وكالة قانصوه الغوري
هي وكالة أو فندق أقيم في عهد قانصوه الغوري سنة (909 هـ- 1504 م. تقع حاليا في شارع الأزهر.
التكوين :
تتكون الوكالة من فناء مكشوف مستطيل التخطيط، تحيط به من جميع جوانبه قاعات على خمسة طوابق. واجهتها الرئيسية تقع في الجهة الجنوبية وبها المدخل الرئيسي للوكالة. يتم الوصول إلى الطابق الأول عن طريق سلم حجري. يوجد في الطابق الأول حوالي 30 حاملا، وفي الطوابق الثلاثة العلوية يوجد 29 منزلا. يعتقد أن حوامل الطابقين الأرضي والأول كانت تستخدم مخازن للتجار، كما يعتقد أن أغلب قاصدي هذه الوكالة كانوا أيضا من التجار.
الموقع :
2 شارع محمد عبده المتفرع من شارع الأزهر وهذه الوكالة جزء من المجموعة الأثرية التي بناها السلطان الفوري والمكونة من مدرسة الغوري والخانقاة والسبيل والكتاب والمنزل وتنتهي المجموعة بوكالة الغوري الأثرية وهي مسجلة في عداد الآثار الإسلامية والقبطية بجمهورية مصر العربية تحت رقم 64 وهي تعد من النماذج القليلة المكتملة بالنسبة للوكالات الآثرية وهي تتكون من صحن أوسط مكشوف تفتح عليه جميع الوحدات المكونة للوكالة ويفتح عليها باب مباشر (باعتبارها منشأة تجارية) يفتح علي دركاة يعلوها قبو متقاطع يفدي الي الصحن سابق الذكر ويفتح علي هذا الصحن ثلاث طوابق الأرضي حواصل للبيع والأول حواصل للتخزين والثاني والثالث يشكل الجزء السكني وهو عبارة عن مجموعة من الفيلات مكونة من طابقين بينهما طابق مسروق الجزء السفلي من الفيلات خدمي والجزء العلويللسكن
شارع الغوري
وكالة الغوري
تقع وكالة الغورى ضمن مجموعة معمارية بنيت في آخر العصر المملوكي وترجع أهميتها إلى أنها أنشئت في عصر مملوك شركسي هو الاشرف أبو النصر قنصوة الغورى الذي تولى حكم مصر من سنة 1501 إلى سنة 1516 وقد شيد قنصوة الغورى مجموعته المعمارية الهامة في تاريخ العمارة والتي تتكون من وكالة الغورى- مسجد الغورى – قبة وسبيل وكتاب ومدرسة الغورى وتقع في نهاية شارع الغورية عند تقاطعه مع ش الأزهر وتأخذ شكل كتلة معمارية مميزة حيث تأخذ امتداد واحدا تظهر خطوطه في كل أجزاء هذه الكتلة المعمارية. أما وكالة الغورى فهي تعتبر نموذجا لما كانت عليه الوكالات في ذلك العصر ولحسن الحظ انه بقى جزء كبير منها مما ساعد على ترميمها وإصلاحها وإرجاعها لحالتها الأصلية.
ولمعرفة تاريخ المكان نعود في هذه الجولة إلي القرن التاسع الهجري أيام حكم السلطان قانصوه الغورى وهو آخر سلاطين المماليك البرجية، ويدعي الأشرف أبو النصر قانصوه الغورى. ولد عام 1446 م وكان مملوكا للسلطان قايتباى الذي أعتقه لذكائه وشجاعته وجعله من جملة المماليك الجمدارية ثم خاصكياً ثم كشافاً بالوجه القبلي سنة 886هـ, ثم أنعم عليه الأشرف قايتباي بإمرة عشره سنة 889هـ وخرج في بعض الحملات العسكرية إلي حلب, ثم تولى نيابة طرطوس. وقد عين حاجباً بحلب ثم نائباً لملطية, وأنعم عليه الملك النصار محمد بن قايتباي بإمرة الف ثم رأس نوبة النوب زمن الظاهر قانصوة خال الملك الناصر محمد بن قايتباي, وأخيرا ترقى إلي دوادار كبير.
