معضلة الأمن في منطقة الساحل والصحراء: الأسباب والمواجهة
د. عصام عبد الشافي(<!--)
خلال شهر نوفمبر 2013، شاركت في مؤتمرين دوليين في الجزائر، كان محور اهتمامهما واحد، وهو قضية الأمن التي تشكل معضلة كبرى ليس فقط للجزائر ولكن لدول منطقة الشمال الأفريقي عامة، ودول منطقة الساحل والصحراء خاصة. وكانت هذه المعضلة الدافع وراء العديد من التحركات والاستراتيجيات الدولية والإقليمية والوطنية سعياً نحو تفكيك ابعادها، ومواجهة تداعياتها، حتى قبل تفاقم الأوضاع على خلفية تطورات الأحداث في كل من السودان وليبيا ومالي منذ 2010 وحتي الآن.
إن منطقة الساحل هي الخط الفاصل بين أفريقيا الشمالية وأفريقيا جنوب الصحراء، وهو معبر تجاري تاريخي تقليدي بين منطقة غرب أفريقيا من جهة، والبحر الأبيض المتوسط من جهة أخرى. ويمتد "إقليم الساحل" من المحيط الأطلسي إلى البحر الأحمر، ويقابله على الضفة الأخرى من الصحراء الكبرى الفضاء المغاربي المطل على المتوسط. و"الساحل" منطقة تتقاطع فيها الحضارات والثقافات واللغات مما أهلها لتكون جسرا رابطا بين الحضارتين الأفريقية والعربية، ولكن التناقضات والصراعات والحروب جعلتها تدفع ثمن هذا الموقع؛ وصارت نقاط قوتها هي نقاط ضعفها حين تحول موقعها الجغرافي من جسر رابط بين الحضارات إلى موقع تتحارب فيه الثقافات والأثنيات. وأصبحت المنطقة ساحة حروب ونزاعات لا تنتهي.
وفي ظل مزيج معقد من الأسباب والدوافع يتمثل أبرزها في الإرث الاستعماري، وأزمة الهوية والإندماج الوطني، والكوارث الطبيعية والتدخلات الأجنبية، وفشل الأنظمة الحاكمة بعد الاستقلال في التعامل بحكمة وفاعلية مع قضايا الهوية واللغات والثقافات والتنمية والبناء، إلخ... يضاف إلى هذا الكوارث الطبيعية التي ضربت المنطقة عدة مرات، وأدت لموجات من الهجرات الداخلية والدولية عبر دول المنطقة (<!--). يأتي تناول أسباب معضلة الأمن في المنطقة، ودور العامل الخارجي فيها، والآليات التي تم الاعتماد عليها في مواجهة هذه المعضلة وتداعياتها، وذلك وفق المحاور التالية:
أولاً: أسباب معضلة الأمن في منطقة الساحل والصحراء
تتعدد الأسباب التي تقف خلف تشابك وتعقد معضلة الأمن في مننطقة الساحل والصحراء، والتي تنبع من البيئة الداخلية لدول المنطقة أو من البيئة الإقليمية والدولية المحيطة بها، وخو ما يمكن تناوله على النحو التالي:
1- العامل التاريخي ودور الاستعمار:
يعود انتشار الحروب والصراعات في منطقة الساحل والصحراء إلى أزمة الهوية وضعف الاندماج الوطني الناجم عن تخطيط عشوائي للحدود إبان الحقبة الاستعمارية، فقد أسس المستعمر دول الساحل ضمن حدود سياسية وإدارية مصطنعة قطَعت أوصال المجتمعات والثقافات واللغات في إطار استراتيجية موحدة في عموم الشريط من موريتانيا إلى السودان مخلفا في كل بلد من بلدان المنطقة أزمة بناء دولة متماسكة الأطراف ومنسجمة الجنوب والشمال. لذا، أضحت مسألة الهوية من أكبر المعضلات التي تواجه "المشروع الوطني" في الساحل حيث لا تزال كل دولة فيه تعاني أزمة تكامل وعجز في التعامل مع التنوع العرقي والتعدد الثقافي.
