تزايد مشاريع الاستزراع على السواحل
الامارات تحقق تطوراً مهماً في مجال تربية الأحياء البحرية
حققت دولة الامارات خلال العقد الاخير طفرة نوعية في مجال تربية واستزراع الاحياء البحرية بفضل الدعم الذي تقدمه الدولة إيمانا منها بالدور الرئيسي الذي يشكله هذا القطاع في زيادة إنتاجية الثروة البحرية والحفاظ على مخزون البحار الفطري وحمايته من الاستنزاف والحد من عمليات الاستيراد.

وقد انعكس ذلك في صورة تزايد أعداد مشاريع تربية واستزراع الاحياء البحرية على سواحل الدولة وضمن المشاريع الزراعية الاهلية مما يحتم توفير المزيد من الدعم وتضافر جهود الجهات ذات العلاقة لانجاح هذا القطاع وتنميته وتطويره.


ومن أهم الجهات التي أولت اهتماما خاصا بهذا المجال هيئة أبحاث البيئة والحياة الفطرية بأبوظبي.


ويقول ماجد علي المنصوري أمين عام الهيئة ان السنوات الاخيرة شهدت تدهورا في مخزون الاحياء البحرية تزامن معه الاهتمام بتربية واستزراع هذه الاحياء كوسيلة للتخفيف من الضغط على المخزون الفطري عن طريق تأمين مصدر لانتاج دائم وبديل ومعالجة مشكلة محصول الصيد الضئيل بما في ذلك المحصول الموسمي أو المحصول على المدى الطويل عن طريق التوسع في الانتاج المستزرع بما يفوق معدل الاستغلال المستدام للكائنات البحرية وخاصة الاسماك.


وأكد ان الهيئة من هذا المنطلق قدمت الخبرة والنصائح لعدد من مشاريع تربية واستزراع الاحياء البحرية الخاصة في إمارة أبوظبي والتي تشمل استزراع انواع البياح والسبيطي واتجهت للتعاون الدولي والاقليمي في هذا المجال حيث قامت مؤخرا بتفعيل مذكرة التفاهم التي وقعتها مع المنظمة الايرانية للبحوث السمكية والتي اتفقت الهيئة بموجبها مع الجانب الايراني على الاستفادة من خبرتهم الخاصة باستزراع اسماك الهامور.


خطة عمل

 

وذكر ان الهيئة قامت بتحديد عدد من المهمات المتعلقة بالتربية والاستزراع في خطتها الاستراتيجية وخطة العمل والتي يسري مفعولها حتى سنة 2007 حيث تضمنت تطوير بروتوكول لتنفيذ نشاطات التربية والاستزراع في إمارة أبوظبي بطريقة مناسبة بيئيا والقيام بالدراسات اللازمة لتطوير استراتيجيات فعالة لتعزيز مخزون الاسماك والاحياء البحرية والقيام بأبحاث حول إنتاج وتربية يرقات الانواع المناسبة للتربية والاستزراع بالاضافة إلى مسح وتطوير قاعدة معلومات بالمناطق المناسبة للاستزراع.

وأشار الى عدد من العوامل والمؤشرات البيئية الهامة والتي يجب وضعها بعين الاعتبار عند تنفيذ مشاريع تربية واستزراع الاحياء البحرية منبها الى انه إذا لم يتم التخطيط العلمي السليم لمثل هذه المشاريع خاصة التي يتم تنفيذها في مياه البحر من الممكن ان يكون لها تأثير معاكس على البيئة البحرية مثل تدمير وتدهور حالة الساحل والمواطن البحرية التي تم تجهيزها من أجل تنفيذ مشاريع استزراع محددة وارتفاع نسبة الاسماك الصغيرة المصطادة ثانويا من المخزون الفطري بدلا من استخدام الاسماك الصغيرة المنتجة في مفاقس الاسماك وتلوث المياه بسبب استخدام مضادات الجراثيم لمعالجة الكائنات والاسماك المستزرعة ومخلفات الاسماك العضوية وفائض غذاء الاسماك مما يساعد على إدخال وانتشار الامراض والطفيليات من الاسماك المستزرعة الى المخزون الفطري بالاضافة الى إدخال انواع جديدة من الاسماك الى مياه الدولة والتي يمكن ان يكون لها تأثير سلبي على الانواع والبيئة المحلية.


ولفت الى ان تربية الاحياء البحرية والاستزراع على اليابسة “الاستزراع البري” تحتاج الى كميات كبيرة من المياه العذبة للمحافظة على مستوى الملوحة المقبول في الاحواض والبرك مما ينتج عنه فقدان كميات كبيرة وهدر للماء بكميات تفوق المعدل المقبول والذي بدوره يشكل استنزافاً لاهم عناصر الحياة الاستراتيجية النادرة في الدولة.


جزيرة أبو الأبيض

 


وأكد ان موقع وبيئة الدولة يساعدان على ازدهار هذا القطاع مستقبلا بما لديها من مقومات طبيعية سواء كانت سواحل طويلة تطل على الخليج العربي وخليج عمان ووجود عدد كبير من الخيران منتشرة في أماكن مختلفة وكثرة الجزر ووجود مساحات شاسعة من الاراضي السبخية التي تكون مناسبة للاستزراع على اليابسة.


