالرادار. فاروق الباز: بالرادار. الرادار بيعمل إيه؟ أحمد منصور: إلى عمق الأرض.
فاروق الباز: بيعمل إيه الرادار؟ بينزل ذبذبات الرادار بتنزل على.. وبعدين بتنعكس من أول طبقة صلدة في الأرض..
أحمد منصور (مقاطعا): قلت لي عالم الرادار هذا عربي.
فاروق الباز: وده عالم الرادار عربي لبناني الأصل اسمه شارلز العشي زميلنا أصغر مننا يعني طبعا كان، دلوقت بقى صاحبنا وزميلنا. الرادار يعمل إيه؟ ينزل كده وبعدين ينعكس كأنه صدى، صدى الصوت ولا صدى الرادار يرجع وإحنا نقيس البتاع دي فنعرف تركيبة الأرض إيه، في المنطقة دي الرادار نزل وشاف الرمل ما شافوش عدا الرمل كله وللعمق وإدى لنا أول طبقة صلدة تحت الرمال، فعرفنا لقينا أن الطبقة الصلدة اللي تحت الرمال..
أحمد منصور: على عمق كام تقريبا؟
فاروق الباز: إحنا ما نعرفش على عمق كام بالحقيقة لكن الأماكن اللي إحنا حفرنا فيها الرمل علشان نشوف الحتة دي قد إيه وصلنا إلى حافة النهر كانت 16 قدما، يعني خمسة أمتار.
أحمد منصور: فقط لا غير.
فاروق الباز: فقط لا غير، تحت الرمل خمسة أمتار لقينا.. أحمد منصور (مقاطعا): خمسة أمتار ممكن يطلعوا مياه في هذه المناطق؟! فاروق الباز: لا، خمسة أمتار كان رمل بس.
أحمد منصور: رمل.
فاروق الباز: وبعدين يبتدئ الحضر اللي هو معمول فيه الوادي.
أحمد منصور: إحنا عندنا صور لأنهار جافة في هذه المنطقة أيضا ربما تبين طبيعة الأماكن اللي حفرتم فيها.
فاروق الباز: المهم أنه إحنا في الأماكن دي تعرفنا أن الرملة دي عبارة عن قشرة فوق الطبقة والصخور اللي تحتها فيها وكأنه الختم بتاع الأنهار القديمة، عاملة ختم كده سايباه، فده يقول لنا الأنهار رايحة فين، شوف الأنهار بتاع الملوية البيضاء دي هذه..
أحمد منصور: هذه في منطقة دارفور كلها.
فاروق الباز: في منطقة دارفور الغربية، دي جانب بلد اسمها جنينة، دي غرب جبل اسمه جبل مارة، المنطقة دي بتهطل أمطار فيها كل سنة لمدة شهرين في الصيف، معناه أن المياه بتتجدد معناه أن الأمطار دي غزيرة، وأنت عندك اثنان من الناس اللي هم الناس البقارة اللي هم بتوع رعاة البقر اللي بيقعدوا حوالين المدن وفي العرب الرحل اللي بيتنقلوا من مكان إلى مكان، لما الناس اللي هم البقارة دول أخذوا مواقع كل الآبار، العرب الرحل هم دول اللي ما عجبهمش الكلام ده لأن العرب الرحل الآبار بتاعتهم راحت وهو ده اللي بدأ المعركة، معناه أنك لقيت مياه وآبار للناس البقارة دول وآبار للرحل تحل المشكلة.
أحمد منصور: والمنطقة كلها مهيأة أن يكون فيها آبار والمياه موجودة في جوف الأرض.
فاروق الباز: إن ما كان في الحتة اللي هم ساكنين فيها يبقى في البحيرة اللي زي البحيرة بتاع شرق العوينات.
أحمد منصور: وهذه منطقتها محددة -كما ذكرتم أنتم- بالأقمار الصناعية..
فاروق الباز: محددة عارفينها فين بس دي تحتاج إما أنك تنقل المياه بأنبوبة أو أنه أنت تروح تزرع هناك.
أحمد منصور: والكميات كافية؟
فاروق الباز: والكميات كافية حتبقى زي الحتة بتاع شرق العوينات تماما لأنها تقريبا نفس الحجم وقريبة منها نفس الموقع الجيولوجي.
أحمد منصور: يعني أزمة دارفور من خلال هذا العلم ومن خلال هذه المعلومات يمكن أن تحل.
فاروق الباز: ممكن أن تحل، أو على الأقل سبب الخيبة الحقيقية نحله.
أحمد منصور: في شكل رقم تسعة اللي بيبين توزيع المياه في الأرض وأعتقد ده مهم حتى نستطيع أن نفهم من خلاله بعض الأشياء المهمة، في بحيرات في مستنقعات في مياه أرض في قمم ثلجية في مياه مالحة.
