فِي مَقْهَى المُومِس.             

 

جَلَسَتْ تُطَرّزُ لَفْظَهَا، تَحْكِي غَرَامًا هَزَّهَا،

وَالحُمْرَةُ مِنْ خَدِّهَا تَرْوِي مَكَامِنَ وَجْدِهَا.

قَالَتْ بِصَوْتٍ نَاعِمٍ وَجِهَازُهَا فِي سَمْعِهَا، 

وَدُخَانُهَا يَتَدَفَّقُ مِنْ شِدْقِهَا، مِنْ أَنْفِهَا:

سَرِّعْ خُطَاكَ - دُرَّتِي - قَهْوَتُكَ فِي عِزِّهَا..

ذَوَّبْتُ فِيهَا سُكَّرِي وَرَضَعْتُ مِنْهَا دَهْرَهَا"

وَضَعَتْ جِهَازَ الهَاتِف، وَتَبَسَّمَتْ بِتَوَدُّدِ..

لَعِبَتْ بِأَيْدٍ نَاعِمَة وَتًرَشَّفَتْ بِتَوَرُّدِ..

نَفَثَتْ دُخَانًا شَائِكًا وَتَرَنَّمَتْ بِتَرَدُّدِ..

وَتَشَاغَلَتْ بِجَمَالِهَا بالنّاعِمِ بِالأَسْوَدِ..

ثُمَّ اسْتَدَارَتْ خَلْفَهَا بِضِيَائِهَا المُتَمَدِّدِ..

وَتَلَطَّفَتْ بِخِطَابِهَا : مَا السَّاعَةُ يَا سَيِّدِي؟"

فَأَجَبْتُهَا بِطَلاَقَتِي: أَنْتِ تَمَامُ المَوْعِدِ"..

وَحَفَرْتُ فِي أَعْمَاقِهَا حَرْفًا شَهِيَّ المَرْقَدِ..

فَتَوَسَّدَتْ نَبَرَاتَهُ وَتَذَاوَبَتْ كَالشَّهْدَةِ..

لَمَّا لَمسْتُ ذَوْبَهَا، حَوَّلْتُ كُلِّي عِنْدَهَا..

وَطَرَقْتُ بَابَ جَمْرِهَا فَتَفَتَّحَتْ كَالوَرْدَةِ..

فَعَزَفْتُ كُلَّ نَغْمَةٍ وَمَكَثْتُ فَوْقَ الرَّبْوَةِ..

وَقَصَائِدِي تَجْتَاحُهَا..وَلُهَاثُهَا كَالثَّوْرَةِ..

النَّادِلُ بِحَمَاسِهِ، جَاءَ لِقَبْضِ الثَّمَنِ..

وَخِطَابُهُ مُتَيَبِّسٌ يَرْمِي لِطَبْخِ العَفَنِ..

نَظَرَتْ إِلَيْهِ مُشِيرَةً: "هَذَا رَفِيقُ الزَّمَنِ..

مِنْ مُدَّةٍ يَجْتَاحُنِي، يَلْهُو بِحَرْفِ الشَّجَنِ،

وَيُرِيدُنِي لِنَعِيمِهِ، فَوْقَ وَثِيرِ  العَلَنِ"..

النَّادِلُ بِشَرَاسَةٍ، بِسِهَامِهِ المُتَوَقِّدَة..

قَالَ كَلاَمًا فَاحِشًا مُتَوَعِّدًا بِالمِقْصَلَة..

أَوْ أَنْ أَمُدَّ ضَرِيبَةً تُرْضِي مَقَامَ المَلْحَمَة..

غَادَرْتُ عِزَّ المَكْمَنِ أَشْكُو هُمُومَ المَرْحَلَة..

وَقَصَائِدِي مَغْدُورَةٌ مَهْدُورَةٌ فِي المَزْبَلَة..

"هَذَا زَمَانُ الفَاسِدِ...لَيْسَ زَمَانَ المِحْبَرَة.." 

 

صالح سعيد / تونس الخضراء.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 36 مشاهدة
نشرت فى 7 سبتمبر 2021 بواسطة Boudiefsoundou

عدد زيارات الموقع

45,614