أهمية النباتات الطبية والعطرية

 

مقدمة تاريخية

Historical Introduction

 

الحد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد لقد كانت النباتات الطبية والعطرية ومازالت الأساس الذي تطورت عن طريقة صناعة الأدوية والعقاقير, وظهرت حضارات عريقة   بنيت أساسا على الطب النباتي. ومازالت النباتات الطبية والعطرية وستبقى تساهم بشكل فعال في صحة الإنسان وتقدمة ، ولاسيما إن كثير من الأصوات في مختلف أنحاء العالم تدعو إلى العودة بقوة إلى الطبيعة في مجالات عديدة تتعلق بصحة الإنسان ولقد كانت ولازالت النباتات هي مصدرا لغذاء والدواء معاً لبني الإنسان ومنذ القدم تعرف الإنسان على الكثير من النباتات والأعشاب الطبية التي تنمو برياً في بيئته حيث وجد أن الكثير منها يفيد في الغذاء والقليل يصلح كدواء ، ذلك ... عثرا لإنسان على الكثير من الأعشاب العطرية ذات الرائحة الذكية ، كما توصل إلى معرفة خصائصها ، وتحديد فوائدها باستخدامها في عملية التطبيب لتعطير الجسم ، وإنعاش البدن بالرائحة الذكية والمنبعثة من الأعضاء المختلفة للنباتات العطرية كما أمكن استغلال هذه الأعشاب في عملية التطبيب الشعبي لعلاج الأمراض، وإزالة العلل وطرح الأرواح الشريرة كما كانوا يعتقدون.

ولاشك أن أفراد الشعوب البدائية قد تعلموا أشياء كثيرة عن النباتات. وقد أعطى الله سبحانه وتعالى الحيوان الأعجمي خصائص غريزية يهتدي بها إلى هذه النباتات كلما أحتاج إليها في علاج مرض طارئ أو هزال عارض ، مما جعل الإنسان يفكر كيف يستفيد من هذه الغريزة ، ومن تلك الخصائص وذلك بمرافقة هذه الحيوانات وتتبعها في أكلها وشربها كلما أحتاج إلى الدواء أو الغذاء غير أن السحر والخرافة كانا يمتزجان بالجهود الأولى التي كان يبذلها الإنسان . واهتمام الإنسان بالنبات يعود إلى حقبه بعيدة من التاريخ القديم عندما كان مصدر قوته النباتات البرية بالإضافة إلى الحيوانات، ومن خلال تجاربه استطاع انتقاء العديد منها وبدأ بامتهان الزراعة واختيار أجود الأنواع النباتية المختلفة.

وتزايدت اهتمام الإنسان بالنباتات ففي الصين طهر عام 2700 ق.م أول كتاب طبي للأعشاب، وأصبح هذا الكتاب أساس لجميع المعلومات الصينية التي كُتبت بعد ذلك عن النباتات، وأشهرها كتاب ( الأعشاب الكبير ) وفي بلاد بابل القديمة كانت المعلومات التي تتعلق بالنباتات المستعملة في الطب تسجل على الأسطوانات الحجرية والطينية. وهناك ألواح مدون عليها ما يزيد على 250 نباتاً من بينها الكاسيا والهندباء والكمون والكركم والمر . وقانون حمو رابي المحفور على الصخر ، والذي يعود تاريخه إلى 1728 ق.م ينص على استعمال النباتات الطبية لشفاء الكثير من الأمراض .

وفي مصر ، تدل الكتابات القديمة والصور الملونة على جدران المعابد والقبور ، وكذلك بقايا الأعشاب التي وُجدت بالمقابر بجانب الجثُث المحنطة ، على استعمال هذه النباتات منذ 3000 سنة ق.م وأهم مصادر المعلومات عن الطب المصري القديم ، والعقاقير والتداوي بها جاء عن طريق مجموعات لفائف البردي .

أما دور الإغريق واليونان والرومان فقد استفاد اليونانيون أبان ازدهار حضارتهم في القرن الخامس قبل الميلاد من خبرة قدماء المصريين والبابليين ويعتبر أبقراط الملقب أبو الطب من أعظم أطباء اليونان إذ أستعمل أكثر من 225 عقاراً من الأعشاب ثم جاء أرسطو وتلاه ثيوفراستس الذي أدرج في كتابة تاريخ النبات 500 عقار طبي ثم تلاه دايسكوريدس الذي ألف كتابة المشهور المادة الطبية ( ( Materia Medica   والذي ذكر فيه أكثر من 900 عقار من شرح فوائدها العلاجية واستخداماتها الطبية وصنفها إلى أربع مجموعات : عطرية ، طبية علاجية ، غذائية و سامة.  ثم جاء جالينوس وألف العديد من الكتب ذكر فيها آلاف العقاقير وطرق تحضيرها وهي ما زالت معروفه باسمة Galenicals  ثم جاء بلني الروماني الذي ألف كتاب التاريخ الطبيعي الذي احتوى  1000 نبات طبي وعطري وغذائي مع بيان الوصف والأهمية .