وفي عام 1501 م تولي حكم مصر وكان عمره حينذاك ستون عاما، وذلك بعد أن أجمع الأخناد على توليته سلطنة مصر، وكان رافضاً لها خوفا من بطش الأمراء لانه ليس بافضلهم, ولكن الأمراء الكبار تجنبوا الإقدام على السلطنة خوفاً من بعضهم البعض, فأرادوا تولية من هو أضعف منهم حتى يمكنهم إقالته إذا أرادوا. فقبل السلطنة بعد أن اشترط على الأمراء ألا يقتلوه إذا أرادوا خلعه فقبلوا منه ذلك. ولحنكة ودهاء الغوري فقد استطاع تثبيت حكمه وأخذ يتربص بكبار الأمراء حتى قمعهم وتخلص منهم ولم يتبق له منازع، واستمر في السلطنه خمس عشرة سنة وتسعة أشهر وخمسة وعشرين يوماً ، واستخدم الغوري الظلم والتعسف والنهب في أموال الناس, حتى انقطعت بسببه المواريث, وضج منه أهل مصر. وبدخول السلطان سليم الأول مصر وخيانة جان بردي الغزالي وخاير بك وانضمامهما للجيش العثماني، هُزم جيش الغوري في موقعة مرج دابق عام 1516م وقتل، فأمر الأمير "علان" عبداً من عبيده فقطع رأس الغوري وألقى بها بعيداً, حتى لا تقع جثته في يد السلطان سليم فيطوفون برأسه على جميع البلاد, ولم يتعرف على جثته بعد إنقضاء المعركة. ولم يدفن بالقبة التي أعدها لنفسه.
غرامه بالعمارة
كان الغوري مغرماً بالعمارة وترك خلفه ثروة فنية في مصر وحلب والأقطار الحجازية، كان اغلبها خيرية. واهتم كذلك بتحصين مصر فأنشأ قلعة العقبة وأصلح قلعة الجبل وأبراج الإسكندرية. وجدد خان الخليلى فأنشأه من جديد وأصلح قبة الإمام الشافعى ومسجد الإمام الليث وأنشأ منارة للجامع الأزهر.
وقد شيد الغوري مجموعة من المباني الدينية والتي تتميز بانها أخر مجموعة أبنية دينية كبيرة قبل الفتح العثماني لمصر 1517م، وتشتمل المجموعة علي مسجد و مدرسة ، خانقاه يمارس فيها طلبة الطرق الصوفية شعائرهم ، وكالة ، مدفن، وسبيل و كتَاب.
مجموعة الغوري الأثرية
علي الضفة الغربية من شارع المعز يقع جامع مدرسة الغوري، وقد شيد بطرق التخطيط السائد في القرن 15 والتي تتميز بأربعة إيوانات مغلقة يتوسطها قاعة مغطاه، أما المئذنة فلها طابع متميز تنفرد به لانها علي شكل مبخرة يعلوها خمس بصلات بدلا من بصلة واحدة.
أما الخانقاه التي توجد في مواجهة المسجد فتحتوي علي الضريح الذي كان معد للسلطان الغوري ولم يدفن فيه أحد. وفي الأصل كان يعلو هذا الضريح قبة كبيرة اندثرت في أوائل هذا القرن مغطاه بالقيشاني الأخضر الذي يندر استخدامه في العصر المملوكي مما جعلها مميزة من علي مسافة بعيدة.
وقد زينت من الداخل بزخارف بديعة ومؤثرة كما أن الضريح يزدخر بألواح الرخام المعشق الذي برع فيه المماليك، وفي الركن الشرقي من المبني يوجد السبيل وهو ذا طراز محلى يضم ثلاث شبابيك للتسبيل تطل جميعها على كل من شارع الأزهر وشارع المعز لدين الله، ويعتبر من أبرز ما تتميز به مجموعة الغورى.