وفي معظم دول منطقة الساحل جاء المستعمر من الجنوب وجعل من الجنوب مركز الدولة وأساسها وقلبها في كل الأقطار باستثناء السودان التي جاءها الإنجليز من الشمال وهو ما عزز موقع الشمال ومكانة أهله في الدولة مقارنة مع باقي دول الشريط. أما في موريتانيا ومالي وبوركينا والنيجر وتشاد، فإن الجنوب كان محور اهتمام المستعمر الفرنسي لاعتبارات مختلفة منها: التقري والكثافة السكانية وحفظ النظام والأمن والتواصل الطبيعي والإثني والثقافي مع باقي المستعمرات في غرب أفريقيا(<!--).
وأمام فشل الأنظمة الحاكمة بعد الاستقلال في التعامل بحكمة وفاعلية مع قضايا الهوية واللغات والثقافات والتنمية والبناء، إلخ... اضطرت الجماعات التي شعرت بالغبن والحرمان إلى اللجوء إلى العنف المسلح أكثر من مرة وعلى مدى عقود من الزمان لتحسين وضعها في عملية توزيع الثروة والمشاركة السياسية في تسيير الدولة، وهو ما قاد لصراعات ممتدة في عموم دول الساحل ضمن مسار تاريخي لم ينقطع حتى اليوم(<!--).
2ـ تفاوت القدرات العسكرية والاقتصادية:
عسكرياً، توجد دول منطقة الساحل والصحراء ضمن قائمة الدول التي تشكل فيما النفاقات العسكرية عائقا كبيرا أمام نموها الاقتصادي، حيث نجد أن المغرب والجزائر وتونس وليبيا، استأثرت بثلث تجارة السلاح في القارة الإفريقية سنة 2007(<!--).
واقتصادياً، نجد أن جل اقتصادات بلدان منطقة الساحل والصحراء تنتمي إلى المرحلتين التقليدية وما قبل الانطلاق، وبعضها الآخر يدخل ضمن مرحلة الانطلاق، وتتسم كل هذه المراحل بما يسمى "الضغط نحو الخارج"، أي أن النخب الحاكمة تحتوي عدم الاستقرار الاقتصادي بنهج سياسة إقليمية عدوانية.
ومع تزايد حدة التنافس الدولي حول مصادر الطاقة، توالي الاهتمام بالعلاقة بين مصادر الطاقة وإمداداتها والصراع العسكري، خاصة مورد النفط كأحد مصادر الصراع الداخلي والخارجي. فالنزاعات الداخلية التي شهدها السودان، وتشهدها نيجيريا مثلا، هي وجه من أوجه الصراع حول تقسيم الثروات النفطية. بجانب التهديدات الإرهابية التي تستهدف المنشآت النفطية.
وهكذا تزايدات النفقات العسكرية لهذه الدول من اجل حماية مواردها النفطية خصوصا إزاء بعض المعطيات، كقرب السواحل الغربية الإفريقية من الأسواق الأمريكية الشرقية، حيث تبلغ نصف المسافة بينها وبين الخليج العربي، وارتفاع جودة الخام الإفريقي عن نظيره بالخليج العربي. وبدلاً من أن تكون هذه الموارد دافعة للتنمية كانت مغذية للنزاعات الداخلية والتدخلات الأجنبية.
3- المشكلات الاجتماعية:
وهذه المشكلات إما أن تكون ذات طبيعة اقتصادية أو ذات طبيعة سياسية، حيث تؤدي الأولى بالدولة إلى إعادة تخصيص الموارد الاجتماعية لحل المشكلات الداخلية والإقلال من الموارد المخصصة للسياسة الخارجية، وبالتالي الدفع بالدولة نحو الانعزال. في حين تؤدي القلاقل السياسية إلى محاولة تخفيف الضغط الناشئ عن تلك المشكلات بافتعال نزاعات خارجية خصوصا مع الجيران، لتركيز انتباه الرأي العام على العدو الخارجي بدلا من الاضطرابات الداخلية.
4- طبيعة النخبة السياسية:
تتسم نظم دول منطقة الساحل والصحراء بكونها في معظمها أنظمة عسكرية أو يصعب فيها التمييز بين العسكرية والمدنية، فهناك نحو 29 دولة إفريقية شهدت بين عامي 1984 – 2004، إقصاء 70 رئيس دولة عن طريق الانقلابات العسكرية. ويربط تيار واسع من المحللين بين السلوك العدواني للدولة وطبيعة النخبة العسكرية الحاكمة التي تسعى إلى التوسع والحروب لتبرير هيمنتها على السلطة السياسية. وكذلك أثر النخبة العسكرية في توجيه السياسة الخارجية نحو التركيز على الأداة العسكرية كأسلوب لتنفيذها، إلى جانب غياب مؤسسات تخطيط السياسة الخارجية، الأمر الذي يزكي شخصنة السياسة الخارجية لهذه الدول، وبالتالي طغيان طبيعة إدراكات النخبة الحاكمة على السلوك الخارجي لهذه الوحدات.(<!--).
