حتى أراك

،،،،

أموت ، كي لا أموت

،،،

كنت اطرد كل افكار الموت من رأسي ، وحين رأيته ، شاركته  من احب  ، ومن يومها ،، جربت ان اموت  ، فانطلقت  !!! ، 

وحين سمعت حكاية شهيرة يحكيها المدربون على تنمية المهارات الذاتية والسيطرة على الافكار ، كررت التجربة مراراً حتى لم تعد الجاذبية الارضيّة تطغى عليّ  احيانا فاطير ، نعم اطيييييييير ،

ذهب احد التجار الهنود الى بلاد افريقيا ، وعاد لبلاده و معه ببغاء جميل اللون ، فصيح الحديث ، يحدثه بطلاقة ، احبه وعامله بما يليق بمهاراته ، وضعه في قفص ، احضر له اجود انواع الأطعمة واطيبها ، عزف له الموسيقى ، حتى جاء موعد رحلة التاجر مرة اخرى الى افريقيا ، فسأل الببغاء هل تريد شيئا من هناك ، فقال له اخبر أصدقائي الببغاوات اني سعيد جدا وأتمنى لهم الخير، ذهب التاجر ، وتحدث مع الببغاوات موصلا لهم رسالة الببغاء الغائب، فسقط احدهم ميتاً ، تعاطف التاجر معه ، يبدو انه صديقه الذي افتقده كثيرا ، ولما عاد الرجل لبلاد الهند اخبر الببغاء الذي عنده بما حدث وموت صديقه ، فسقط الببغاء ميتاً ، حزن التاجر كثيرا ، لكن يبدو أن الروابط الروحية بينهما اثرت في كليهما ، وهكذا فكر التاجر ، ، وألقاه في سلة القمامة خارج المنزل ، فاذا بالببغاء يطير محلقاً ليقف على غصن احد الأشجار ، تعجب التاجر وسأله لماذا فعل ذلك ، فقال له ان صديقه ارسل له رسالة ، ان يموت ليتحرر من القفص ويذهب بعيداً ، ليجد أصدقاءه وحياته الحقيقية ،

من وقتها وانا اتدرب على الموت لأذهب الى الحياة الحقيقية ،  وانظر من الخارج الى القفص ، وأعيد ما مر ، وأفكر فيما بعد ، دون شروط ، أقابل من احب وما احب ، وافعل اي شيء ، وهكذا بمنتهى البساطة ،  ان هي الا اوقات ونلتقي ، ثم لا اموت بعدها ابداً ، الأرواح لا تموت والأفكار لا تموت ، 

المثير في التجربة ان ما حدث وما سوف يحدث يصبح مكشوفا جليا لا جديد فيه ولا مفاجآت ، فقط قدر من الانتباه ان لاشيء يبقى في عالم القفص الا الذكريات والأفكار بلا زمن ولا حدود ، نحن نؤدي  أدورا في واقع كبير ، نتحمّل فيه  مسئوليات اكبر من تلك المادية ، من فواتير ومصاريف ، ومشتروات ، التي  حين نحققها لا تتحقق بالضرورة معها السعادة ، بل ان هناك مسائل لا مادية ، روابط لا مادية خاصة في علاقاتنا بالآخرين المقربين  ، تحتل أولويات كبيرة ، نتفاعل أعمق من هذا الكيان المادي ، نشعر بما يشعرون ، ونقدر مواقفهم  ، بل اننا نصل بالتعاطف الناتج عن الافكار والتواصل الروحي والمشاركة ، الى مساحات اجمل  من ان نكافح في اتجاهات خاطئة فلا نصل ابدا ،  

،، افهم الان اكثر  قيمة وأثر المحيطين ، واعلم بيقين  اننا نُحاسَب فرادى ، ونحن مجتمعون ، ارى  الترابط بخيوط غير مرئية الا للعارفين ، 

حياتنا ليست مجرد وظيفة نؤديها لنحصل على رواتب مضمونة ، ولا ترابط من اجل محبة مؤقتة ، انها اثر كوني عظيم ، ( اتذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم  (( مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى ))   

نحن كالجسد ، كالبنيان المرصوص فهل نؤمن  حقا بذلك؟

هذا الذي الذي أوقف احلامك  ،  بخططه العابثة المتعمدة او العشوائية ، و هذا الذي خذلك ، و هذا الذي نصب لك الفخاخ  ،  وهذا لذي تعامل معك كمنافس   ، و اعتقد ان وجودك في الحياة يقلل من  فرصه هو  لحياة افضل ، و انك تنتقص من سعادته ، لتحقق سعادتك ، جميعهم لا يرى الحقيقة ، ، والحقيقة ان سعادة الواحد لا تنتقص من سعادة الآخرين  ، فهي الاحاسيس التي  تزيد بالتشارك ، لكننا ضعاف الرؤية ، و يبحث بعضنا دائماً عن أعداء نلومهم ، ويلوموننا ، هذا اسهل كثيرا على الكثير ، والقليلون  الذين يدركون الحقيقة نتهمهم بمثالية بالية لا تصلح لهذا الزمان ولا غيره ،  لكن حين  ينتهي كل شيء ، ويحضرنا الموت الذي لم نتدرب عليه ، الموت تدريب قاس لكنّ نتائجه عجيبة ! حيث  تتجلى الحقائق ، ويمكننا مراجعة ما يقوله التائهون وقت النهاية ، غالبا يعترفون انهم اضاعوا الكثير من أوقاتهم في وهم عظيم ،  ادركوا متأخرا جدا ان  الجهد المبذول في حلم طويل يبدو كوهم  كبير ما لم نستيقظ سعداء ، 

 

المصدر: د نادية النشار
DrNadiaElnashar

المحتوى العربي على الانترنت مسئوليتنا جميعاً د/ نادية النشار

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 64 مشاهدة
نشرت فى 15 أكتوبر 2015 بواسطة DrNadiaElnashar

د.نادية النشار

DrNadiaElnashar
مذيعة و كاتبة ،دكتوراة في علوم الاتصال و الاعلام والتنمية .استاذ الاعلام و علوم الاتصال ، مستويات الاتصال و أهدافه، الوعي بالاتصال، انتاج محتوى الراديو والكتابة الاعلامية ، والكتابة، و الكتابة لوسائل الاعلام الالكترونية ، متخصصة في علوم الاتصال و الاعلام و التنمية، وتدريبات التطوير وتنمية المهارات الذاتية والاعلامية، انتاج »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

590,021