موقع أ .د حسنى ابوجازية ( الغابات والبيئة )

وجد غابات المانجروف بالمملكة العربيّة السعوديّة على سواحل البحر الأحمر من جنوبه وحتىمدينة ضبا شمالاً وعلى سواحل الخليج العربي أيضاً، وتسمى غابات المانجروف من نوع  Avicennia marina  بالشورة أو القرم وهي في الجزء الجنوبي من ساحل البحر الأحمر (جنوب مدينة جده) أكثر كثافة من تلك الموجودة في الجزء الشمالي والتي تنتشر على شكل أشجار وشجيرات مبعثرة وضعيفة النمو. كما يوجد نوع آخر من المانجروف هو القندل Rhizophora mucronata، وتوجد أشجار القندل في 11 موقعاً على طول الساحل السعودي للبحر الأحمر حيث أقصى امتداد لها شمالاً في منطقة الوجه في ثلاثة مواقع بجزيرة أم رومه وعلى الساحل الشمالي في موقع واحد هو دقم. أما في الجزء الجنوبي من الساحل السعودي فتوجد أشجار القندل في جزيرتي زفاف و سولين وفرسان وكذلك في بئر عكرش بالسميرات في منطقة جازان وفي راس أم ربيس في منطقة مكّة المكرّمة.

ويوحي الوضع الراهن لغابات المانجروف بتعرّضها لاضطرابات شتىً أثّرت في نموّها  وانتشارهاوجودة أشجارها. ويرجع بعض هذه الاضطرابات إلى عوامل طبيعيّة مثل زحف الرمال، إلاّ أنّ العوامل الأكثر تأثيراً تتضمّن الاستغلال الجائر لهذه الغابات من قبل السكان المحليين خاصّة في الماضي بالإضافة إلى ما جرى خلال العقود الثلاثة الماضية من ممارسات مدمّرة للبيئة البحريّة والأرضيّة على السواء كصرف المخلّفات في البحر وإلقاء النفايات على الشواطئ وسوء استخدام هذه المناطق مع عدم وجود أي نوع من الإدارة في هذه الغابات.

و تكّون غابات المانجروف نظاماً بيئياً فريداً يختلف عن بقية النظم البيئيه للغابات (زهران 1995)، و يقتصر وجود غابات المانجروف على مناطق الماء المالح الساحلية والمجاري الملحية الضحلة في المناطق الاستوائية والمدارية ما بين مداري السرطان و الجدي.

و تمثل غابات المانجروف حوالي 75٪ من مساحة السواحل الاستوائية في العالم (McGill 1959وChapman 1976 ). و تشكّل غابات المانجروف في قارة آسيا الغالبية  العظمى من معظم مساحات العالم من المانجروف بنسبة 46٪، تتبعها أمريكا بنسبة 35٪, ثم أفريقيا بنسبة 17٪ (Mangrove Action Project 1990). هذا و توجد غابات المانجروف في 112 دولة في مختلف أنحاء العالم تقع مابين خطي عرض 30 شمالاً و30  جنوباً (1993 Mitsch and Gosselink). أما عن المساحة التي تغطيها غابات المانجروف على مستوى العالم فقد ذكرKelleher et al. (1995)  أنّها ما بين 190,000 و240,000 كم2. و قد تناقصت في الوقت الحالي مساحة الكثير من غابات المانجروف في كثير من بلدان المناطق الاستوائية نتيجة للزيادة السكانيّة والأنشطة البشرية والتلوث الناتج عن الصناعات الساحلية (Macintosh and Zisman 1995 Choudhury 1997; Lewis 1998 ). ففي الهند تناقصت غابات المانجروف بين عام 1963 وعام 1977 م بحوالي 50٪ ،و في الفلبين بحوالي 70٪ ما بين عامي 1920 و 1990م (1996 (World Resources Institute . أمّا في تايلاند فقد تناقصت غابات المانجروف بشكل سريع، حيث تقلصت مساحتها من 213,700  هكتاراً إلى 178,683هكتاراً ما بين عامي 1975 و 1993 (Sathirathai and Barbier  2001).

تضم غابات المانجروف أشجار وشجيرات تسود مناطق المد على سواحل البحار والمحيطات والجزر ومصبّات الأنهار في المناطق الاستوائيّة وتحت الاستوائيّة من العالم. ويشمل المانجروف 55 نوعاً تنتمي إلى 16 جنساً  تتبع فصائل نباتيّة مختلفة.