5ـ تنامي تأثير الجريمة المنظَّمة:
فقد أصبحت الجريمة المنظمة التي تقودها شبكات التهريب مصدر خطر حقيقي على دول المنطقة، خاصة وأن هذه الشبكات أصبحت تمتاز ببنية ومؤسسية كبيرة ذات ارتباط بأطراف خارجية فاعلة، وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن نحو 30 إلى 40% من المخدرات الصلبة تمر عبر هذه المنطقة، ونحو 27% من المخدرات التي تمت مصادرتها في أوربا كان مصدرها منطقة الساحل والصحراء بقيمة إجمالية قدرها 8,1 مليار دولار، يضاف إلى هذا أن تنامي الجريمة المنظمة يشكل مصدراً من مصادر عدم الاستقرار خاصة على المناطق الحدودية بين دول المنطقة.
6ـ تنامي نشاط تنظيم القاعدة:
أدّى تمدد تنظيم القاعدة في المنطقة، إضافة إلى سقوط نظام القذافي والخوف من استيلاء الجماعات الإسلامية على أسلحة ترسانته العسكرية الضخمة، إلى بروز أزمة بين ليبيا الجديدة ودول الشمال والساحل الإفريقي التي تعتبر أن "القاعدة" هي العدوّ المشترك لها. وأصبحت الفضاءات الواسعة لمنطقة الصحراء الكبرى وساحل غربي إفريقيا، المناطق المفضلة لنشاط تنظيم "القاعدة"، الأمر الذي دفع عناصر التنظيم إلى اللجوء إلى منطقة الساحل الإفريقي، حيث تفتقر هذه المنطقة الشاسعة للمشاريع التنموية، إضافة إلى أنها تعيش في ظل فراغ أمني، حيث لا يوجد في تلك الأقاليم، ما يستدعي حضور أي حكومة، وأغلب الأهالي يحتكمون إلى الأعراف الاجتماعية التي كانت سائدة حتى قبل الاستعمار، وإن احتاجوا إلى تدخُّل الحكومة فهم من سيذهب إليها في بعض مراكزها المتواضعة (<!--).
7ـ الكوارث الطبيعية:
وخاصة موجات الجفاف والتي أدت إلى تدفق السكان من الأرياف إلى المدن وبدأت هجرة الطوارق والعرب من شمال مالي والنيجر والهوجار إلى أحياء الصفيح البائسة في مدن الجنوب بالضبط. وكذلك هجرة الطوارق إلى الجزائر ونيجيريا وليبيا وبعض دول الخليج ، وهي الهجرة التي كان لها أثرها البالغ في مسار الصراع وتغيير المعادلة في منطقة(<!--).
ثانياً: دور العامل الخارجي ومعضلة الأمن في منطقة الساحل والصحراء :
تتمتع منطقة الساحل والصحراء بأهمية كبيرة للعديد من القوى الدولية، التقليدية منها وصاحبة التااريخ الاستعماري في المنطقة وفي مقدمتها فرنسا، أو القوى الحديثة على المنطقة مثل الولايات المتحدة والصين، ومع هذا التعدد سعت هذه القوى إلى توثيق التحالف مع عدد من دول المنطقة لمواجهة ما أطلقت عليه "الإرهاب الدولي"، من ناحية. وتأمين آبار النفط لضمان تدفقها للأسواق الغربية والدولية، من ناحية ثانية(<!--).
وكذلك الحصول على تسهيلات عسكرية بعد إعلان خطط خفض القوات الأمريكية في القارة الأوروبية، وذلك في ضوء ترتيبات برامج الشراكة بين حلف الناتو "NATO" ودول جنوب حوض المتوسط، من ناحية ثالثة. والحصول على حصة أكبر في سوق السلاح لدول المنطقة في ظل الطابع الممتد لصراعاتها الداخلية والإقليمية (<!--).
