محب مصر

كاتب أرجو أن أنفع الناس وأن أرى مصر في طليعة الأمم.

وقف أحمد عند المحطة كعادته كل صباح، ينتظر الأوتوبيس لكي يذهب إلى عمله الجديد، وأخذ يتأمل الوجوه التي تعود عليها أيام كان يركب الأوتوبيس إلى المدرسة .. لا تزال هذه الوجوه كما هي في تعبيراتها التي لاتنم إلا عن البؤس والشقاء.

وكان ينظر إلى هؤلاء الأشقياء ويتذكر ماضيه وحاضره .. فهو مثلهم لم يتغير .. ولم تتغير تعبيرات وجهه الذي ينطق بالحزن والشقاء.
أخذ يتذكر هؤلاء الناس أيام صباه.. وجاء الأوتوبيس فاستقله في مكانه المعتاد واخذ ينظر حوله للراكبين الذين ظلوا كما تعودهم على ذلك الحزن.

ورأى نجوى - الفتاة التي أحبها من كل قلبه والتي توهم أنها تبادله هذا الحب - وجدها تداعب شابًا وهو يغازلها.. كانت نجوى كعادتها جميلة جذابة تفيض أنوثة ورقة.

وأخذ أحمد يتذكر بداية هذه القصة؛ حين كان صديقًا لعم إبراهيم سائق الأوتوبيس الوحيد الذي يمر بالقرية في تلك الفترة. وكان عم إبراهيم صديقًا لوالد نجوى - الفتاة الريفية المتفرنجة - التي كانت تعمل بائعة في المدينة المجاورة .. وكانت تملك طموحًا لايعرف حدودًا .. وكانت تعلم أن جمالها هو الذي سيوصلها إلى الغنى والمال.

وكان أحمد إنطوائيًا لا يعرف أحدًا من أهل القرية إلا القليل، حيث كان وافدًا جديدًا هو وأهله العائدين إلى موطنهم .. وكان محبًا للعلم والقراءة فلم يجد من شباب القرية من يشاركه حب العلم فانطوى وتناسى القليل الذين عرفهم عند مقدمه.

ولكنه أحب عم إبراهيم لأنه وجد فيه الإنسان المصري الأصيل الذكي - رغم جهله الظاهر - الطيب رغم معاملته الجافة.

أدرك أحمد هذه الجوانب الطيبة في هذا الرجل الذي عد أحمد صديقًا له رغم صغر سنه وذلك لنضجه وذكائه المبكر.

وذات صباح ركب أحمد الأوتوبيس بجوار عم إبراهيم وفجأة وأثناء حديثه معه أقبلت نجوى وحيت عم إبراهيم وعرَّفها بأحمد جارها الذي لا تعرفه لانطوائه ولانشغالها بعملها في المدينة والذي لا تعود منه إلا للنوم والراحة.

وأخبرها عم إبراهيم بأن هذا الشاب لديه طموح مثلها إلا أن طموحه ليس السعادة المادية بل الرضا.

نظر أحمد إليها فخفق قلبه وأحس من حديثها معه بأنها ليست الفتاة القروية الساذجة .. بل الفتاة الناضجة الذكية بالغم من عدم استمرارها في التعليم الذي كانت لاتطيقه.

واستمرت لقاءتهما بمرور الايام ورأى منها ميلا نحوه وأظهر هو اهتمامًا بها .. ولم تكن لقاءات عم إبراهيم تكفي، فكان أحمد يذهب إلى المتجر الذي تعمل فيه نجوى بعد انتهاء الدراسة، وينتظر راحة الغداء ليراها ويتحدث معها .. وكان يشعر بالسعادة كلما رآها إلا أن هذه السعادة كان يكسوها الحزن كلما كانت نجوى تحدثه عن علاقاتها العاطفية السابقة.

 

AshrafQadah

أشرف قدح

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 157 مشاهدة
نشرت فى 26 مايو 2013 بواسطة AshrafQadah

ساحة النقاش

أشرف قدح

AshrafQadah
كاتب أرجو أن أنفع الناس وأن أرى مصر في طليعة الأمم. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

218,472
Flag Counter