يختلط الامر حين نتحدث عن الاعلام ودوره في التنمية والتطوير ، خصوصا حين نطلق عليه عنوان الاعلام التنموي ، فيبدو كما لو كنا بصدد مادة غير جذابة ، تقدم دعاية مجانية للدول والحكومات باستعراض أنشطتها ، وخططها القومية ، وتحفيز الجمهور على القيام بدور الشريك الفاعل في عملية التنمية ، وكثير منا يرى خطورة ذلك في عدم القدرة على تحقيق التوازن بين طرح الرؤى النقدية ، وفي ذات الوقت الحديث عن خطط التنمية وتحفيز الجمهور على المشاركة والانخراط فيها ،

والاشكالية الاخرى من اين تبدأ جهود الاعلام التنموي ، ، هل تبدأ بمناقشة القرارات الحكومية لدعم خطط التنمية ، ثم نشر خطط التنمية لدى الدولة  ، ام تبدأ بتحفيز الناس على اتخاذ قرارات فردية لتنمية ذواتهم وتطوير أنماط حياتهم  ، ؟

  ،،،

الاعلام في أصله اللغوي يعود  إلى الفعل الماضي الرباعي أعلم، ومعناه قام بالتعريف والإخبار بالشيء لغيره من الناس ،  والفعل الثلاثي منه علم أي عرف الخبر أو تم إخباره به ، 

والاعلام هو احاطة الناس علما بما يجري من اخبار وإمدادهم بالمعلومات وتعريفهم بالاراء واطلاعهم على ما يخص عالمهم المحلي والدولي بهدف الإلمام بالاحداث واتخاذ التدابير اللازمة للاستفادة من البيانات ، و المعلومات ، والأخبار والاراء المطروحة ،،

اما التنمية فيعود هذا المصطلح للأصل اللغوي الثلاثي (ن م ى) وهو بمعنى الزيادة، ،و معنى اخر هو النقل ، واصطلاحا ، التنمية هي عملية  مستمرة مدروسة وموجهة لاستثمار رشيد  للموارد ، وعلى رأسها الانسان ،  بهدف إقامة مجتمع حديث ، يتصدى لعوامل التخلف و يسعى نحو التطور بواسطة عدد من الادوات والوسائل ، اهم مكوناتها البشر وأهدافها الرئيسية ايضا البشر ، .وحين تتضافر جهود الاعلام والتنمية فإننا نجد  الاعلام التنموي  الذي يعمل على إحداث التحول الاجتماعي بهدف التطوير والتحديث، باستخدام وسائل الاعلام بما يتفق مع خطط التنمية وتطوير الانسان و تطوير اساليب استثمار الموارد المتاحة ، للمساعدة في ايجاد بيئة اجتماعية ونفسية وثقافية تساعد على التغيير للافضل، 

وقد اعتبر 24 اكتوبر  من كل عام يوما للاعلام التنموي في العالم. بعد ان حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة  في عام 1972 يوماً عالميا للإعلام الإنمائي(الاعلام التنموي)  للفت انتباه الرأي العام العالمي والمحلي لمشاكل التنمية والحاجة إلى تعزيز التعاون  من أجل حلها. وقررت الجمعية العامة أن يتوافق تاريخ هذا اليوم العالمي مع يوم الأمم المتحدة في 24 أكتوبر، وهو التاريخ الذي اعتمدت فيه في عام 1970 الإستراتيجية الإنمائية الدولية الثانية لعقد الأمم المتحدة الإنمائي.

وتمر العقود وتزداد الحاجة للتنمية ، والاعلام التنموي في ظل منافسة اعلامية شرسة قد تواجه الاعلام التنموي ، وتقف حائلا امام جهوده  ، وامام محترفيه ،  باعلام يغازل السلطة و يضع نفسه طرفا في صراعات تارة ، واعلام يغازل الجماهير بالمبالغة وبيع الاوهام والاحلام ، تارة اخرى ، ، فماذا ينقصنا لاعلام تنموي مؤثر؟

الاعلامي المحترف : الصادق المتحمس المحترف ، الذي يستطيع ان يقدم هذا النوع من الاعلام في قوالب متنوعة ، مدروسة ، تتجه بدقة ورشاقة نحو الاهداف ، دون ملل و بقدرة  على المنافسة . 