وبجانب هذه الاعتبارات رصد معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدني عدداً آخر من دوافع تنامي الاهتمام الدولي بمنطقة الساحل والصحراء، ومن بين هذه الدوافع: الحرب في ليبيا، والحرب في مالي، ووجود صراعات محتملة على الثروات بين الدول الغنية بالثروات الطبيعية كالنفط والغاز (مثل ليبيا والجزائر ونيجيريا)، والدول الفقيرة (مثل: مالي والنيجر وتشاد وموريتانيا)، وتنامي التهديدات المتوقعة العابرة للحدود إلى أوروبا. وكذلك وجود مؤشرات لاحتمالات اندلاع حروب جديدة في المنطقة بين دولة السودان وجنوب السودان أو بين الجزائر والمغرب، ووقوع حروب أهلية صغيرة لكنها قابلة للتمدد والتوسع بل والتصعيد في ليبيا وتونس ومصر والنيجر ومالي، بجانب تنامي دور الحركات الانفصالية في دارفور بالسودان والتبو في ليبيا والطوارق في النيجر وفي مالي (<!--).
ثالثاً: إستراتيجيات المواجهة:
أمام هذه الاعتبارات وتلك التشابكات، وما ترتب أو يمكن أن يترتب عليها من تداعيات تعددت التحركات التي تبنتها الأطراف المباشرة وغير المباشرة المعنية بمواجهة التحديات الأمنيية في منطقة الساحل والصحراء:
1ـ علي المستوي الإقليمي:
شهدت الشهور الثلاثة الأخيرة نشاطا كبيراً بين دول المنطقة لاحتواء التداعيات الأمنية المتفاقمة، كان من بين مؤشرات هذا النشاط، الاجتماع الثالث لرؤساء الأجهزة الأمنية في دول المنطقة، وشدد الاجتماع الذي عقد في تشاد (سبتمبر 2013) تزامنا مع انعقاد المؤتمر الوزاري الثاني حول "تعزيز التعاون الأمني وتفعيله في منطقة الساحل والصحراء"، على ضرورة دعم وتطوير المنظومات الأمنية وتوثيق التعاون في هذا المجال و العمل على الحد من النشاطات الإرهابية والتنبيه إلى خطورة الاندماج بين المجموعات الإرهابية في شمال مالي وفي بعض الدول المجاورة لها.
واستعرض الاجتماع جهود مفوضية الاتحاد الإفريقي في مواجهة التحديات الأمنية، ودراسة التعاون العملياتي ومضاعفة الجهود وتبادل المعلومات لمواجهة التهديدات التي تعصف بالمنطقة من قبل الجماعات الإرهابية والجريمة المنظمة العابرة للحدود وانتشار السلاح والمتاجرة بالمخدرات والبشر(<!--).
2ـ على المستوي الدولي:
تعددت الاستراتيجيات والتحركات الدولية لمواجهة التحديات الأمنية في منطقة الساحل والصحراء، خلال السنوات الأخيرة، فالدول الأوربية اتجهت الي تعزيز الشراكة الأوروبية بدول جنوب المتوسط، وأطلقت برنامج "ميدا" الذي يركز على دعم التحول الاقتصادي في دول المنطقة وتعزيز ودعم الميزان الاجتماعي الاقتصادي، وتعزيز العمليات الإقليمية وعمليات عبر الحدود التي تستهدف زيادة التبادل على المستوى الإقليمي (<!--). كما أطلقت فرنسا مشروع الاتحاد من أجل المتوسط (22 اكتوبر 2008) باعتباره محور المنطقة الاوروأفريقية(<!--).
كما تبنت الولايات المتحدة عدة أدوات لمواجهة التحديات الأمنية في منطقة الساحل والصحراء، منها مشروع "إيزنستات، 1998" (<!--). ثم تأسيس مركز القيادة الأمريكية في أفريقيا "أفريكوم، فبراير 2007". والتي نجحت في تعزيز استطاعت الأفريكوم التغلغل داخل العديد من الجيوش الإفريقية، في ظل عملية الشراكة العسكرية-العسكرية التي أقامتها قيادة الأفريكوم مع 15 من أصل 55 دولة إفريقية، وفي كثير من الأحيان تتطلب هذه الشراكة تنازل الجيوش الإفريقية عن قيادة العمليات لصالح قيادة الأفريكوم. إضافة لذلك تم إنشاء شراكة بين الحرس الوطني الأمريكي في ولايات أمريكية بعينها من جهة ودول إفريقية من جهة ثانية من خلال برنامج شراكة وطني.