وتعتبر أشجار و شجيرات المانجروف متحمّلة للملوحة إذ أنّها تزدهر في بيئة مغمورة بالماء المالح في وأحياناً في بيئة مالحة وضحلة كما في حال الجزر. و لغابات المانجروف فوائد عديده إذ تعتبر حاجزاً بين الأرض والبحر تعمل على تثبيت شواطئ البحار والمحيطات والأنهار ومصبّاتها ضد خطر التآكل الناتج عن حركة الأمواج والمد والجزر. كما تستضيف غابات المانجروف عدداً من الأنواع الحيوانية بما في ذلك الثدييات والزواحف والبرمائيات والطيور. وتوفر كذلك العناصر المغذية للعديد من الكائنات لبحرية، كما تعتبر مناطق التفريخ لطائفة متنوعة من الأسماك و المحاريات، بما في ذلك العديد من الأنواع التجارية. و تعتبر غابات المانجروف مصدرًا للأخشاب و الحطب و الفحم النباتي ولمجموعة واسعة من المنتجات غير الخشبية كالعلف والقش و العسل و الأدوية والصبغات (FAO  2003).  بالإضافة إلى ذلك تعمل غابات المانجروف مع غيرها من الغابات في أرجاء العالم المختلفة على تخفيف آثار التغيّر المناخي.

و تنتشر معظم غابات المانجروف في المملكة العربية السعودية على ساحل البحر الأحمر ويوجد القليل منها على ساحل الخليج العربي و تشغل حوالي 204 كم2 من مساحة المملكة ( Ormond et al. 1988وNCWD 1990). و ذكر حجره (1987) أن غابات الشورة تشغل مساحه هائلة في المنطقة المقابلة لحنك و الجزر الموجودة هناك، وهي تقع ما بين خطي عرض 25 و 26 شمالاً، أي شمال مدار السرطان. و قد أشار مندوره وآخرون (1987) في دراسة مسحيّة للجزء الجنوبي من ساحل البحر الأحمر في المملكة (ما بين الموسّم جنوباً و القوز شمالاً) إلى أن بيئة غابات المانجروف فيها أكثر خصوبةً مقارنة بالجزء الشمالي و أن مكونات قاعها أكثر ليونة. و قد لوحظ أنّ موقع المضايا هو الأكبر مساحةً حيث يمتد بطول حوالي 23 كيلو متراً تقريباً. و يسود غابات المانجروف في جميع المواقع نوع واحد هو الشورة Avicennia marina  ، ما عدا في جزيرة فرسان حيث يوجد مجموعة من أشجار الجار أو القندل Rhizophora mucronata ، كما وجدت أيضاً أنواع حيوانيّة ونباتيّة مصاحبة لأشجار غابات المانجروف مشابهه لما هو موجود في بيئات مانجروف أخرى في العالم. و في دراسة لـفلورا جزر فرسان ذكر باصهي (1999) أن أنواع غابات المانجروف الموجودة بالجزر هي الشورةAvicennia marina  و القندل Rhizophora mucronata. أما على الساحل الشرقي للمملكة و الذي يمتد من الخفجي شمالاً إلى مركز البطحاء الحدودي مع دولة الإمارات العربية المتحدة فلا توجد غابات الشورة إلاّ في مكان واحد هو خليج تاروت.

و تعاني غابات المانجروف في المملكة تدهوراً واضحاً ناشئ عن الضغوط البيئيّة و الأنشطة البشريّة التي تجري على الشواطئ كالتوسع في الصناعات الساحليّة و السياحيّة و ما يصاحبه من حفر و ردم، بالإضافة إلى القطع الجائر للأشجار و الرعي المكثّف لها بواسطة الإبل. و في دراسة أجراها مندوره و آخرون (1992) لمعرفة الأسباب التي أدت إلى هذا التدهور بخور فرسان أشارت نتائجها  إلى أنّ الأنشطة البشرية الكبيرة و إنشاء ميناء فرسان البحري و الطرق و المراسي و المنشآت الصغيرة، و كذلك قطع الأشجار و نقلها إلى أماكن أخرى أدى إلى موت عدد كبير من أشجار الشورة بسبب قطع الإمدادات الكافية من المياه عنها.

ويوحي الوضع الراهن لغابات المانجروف بتعرّضها لاضطرابات شتىً أثّرت في نموّها وانتشارها وجودة أشجارها. ويرجع بعض هذه الاضطرابات إلى عوامل طبيعيّة مثل زحف الرمال، إلاّ أنّ العوامل الأكثر تأثيراً تتضمّن الاستغلال الجائر لهذه الغابات من قبل السكان المحليين خاصّة في الماضي بالإضافة إلى ما جرى خلال العقود الثلاثة الماضية من ممارسات مدمّرة للبيئة البحريّة والأرضيّة على السواء كصرف المخلّفات في البحر وإلقاء النفايات على الشواطئ وسوء استخدام هذه المناطق مع عدم وجود أي نوع من الإدارة في هذه الغابات.

