من عادتي - وأنا سائر في أي طريق عام - ألا التفت حولي أو فوقي ، ولكني فعلتها هذه المرة ، وياليتني ما فعلت !!
رأيت سحابة سوداء من لافتات القماش والصور والدعايات الانتخابية لم يسبق لها مثيل في تاريخنا المعاصر!! نعم ، من حق أي شخص أن يترشح طبقًا لمواد القانون رقم 38 لسنة 1972 ، والتعديل بقانون رقم 175 لـ 2005، ولكن هل هذا يعطي الحق لكل من يصحو من نومه – قبل أن يغسل وجهه - أن يذهب إلى مديرية الأمن بمحافظته ، ويدفع مائتي جنيه ، ويقدم طلب ترشيحه ؟!
وهكذا يبدأ رحلته مع الخطاطين والنقاشين ومصممي اللافتات ومحترفي الدعايات في استغلال الشوارع والميادين والطرق والبنايات وكل ما يقع تحت يده أسوأ استغلال، ملوحًا تارة بماله، وتارة أخرى بمناصبه وخدماته - إن وجدت - لجذب الأصوات البائسة التي تنتظر هذا المونديال الانتخابي بفارغ الصبر، فهناك في مصرنا أناس لا يأكلون اللحم ولا تكسو أجسادهم الملابس إلا في هذه الأيام المباركة، بالإضافة إلى الأعياد الدينية !
سألتني نفسي: هل يحق لرموز النظام السابق – وما أكثرهم – في الترشح في أية انتخابات قادمة في البلاد؟!
رددت عليها: أنا أرى أن يُمنعوا من الترشح في الانتخابات وبأية وسيلة، فالشعب لن ينسى تاريخهم غير المشرف، وأنهم من أفسد – بمطامعهم وأهوائهم – الحياة السياسية في مصر ، أو على الأقل شارك – قصدًا – في إفسادها ، فلا يجب بأي حال من الأحوال أن نوفر لهم أيَّ فرصٍ جديدة للوصول إلى دوائر الحكم ، أو دوائر صنع القرار في البلاد.
فقاطعتني نفسي بخبث: أظن أن الانتخابات القادمة ستكون نزيهة بنسبة كبيرة، والشعب هو الذي سيختار من يمثله، ولا ينبغي أن نحجر على اختيار الناس مهما كان.. وإذا شاءت إرادة الشعب أن تختار أحد هؤلاء فهذا اختيارهم .. فهم أصحاب القرار.
فتعجبت قائلاً : أتقولين هذا، وأنت تعلمين أن الانتخابات تحكمها عوامل كثيرة.. وليس بالضرورة أن يتم اختيار الأصلح! وهل - بالفعل - الشعب قادر في مثل هذه الضبابية المتمثلة في ظروفنا الداخلية والخارجية على اختيار من يمثله في انتخابات مجلسي الشعب والشورى أو انتخابات الرئاسة ؟!
وما إن بدأنا النزاع، وبدأت أعين الناس تلتفت إلى هذا الشخص الذي يكلم نفسه في الشارع، حتى تنفست الصعداء وأنا أقرأ في إحدى الجرائد ما يأتي:
" توقّعت مصادر في مجلس الوزراء المصري أن يتجه المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم بعد عيد الأضحى المبارك إلى إصدار مرسوم بقانون العزل السياسي لكي يتم العمل به قبل الانتخابات البرلمانية المرتقبة على المرشحين الذين يثبت إدانتهم في إفساد الحياة السياسية المصرية في عهد نظام الرئيس السابق حسني مبارك.
وقال نائب رئيس الوزراء للشؤون السياسية والتحول الديمقراطي وزير قطاع الأعمال علي السلمي: إن القانون سيتم تطبيقه «على كل من أفسدوا الحياة السياسية أيًا كان منصبهم»، موضحًا في الوقت أنه بالنسبة إلى المرشحين للانتخابات البرلمانية فسيطبق القانون أيضًا عليهم حتى لو فازوا في الانتخابات طالما ثبت عليهم تهمة إفساد الحياة السياسية ".
فجاءني صوت أعرفه جيدًا يقول: أظن أن قانون العزل السياسي – هذا إن طُبِق – سينعكس بصورة واضحة على شكل الانتخابات المقبلة، هل سينجح المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم في السيطرة على الوضع في ظل تهديدات صريحة للفلول – هداهم الله - من الأعضاء السابقين في الحزب المنحل بدفع أنصارهم في المحافظات إلى القيام بأعمال عنف وتخريب، خاصة في محافظات الصعيد حال تم عزلهم ومنعهم من ممارسة الحياة السياسية؟!
ردَّدت قولها : هل سينجح ؟! هل سينجح ؟!
ساحة النقاش