كذلك قامت الولايات المتحدة بإطلاق برنامج "بان ساحل" في عام 2002 الذي يهدف إلى تعزيز الأمن على الحدود وزيادة القدرة على محاربة الإرهاب في أربع دول هي (مالي واتشاد والنيجر وموريتانيا). وتم توسيعه عام (2009) ضمن مبادرة جديدة عرفت باسم (TRANS SAHARA COUNTER TERRORISM) ليشمل الجزائر وتونس ونيجريا والعديد من دول غرب أفريقيا (<!--).
وفي الثالث من أبريل 2013، وافقت وزارة الدفاع الأمريكية، على تشكيل قوة للتدخل السريع في شمال أفريقيا، من منتسبي البحرية الأمريكية مكونة من 500 جندي مزودين بخدمات مساندة كالنقل الجوي تمكنهم من الوصول إلى أي منطقة في أفريقيا، وأكد مسؤولون أمريكيون أن المحادثات جارية مع الحكومة الإيطالية وعدد من دول أوروبا الجنوبية للوصول إلى اتفاق حول مكان القاعدة الأمريكية لهذه الفرقة، والتي "على الأغلب ستكون في إيطاليا"(<!--).
خاتمة: أمن اللا أمن:
في ظل هذه الإشكاليات وفي ظل غياب أسس لبناء حل توافقي ومع استمرار وامتداد الصراعات في منطقة الساحل والصحراء، يمكن الجزم بأن معضلة الأمن في المنطقة لن تشهد انفراجا حاسما على المدى القريب، بل إن المتوقع، أن الصراع سيمتد عبر كل دول المنطقة، تلك الدول التى تتسم بالهشاشة والصراعات الإثنية والعرقية والعشائرية وتعاني من عدم الاندماج والتكامل الوطني واتساع مساحة الأقاليم وصعوبة السيطرة عليها، بجانب التحديات البيئية الصعبة.
ومن هنا يمكن القول أيضاً أن تطورات الأوضاع في السودان ثم ليبيا ثم مالي لن تقف عند حدود هذه الدول ولكنها مقدمة لتغيرات جوهرية أقرب لما شهدته منطقة البلقان ويوغسلافيا والاتحاد السوفيتي قبل انهياره، من تفتيت وتقسيم وإعادة رسم الخرائط والحدود وتأسيس العديد من الكيانات الهشة ما يثير الصراع بينها أكثر مما يوحدها، مع تعاظم وتفاقم معضلة الأمن، التي ليست في الجانب المهم منها إلا أداة في يد القوى الكبرى الفاعلة في المنطقة، تدير بها إستراتيجياتها وتدافع بها عن مصالحها.
<!--[endif]-->
(<!--) أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، كلية القانون والسياسة، الأكاديمية العربية المفتوحة، الدانمرك.
(<!--) محمد فال ولد بلال، الأمن والاستقرار في منطقة الساحل: الواقع والمآلات، الخميس, 15 مارس 2012. http://www.alwahdawi.info/index.php?option=com_content&view=article&id=1054&Itemid=68
(<!--) في موريتانيا، كانت العاصمة في سان لويس (اندر) السينغالية، فإن الإدارة المدنية للدولة لم تتجاوز حوض النهر والمناطق المتاخمة له من وسط البلاد وشرقها. أما مناطق الشمال، فكانت مجرد ثكنات عسكرية في "فور جورو" و"فور ترينكيه"، ولم تحظ بإدارة مدنية أو بنصيب يذكر من خدمات البناء والتعمير.
وفي مالي، فإن الدولة المدنية ومصالحها لم تعبر نهر النيجر في اتجاه الشمال إلا بالقدر الضعيف جدا، وعمد المستعمر إلى إهمال وتهميش وعسكرة مناطق الشمال في جميع دول المنطقة إلا السودان حيث كان الإهمال والتهميش من نصيب الجنوب.
(<!--) السيد محمد فال ولد بلال (وزير الخارجية والتعاون الموريتاني الأسبق،)، الأمن والاستقرار في منطقة الساحل ..الواقع والمآلات"، مداخلة في ندوة "قضايا الأمن والاستقرار في منطقة الساحل ..الواقع والمآلات"، (نواكشوط، المركز الموريتاني للدراسات والبحوث الإنسانية (مبدأ)، يوم 11 مارس 2012).
