الأخلاق ETHICS أو الفلسفة الأخلاقية هي دراسة أفعال الإنسان من حيث إنها صالحة أو طالحة. ويتعلق موضوعها بما يقوم به الأفراد والجماعات من أفعال. هناك تمييز بين الأفعال الإرادية أي التي نقوم بها عن قصد، و الأفعال اللاإرادية. إن الأخلاق تدرس الأفعال الإرادية، كما أن علماء النفس والاجتماع يدرسون أمثال هذه الأفعال.ويهتمون اهتماماً خاصاً بالطابع الأخلاقي المميز للأفعال الإرادية، ويريدون معرفة ما الذي جعلها صالحة أو طالحة، وما الذي أضفى عليها الصبغة الأخلاقية. وعليه فالأخلاق هي دراسة، وتقييم السلوك الإنساني على ضوء القواعد الأخلاقية التي تضع معايير للسلوك، يضعها الإنسان لنفسه أو يعتبرها التزامات وواجبات تتم بداخلها أعماله أو هي محاولة لإزالة البعد المعنوي لعلم الأخلاق، وجعله عنصرا مكيفا، أي أن الأخلاق هي محاولة التطبيق العلمي، والواقعي للمعاني التي يديرها علم الأخلاق بصفة نظرية، ومجردة". الأخلاق والخُلق كثيرًا ما تُستعمل الكلمتان الأخلاق والخُلق بوصفهما لفظين مترادفين، لكن الفلاسفة يرون أنه من الأنسب التمييز بينهما. فالأخلاق، تُحيل القارئ إلى العلم النظامي العام الذي يدرس السلوك القويم والسلوك السقيم. أما الخُلق فهو يختص بأنماط السلوك الواقعية، فالأخلاق إذا ما انفصلت عن الخُلق فسوف تكون تصوّراً تجريدياً عديم المعنى، لأن الفلاسفة وضعوا للأخلاق أساساً يتمثّل في التحليل التأملي للتجربة الخلقية. منظومات القرن العشرين الأخلاقية إن أهم النظريات الأخلاقية التي ظهرت هي الحدسية، والانفعالية، والطبيعية؛ والواقعية الشخصية. يقول أصحاب الحدسية: إننا ندرك إدراكاً مباشرًا بقيمنا ومبادئنا الأساسية، حيث تتجلى لنا في الخبرة البشرية الخلقية، فنفهم معناها بطريقة حدسية، ولا نستخدم العمليات العقلية الطويلة سعياً وراء الخلق القويم إلا إذا واجهتنا مسائل خلقية غريبة أو معقدة. ويرى أصحاب النظرية الانفعالية أن مواقفنا الخلقية تعبر عن رغباتنا وانفعالاتنا لكنها لا تنقل أي محتوى معرفي. فالخطاب الخلقي يكشف عن اختياراتنا، لكنه لا يشفعها بالمسوغات العقلية. يقول أصحاب النظرية الطبيعية، إن السلوك الخلقي لا علاقة له بمشيئة الله سبحانه أو بالحياة في الآخرة، وكل القرارات الأخلاقية ينبغي أن تُبنى على الاعتبارات الواقعية حول البشر وحول جميع الكائنات في هذه الدنيا، كما يجدر بنا أن نستعين بالعلوم الطبيعية والاجتماعية لكي نتوصل بها إلى قرارات تحترم الطبيعة البشرية. أما النظرية الواقعية الشخصية فتعترف بالحاجة إلى مراعاة موقعنا بالنسبة لغيرنا من البشر من حيث إنها تبحث دائما عن الله خالق الكون. لذلك فحياتنا أفرادًا وجماعاتٍ ينبغي أن تتميز بالتفتح خلقيا لله تعالى. الأخلاق والدين .. من النادر أن ينطلق التفكير الأخلاقي بمعزل عن المعتقدات الدينية؛ وأحد أسباب ذلك أن الدين له تأثير قوي على الأحكام الخُلقية لدى الأفراد والجماعات. إن ديانات الآشوريين والمصريين اشتملت على مدوّنات قانونية دقيقة تنظم السلوك وتوجِّه القرار فيما يخصّ الواجبات الخلقية. وقد تجاوز التشريع الديني مسائل العبادة والطقوس ليشمل العديد من التعاليم الأخلاقية، وسنعرض بإيجاز قضايا الأخلاق في الأديان السماوية والأديان غير السماوية. الحاجة إلى نظام أخلاقي .. لماذا نحتاج إلى الأخلاق، زيادة على القواعد الخُلقية المعمول بها ؟ إن السبب الرئيسي هو أن الإنسان لديه فضول لمعرفة أفعاله، فيدفعه ذلك إلى التفكير فيها والمقارنة بينها والبحث عن مبادئها العامة. ففي حالة التأمل الأخلاقي نصادف بعض الصعوبات، إذ لسنا دائماً على يقين من المبدأ الأخلاقي الذي ينبغي أن يخضع له قرار من القرارات. فقد تواجه امرأة شابة، مثلاً، مشكلة ما إذا كان من الأفضل أن تواصل دراستها أو أن تنصرف للعمل من أجل مساعدة أسرتها. ربما يبدو لها أن القضية إنما هي قضية وفاء لعائلتها، ولعلها ترى أن أبويها ضحيا مُدة طويلة لتمكينها من مواصلة الدراسة. ونظراً لأنها مدينة لهما فهي تريد أن تضحي من أجلهما قليلاً. على أنه من الممكن أن تقتنع بأنه من حقها أن تبني الأساس المتين لكي تعيش حياةً طيبة عن طريق الحصول على أقصى ما يمكن من العلم والمعرفة. وفضلاً عن ذلك قد تُدرك أهمية مواصلة الدراسة لكي تساهم مساهمة فاعلة في خدمة المجتمع. قد نختلف أيضا فيما يخص المقصود بالمبدأ في حد ذاته، أو ماذا يُقصد بالفضيلة. كما أنه توجد صراعات أخلاقية بين الأمم وبين الأفراد من ذوي العقول النيّرة. إن الخلاف الأخلاقي قد يتخذ في بعض الأحيان طابعاً أساسياً، فنتساءل: لماذا يجب علينا أن نكون من ذوي الأخلاق بصورة مطلقة؟ أو لماذا نُلزم أنفسنا باحترام الواجبات الخلقية؟ وهكذا فالأخلاق تتطور بطريقة تمكنها من تذليل هذه العقبات والتوصل إلى السلوك الخلقي. ولهذا يجب علينا تطوير المنظومة الأخلاقية ... إن عالِم الأخلاق يطوِّر علم الأخلاق عن طريق تفحّص الأحكام النموذجية التي من خلالها يعبِّر الناس عن قراراتهم الخُلقية. فالتخلّق لا ينكشف من خلال أقوالنا وسلوكنا فحسب، بل ينكشف أيضاً من خلال القواعد العامة التي بها نُبرّر حالة من الحالات الفردية. مثلا، قد يقول الطالب النزيه: ¸لن أخط بقلمي شيئاً على صفحات هذا الكتاب المستعار من المكتبة· وإذا سألناه عن سبب هذا القرار الخُلقي قد يقول: ¸من الواجب احترام الملكية العامة· فأمثال هذه الأحكام تندرج ضمن الحالات الخُلقية التي يدرسها عالِم الأخلاق. إن المنظومة الأخلاقية هي عادة من صُنع الفرد، لكن هذا الفرد ينبغي أن يأخذ في الاعتبار أخلاق الخاصة من الناس وأخلاق العامة. فقد تعرض مشكلات خطيرة عندما نقارن بين منظومة أخلاقية معينة مع أخلاق العامة. فالفيلسوف كثيراً ما نجده شديد الانتقاد لأخلاق العامة، على سبيل المثال، فإن سقراط كثيراً ما كان يخالف رأي العامة من الناس، بل رأي الحكام في المدينة، حول معنى العدل والثبات على المبدأ. ينبغي للفيلسوف ألا ينسى أبدا اثنتين من القيم عندما يتصدى لتطوير المنظومة الأخلاقية، الأولى هي الحاجة إلى التفكير والنقد، وخصوصا في بلد ديمقراطي، حيث تكتسب الاقتناعات الخلقية العامة أهمية سياسية. أما القيمة الثانية فتخصّ العمل من أجل سعادة الجميع. ذلك أن ظروفاً معينة قد تتحكم في شدة النقد الفكري الموجّه للأخلاق العامة بهدف إقامة مبادئ خُلقية سليمة.
المصدر: قراءات ومصادر متعددة..
د/ مصطفى فهمي ...[ 01023455752] [email protected]
نشرت فى 17 يونيو 2011
بواسطة Dr-mostafafahmy
مصطفى فهمي
فلسفة الموقع مهتمة بتحديد طريقة الحياة المثالية وليست محاولة لفهم الحياة فقط. »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
499,900
ساحة النقاش