مَقَاصِدُ الكِتَابَة              

 

   سَأَكْتبُ لِيُورِقَ الحَجَر 

لِتنزلَ السَّمَاءُ منْ عِليَائها لِيَنْدُبَ المَطَر،

لِتَرْفُلَ الغَوَانِي بالعَفَافِ وَتَسْكُنَ النِّيرَانُ فِي الشَّجَر.

لَِيَرْحَلَ الرَّبِيعُ لِلشِّتَاءِ وَتَرْحَلَ الثُّلُوجُ لِلقَمَر،

لِيَعْبُقَ الأَرِيجُ فِي الفَيَافِي وَتُمْطِرَ السَّمَاءُ بالزَّهَر.

سَأَكْتُبُ حَتَّى أَظَلَّ فِي مِسَاحَةِ شُرُودِي،

أَهِيمُ بٍرَوَائِعِ الوُجُودِ،

وَأَعْزِفُ قَصِيدَةَ التَّجَلِّي، وَأَعْبُرُ الزّمَانَ لِلخُلُودَِ،

أُجَدِّدُ طَبِيعَةَ الأَجْسَادِ، وَأَنْثُرُ الوُرُودَ فِي الرُّعُودِ،

أُبَدِّدُ ذُكُورَةَ الرّجَالِ، أُنَغِّمُ أُنْشُودَةَ الخُدُودِ.

سَأَكْتُبُ كَيْ أَجْعَلَ الإِلَهَ فِي دِمَاغِي سَبِيلِي لِلْغِوَايَة،

وَأَجعَلَ الشَّيْطَانَ فِي دِمَائِي سَبِيلِي لِلْهِدَايَة،

لَعَلَّنِي بِشِعْرِي أُجَدِّدُ البِدَايَة.

سَأَكْتُبُ كَيْ أَبْعَثَ الأَرْوَاحَ فِي الصُّخُورِ،

كَيْ أَسْمَعَ الغِنَاءَ فِي القُدُورِ،

كَيْ تَنْبُضَ القُلُوبُ فِي الصُّدُورِ،

كَيْ يُشْرِقَ الرَّبِيعُ فِي القُبُورِ،

لَعَلَّنِي بِشِعْرِي أُقَوِّضُ رَتَابَةَ الدُّّهُور.

سَأَكْتُبُ كَيْ أَصْنَعَ خُدُودًا مِنْ مَفَاتِنِ الجِنَانِ،

وَأُشْهِدُ الرَّحْمَانَ بِأَنَّنِي غَنَّيْتُ لِلشَّيْطَان،

أَلَيْسَتْ بَيْنَنَا عَلاَقَةٌ مَكْتُوبَةٌ مِنْ سَالِفِ الأَزْمَانِ

فِي مُصْحَفِ البَيَانِ؟

سَأَكْتُبُ كَيْ أَصْنَعَ شُعُورًا مِنْ سَنَابِلِ الرَّيْحَانِ،

وَأُشْهِدَ الرَّحْمَانَ بِأَنَّنِي مَرَّغْتُ وَجْهِي فِي مَرَاتِعِ الحِسَانِ،

وَأَنَّنِي مُتَيَّمٌ بِالحُورِ فِي الكِتْمَانِ.

سَأَجْعَلُ مِنْ طَيْفِكِ - يَا مِحْنَتِي - مَرَابِعِي الوَثِيرَة،

كَيْ لاَ أَعِيشَ لاَجِئًا مُمَزَّقَ الأَوْطَان،

سَأَرْتَوِي مِنْ نَبْعِكِ، أُغَلْغِلُ لِسَانِي فِي قَعْرِكِ الفَتَّان،

وَأَنْزِلُ القَرَار، أُفَتِّشُ "المُهَلْهَلَ"، أُطَارِدُ "المُبَرّدَ"

أُقَبِّلُ "عُبَيْلَةَ" وَ"لَيْلَى" أُمَسِّحُ "سُلَيْمَى"

أَجْمَعُهُمْ جَمِيعَهُمْ فِي سَلَّةِ الغِوَايَةِ 

كَيْ أَصْنَعَ قَصِيدَةً مِنْ مِحْنَةِ الشَّيْطَان،

تُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَتَعْشَقُ إِلَهً يُكَرِّمُ الإِنْسَان..

سَأَكْتُبُ خَارجَ المَكَانِ والزَّمَان مُيُوعَةَ الإِخْوَان،

وَسَطْوَةَ السُّلْطَان، وَهَجْمَةَ العُرْبَان، وَصَوْلَةَ الفُرْسَان،

وَكِذْبَةَ الحِمَايَة، وَلذَّةَ الرِّمَايَة، وَدَوْلَةَ الجِبَايَة،

وَنَكْهَةَ الوُلُوجِ لِلعَقْلِ بالوِجْدَان.. 

فَفِي الكِتَابَةِ يَذُوبُ كُلُّ شَيْءٍ لِيُزْهِرَ الإِنْسَان،

وَتَلْتَقِي العُصُورُ فِي نُقْطَةِ مَكَان،

وَفِي الكِتَابَةِ تُلَمْلَمُ الجِرَاحُ، وَيَكْثُرُ النِّطَاحُ وَالنِّكَاحُ،

وَتَحْبلُ الأَشْيَاءُ فِي الهَوَاءِ، وَيُولَدُ الكِيَان..

يَا سَادَةَ البَيَان، مَقَاصِدِي كَثِيرَةُ التَّجَلِّي جِمَاعُهَا الإِنْسَان،

يُلَمْلِمُ تَارِيخَه لِيَرْسُمَ مَلْحَمَةَ الوُجُودِ بِعِشْقِهِ الفَتَّان

لِذَاتِهِ لِأَنَّهُ إنْسَان.

      صالح سعيد / تونس الخصراء

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 36 مشاهدة
نشرت فى 23 سبتمبر 2021 بواسطة Boudiefsoundou

عدد زيارات الموقع

38,370