أما العرب فيرجع إليهم الفضل في تأسيس أول مزاخر الأدوية ( صيدليات ) بدمشق والتي كانت تمتلئي بأوراق وجذور وأزهار وثمار وبذور النباتات مثل السنا مكي والكافور والجوز ألمقيئي والقرنفل وغيرها من النباتات ولا ننسى فضل علماء العرب ، فقد كان لهم باع طويلا وواسع في مجال المعالجة بالنباتات .فابن سينا ألف كتابة المشهور القانون وسجل لعلاج الأمراض ما يزيد على 760 دواء كما أن ابن البيطار هو أول عالم عربي ألم بخواص النباتات ووضع فيها كتابة ( الجامع الكبير ) والذي أحتوى على ألفين من الوصفات ، ثم كتب ( المغني في الأدوية المفردة ) ، وكتاب الدرة البهية في منافع الأبدان ) وكذلك أبو علي يحيى بن الجزلة الذي ألف كتاب ( المنهاج ) وجمع فيه أسماء الحشائش والعقاقير والأدوية والرازي وقد وضع كتابا عن الأعشاب   أسماه  ( كتاب الأبنية عن حقائق الأدوية ) وقد وصف فيه ما يقرب من 500 عشبه وأخيراً كتاب داود الأنطاكي ( تذكرة داود ) هذا الكتاب المشهور الذي يعرفه العامة قبل الخاصة ، ويعتبر دستوراً للعلاج والشفاء وهو مرجع رئيسي لكل من يشتغل بالطب الشعبي .

 

 

المقدمة Introduction

 

ان الاهتمام في موضوع النباتات الطبية والعطرية يرجع إلى كونها أول المصادر الرئيسية للحصول على الأدوية وذلك منذ بدء الخليقة حيث استعمل الإنسان النباتات في غذاؤه ولتخفيف آلامه وعلاج أمراضه المختلفة وذلك باستعمال أحد أجزاء النبات أو كل النبات بعد نقعه أو غليه أو على شكل لبخة دون التأكد من والبحث عن المادة التي يحويها والتي تسبب الفعل العلاجي أو الجزء من النبات ذا الفائدة العلاجية ولكن اعتمادا على التجربة فقط وبتقدم العلوم والتكنولوجيا أصبح باستطاعة العلماء فصل المواد الفعالة من النباتات الحاوية عليها وتحضيرها بالشكل الذي يلائم استعمالها والحالة المرضية التي تستعمل من أجلها.

لقد عرفت النباتات الطبية والعطرية للإنسان منذ أمد بعيد ودونت الكثير من المعارف والمعلومات عن هذه النباتات في الحضارات القديمة مثل حضارة قدماء المصريين و الهند والصين و المسلمين و... الخ وفي اليمن لازالت هذه النباتات تباع عند العطارين فقد كان لأجدادنا اليمنيين اهتمامات تاريخية بالنباتات الطبية حيث كانوا يزرعونها و يعالجون بها الأمراض كما اهتموا بالنباتات العطرية و النباتات التي تفرز الراتنجات الصموغ و اللبان ، واشتهروا بتجارة البن و الصمغ و العربي والصبر و المر وعملوا على تصديرها إلى مختلف بلدان العالم ، و انتشرت و لازالت حتى اليوم دكاكين العطارين في المدن والقرى تشهد لهم .