فاروق الباز: ده المهم أنه أنت لو أخذت المياه في الأرض كلها اللي بتاع اللي عالشمال دي بتوري لك أنه أنت لو أخذت المياه في الأرض من أولها لآخرها تجد أن المياه المالحة 97% من المياه الموجودة على الأرض عبارة عن مياه مالحة، المياه الحلوة 3% بس.
أحمد منصور: فقط لا غير.
فاروق الباز: بس. والمياه الحلوة دي لو أخذتها وتقول أنا فين المياه الحلوة دي؟ تلاقي 70% منها ثلج بس والباقي المياه السايبة، لو أنت أخذت المياه السايبة دي تلاقي 1% من الثلاثين دول هي المياه اللي في المستنقعات والبحيرات والأنهار و 30% من المياه دي هي المياه الجوفية، معنى ذلك أن المياه الجوفية قد المياه اللي في كل البحيرات وكل المستنقعات وجميع الأنهار 30 مرة.
أحمد منصور: المياه الجوفية؟
فاروق الباز: المياه الجوفية.
أحمد منصور: ومن ثم يجب الاعتماد على المياه الجوفية ومعرفة أماكنها لإمكانية التعويض في هذه الجوانب.
فاروق الباز: تمام، وحتى لو كان جزء من المياه الجوفية دي مالحة ولا الملوحة بتاعتها بقى أنا أستخدم أنا عملية تحلية المياه لأن المياه الجوفية سوف تكون المصدر الرئيسي لمياه المستقبل.
أحمد منصور: يعني قضية المياه يمكن حلها عبر أيضا العلم وعبر هذه المعلومات.
فاروق الباز: عبر المعلومة دي. أحمد منصور: أنت لك يعني دراسة مميزة ربما تحتاج إلى حلقة كاملة حول إمكانية تخضير الصحراء في العالم العربي مرة أخرى وعملية الاستيعاض لا سيما في ظل ما يقال عن أنه خلال 10، 15 سنة ستحدث مجاعات كبيرة في العالم والذي لن ينتج غذاءه لن يستطيع أن يخدم شعبه أو يقدم لشعبه ما يكفي من الغذاء على اعتبار أن الدول المنتجة ستحتفظ بالغذاء لنفسها وتترك الجوعى هؤلاء حتى يموتوا.
فاروق الباز: بس المهم جدا في هذه المرحلة أنه إحنا نفكر كيف نقلل من ملوحة المياه إما ملوحة البحر أو المياه الجوفية إذا كانت مالحة باستخدام الطاقة المتجددة، إحنا يا عرب نسينا القصة دي خالص كان عندنا بترول ونسينا الطاقة الشمسية ونسينا طاقة الرياح ولا نعرف عنهم حاجة خالص ولا حتى نعرف الرياح السريعة في العالم العربي فين، معنى ذلك أنه إحنا لا بد أن نأخذ دورا قياديا ورياديا في استخدام الطاقة الجديدة.
أحمد منصور: وفق الاستطلاع اللي أجراه التقرير السنوي للمنتدى العربي للبيئة والتنمية الذي سينشر غدا، 51% من العرب الذين استطلعت أراؤهم يرون أن الحكومات لا تقوم بالجهد الكافي للتصدي لمشاكل البيئة، كيف يمكن للحكومات -في ختام هذه الحلقة- أن تتصدى فعلا لمشكلة البيئة تصديا حقيقيا وأن تجنب بلادها الأخطار القادمة التي ستحدث جراء تغير المناخ؟
فاروق الباز: أول حاجة نعملها أنه إحنا نشجع البحث والعلم والفكر في القصة اللي بتحصل حوالينا دي، إحنا في حاجات بتحصل في الأرض وكأنها بعيدة عنا وكأنه إحنا عايشين في كوب ثاني ولا كأننا ندري، وكأن العلم والفكر والمعرفة دول في إجازة، ساكتين إحنا زيهم خالص كده، فلازم دي عايزة مبادرة من الحكومة أنها تشجع الناس وتجيب الناس وتشوف أنتم عندكم كم واحد يقدروا يشتغلوا فين ويعملوا فين، علشان الناس دي لما تشتغل الناس اللي حواليهم حيسمعوا ويعرفوا لأن عامة الناس في الشارع العربي ما يعرفوش حاجة عن دي خالص بيسمعوا كلاما بيقرؤوه في الجرائد وبعض هذا الكلام تهويل إنما ما فيش حقيقة علمية حقيقية وده اللي لازم نعمله إما من خلال الحكومات المتفتحة أو من خلال العلماء الذين يتطوعون للمشاركة في هذا العمل.
ساحة النقاش