جريدة بصمة أمل ..... رئيس مجلس الإدارة / خالد البري

■ من ضمن التحصينات الدفاعية اللي استحدمها العدو الغاصب لمنع المصريين من العبور قبل أكتوبر 73 كانت أنابيب النابالم اللى أقامها الإسرائيليين على شاطيء القناة.

 

● «النابالم» هو مركب كيميائي يتكون من صابون الألومنيوم المخلوط بحمض النافثين « Naphthenic acid» وحمض البالمتيك «Palmitic acid» على هيئة سائل كثيف يشكل عند مزجه بالبنزين هلاماً لزجاً «البنزين الهلامي - Jellified gasoline» وهو مركب سريع الإشتعال بطئ الاحتراق يلتصق بالجلد وبأي سطح يلامسه حتى بعد الإشتعال ، وتصل درجة حرارته إلى أكثر من 1100 درجة ، مسببا حروقا شديدة من الدرجة الرابعة والخامسة، تترك ندوبا عميقة بالجلد تدعى «Keloids» وهي حروق يصعب على الأطباء علاجها ، وبالاضافة لذلك فإن الدخان الناتج عن احتراق هذه المادة ينزع الأكسجين من الجو  ويطلق كميات كبيرة من غاز أول أكسيد الكربون السام ، ويستخدم النابالم في قاذفات اللهب والقذائف الحارقة وقنابل الطائرات ، وكان قد تم تطويره من خلال مجموعة كيميائيين أمريكيين من «جامعة هارفارد» أثناء الحرب العالمية الثانية ، بقيادة العالم «لويس فيزر»

.

■ وقد صممت إسرائيل منظومة النابالم علي هيئة صهاريج ضخمة موضوعة داخل الدشم الحصينة ، يسع كل صهريج منها 200 طن من المادة الحارقة ، ومن الخزانات دي بتخرج مواسير ضخمة بقطر 6 بوصة متصلة بطلمبات ماصة كابسة لدفع المادة الحارقة عبر خراطيم أخري متصلة في النهاية بشبكة مواسير معقدة ترقد تحت سطح مياة القناة بعمق 40 سنتيمتر

وتمتد في داخل المجري الملاحي لحوالي 20 متر ، وقد بلغ إجمالي أطوال هذه الشبكة من المواسير 3791 متراً تم نشرها علي مسافات متقاربة في جميع النقاط الصالحة للعبور على طول القناة ..

.

■ وقد صُممت هذه المنظومة بحيث تضخ على سطح المياه وعلى إمتداد القناة مزيجاً من النابالم والزيوت سريعة الاشتعال مع كمية بنزين وزيت ديزل لتكون حاجزاً رهيباً من النيران كالجحيم يستحيل اختراقه، وعند اطلاق هذه المادة فانها تحول سطح الماء لأتون كبير مشتعل تندلع منه ألسنة اللهب الى إرتفاع متر وترتفع درجة الحرارة إلى 700 درجة لتحرق القوارب والدبابات البرمائية ،بل أن هذا السعير يمكن أن يشوي الأسماك التي في قاع قناة السويس ويلفح لهيبه الأشخاص الذين يبعدون عن مصدر النيران حتي مسافة 200 متر.

.

◆ في البداية سعي جهاز المخابرات لمعرفة تركيب هذه المادة عن طريق البطل والعميل المصري «رفعت الجمال - جاك بيتون» الذي كان قد أبلغها بقصة هذه الصهاريج منذ بداية التفكير في إنشائها وتكتمت المخابرات المعلومة حتى تأكدت من صحتها ، وكلفت وحدات الإستطلاع بالمضي قدما في التحقق من تفاصيل الموضوع كله، كما طُلب من «رفعت الجمال» تكليف أحد عملائه برسم مخطط دقيق للإنشاءات وما تحتوية من سوائل ملتهبة، فلم يكتفي «الجمّـال» بذلك ، وإنما أرسل للقاهرة عبر عملية دقيقة ومعقدة خريطة تفصيلية لمنظومة شبكات النابالم ، بل وأرسل أيضا عينة من السائل المستخدم في الصهاريج..

.

◆ وقبل العبور العظيم ، كان إبطال عمل المنظومة دي واحد من أهم التحديات اللي قابلت رجال القوات المسلحة ، وكالعادة خضع

كل شئ للدراسة والتحليل وجرت تجارب قام بها أبطال الجيش المصري ، فتم حفر مجري صغير بنفس مواصفات قطاع قناة السويس بمكان ما

في صحراء مصر ، وتم ضخ كمية من النابالم على سطح

هذا المجري وقام الأبطال بتجربة للعبور وسط هذه النيران

لتحديد نسبة الخسائر التي ستمني بها القوات

اذا عبرت وسط هذا الجحيم ، وكانت النتائج مخيفة ومخيبة للأمال ، حيث كانت درجة الحرارة علي سطح الماء اثناء اشتعال المادة تصل الى 700 درجة مئوية ، وقد استشهد عدد من هؤلاء الأبطال دون أن ينجحوا في عبور المجري المائي التجريبي ، فكانوا بالفعل أول شهداء الحرب .. قبل حتى أن تبدأ

.

● حاول رجالنا مرة أخري عن طريق محاولة إختراع مادة كيميائية تبطل اشتعال النابالم عند إطلاقه في مياه القناة ، إلا أن هذه التجارب قد باءت هي الأخرى بالفشل.