(<!--) وفقا لمقياس التركيز عند "شارلز هيرمان" يؤكد على أن توافر أداة معينة للسياسة الخارجية يغري باستعمالها، فحين تتاح للدولة القوة العسكرية الكافية، فإنها تتجه إلى استعمالها بدرجة أكبر ضد الدول التي قد تكون فيما تلك القوة غير متاحة. ويضيف أن الدول النامية عموما هي أقل الدول توظيفا لمختلف أدوات السياسة الخارجية، وذلك لانطباع سياساتها الخارجية بالطابع العسكري نتيجة تكرار توظيف هذه الأداة.
(<!--) بلغيت حميد، محددات السلوك الصراعي لدول منطقة الساحل والصحراء، شبكة الحوار المتمدن، العدد: 3407، التاريخ 25/6/2011.
(<!--) توفيق المديني، الربيع العربي واليقظة العنيفة لمنطقة الساحل الإفريقي، مجلة الوحدة الإسلامية، السنة 11، العدد 128، يوليو/أغسطس 2012.
(<!--) السيد محمد فال ولد بلال (وزير الخارجية والتعاون الموريتاني الأسبق،)، الأمن والاستقرار في منطقة الساحل ..الواقع والمآلات"، مداخلة في ندوة "قضايا الأمن والاستقرار في منطقة الساحل ..الواقع والمآلات"، (نواكشوط، المركز الموريتاني للدراسات والبحوث الإنسانية (مبدأ)، يوم 11 مارس 2012).
(<!--) تعتبر منطقة غرب إفريقيا، وهي المنطقة الأهم لإنتاج النفط في إفريقيا. حيث تضم نيجيريا المنتج الأول في إفريقيا، وهي عضو في منظمة الدول المنتجة للنفط (أوبك). ويبلغ احتياطها نحو 36 مليار برميل،وبحجم يومي يصل إلى2.7 مليون برميل . بالإضافة إلى الاكتشافات النفطية الضخمة في الخليج الغيني الذي تنشط فيه الشركات الأمريكية. وتمتلك غينيا الاستوائية أكبر عدد من الرخص المتداولة للتنقيب على النفط. وبها العديد من الشركات الأمريكية.
(<!--) سني محمد أمين، المدركات الإستراتيجية الأمريكية تجاه الجزائر، جامعة الجزائر، 2012.
(<!--) معهد واشنطن لأبحاث الشرق الأدنى يتحول إلى منطقة شمال إفريقيا والساحل والصحراء، المركز العربي للدراسات والتوثيق المعلوماتي، الأربعاء 03/04/2013، النص متاح على موقع مركز الناطور للدراسات والابحاث http://natourcenter.info1
(<!--) دول الساحل والصحراء الإفريقية تؤكد إلتزامها بتحقيق الأمن والسلم الإقليمي، سبأنت، 12 سبتمبر 2013، الرابط: http://www.sabanews.net/ar/news323823.htm
(<!--) عابد شريط، "واقع الشراكة الإقتصادية الأورومتوسطية مع دول المغرب العربي"، مجلة العلوم الإنسانية، قسنطينة، منشورات جامعة منتوري، عدد يونيو 2004.
(<!--) د. عبد الحكيم سليمان وادي، الأمن القومى الاروبي، موقع دنيا الرأي، تاريخ النشر 23/2/2013.
(<!--) مبادرة تهدف إلى إقامة شراكة مع عدد من دول المنطقة بهدف رفع حجم الاستثمارات الأمريكية في هذه الدول، من خلال: أولا : إجراء سلسلة من الحوارات المكثفة بين مسئولي الحكومات، وثانيا : تبني إصلاحات اقتصادية وإدارية بنيوية سريعة، وثالثاً: إعطاء دور أكبر للقطاع الخاص من خلال التشجيع على مزيد الاستثمارات، ورابعا: إزالة الحواجز الداخلية التي تعترض تطوير التجارة والاستثمار بين هذه الدول.
(<!--) السيد محمد فال ولد بلال مصدر سابق.
(<!--) أمريكا: تشكيل قوة للتدخل السريع بشمال أفريقيا، شبكة (CNN) الإخبارية، الأربعاء 3 أبريل 2013.
ساحة النقاش