واشار الى ان جزيرة أبو الابيض من أهم المناطق التي تكثف فيها الهيئة نشاطها في هذا المجال وتتخذها ميدانا لعمل البحوث والدراسات والتجارب ووصل العمل فيها الى مراحل مهنية متقدمة ونتائج ميدانية مشجعة بالتعاون مع إدارة الاعمال الخاصة لصاحب السمو ولي عهد أبوظبي وإدارة جزيرة أبو الابيض.


وأوضح ان مشروع تربية الاحياء البحرية بالجزيرة ينشط في مجال انتخاب الامهات وتفريخها وتربية اليرقات من الاسماك والروبيان وإطلاقها في البحر بغرض زيادة مخزونها الفطري في المياه المحيطة بالجزيرة والمساهمة في تنمية الحياة البحرية والمحافظة على استدامتها.


وذكر ان منشآت التربية تشمل الاقفاص العائمة وأحواض الفايبرجلاس والاحواض الاسمنتية بأحجام تتراوح ما بين 400 الى 1400 متر مكعب والاحواض الترابية التي تعتمد على حركة المد والجزر في تبديل الماء والاحواض الترابية المبطنة بالبوليثيلين والمختبرات ويتم استخدام المضخات لتزويد المشروع بماء البحر من القنوات الصناعية ومضخات ودواليب الهواء لتزويد ولتقليب ماء التربة.


وذكر ان ماء الصرف لمنشآت التربية تتم معالجته قبل دخوله للبحر عن طريق استخدام فلاتر الحصا بغرض التخلص من الملوثات وتحسين نوعية الماء.


وقال المنصوري ان نشاط قسم تربية الاسماك البحرية يشمل تفريخ أسماك السبيطي والشعم والقابط والصافي والهامور حيث يتم تربية الامهات في الاقفاص الشبكية العائمة مع تغذيتها بالغذاء المركز والطازج ذي الطاقة العالية بالاضافة الى بعض الاسماك مثل البياح يتم جلب يرقاتها من مفرخات أخرى وأقلمتها على الظروف البيئية المحلية وتربيتها لحين إطلاقها في قنوات الجزيرة.


وذكر ان قسم تربية الروبيان يقوم بتطوير التقنيات الخاصة بتربية نوعين من الروبيان هما الروبيان الابيض وروبيان النمر الاخضر تحت ظروف البيئة البحرية الصعبة للجزيرة حيث تصل نسبة الملوحة من.5 الى 55 جزءا في الالف وترتفع درجات الحرارة خلال فصل الصيف حتى 36 درجة مئوية لافتا الى ان نشاط مفقس الروبيان يركز على نضج الامهات المرباة وتحويلها لاحواض التفريخ والفقس حيث يفقس البيض ويتم جمع اليرقات ووضعها في أحواض خاصة بتربيتها وتمر بعدة مراحل الى ان تصل طور اليرقات والتي يتم حصادها عندما يبلغ عمرها 25 يوما وإطلاق معظمها بعد أقلمتها في البحر والبقية تنقل للاحواض الخارجية وينقل منها الروبيان اليافع في أحواض التربية الكبيرة وعندما يصل حجم الروبيان من.2 الى 25 جراما يتم انتخاب عدد قليل منها لاستخدامه كأمهات للتفريخ المستقبلي.


توقعات مبشرة

 

ومن وزارة الزراعة والثروة السمكية قال عبيد محمد جمعة المطروشي وكيل الوزارة المساعد لشؤون الثروة السمكية ان تربية الاحياء المائية تعد القطاع الاكثر نموا في الانتاج الغذائي في العالم على مدى السنوات العشرين الماضية إذ حققت نسبة نمو سنوية بلغت 11 بالمائة منذ عام 1984 مقارنة بزيادة بلغت 3 بالمائة في لحوم الماشية و1،6 بالمائة في قطاع مصايد الاسماك حسب إحصائيات منظمة الامم المتحدة للاغذية والزراعة “الفاو”.

وأضاف ان هناك توقعات مستقبلية مبشرة بالتوسع في مصادر الثروة السمكية من خلال تكثيف الجهود في مجال تربية الاحياء البحرية وخاصة الاستزراع البحري بعدما أثبتت المسوحات التي قامت بها الجهات والدوائر ذات العلاقة وجود مساحات شاسعة وجيدة للاستثمار في هذا المجال الامر الذي يتطلب ضرورة تكثيف الدراسات وتوجيه الاستثمارات نحو الاستغلال الامثل لموارد الدولة.


وقال إن تربية الاحياء البحرية والاستزراع السمكي خاصة يعتبر أحد أهم المحاور الرئيسية لاستراتيجية الوزارة من أجل تطوير قطاع الثروة السمكية في الدولة داعيا جميع المؤسسات والهيئات والمختصين والعاملين في هذا المجال الى تعزيز مستقبل هذا القطاع لما له من مردود مادي وبيئي إيجابي.