و عندما نتحدث عن النباتات الطبية والعطرية و أهميتها و زراعتها و خدمتها بعد الزراعة وما يلي ذلك من عمليات الجمع والتجهيز والإعداد والتسويق و والتخزين، و معرفة الطرق المختلفة لاستخلاص المواد الفعالة فأننا نتحدث عن علم العقاقير(pharmacognosy) فعلم العقاقير هو العلم الذي يهتم بدراسة الأصول النباتية للعقاقير بشكلها الطبيعي أو الخام من النواحي المظهرية والتصنيفية والتركيبية والكيميائية وكيفية استخلاص المكونات الفعالة والتعرف عليها وبيان تأثيرها على الإنسان والأحياء الأخرى أو هو علم الأدوية ذات المصدر الطبيعي أو الحي،مثل النباتات والحيوانات والجراثيم و ... الخ ومن أهداف علم العقاقير الدراسة والبحث في خصائص الأدوية ذات المصدر النباتي والحيواني والجرثومي ، معرفة أفضل الطرق لاستخلاص المواد الفعالة (الجواهر) والاستفادة من هذه المواد كأنوية لتحضير أدوية أكثر تعقيداً مثل الهرمونات و مواصلة البحث لاكتشاف مواد جديدة .و يمكن القول أن علم العقاقير ((pharmacognosy هو علم النباتات الطبية والعطرية.

وبتطور العلوم استطاع العطارين أن يقوموا بطحن النبات الطبي ويجهزه على شكل مسحوق  POWDER ،ثم في القرن الثامن عشر ظهرت النباتات الطبية في الصيدليات على شكل خلاصات Extracts  أو صبغات Tinctures  فصارت أكثر تركيزاً وفعالية وأكثر سهولة في تحضيرها وتناولها. ومع تقدم العلم التطبيقية وخصوصاً علم الكيمياء ومعرفة العلماء لطرق التحليل الكيميائي استطاع العلماء فصل المواد الفعالة الموجودة في النباتات وتصنيعها بصورتها النقية على شكل أقراص أو دهان أو حقن وغيرة. وزاد الاهتمام بالنباتات الطبية والعطرية وما تحتويه من أسرار طبية فأنشأت الشركات والمؤسسات والمراكز العلمية في مختلف البلدان وذلك لغرض الحصول على المزيد من العلاجات النباتية لبعض الأمراض المستعصية.

ومع تطور الطب البشري وإنتاج الأدوية الكيميائية بتقنية حديثة بدأ العلاج بالأعشاب يتراجع شيئا فشيئاً حتى اقتصر على طائفة بسيطة من الناس لا يمتلكون المؤهلات العلمية ولكنهم يمتلكون خبرة تراكمية في العلاج بالنباتات فقد يصبون وقد يخطئون و معلوماتهم يستقونها من بعض الكتب المتوفرة لديهم وليس عن دراسة وعلم. وصار طب الأعشاب بين فريق ينادي بالعودة إلى العلاج بالأعشاب والابتعاد عن المواد الكيميائية المصنعة في المعامل والمصانع وعن أثارها الجانبية الضارة ، وبين فريق ينادي بمواكبة التكنولوجيا العلاجية الحديثة وعدم الرجوع إلى الماضي خاصة بعد ما حقق الطب الحديث نجاحه الكبير. والبشرية اليوم لا تريد العودة إلى الخلف وترك تكنولوجيا العصر ولكنها كذلك بالمقابل لا تريد دواءً يعالج مرضاً ويخلق إمراضا أخرى بأثارة السيئة ومضاعفاته . وما ينفع الكبد يضر الطحال كما جاء في المثل العربي. وهنا تأتي الحاجة إلى تكاثف جهود الباحثين و الأطباء وجهود العشابين والعطرين وتضيق الفجوة الفاصلة بينهما بحيث يستبدل العلاج الكيميائي تدريجياً بمستخلص من الأعشاب والنباتات الطبية والعطرية وبطريقة حديثة مدروسة وبعد التحقق العلمي والعملي من تأثيره وفوائده.

 

 

 

 

المصدر: المراجع أولاً :- المراجع العربية - أبورجيع،طلال و حجاوي ، غسان (2000): علم العقاقير والنباتات الطبية العملي – دار الشروق – عمان – الأردن. - الدبعي، عبد الرحمن والخليدي ،عبد الولي (1997): النباتات الطبية في اليمن – مركز عبادي – صنعاء – اليمن. - قطب ، فوزي طه (1987) :النباتات الطبية زراعتها مكوناتها وفوائدها – كميفتكو – القاهرة – مصر. - المنظمة العربية للتنمية الزراعية (1988): النباتات الطبية والعطرية والسامة في الوطن العربي – الخرطوم – السودان. - المياح ، عبد الرضا (2001) النباتات الطبية والتداوي بالأعشاب – مركز عبادي – صنعاء – اليمن. ثانياً:- المراجع الأجنبية References Trease and Evans (2007): Pharmacognosy Fifteen Edition Printed in China.
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 4335 مشاهدة
نشرت فى 1 إبريل 2014 بواسطة Gehadanam

عدد زيارات الموقع

10,875