اهتمت الطرق الصوفية بالممارسات أو الشعائر لما لها من أهمية في ترقي المريد، والوصول به لأسمى مقامات النفس، فالشعائر هي التعبير الرمزي عن المشاعر والاتجاهات والقيم والمعتقدات عن طريق أفعال وممارسات منظمة تعمل على تقوية المعتقد لدى المريد، وسوف نتناول من هذه الشعائر " العهد الصوفي " .
العهد الصوفي :
كان شرط العلم بالشريعة والتمسك بالكتاب والسنة والعمل بهما، ثم صدق التوجه لله، شرطين أساسيين للمبتدئ في الطريق(<!--)، ثم أضيف إلى ذلك الالتزام بعدم أخذ عهد سابق مع طريقة صوفية أخرى، ولعل الاستعداد، والإرادة القوية يعتبران مؤهلاً قويًّا للالتزام بالشريعة ، بمجرد العلم بها ، سواء قبل الطريق أو بعده ، إذ بهما يتم العمل بالعلم، ومن ثم " وراثة علم ما لم يعلم " ، وبدونها يقف الفرد أو الصوفي عند حد العلم النظري، الذي لا يفيد صاحبه (<!--) .
يعتبر العهد الصوفي بين الشيخ والمريد معاهدة يلتزم بمقتضاها المريد بفعل العبادات وترك المعاصي، وطاعة الشيخ واتباع طريقته، والالتزام بقواعد وآداب الطريق، والمداومة على الورد المكلف به، والمشاركة في شعائر وطقوس الطريقة، ومن هنا تأتي أهمية الشيخ للمريد، فهو كالأستاذ المعلم للطالب الذي لا يستغنى عنه، والحقيقة الراسخة عند الصوفية أن هذا العهد يمثل رمزًا للمعاهدة بين الله سبحانه وتعالى والمريد .
وينقسم العهد في الطرق الصوفية إلى قسمين؛ عهد المريد أمام شيخه، والعهد الجماعي، ويسمى عهد البركة، وهو الذي لا تحكمه أية قيود، ولا يترتب عليه التزامات، ويجوز للمريد أن يطلبه مرات عديدة من شيخ الطريق أو أي شيخ طريق صوفي آخر بغرض التماس البركة .
وعن كيفية إعطاء العهد للمريد عند الصوفية، فهو يتلخص في الآتي :
1- يؤدي المريد صلاة التوبة، وهي ركعتان بنية التوبة، ويكون طاهر البدن والملابس .
2- يجلس المريد أمام الشيخ، ويقوم الشيخ بتلقينه التوبة ، ثم عهد الطريقة التي سيتبعها.
3- يلقن الشيخ المريد اسم الجلالة ( الله ) في أذنه ثلاث مرات، ويرددها المريد عليه ثلاثًا.
4- أن يبدي المريد قبوله العهد وامتثاله باتباع القواعد والتعاليم تبعًا للطريقة.
5- يُشهد الشيخ الله وملائكته والرسل والحاضرين على ذلك، ويدعو له بالخير والبركة.
وعليه فلابد أن يلتزم طالب العهد بأوراد الطريقة وآدابها وقواعدها، وأن يواظب على تأدية العبادات، ويحرص على حضور حلقات العلم والذكر، كما يحسن معاملته مع إخوانه في الطريق.
<!--[if !supportFootnotes]-->
<!--[endif]-->
(1) عبد القادر الجيلاني: الغنية لـطالبي الحق، 2: 163.
(2) د/ عبد الحليم محمود: الرعاية لحقوق الله، لأبي عبد الله الحارث المحاسبي، ص 47، 1984م، دار المعارف، القاهرة.
ساحة النقاش