 

المراجع

باصهي، رياض أبوبكر (1999). فلورا جزر فرسان. رسالة ماجستير، كلية العلوم بجامعة الملك سعود، قسم النبات والأحياء الدقيقه، الرياض، المملكة العربية السعودية.

حجره، حسن (1978). دراسة بيئيه ميدانية عن توزيع نبات الشورة على ساحل البحر الأحمر بالمملكة العربية السعودية. المؤتمر الثاني للجمعية السعودية لعلوم الحياة،  قسم الأحياء بكلية العلوم، جامعة الملك عبد العزيز، جده، المملكة العربية السعودية.

زهران،محمود عبد القوي (1995). أساسيات علم البيئة النباتية و تطبيقاتها. دار النشر للجامعات المصرية، مكتبة الوفاء،القاهرة، الطبعة الأولى. مصر.

مندورة،عبدالله,خفاجي وعبدالكريم محمد خفاجي (1992). أثر النشاطات البشرية على المانجروف في خور جزيرة فرسان على ساحل البحر الأحمر الجنوبي بالمملكة العربية السعودية. أكاديمية كلاور، مملكة هولندا.

مندوره، عبد الله و سيد محمد سيف الله و عبد الكريم محمد خفاجي ( 1987). نظام بيئة مانجروف الساحل الجنوبي من البحر الأحمر. مجلة جامعة الملك عبد العزيز بجده، المملكة العربية السعودية، المجلد(10):165-193.

 

Chapman, V. J. (1976). Mangrove vegetation J, Cramer Verlag, Vaduz, Liechtenstein.

 Choudhury, J. K. (1997). Sustainable management of costal mangrove development and social need. X1 world Forestry congress, Andalaya, Turkey. 6:37.

FAO (2003). Status and trends in mangrove area extent worldwide. By Wilkie, M.L. and Fortuna, S. Forest Resources Assessment Working Paper No. 63. Forest Resources Division. FAO, Rome.

Kelleher G., Bleakley, C. and Welles, S. (1995).  A Global Representative of Marine Protected Area, volume 1, Great Barrier Reef Marine Park Authority, The World Bank and World conservation Union.

Lewis III, R. R.  (1998). Key concepts in successful ecological restoration of mangrove forest, Costal environment improvement in mangrove/wet land ecosystem. TCE-P Workshop No.II .Rangng, Thailand.

Macintosh, D. and Zisman S. (1995). The status of mangrove ecosystems, trends In the utilization and management of mangrove resource [on line articles[.

http://iufro.boku.at/iufrontet/d1/wu10700/unpub/macin95.html .

Mangrove Action Project. (1990). Mangrove Ecosystems. www. earthisland.org/scripts/imagemap/eil?373,141

McGill, J. T. (1959). Costal classification maps. In: Russel R.J. (ed), Second Costal Geomorphology conference. Costal studies Institute, Louisiana state university, Baton Rouge pp 1-22. USA.

Mitsch, W. J. and Gosselink, G. J. (1993). Wetlands, second editions, Van Nostrand Reinhold, New York, USA.

National Commission for Wildlife Conservation and Development (NCWCD),(1990).  A system plan for protected areas for wild life conservation and sustainable rural development in Saudi Arabia. NCWCD/IUCN, Riyadh.

Ormond, R. F. G., Price, A. R. G. and Dawson-shepherd, A. R. (1988). The distribution and character of mangrove in the Red Sea, Arabian Gulf and Southern Arabia. Proceedings of the UNDP/UNESCO Regional Mangrove Project, Colombo, 11-14 Nov. 986, pp.125-130.

Sathirathai, S. and Barbier, E. B. ( 2001). "Valuing Mangrove Conservation in Southern Thailand''Contemporary Economic Policy 19(2):109-122.

World Resources institute (WRI) (1996). World Resource 1996-7: World Resources Institute, New York, Oxford University Press

.

 

المصدر: لأستاذ الدكتور لطفي إبراهيم الجهني مركز الأمير سلطان لأبحاث البيئة و المياه و الصحراء جامعة الملك سعود، ص. ب. 2454 الرياض 11451
  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 2215 مشاهدة
نشرت فى 28 إبريل 2011 بواسطة Drhosney

ساحة النقاش

د حسنى عبد العظيم ابوجازية

Drhosney
يعرض الموقع العديد من الموضوعات البيئية المتعلقة بالغابات والنبانات المختلفة والصور والالبومات المرتبطة بطبيعة عملى كأستاذ بجامعة الاسكندرية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

466,707