أصيب منذ ولادته بمرض نادر، قاده بشكل تدريجي إلى العمى الكامل وهو في الثالثة عشرة، قاوم حقيقة مرضه بتجاهل الإعاقة، إلا أن قرار الأطباء كان نهائياً باستحالة إعادة النور، المحنة التي تعرض لها كانت مزدوجة فقده للبصر ثم فقده لوالدته في حادث مروري لتصبح طفولته وسنوات مراهقته مثقلة بالحزن والظلمة.
للبعض يمكن أن تكون هذه نهاية العالم، ونهاية آماله وأحلامه، والانزواء في ركن قصي مظلم من الكون. لكن المحن والشدائد ليست فقط المحك الحقيقي لقدرة الإنسان على الصمود والبقاء، بل هي امتحان حقيقي لقدرة الإنسان على تحويلها إلى حافز، حيث الإنسان يتعرض للمحن دون سابق إنذار وفي أي وقت، لكنه يملك دائماً حرية الاختيار بين الاستسلام وترك الأزمة تدمره أو تقضي على طموحاته، وبين استمداد القوة منها وتسخيرها للمضي قدماً في دروب الحياة نحو النجاحات، بحيث تتحول إلى عامل تحفيز إيجابي يصحح المسيرة ويقود إلى الأفضل.
يتذكر اريك واينماير نجاحه في التغلب على عجزه بعد صراع طويل مع ذاته، ويؤكد أن عقل الإنسان يتقبل الحقيقة في النهاية ويتعلم التكيف معها. وهنا شعر واينماير بوجود قوة هائلة كامنة بداخله تدفعه إلى مواصلة الحياة والسعي إلى تحدي عجزه، ومن تعلم استخدام عصا المكفوفين ولغة برايل إلى تعلم رياضات عدة من بينها المصارعة التي برز فيها بشكل ملفت، كما درس الأدب الإنجليزي وأصبح مدرساً له، لكن تلك كانت البداية فقط.
اختار اريك الصعب طريقة يتحدى بها مبصري العالم، بالطريقة نفسها التي يتحدى فيها نفسه، حيث قمة (ايفرست) أصعب تحديات المغامرين، حيث لقي كثيرون مصرعهم خلال محاولاتهم الوصول إلى القمة الجبلية، وفشل 90% ممن حاولوا الوصول إلى القمة رغم تمتعهم بكل الحواس، لكن اريك وصل إلى القمة في 2001 دون أن يراها، ليقف العالم احتراماً له ولشجاعته.
ويروي اريك في كتابه قصص تسلقه لأكثر قمم العالم ارتفاعاً ابتداء من تسلقه قمة جبل (ماكينلي) واللحظات الحرجة التي كادت أن تؤدي بحياته وهو يتابع تسلقه من قمة إلى أخرى، وإصراره على الاستمرار في تحقيق نجاح تلو آخر.
وقد قام اريك بتجربة مهمة تمثلت في تعليم ستة طلاب مكفوفين بمنطقة التبت على التسلق، وتسلق معهم قمة (لها كباري) والتي يبلغ ارتفاعها 21500 قدم مسجلاً بذلك رقماً عالمياً جديداً لبلوغ فريق من المكفوفين أعلى قمة.
الملفت أن أهل التبت كانوا يعتقدون أن المكفوفين يعانون من مس شيطاني أو بسبب نذور لم يفوا بها، ليأتي هذا الإنجاز ويدحض هذه الخرافة ويعيد للمكفوفين احترامهم في مجتمعهم، وقدم واينماير هذه القصة بفلم وثائقي هذا العام تحت اسم (بصيرة الكفيف).
المصدر: صحيفة الجزيرة
نشرت فى 21 نوفمبر 2010
بواسطة Assemblyeyesegypt
جمعية عيون مصر
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
51,201
ساحة النقاش