.

● ولم يعد هناك من سبيل أخر .. لابد من وقف ضخ هذه المادة البشعة والا كانت الخسائر فادحة

.

■ وهنا كان القدر علي موعد مع أحد شباب القوات المسلحة وهو البطل «أحمد مأمون» ، واللي كان وقتها برتبة رائد مهندس ..

البطل ده توصل إلى اختراع مادة أسمنتية تتجمد في مياه القناة وأعطى تركيبتها سراً إلى قائد القوات البحرية المصرية واللى بدوره أعطاها إلى رئيس الأركان ثم إلى وزير الدفاع ومنه للرئيس السادات الذي أقرها ، وتم التكتم عليها.

.

◆ وواصلت المخابرات دورها البارز في إستغلال وتسخير كل معلومة أو خبر لخدمة الهدف الأكبر، وبدأت مصر تذيع تفاصيل متتابعة عن فتحات النابالم

التي تحيل مياه القناة الى جحيم مستعر ، مع الكثير من العبارات التي تحوي معنى اليأس من التغلب عليها، وهنا ابتلعت المخابرات الإسرائيلية الطعم ، وأيقنت أن تنفيذ فكرة أنابيب النابالم رغم تكاليفها الباهظة قد ولّد في المصريين إحساساً بإستحالة عبور القناة ، فإزداد شعور الإسرائيليين بالإطمئنان.

.

◆ وقبل بداية العبور بــ 12 ساعة وفي جنح الظلام ، عبرت ثلاثة مجموعات من القوات المصرية القناة ، وكانت الخطة التي إعتمدها الجيش المصري لتدمير وتعطيل خطوط النابالم «ثلاثية المحاور» مؤلفة من 3 خطوات متوازية ومتزامنة :

 

● المجموعة (أ) :

من القوات البحرية الخاصة «الضفادع البشرية» وتتشكل من 36 تشكيل كل واحد منها مكون من عشرة أفراد من الضفادع البشرية ، وقد تم تزويد كل ضفدع منهم بوحدة لسد فتحات النابالم تتألف من سدادة من المطاط ملتصق بها أسمنت سريع الجفاف معد خصيصاً للمياه المالحة مخلوطاً بلدائن معينة لسد فتحات النابالم والبالغ عددها 360 فتحة على طول مجرى القناة

 

● المجموعة (ب) :

تتجه لسيناء لقطع مواسير النابالم القادمة من الطلمبات ثم تقوم بدفنها في الرمال لكيلا تظهر وهي مقطوعة

 

● المجموعة (ج) :

تتجه إلى المضخات نفسها وتقوم بتخريبها وتعطيلها بحيث تصبح عملية إصلاحها مستحيلة.

.

■ وبالفعل نجحت المجموعة الأولى في سد فتحات الأنابيب بلدائن خاصة سريعة الجفاف ، وكذلك نجحت المجموعة الثانية في قطع خراطيم الطلمبات ، كما إستطاعت المجموعة الثالثة الوصول لبعض الطلمبات

وتخريبها، وكان الهدف من ذلك تأمين العملية بشكل مطلق، وكان من المتوقع إذا إكتشف العدو تخريب الطلمبات أن يبذل جهده لإصلاحها دون أن يخطر بباله أن هذا الإصلاح ليس إلا عبث لا طائل من ورائه بعد أن تم قطع خراطيم التوصيل وسد منافذ الإطلاق

.

■ ونجحت الخطة بالفعل ، وتم إفشال منظومة النابالم بأقل تكاليف في الأموال والخسائر البشرية ، ولم تفلح اسرائيل في اشعال حريق واحد طوال العبور، بل إنه تم أسر المهندس الإسرائيلى المسئول عن صيانة شبكة مواسير النابلم نفسه فى موجة العبور الأولى (مساء يوم 6 أكتوبر) عندما كان يحاول إصلاحها... وعُرف فيما بعد أن «موشي ديان» وزير الدفاع الأسرائيلي قد وبَّخ الجنرال «شموائيل جونين» قائد جبهة سيناء توبيخا شديداً بسبب فشله في تشغيل أجهزة النابالم وقال له : انك تستحق رصاصة في رأسك. !!

 

■ ولم يكن «ديان» يعرف أنه حتى لو قام الجنرال «جونين» بإصلاح أجهزته .. فجميع الفتحات المؤدية إلى القناة كانت مغلقة

.

✪ إن هذه العملية كانت هي الأكثر تعقيداً والأكثر حساسية ودقة في خطة الحرب ، وكان الجميع يعلم أن فشل هذه العملية كان سيعرض الحرب كلها للفشل ليس فقط بسبب صعوبة عبور القناة تحت جحيم النابالم ،

بل لأن فشل تلك العملية واكتشافها كان سيلفت نظر اسرائيل إلى أن مصر قررت شن الهجوم الشامل قبل وقوعه كما ذكرت بـ 12 ساعة

وهي فترة لا بأس بها لكي تحشد اسرائيل قواتها.

.

🛑 شير من فضلك واعرف تاريخ بلدك وأفخر بعظمة جيشك 🙂

.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 125 مشاهدة
نشرت فى 6 أكتوبر 2022 بواسطة BsmetAmal
BsmetAmal
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

83,298

للإعلان على الموقع


اتصل 01270953222