من أبرز ما ينتشر فى عالمنا العربى وبالتحديد مصر هو مسألة المعونة الأمريكية التي قدمت لدعم أدب الأطفال في مصر ، وهى ما أحدثت رواج فى صناعة كتب وقصص الأطفال في مصر ، وان كانت قد تعرضت لعلامات استفهام ، ونقد شديد اللهجة من جانب البعض ، وعلى العكس أشاد بها البعض الآخر ، ولعلنا نسأل هل الاهتمام بالطفل وثقافته ينتظر معونة من الخارج لكي نهتم وننشر هذا الحجم الهائل من القصص والكتب الخاصة للأطفال ، وعلى أن يتم نشرها والتركيز على وصولها إلى جميع المدارس الابتدائية .
إن علامات الاستفهام كثيرة – ولعلنا نلقى فى هذا المقال بحجر فى المياه الراكدة حول هذه المسألة ليشير لنا من هم أكثر علماً – ببواطن الأمور – لفك شفرة " المعونة " .
ولعلي أعرض لقصة من القصص التى يتم تدريسها فى مدارسنا التى تعلم باللغات والتي تسرد أن مارداً كبيراً يحطم ويدمر وأن الرجل فى هذه القصة الإنجليزية يخاف ويريد الهرب ولكن زوجته ترفض ترك بيتها والهرب من القرية وتصر على البقاء وأمام سلبية زوجها تصر على أن تتصدى بعقلها للمارد ، فتشير إلى زوجها بأن يرقد فى " عجلة للأطفال " وتغطيه وتمنحه ما يشبه " بذاذة كبيرة جداً " ثم تقوم بعمل فطائر وتستخدم فى صنعها أحجار ضخمة ، وعند مجئ المارد لا يجد سواها وعربة الأطفال التى عليها هذا الحجم الضخم للطفل – فى حقيقته الزوج – وتخبر المارد أن هذا الموجود في عربة الأطفال هو طفلها ذو العامين وأن زوجها أضخم من ذلك بكثير وتنجح فى النهاية من إلقاء الرعب في قلب المارد حيث تشير إليه أن زوجها الضخم فى الطريق إلى المنزل الآن ويصدقها المارد فيهرب وينجو بنفسه .
وهذه القصة الأجنبية التي تدرس لأبنائنا في مدارسنا فيها تصوير لقمة السلبية من الرجل وقمة الإيجابية من المرأة ، ففيها نشر وتعظيم لدور المرأة ، وبهذا يظهر لنا الغرض من القصة ، وماذا لو كان هناك اتفاق بين الرجل والمرأة ، وعقدا اتفاقاً بينهما ، وتشير هى بتصرف ويشير هو بتصرف ، أليس فى ذلك نشر لثقافة التعاون والحوار , لو كان ذلك المطلوب وكانت القصة أصبحت أكثر تحقيقا لما نحن نريده أن يتحقق فى وطننا العربي من نشر ثقافة الحوار والتعاون بدلا من هيمنة وتضخيم ادوار الرجل ، وبهذا يتضح لنا أن تدريس تلك القصة فى مدارسنا يهدف إلى تعظيم دور المرأة وإبراز قدرتها على المقاومة والشجاعة ، وبذلك نجد عكس ما نريد نحن وتحقيق ما يهدف إليه الآخرين من إعطاء المرأة نصيب أكبر من الرجل ، وهذا من دون جدال سينعكس على عدم الاستقرار فى مجتمعاتنا التى سادت فيها ثقافة تميز الرجل ونحن لسنا مع تهميش دور المرأة الذى يسود حالياً ولكننا أيضا لسنا مع تهميش دور الرجل المفروض علينا من الخارج ، ولكننا نسعى إلى احترام كلا منهما للآخر وقيامه بدوره بالتعاون مع الآخر لضمان استقرار وتقديم المجتمعات العربية .
ساحة النقاش