كلمة الولي – كما يرى البعض - قديمة في اللغة العربية قدم اللغة ذاتها، استعملت قبل الإسلام كما استعملت في القرآن قبل أن يظهر التصوف أو التشيع أو غيرهما من النظم التي استعملت الكلمة فيما بعد.

        وقد بين سبحانه وتعالى في كتابه والرسول (صلى الله عليه وسلم) في سنته أن لله تعالى أولياء من الناس، وللشيطان أولياء، فبـان أولياء الرحمن من أولياء الشيطان.

        وقد أحصيت مواضع كلمة ( ولي ) ومشتقاتها في القرآن الكريم فبلغت تسعين موضعًا: أربعة وخمسون منها في جانب أولياء الله، وستة وثلاثون في جانب أولياء الشيطان وأعداء الله (1).

        وإذا عرف أن الناس فيهم أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، فيجب أن نفرق بين هؤلاء وهؤلاء، كما فرق الله ورسوله بينهما.

        فأولياء الله هم المؤمنون المتقون، كما قال تعالى : " أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ . الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ "(2) . وفي الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : " يقول الله عز وجل : من عادى لي وليًّا فقد بارزني بالمحاربة – أو – فقد آذنته بالحرب " الحديث (3).

        وأولياء الشيطان هم الخارجون عن طاعة الله عز وجل قال تعالى : " وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً " (4).

        وأولياء الله تعالى في القرآن على طبقتين : سابقون مقربون، وأصحاب يمين مقتصدون، ذكرهم الله في عدة مواضع من كتابه العزيز، قال تعالى : " فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ . وَأَصْحَابُ الْمَشْئَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْئَمَةِ . وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ . أُوْلَئِكَ الْمُقََّربُونَ . فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ " (5).

وقال تعالى : " فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ . فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ . وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ أَصْحَابِ الْيَمِينِ . فَسَلامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ "(6) .

        وقد ذكر النبي (صلى الله عليه وسلم) عمل القسمين في حديث الأولياء، فقال : يقول الله تعالى : " من عادى لي وليًّا فقد بارزني بالمحاربة، وما تقرب إلي عبدي بمثل ما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ... " الحديث .

        فالأبرار أصحاب اليمين هم المتقربون إليه بالفرائض، وأما السابقون المقربون فتقربوا إليه بالنوافل بعد الفرائض .

        وهم المقتصدون والسابقون الذي ذكرهم الله تعالى في قوله : " ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ "(7) .

وأفضل أولياء الله هم : أنبياؤه، وأفضل أنبيائه هم المرسلون منهم، وأفضل المرسلين أولو العزم: نوح ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى، ومحمد (صلى الله عليه وسلم)، وأفضل أولي العزم محمد (صلى الله عليه وسلم)، خاتم النبيين، وإمام المتقين، وسيد ولد آدم (8).

        إذن المراد من كلمة ولي في القرآن الكريم في حال المدح وفي حال نسبتها إلى الله سبحانه وتعالى هو المحبة أو القرب أو النصرة من الجانبين، جانب المخلوق وجانب الخالق سبحانه، وهي المعاني اللغوية لتلك الكلمة (9).

        وطبقًا للمعاني الشرعية السابقة للولاية فإن إيمان العبد وتقواه هما اللذان يحددان درجة ولايته لله تعالى، فمن كان أكمل إيمانًا وتقوى كان أكمل ولاية لله، فالولاية على هذا فيها تفاضل بين المؤمنين، ويقال مثل هذا في عداوة الله تعالى.

        وعليه فمن ادعى الولاية وهو لا يؤدي ما فرضه الله عليه، ولا يجتنب محارم الله، أو يدعي أنه سقط عنه الأمر الشرعي بالتكاليف، أو يدعي أن الأمر الشرعي إنما جاء للعامة، وليس للخاصة، أو أتى بما يناقض شرع الله لم يكن لأحد أن يقول عليه أنه ولي الله تعالى .

        فالولاية إذن لا تكون خاصة بشخص معين أو طائفة مخصوصة، بل كل إنسان يكون وليًّا لله من آمن واتقى وأحسن وعمل الصالحات .

        وجملة القول أن الطريق إلى ولاية الله تعالى يتمثل في الآتي :

1- أداء الفرائض وترك المعاصي وعمل الطاعات .

2- التقرب إلى الله تعالى بالنوافل بعد الفرائض .

3- التقرب إليه سبحانه بالأذكار المشروعة .

        وهو نفس الطريق الذي سنَّه الله تعالى في كتابه، وذكره الرسول (صلى الله عليه وسلم) في سنته المطهرة إلى ولاية الله تعالى .

<!--

<!--[if !supportFootnotes]-->

 


<!--[endif]-->

(1)  الشوكاني : مقدمة قطر الولي على حديث الولي ، ص 71، تحقيق د/ إبراهيم إبراهيم هلال .

(2)  سورة يونس : الآية 62- 63 .

(3)  ابن تيمية: الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، ص 5 – 6 .

(4) سورة النساء : الآية 119 .

(5) سورة الواقعة : الآيات 8- 12 .

(6) سورة الواقعة : الآيات 88- 91 .

(7) سورة فاطر : الآية 32 .

(8) ابن تيمية: الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، ص 7 وما بعدها، الشوكاني: قطر الولي على حديث الولي، ص 238 .

(9)  مقدمة الشوكاني: قطر الولي على حديث الولي، ص 75 .

 

المصدر: رسالة دكتوراه-كلية دار العلوم-جامعة القاهرة
Dr-mostafafahmy

د/ مصطفى فهمي ...[ 01023455752] [email protected]

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 3042 مشاهدة
نشرت فى 22 يوليو 2011 بواسطة Dr-mostafafahmy

ساحة النقاش

مصطفى فهمي

Dr-mostafafahmy
فلسفة الموقع مهتمة بتحديد طريقة الحياة المثالية وليست محاولة لفهم الحياة فقط. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

499,945