الجاذبية : ، فالرسالة التنموية بما تحمله من افكار ونماذج ودراسات اذا لم يتم تقديمها بطرق ابداعية سنجد انفسنا امام مادة جافة ثقيلة على الجمهور، انما اذا تم توظيف الابداع لتقديم النماذج المتطورة ، و الأبحاث ، و الدراسات ، لخلق ارتباط إيجابي بين الاعلام والجمهور في اتجاه الحلم بحياة افضل وسبل تحقيق هذا الحلم ، فالإعلام التنموي يبث الأمل لدى الشعوب ، ويقاوم الاحباط ، ويحفز على استثمار الموارد ، وينظر بواقعية شديدة للواقع المحيط والامكانات المتاحة والعقبات التي تحول دون التغيير . 

الصدق : حتى نضمن نجاح الاعلام التنموي لابد من الصدق والثقة بين الوسيلة و المرسل والجمهور المتلقي ، فوسائل الاعلام تبني سمعتها بالتراكم ، وكذلك القائم بالاتصال ، و يرتبط الصدق بإدراك الواقع لتفعيل خطاب التغيير ، بواقعية ، ومحلية ، وارتباط مباشر مع ظروف يعيشها الناس ، و المصداقية من اهم عوامل النجاح في الاعلام عامة وفي الاعلام التنموي بشكل خاص ، فلن يتحمل الجمهور مشقة التغيير الا اذا تلقى رسائل مقنعة ممن يثق بهم ، وهنا يمكن للاعلام التنموي ان يحظى بثقة الجماهير ، وفي فترات الازمات يستطيع الاعلام التنموي ان يصمد بما له من رصيد تراكمي  بتصديه لأية محاولات للتشويه او زيادة الازمات المجتمعية في كل المجالات ،،

التنوع : تنوع الرسالة والوسيلة ، تنوع الشكل الاذاعي او الصحفي ، او الاعلام الاجتماعي ، وتنوع المضمون ، بين الفكاهي ، والجاد ، الرياضي ، والثقافي ، الخفيف والعميق ، المباشر وغير المباشر ، فالإعلام التنموي يحترم فئات الجمهور المتنوعة ، ويحفز كل فئة للقيام بدورها والصعود والنمو الى درجة اعلى في سلم التنمية والتطور ، فوسائل الاعلام تساعد الناس على تبني المبتكرات والأفكار المستحدثة ، 

دعم العلم والتكنولوجيا والبحث العلمي : فالاعلام التنموي لن يستطيع ان يبني وحده دون المساهمة في تجهيز بيئة مناسبة للتغيير تعتمد على البحث العلمي‮ ،‮ ‬والاستفادة من المبتكرات والتكنولوجيا والثورة التقنية والمعلوماتية ،‮ ‬و تطوير استخدام الجماهير لها لتحسين حياتهم ومجتمعاتهم . 

الاعلام التنموي في بلادنا لم يعد اختيارا بل ضرورة يفرضها علينا وضعنا الحالي اذا أردنا ان نفسح مجالا لمستقبل مختلف وافضل  . 

 

المصدر: د نادية النشار
DrNadiaElnashar

المحتوى العربي على الانترنت مسئوليتنا جميعاً د/ نادية النشار

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 155 مشاهدة
نشرت فى 26 نوفمبر 2015 بواسطة DrNadiaElnashar

د.نادية النشار

DrNadiaElnashar
مذيعة و كاتبة ،دكتوراة في علوم الاتصال و الاعلام والتنمية .استاذ الاعلام و علوم الاتصال ، مستويات الاتصال و أهدافه، الوعي بالاتصال، انتاج محتوى الراديو والكتابة الاعلامية ، والكتابة، و الكتابة لوسائل الاعلام الالكترونية ، متخصصة في علوم الاتصال و الاعلام و التنمية، وتدريبات التطوير وتنمية المهارات الذاتية والاعلامية، انتاج »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

592,057