وكان يصرف الماء مجانا لعابري السبيل من الوحدة النصف منفصلة من المجموعة، أما الدور العلوي فكان يستخدم ككتاب لتدريس القرآن للأطفال، وكان لهذا السبيل رونقه الخاص من الناحية المعمارية مما دعي خسرو باشا لمحاكاته عندما بني السبيل الخاص به عام 1535م في الجزء الشمالي من شارع المعز.
الوكالة..
نموذج للفنادق قديما
تعتبر وكالة الغوري نموذجاً كاملاً لما كانت عليه الوكالات في ذلك العصر وقد بقي منها جزءا كبيرا ساعد على إصلاح ما تهدم وإرجاعها لحالتها الأصلية.
يوضح أيمن الطوخي مفتش آثار الوكالة أنها عبارة عن صحن مكشوف مستطيل الشكل به بائكة تحيط بثلاث جدران من الصحن، يفتح عليها بالدور الأرضي مجموعة من الحواصل مساحتها مستطيلة لها سقف قبو وله باب واحد يعلوه فتحة شباك للتهوية والإضاءة كانت تستخدم للتخزين. تشتمل الوكالة علي 26 حاصل و 9 أخرون بالملحق.
كانت تلك الحوانيت والحواصل تستخدم لعرض التجارة وتخزن السلع ومسجد بميضأة ولكنه اندثر، وكان بالأدوار العليا مدخل خاص غير المدخل الرئيسي للوكالة، وفي هذا الخان اعتقل بعض أمراء المماليك الجراكسة الذين استسلموا للسلطان سليم بعد فتحه مصر ومنهم من قتل أو نفي إلي اسطنبول.
يتوسط الصحن نافورة غير مستخدمة الآن، وكان هناك جزء مخصص كأسطبل لربط دواب التجار، وحمام عام اندثر ولم يتبق منه غير واجهة المدخل.
الدور الأول يأخذ نفس تخطيط الدور الأرضي، أما الأدوار العليا فكانت تستخدم في السكن وهي عبارة عن مجموعة من الفيلات يصل عددها إلي 29 فيلا كل واحدة مستقلة بمدخل مستقل وهي عبارة عن ثلاثة مستويات، الأول ردهة أو صالون لمقابلة العملاء، المستوي الثاني للتخزين، بينما يشتمل المستوي الثالث علي مشربيات وكان يستخدم للسكن والنوم.
ونشاهد بالوكالة العديد من فنون العمارة الإسلامية كفن المشربية وهي عبارة عن ستائر خشبية، والقمرية "نوافذ زجاجية"، وزخارف المختلفة ذات الأشكال الهندسية والنباتية.
كان بالوكالة عدد من العاملين منهم البواب وكان يتواجد بالداخل حيث تغلق الوكالة عقب صلاة العشاء، وبالخارج عدد من الحراس لحراسة الوكالة والبضائع، كذلك اشتغل عدد من الصيارفة لتبادل العملات حيث كانت تستقبل التجار من انحاء مختلفة، والقباني الذي كان يقيم الموازين، والخدم الذين يقومون بعملية النظافة.
وتشكل مجموعة الغوري بجميع أبنيتها شكلا فراغيا بديعا وقد تم عمل سقيفة خشبية عملاقة لتغطية الفراغ وتعد من أكبر التغطيات في تاريخ القاهرة والتي أزالتها لجنة حفظ الآثار بعد حريق السقيفة الصغري بسوق الجمالون، وكان يشغل هذا الفراغ سوق البزازين "الحرير" والذي يعد من اكبر أسواق العالم في هذا الوقت في صناعة النسيج والسجاد وكان يجتذب التجار من كل أنحاء العالم.
وكالة الغوري من الداخل
جامع السلطان الأشرف أبو النصر قنصوه الغورى
القبه
ساحة النقاش