وأوضح ان مركز أبحاث الاحياء البحرية التابع للوزارة لديه مقومات وبنية تحتية ومنشآت عديدة تخدم عمليات تربية الاحياء البحرية والاستزراع السمكي منها 40 حوضا أسمنتيا تتراوح سعتها من 2500 متر مكعب حتى تصل الى أقل حجم وسعته متران مكعبان مخصصة جميعها لتربية الاسماك والربيان ويرقات الاسماك وللعناية بأمهات الاسماك ولتربية وإكثار طحالب الكلوريلا والتتراسلمس وتربية وإكثار الروتيفيرا بالاضافة الى 37 حوضا من الفيبرجلاس مستطيلة ودائرية تتراوح سعتها من 8 أمتار حتى 1،5 طن تستخدم لانتاج الطحالب والهائمات الحيوانية وتربية أسماك البلطي.


وذكر ان المركز ينفذ العديد من البرامج البحثية في مجال التربية والاستزراع السمكي حيث نجح منذ بداية العام الماضي في جلب العديد من أمهات الاسماك خاصة البدح وأقلمتها تحت ظروف الاسر بغرض تفريخها بالاضافة الى نجاح برامج إنتاج يرقات اسماك السبيطي والهامور والقابط والروبيان وفي العام الماضي بلغ عدد يرقات الصافي التي انتجها المركز 76 الف يرقة ولاول مرة تم انتاج 36 الف يرقة بياح.


وأضاف ان يرقات الاسماك حديثة الفقس تحتاج للغذاء الحي في مراحل النمو الاولى مما يبرر الحاجة الضرورية للكائنات الدقيقة في هذه المراحل حيث تستخدم الروتيفيرا لتغذية اليرقات الصغيرة بالمفاقس السمكية الامر الذي يتناسب مع حجم اليرقة وفتحة فمها مما يجعل عملية إكثار الكائنات الدقيقة هي إحدى المراحل الهامة لانتاج وتربية يرقات الاسماك لذا يقوم المركز بإكثار هذه الهائمات النباتية والحيوانية مثل الروتيفيرا والكلوريلا والتتراسلمس بكميات كبيرة خلال الموسم الانتاجي ليرقات الاسماك.


وأشار الى انشطة المركز الاخرى في هذا المجال والتي من أهمها قيامه بأعمال المسوحات الميدانية التي تهدف لمعرفة المناطق المناسبة لاستزراع وتربية الاحياء البحرية على طول سواحل الدولة منوها بتقديم المركز للخدمات الاستشارية لبعض الجهات الحكومية والخاصة حول الاستزراع السمكي والطرق العلمية الحديثة لتربية الاسماك فيما واصل توزيع عينات طحالب وهائمات للمدارس وكلية العلوم بجامعة الامارات بالاضافة الى شركة الاسماك العمانية وجامعة السلطان قابوس بسلطنة عمان كما قام بتوزيع صغار اسماك البلطي على المزارعين المواطنين أصحاب المزارع للاستفادة منها وتربيتها في مزارعهم وتدريب المختصين والمزارعين الراغبين على أساليب وتقنيات استزراع الاسماك.

منظور حديث

 

يقول محمد المهيري رئيس مجلس إدارة الشركة العالمية لزراعة الاسماك “أسماك” إن شركة أسماك قدمت قطاعا جديدا ومنظورا حديثا لتربية واستزراع وتجارة وتصنيع الاحياء البحرية والاسماك في الدولة حيث تشمل انشطتها تربية وإنتاج الاصبعيات واستزراع الاسماك وتربية أسماك التونا واستزراع الروبيان وإنتاج الاعلاف وتحضير وتصنيع وتجارة المنتجات البحرية بالاضافة الى تقديم الاستشارات الفنية بمجال استزراع الاحياء البحرية وتوريد المواد والمعدات الخاصة للمشاريع الجديدة والقائمة.

وأشار الى ان الشركة بدأت نشاطها في عام 1999 داخل الدولة بإنشاء أول مزرعة أسماك بإمارة رأس الخيمة بمنطقة الرمس عبارة عن 20 قفصا عائما لتربية الاسماك بطاقة إنتاج 600 طن سنويا من أسماك السيبريم والسيباس ومع بداية عام 2000 توسعت عمليات زراعة الاسماك برأس الخيمة بإضافة 20 قفصا عائما للمزرعة بمنطقة الرمس حيث زادت الطاقة الانتاجية لتبلغ 1200 طن سنويا.


وأشار الى ان اهتمام “أسماك” لم يقتصر فقط على تنمية الانتاج من حيث الكم فقط ولكن ركزت على الجودة بالتوازي مع الانتاج وتبنت الابحاث العلمية لتقديم انواع جديدة من الاسماك وفصائل محلية مثال السبيطي والشعم والتي بدأت إنتاجها في عام 2000 وبدأت إنتاج أسماك الهامور في عام 2003 على نطاق محدود وسيتم التوسع فيه مستقبلا.


إعداد/ أمانى إسماعيل

ArabianGulf

أمانى إسماعيل

ساحة النقاش

ArabianGulf
موقع خاص لأمانى إسماعيل »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

772,127